سورة النساء | حـ 747 | 101 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. #علي_جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء التي يقرر الله فيها في كل آية منها أسس الاجتماع البشري على نظام فريد يتفق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها يتفق مع الخلقة التي أرادها الله سبحانه وتعالى والذي جعل هذا الاجتماع البشري في النهاية سواء في حالة السلم أو في حالة الحرب إنما ينتهي بالعلاقة بين الرجل والمرأة على هذا الأساس ثم يتفرع إلى عمارة الأرض وإلى عبادة الله وإلى تزكية النفس يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يخص حالة الحرب بالبيان والتفصيل وإذا ضربتم في فليس عليكم جناح أن تقصروا
من الصلاة إذا ضربتم في الأرض، الإنسان يسير على الأرض فيرفع رجلا ويضع أخرى، وعندما يرفع الرجل فإنها تصطدم بالأرض، واصطدام الجسمين هو نوع من أنواع الضرب، وهذا الضرب ليس فيه أذى للأرض وليس فيه أذى للمسافر، لكنه ضرب باعتبار الصورة وهو أحد معاني الضرب. التي عبر بها القرآن عن معانيه، وإذا ضربتم في الأرض يعني سرتم في الأرض، وهذا تعبير معناه السفر وترك البلاد، لأنه لما تكلم عن الهجرة والهجرة فيها انتقال، فإنه تكلم عن أحكام السفر وأحكام السفر فيها انتقال وترك الأوطان،
متى يسمى الإنسان ضاربا في الأرض أو متى يسمى الإنسان مسافرا؟ حدد الفقهاء من جملة استدلالهم بكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسافة القصر في نحو خمسة وثمانين كيلومترا، حددوها قديما وهي المسافة بين القاهرة وطنطا، وقالوا إن من ذهب إلى طنطا فإنه يقصر الصلاة وينطبق عليه أنه مسافر، وأقل من هذه المسافة لا يكون مسافرا، استنبطوا ذلك من بهذه الأرقام من أن هذه المسافة هي سير الإبل المحملة تحميلا متوسطا
لمدة يومين، الإبل عندما كانت تسير كانت تسير نحو عشرين ساعة، ثمانية عشر ساعة، فأتوا بالإبل وقطعوا بها هذه المسافات التي كانت تسيرها في الأول، ووجدوا أن المسافة هي مرحلتان والمرحلة تقريبا كذا وأربعين كيلومترا، فعرفوا أن هذه هي المسافة التي يتم بها القصر أما المرحلة الواحدة فكان الإنسان يستطيع أن يذهب وأن يعود في يوم واحد مثلا يمكن أن يمشي عشرين أو ثلاثين كيلومترا ويعودهما مرة أخرى إلى بلده دون أن يغيب عن الناس لأنه كان هنا بالأمس وهو هنا اليوم وعلى ذلك
فالمسافر من خرج وسافر كشف وخرج وفارق أهله ووطنه وهذا جعل له مسافة مرحلتين خمسة وثمانين كيلومترا وإذا ضربتم في الأرض فضربتم في الأرض تعبير معناه سافرتم تلبستم بالسفر فالذاهب من القاهرة إلى بنها أو كما يقول العرب بنها بالكسر والنسبة إليها بنهاوي فالذاهب من القاهرة إلى بنها فإنه يكون غير مسافر بالرغم من أنها تزيد على الأربعين كيلومترا ولكن المسافر إلى طنطا هو مسافر في عرف الشرع وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة وقصر الصلاة
يتم في الصلاة الرباعية كما أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة الرباعية ثلاث هي الظهر والعصر والعشاء أما والثلاثية وهي الفجر والمغرب فليس فيها قصر، فلا يقصر الفجر إلى ركعة واحدة ولا تقصر المغرب إلى ركعتين مثلا، بل إن هذه الصلوات تصلى كما هي لأن القصر إنما هو قصر الصلاة الرباعية فقط كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك حجة ضد القرآنيين الذين يريدون أن يستقلوا بالقرآن، كيف نفهم كل هذه الأحكام في مسافة القصر وفي أحكام الصلاة الرباعية؟ سنجد إن شاء الله من يقول منهم إننا نقصر جميع الصلوات أو إننا نقصر الرباعية
إلى ركعة فتصير فوضى ما بعدها فوضى، وكل هذا لأنهم أنكروا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيها وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح وهذه العبارة تطلق لإزالة الحرج عن المؤمنين ولأن إزالة الحرج تتفق مع طبيعة السفر فالسفر مشقة والنبي صلى الله عليه وسلم في مرويات عائشة رضي الله تعالى عنها يقول رضي الله تعالى عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول السفر قطعة من العذاب تقول عائشة ولو شئت لقلت
العذاب قطعة من السفر من شدة ما كان يعانيه المسافر في أول الأمر قبل أن يمن الله علينا بكل هذه الوسائل من شدة ما يعانيه من جهد ومن تكلفة ومشقة وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة، وإن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، وهنا نتحدث عنها بتوسع في حلقة أخرى إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبركاته.