سورة النساء | حـ 769 | 122 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة النساء | حـ 769 | 122 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعد المؤمنين الذين يعملون الصالحات بجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، يقول: "والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، وعد الله حقا، ومن أصدق من الله قيلا، وفي هذه الآية يقرر الله سبحانه وتعالى علينا أن الإيمان وحده لا يدخل الجنة في ذاته وإنما لا بد أن ينضم إليه العمل الصالح، وهو
أمر مقرر في الشريعة الإسلامية وفي كتاب الله من أوله إلى آخره وفي سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن الإسلام لم يكتف من المؤمنين بالكلام ولا بتصديق الجنان وإنما لا بد من العمل بالأركان، فالإيمان قول واعتقاد وعمل، ومعنى هذا أن العمل وإن كان هو فوق الإيمان وإن كان هو غير الإيمان إلا أنه شرط من الشروط التي تدفع المسلم بعد إيمانه بالله وتصديقه يدفعانه إلى طريق الجنة، إذا كان هذا مقررا وأن
أناسا قد غرهم بالله الغرور الشيطاني يقولون نحن نحسن الظن بالله، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل والعمل إنما هو مؤشر لسلامة الإيمان لأن الإيمان يقتضي من العبد أن يقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فإذا لم يقل ذلك وقال سمعنا وعصينا أو قال سمعنا ولم نعمل فإن في إيمانه خلل وفي إيمانه بذلك شك ولذلك فإذا رأيت الساعة وقد توقفت اقربها فإنك تستدل بذلك على خراب قلبها وكذلك نستدل بخراب الأعمال على خراب الإيمان وهنا
يؤكد الله سبحانه وتعالى كما أكد ذلك مرات كثيرة بل وفي كل القرآن بل إنه لم يذكر الإيمان كموجب لدخول الجنة إلا وذكر معه العمل الصالح والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم وكلمة سندخلهم كلمة تجعل الجزاء قد يؤخر وقد لا يؤخر إلى يوم الدين وأن الله سبحانه وتعالى لم يجعل هذه الدار والدنيا دار جزاء بل جعلها دار ابتلاء وجعلها اختبارا وجسرا. يتوصل به الإنسان إلى آخرته فإذا أحسن في الدنيا أحسن الله إليه في الآخرة وإذا أساء في الدنيا فإنه بين رحمة
الله وعقابه إن شاء رحمه وإن شاء عذبه ساء يعني جعل إدخال الجنة مسندا إلى المستقبل سندخلهم وهذا الدخول هو دخول جزاء لا دخول الاطلاع ولذلك فإن آدم وحواء قد أدخلهما الله الجنة، لكنه ليس دخول جزاء على تكليف التزماه، بل هو دخول تشريف لا تكليف. ولم يكن آدم في الجنة مكلفا، بل كان كشأن الصبي الصغير في حياتنا الدنيا، فأنت قد تأمره بشيء أو تنهاه عن شيء، لكنه لم
يدخل في دائرة التكليف الشرعي الذي يترتب عليه الجزاء. الآخروي أو الثواب الآخروي والعقاب الآخروي، ولذلك فإن آدم لما عصى الله سبحانه وتعالى وأكل هو وزوجته من الشجرة في الجنة، فإنه لم يقع في معصية شرعية، بل إنه قد وقع في مخالفة استوجبت إخراجه من الجنة لعمارة الأرض، ولذلك لا يصح أن نقول إن آدم قد وقع في معصية في نبوته مثلا فإن الأنبياء في حالة عصمة من الخطأ الشرعي والمعصية الشرعية، وإن كان يطلق على ذلك في اللغة أنه عصيان لأن فيه مخالفة، فآدم كان نبيا معصوما من المعصية إلا
أن ما وقع فيه من عصيان كان عصيانا يخرجه عن التشريف لا عصيان بعد دخوله في التكليف، فتنبه. في الفرق بين ذلك حتى تستقيم العقيدة كلها سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار إذا فالله سبحانه وتعالى قد وعدنا بجنات قد تشملها جنة واحدة لكنها جنات مختلفة فهناك جنة عدن وهناك الفردوس الأعلى وهناك جنة المأوى وهناك جنات متعددة ومختلفة والله سبحانه وتعالى جعل الجنة مراتب وجعل فيها أعلى وجعل فيها أوسط وجعل فيها
أدنى والنبي صلى الله عليه وسلم يقول أنا زعيم بيت في ربض الجنة وربض الجنة هو أوسطها أو هو ربوة عالية فيها لمن ترك الجدال ولو كان محقا فنهى عن الجدال وجعل مكان صاحب من ترك الجدال ولو كان محقا لوجه الله هو ربض الجنة أوسطها أو أعلاها فالجنة درجات أقل شخص فيها له مقدار عشرة أمثال الأرض أقل واحد فيها الذي هو داخل بالملحق يعني داخل على الحروقة له عشرة أمثال ملك أهل الأرض فبالله عليك عندما يكون لك عشرة أمثال ملك أهل
الأرض ماذا ستفعل فيها هذه لا تفعل فيها كثيرا ولكن هذا أقل ما فيها وهي درجات وغرف وهي بعضها فوق بعض وبين الدرجة والأخرى خمسمائة سنة مسيرة خمسمائة سنة ووعد الله حق ثابت لا يتخلف ومن أصدق من الله قولا لا أحد فإن الله سبحانه وتعالى قد من علينا بهذا الطريق الواضح تكليفا في الدنيا وتشريفا في الآخرة وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته