سورة النساء | حـ 766 | 120 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يضع الله سبحانه وتعالى لمجتمعنا البشري نظاما بين أفراد من خلقه سبحانه وتعالى، والله قد خلق الخير والشر وخلق الإنسان وكلفه وكرمه، لكنه أيضا خلق الشيطان وسمح له بأن يكون فتنة للناس وحذرنا سبحانه وتعالى في جميع كتبه التي أنزلها على عباده المرسلين من هذا الشيطان الرجيم أي المرجوم الذي طرده من رحمته ولعنه وغضب عليه وحذرنا وأكثر من تحذيره سبحانه وتعالى وإذا
بنا نرى الإنسان بعض الناس ينكر وجود الشيطان وإذا بنا نرى آخرين تمادوا فاعترفوا بالشيطان وعبدوه وآخرون أيضا نراهم أنهم قد اتبعوا خطوات الشيطان وأطاعوه وإن لم يعبدوه حقيقة وصراحة كما فعلت هذه الفئة القليلة لأن عبادة الشيطان عبر التاريخ كانت فئة قليلة وإلى يومنا هذا لكنها تدل على شيء من الطيش شيء من المتاهة التي يمكن أن يستدرج إليها الإنسان كلام
الله سبحانه وتعالى واضح يحذرنا من الشيطان ومن أن نتخذه وليا ووصف لنا الشيطان وصفا تاما في كتابه أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس وصف الله سبحانه وتعالى الشيطان أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا. ووصف لنا الله سبحانه وتعالى الشيطان بأنه يرانا ونحن لا نراه، وبأن له ذرية، وبأنه قادر على إلقاء الوسواس في قلوب وصدور
الناس مع تعددهم فهو واحد. ووصف الله لنا الشيطان بأنه ينتمي إلى الجن فقال سبحانه وتعالى إلا إبليس. كان من الجن ففسق عن أمر ربه كان من الجن يعني أحد هذا هو كان من الجن ووصف الله سبحانه وتعالى نفس الشيطان من الداخل فقال إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين الإباء والاستكبار والكفر ووصفه بأنه مع ذلك كله فقد أقام الله سبحانه وتعالى بينه وبين إبليس حوارا وهذا يتيح للمؤمن أن يتحاور
مع كل أحد وسمعه الله سبحانه وتعالى بالرغم من أنه وهو القادر وهو الملك ذو الجلال والإكرام كان قادرا على أن يخسف به الأرض أو أن يفنيه من الوجود ولكن الله يعطي لعباده مثالا حتى نتخلق بأخلاقه ونقبل الحوار حتى مع أشد الناس غباء ومع أجهلهم في هذا الحوار كحوار إبليس خلقتني من نار وخلقته من طين هكذا يقول وهو لا يعرف إن كانت النار أرقى من الطين أم أدنى لكن هوى النفس أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا إذن فإبليس هذا
يجب علينا أن نتتبعه صفاته في القرآن الكريم والآية التي معنا اليوم هي تعطينا صفة من صفات إبليس أنه ليس صريحا مباشرا يعني لا يأتي مباشرة هكذا ليقول لك اكفر لا بل يستدرجك شيئا فشيئا وخطوة فخطوة انظر حتى اتباع خطوات الشيطان خطوة فخطوة وليس فجأة فيقول يعدهم ويمنيهم فما الفرق بين الوعد وبين الأمنية يعدهم ويمنيهم الوعد بأن
يعدهم بأن يحقق لهم شيئا أو مكسبا أو مصلحة، لكن الأمنية هي ما لم يعد فيها بشيء وإنما خدع أعينكم بها فحسب. أما الوعد فهو أقوى لأنه يقول لك سأفعل لك كذا، ماذا تريد؟ سأنفذ لك مصالحك، لكن الأخرى لم تقل سأنفذ أو أي قال لك على فكرة لو سرت في هذا الطريق ربما ترى في نهايته شيئا يجعل هذا الأمر يلمع في عينيك فسيادتك ببساطة تامة تترك الله وتترك طريقه وتذهب إلى هذا الشيء البراق على سبيل الأمنية
وفي النهاية يتبين أنه سراب فإذا كان هذا ظاهرا وليس حقيقة فالشيطان يقوم بعملية فيها إغراء يعدهم ويمنيهم يصبح كذبا وإغراء يصبح نحفظ إذن يعدهم ويمنيهم يصبح الشيطان كذابا والشيطان يقوم بالإغراء ما وعد بشيء وإنما هو إغراء هكذا جالس طوال النهار يغري بك وما يعد الشيطان إلا غرورا فأما الإغراء فقال لا إن الوعد مسؤوليته الأولى على الشيطان الذي كذب والمسؤولية الثانية عليك أنت الذي صدقت لكن الأمنية المسؤولية الخاصة بك الأولى
والمسؤولية الثانية الخاصة به هي مسؤوليتك أنت الأولى أنك انخدعت في البريق ومسؤوليته هو الثانية أن هو عمل البريق هذا فيبقى إذا وعدهم هذه مسؤوليته الأولى ومسؤوليتك الثانية وأمناهم فتبقى مسؤوليتك الأولى ومسؤوليته الثانية ولذلك وما يعدهم الشيطان إلا غرورا فما أنت المسؤول عنها إذن ما دمت المسؤول الأول وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته