سورة النساء | حـ 759 | 115 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. وفي هذه الآية لها دلالة سياق وسباق ولها دلالة استقلال أما دلالة السياق والسباق فقد تحدثنا عنها في حلقة سابقة وتكلمنا عن أن هذه الآية تبين صفات القيادة متمثلة في أعلاها وهي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يجب
ألا يشاق وألا يخالف وألا يعصى وأن تتفق الأمة على هذا، هذه دلالة تسمى دلالة السياق تعني إذا قرأنا ما قبلها وما بعدها خطر في بالنا وفهمنا من دلالات ألفاظها هذا المعنى ومن يشاقق الرسول ويتبع من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم أمر واضح ولكن الدلالة الاستقلالية أن تنتزع الكلام لأنه من كلام الله من وسياقه ولحاقه فإذا به يدل على معنى آخر لا يعارض ذلك المعنى الأول بل يضيف إليه معنى جديدا والدلالة
الاستقلالية أخذ بها العلماء عبر التاريخ واستدلوا بها واعتمدوا عليها وسبب هذا أن هذا الكتاب نؤمن أنه من عند الله ليس بالمعنى بل باللفظ ليس بالجملة بل بالتفصيل نؤمن أن كل حرف فيه إنما هو من عند الله ونؤمن أن كل حركة على كل حرف هي من عند الله ونؤمن أنه محفوظ بحفظ الله ومن أجل ذلك جاءت فكرة الدلالة الاستقلالية وهذا الكلام والجملة المفيدة هي من عند الله وحده نعم هي من عند الله وحده
ولذلك تراهم استدلوا على حجية القياس في أصول الفقه يعني في شيء ورد في الشريعة وشيء لم يرد في الشريعة فيقيسون الذي لم يرد على الذي ورد، رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يبيع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر، فإذا نص لنا على ماذا على شيئين أن أنا وأنا واقف عند البائع وجدت شخصا يمسك بقطعة القماش الأخيرة ويشتريها منه، فجئت وتدخلت في الأمر وقلت له بكم ستبيعها له؟ قال لي بمائة جنيه، فقلت له أنا سأدفع مائة وعشرة، فأفسدت البيعة على أخي وهو ما زال يمسكها فيتحسر ويحزن، فيحدث نزاع.
وخصام كذلك قال لي بارك لي ما هو الخير قال هذا أنا خطبت فلانة قلت له ما هو طيب وأذهب أنا بالليل هو الولد كان من أمس عندكم يخطب نعم لا هذا أنا أريد أن أخطب هو يدفع مهرا كم ثلاثين ألفا أدفع ستين الله إنها بيعة الشروة تكسر ما يزعجه في الستين وتبقى العملية ما هي حتى يذهب لغاية ما يترك البيعة اشتر أنت إذن بعده لكن هكذا النزاع والخصام والطب في الحاجة هكذا وعينك فيها ما لا يصح النبي صلى الله عليه وسلم تكلم عن ماذا عن البيع وعن الخطبة طيب افترض واحد
يذهب يستأجر شقة ينفع اذهب إليه وخذ الشقة وقل له ستؤجرها له بكم مائتين وخمسين في الشهر لا ندفع مائتين وثمانين حسنا ما هي واحد يقول لك لا هذا ليس بيعا ولا شراء قال له قياسا ما هو هذا قياس على هذا فالقياس هذا ما دليله ذهبوا فأتوا بآية الحشر فاعتبروا يا أولي الأبصار طيب واعتبروا يا أولي الأبصار هذه لها علاقة بالقياس هذه تتحدث عن اليهود وما حدث مع اليهود والمصائب التي فعلوها في التاريخ فبعد ذلك قال فاعتبروا يا أولي الأبصار لماذا هذه الدعوة بقياس الإيجار على البيع ما له علاقة في السياق ولكن له علاقة في الدلالة الاستقلالية خلقكم
وما تعلمون من الذي يقول هذا، إبراهيم يقول للكفار إن ربنا خلقكم وخلق الأصنام التي تعبدونها، هذا الكلام في السياق والسباق أنه كلام سيدنا إبراهيم للكفار يقول لهم والله يا جماعة يا كفار إن ربنا خلقكم وخلق الصنم الذي تعبدونه فأنتم الاثنان مخلوقان، قوم يأخذون استنبط العلماء من هذه الآية أن الله خلق أفعال العباد "خلقكم وما تعملون" فالذي تعمله قد خلقه الله أيضا، فما علاقة هذا بالسياق والسباق؟ لا توجد علاقة، فلماذا فعلنا هكذا؟ لأن "خلقكم وما تعملون" جملة مفيدة أم لا؟ إنها جملة مفيدة، إذن فهي
تفيد أشياء كثيرة من بينها أنه خلقكم وخلق الأصنام التي كنتم تعبدونها ومن ضمن ذلك أنه خلقكم وخلق أفعالكم شيء عجيب هذا القرآن واسع فإذا كان ربنا خلقني وخلق فعلي هل يتعارض هذا الكلام مع أنه خلق الكافر وصنمه أبدا هل يتعارض مع أنه خلق الدنيا والآخرة أبدا لا يتعارض إذن فالدلالة الاستقلالية تضيف للمعنى الأصلي ولا تعارض ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة يأخذوا بها دليلا على حرمة الانتحار مثلا، طيب هذه لا علاقة لها بذلك، هذا يقول لك الإنفاق في سبيل الله، نحن
الآن في الإنفاق في سبيل الله ولا تضيع نفسك وتمنع الإنفاق في سبيل الله فتؤدي بنفسك إلى التهلكة، ما علاقة وما شأن الانتحار؟ لا، هذه هي الدلالة الاستقلالية تستوجب ذلك، فذهب الإمام ليقول إن هذا ما كان السلف يفكر فيه، ما هي؟ آية واثنان وثلاثة، ما هي؟ والإمام الشافعي ذهب وانتبه هكذا في لحظة أنه ما هو "ويتبع غير سبيل المؤمنين"؟ ما هذا "ويتبع غير سبيل المؤمنين"؟ قال: إذن الإجماع سائر في جهة وصديقنا خالفه يبقى اتبع غير سبيل المؤمنين أم لا، الآية وأنت تقرؤها تعني كفرا، لكن الآية التي فهمها الشافعي كفر أو خالف الإجماع، خالف الإجماع هذه نقضت كفرا أم لم تنقضه، هذه
أضافت إليه، يبقى هذا من قبيل الدلالة الاستقلالية، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله