سورة النساء | حـ 754 | 109 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة النساء | حـ 754 | 109 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى وهو يوجه كلامه للمؤمنين: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا؟ هنا يشير الله سبحانه وتعالى إلى شيء قد خلقه فينا وهو أننا نحب أوطاننا ونحب أهلنا ونحب جيراننا وأصدقاءنا ومن عاشرناهم ومن بيننا وبينهم
عشرة وملح، ويقال ملح بالكسر هكذا وليس ملح ولذلك عندما نراهم يفعلون المنكرات نحاول أن ندعو لهم وأن نجادل عنهم وأن نعتذر لهم والله سبحانه وتعالى يتلطف معنا لأنه هو الذي خلق فينا حب أهلنا وقومنا وهو لا ينكر علينا ذلك الحب لكنه يريد أن ننظمه أن نرتبه أن نجعل هناك ترتيبا للأولويات نحب أهلنا ولكن ليس أكثر من ربنا فإذن
هو يدربنا على أمر وهو العدل والإنصاف عندما تعالج قضية لا تكن متطرفا فتقبلها بما فيها من باطل أو تنكرها بما فيها من حق لا حق الحق وبطل الباطل لأن الله سبحانه وتعالى خلق الدنيا على هذه الهيئة خلقها وهي متداخلة ابني يجب أن أحبه ولكن إذا ارتكب جريمة يجب أن أدافع عنه ولكن ألا يظلم الناس وأحبه
ولكن ليس على حساب الآخرين وهذه حقا إذا ارتكب جريمة فليهلك في المصيبة، لا هذا ابني هذا جزء مني، طيب إذا كان هو ابني فهل يعني أنه لم يرتكب جريمة؟ لكنه ارتكب، لا نفعل هكذا، فالله سبحانه وتعالى يدربنا على الإنصاف "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" وهذا العقل والفكر السليم القوي الذي يقبل الظلم ويقبل الباطل ولكنه في الوقت نفسه يحترم
المشاعر فلما كان هناك شأن من شؤون المنافقين كان فيهم واحد اسمه عبد الله بن أبي بن سلول أسلم ولكن إسلامه ماذا يعني ليس بهذا المعنى يعني أسلم في الظاهر وفي الباطن يدبر المخالفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وابنه عبد الله بن عبد الله بن سلول ابن أبي بن سلول أسلم أيضا وحسن إسلامه فيبقى هنا ما في القصة أنه لا تزر وازرة وزر أخرى الأب منافق والابن مسلم سمع أن الصحابة ذهبوا واشتكوا من عبد الله بن أبي بن سلول أبوه لسيدنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، افرض أن صدر حكم ضد هذا الرجل بالإعدام، وبعد ذلك جاء أحد لينفذ فيه الحكم فأعدمه وقتله، فلما يصدر الحكم بالإعدام ويعدم، آتي أنا فلا أستطيع أن أصبر، فأذهب لأقتل المؤمن الذي قتل المنافق، فأدخل أنا النار. كان الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله ماذا يعني أنا تصورت هكذا أنك ستقتل عبد الله بن أبي ابن سلول أبي فإذا أردت أن تقتله فلا يقتله سواي إذا كان في حكم وربنا أذن أن
هذا يقتل وصدر الحكم عليه لا أحد يقتله إلا أنا فإنني أخاف أن يقتله مؤمن فأراه وقد قتل أبي فأقتله فأدخل النار، انظر إلى الإنصاف انظر إلى التربية العقل وصل إلى أي مدى يعني يحترم النظام العام يحترم الأحكام الشرعية ويحترم الدين ولكنه أيضا يحب أباه المنافق نعم يا أخي فماذا أفعل أنت منتبه والعصبية التي لديه مع أبيه وحمايته وبعد ذلك ترتيب الأولويات موجود أيضا، فإذا كان الأمر كذلك فدعني أقتله أنا بيدي حتى لا يقتله أحد. فقال له لا
أبدا ولن نقتله ولا شيء. عبد الله بن أبي ابن سلول مات وهو يموت يشعر من داخله أن هذا سيدنا رسول الله أيضا لا فائدة، قال يا إخواننا تركوا محمدا يرسل إلي عباءته لكي أتكفن فيها، فأرسل إليه رسول الله شملته حتى يكفن فيها وهو يعلم أنه عدوه والذي صنع له الفتن كلها، ودفن عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين في شملة رسول الله الرحيم، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، ها أنتم أولاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ودفعتم وذهب صامتا ولم يقل إن ما تفعله خطأ ولكنه يربيك على
أن ترتب الأولويات فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا لا يوجد أحد سوى الله فلماذا أجادل عنهم في الدنيا إذن لماذا يجب أن أميز بين انطباعاتي وما بين الخطأ الذي يقعون فيه فأنكر الخطأ وأبقى على الرحمة والود والحب الذي للإنسان مع عشيرته مع قومه، ليت المتطرفين يقرؤون ويفهمون مراد الله من كلامهم، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.