سورة النساء | حـ 752 | 107 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة النساء | حـ 752 | 107 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة النساء
فضل الإسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى لنبيه وللأمة من بعده ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم أي لا تدافع عن أولئك الذين لم يحترموا الأمانة في كل شيء في العلاقة بينهم وبين الله في العلاقة بينهم وبين أنفسهم في العلاقة بينهم وبين الناس في العلاقة بينهم وبين الكون فمن أخل بالأمانة كانت هذه الخيانة وكانت الخيانة من شوارع النفاق ولذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة
وأنها بئست البطانة وقال أربع من كن فيه كان منافقا خالصا إذا خاصم فجر وإذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر، هذه الأربعة هي من صفات المنافقين، لكنه ليس منافقا عقائديا لكنه كأنه منافق عملي لأن هذه من صفات أولئك المنافقين الخونة الذين أمرنا الله سبحانه وتعالى ألا نجادل عنهم وزادهم نفاقا إلى نفاقهم ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم، ثم يضع تلك القاعدة التي الله فيها ما يحب وما يكره إن الله لا يحب
من كان خوانا أثيما وانظر إلى هذه اللفظة وتلك خوانا أثيما خوان صيغة مبالغة يعني تتكرر منه الخيانة حتى أصبحت صفة ملازمة له لم يخن مرة أو مرتين على سبيل الخطأ على سبيل المعصية ثم التوبة والخطيئة لكنه يتوب لا هو يكرر الخيانة مرة بعد مرة بعد مرة إن الكذب يؤدي إلى الفجور وإن الفجور يؤدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويكذب حتى يكتب عند الله كذابا، كذاب صيغة مبالغة فعال،
خوان فعال أيضا صيغة مبالغة، الذي كذب مرة وتاب، الذي كذب مرة على سبيل الخطأ، الذي كذب مرة على سبيل المثال أنه حصل له خجل أو خزي فوقع في الكذب، وقد تاب من قريب مما كان فيه، لكن هذا لا، هذا يتعمد الكذب ويتعمد الخيانة ويقصد ذلك ويكررها حتى تتشرب الخيانة في قلبه، يشرب الخيانة كالورق النشاف حين يشرب الحبر، كالإسفنج حين يشرب الماء تماما. تخلل الماء في كل قطع من الإسفنج وتخلل الحبر في كل قطع من النشاف، أصبح من المتعسر العسير أن تفصل هذا من ذاك، والأثيم فعيل
أيضا صيغة مبالغة، إذ هو يطلب الإثم، يستهين بالإثم، يمكن أصلا ليس في عقله أن هناك حسابا ولا أن هناك عقابا ولا أن هناك ربا. سوف يحاسب أبدا كانت المسألة كلها في هامش ذهنه وسائر في غيه آثم هذه أشد من إثم هذا اسم فاعل غلط عمل الإثم لكن آثيم يبقى فعيل هذه تسمى صيغة مبالغة ولذلك فإنه يضع تلك القاعدة أن الله لا يحب من كان مختالا فخورا هذا النوع من تدل الآية على أن البشر
موجود وتدل الآية على أن الله لا يكره هذا ولا يحبه وتدل الآية على أنه ينبغي لنا أن نبتعد عنه وتدل الآية ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما أنه قد وصل إلى مرحلة اللاعودة أي لا فائدة ولذلك فإن محاولة هدايتهم ومحاولة نصحهم ستبوء بالفشل، فإن الله سبحانه وتعالى لما أدخله في دائرة الخيانة الأثيمة أدخله في دائرة الهالك الذي لا يعود، فأرح نفسك ولا تشغل بالك بهم، سر في طريقك فإن الله سبحانه وتعالى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر في الدنيا ويحاسبهم
عنده يوم القيامة لأنه لو حاولت مجادلته لكان جدلا كاذبا خوانا أثيما يقول غير الحق وهو يستحل هذا ولا يرى في هذا أي حرج ولا أي غضاضة تؤرقه من أنه يقول شيئا غير الحق ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما ويصف الله سبحانه وتعالى أولئك الخونة الآثمين بأنهم يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله لأنهم قد جعلوا المصلحة هي المقياس، إلى لقاء آخر أستودعكم الله، اللهم يا
ربنا قنا شر الخائنين الآثمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.