سورة النساء | حـ 771 | 124 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا الله سبحانه وتعالى يستمر في إقرار الإطلاق في القيم بغض النظر عن كل جهة من الجهات التي قد يتصور الإنسان أنها تسبب شيئا من التحيز فإنه قد نفى التحيز فيما بين المسلمين وغير المسلمين ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب فإن الحق حق وإن
العدل عدل سيكون الحق والعدل على الجميع لا تفرقة بسبب الدين ثم بعد ذلك يقول ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى، يعني نفي من هنا التفرقة بسبب الجنس. إذا ففي الأولى نفي التفرقة في الاجتماع البشري في الدنيا بسبب الإيمان والعقيدة، ثم نفى التفرقة بعد ذلك بسبب اختلاف الجنس في الآخرة. حتى في الآخرة ليس هناك اختلاف، إنما هناك شروط أن تكون مؤمنا لأن الآخرة إنما هي دار ثواب وعلى ذلك فلا بد من الإيمان ولكن أين التحيز وأين نفي التحيز إنه ينفي التحيز للذكر
ضد الأنثى أو للأنثى ضد الذكر فإن هناك حضارات قامت فميزت الذكور ووأدت البنات وهناك حضارات ميزت الإناث حتى رفعتهن إلى مرتبة الآلهة وجعلت الآلهة معبودة من الإناث وجعلت الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا وجعلت من الأنثى نقيض الذكر وهناك من جعل الذكر نقيض الأنثى والله سبحانه وتعالى يقول ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا استمرار في تكوين العقل المسلم بالتمسك بالمطلق وعدم التحيز
بأي سبب كان مع مراعاة الشروط ففي الاجتماع البشري الشرط هو العدل وإحقاق الحق وفي الآخرة الشرط هو الإيمان إذا هناك فرق بين إقرار الشروط وبين التحيز من أجل العقيدة في الدنيا أو من أجل الجنس في الآخرة ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا، هذا تعبير عربي أنهم لا يظلمون شيئا ولو كان هذا الشيء صغيرا تافها ليس منظورا إليه، فإنهم يحاسبون عليه ويجازون بسببه الجزاء الأوفى، فمن
يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، والذرة هي هذه الهباءة التي نراها في شعاع الشمس لا وزن لها. أو تكاد، وقالوا إن الذرة هي مثل النملة الصغيرة أي لا وزن لها أو تكاد، والنقير هو الشق الذي نراه في نواة التمرة، فالنقير هذا شيء بسيط كالخط، والخط في المساحة لا يشغل حيزا أي لا نقول كم سمك الخط، فليس له شيء وإنما هو على رأس
القلم خط فليس ليس له سمك يعني كأنه لا شيء وإن كان موجودا فكذلك ولا يظلمون نقيرا يعني لا يظلمون شيئا ولو كان على مقدار صغير جدا غاية في الصغر لا يمكن قياسه كالخيط وهناك لا يمكن قياسه بالوزن كالذرة وهكذا يعني لا يظلم ربك سبحانه وتعالى أحدا ولا يظلم أحدهم ولو كان على مقدار نقير شيء تافه جدا لكنه عند الله سبحانه وتعالى ليس كذلك، وفي الحديث أنه يؤتى برجل يوم القيامة وهذا الحديث يسمى بحديث صاحب السجلات، ثم
يأتون بسجلات دونت فيها أفعاله وأعماله وتقريبا كلها من الأشياء السيئة، فيقولون له هل تنكر من ذلك شيئا؟ فقال لا، أي عندما يعيدون عليه ما فعل في الدنيا فيعترف به جميعا بانكسار نفس لله فعلا حدث منه كل ذلك التقصير وحصلت منه كل هذه المعاصي التي ملأت السجلات والسجلات للمعاصي توضع في الكف الشمال السجلات جعلت الميزان في غير صالحه وهو حديث أيضا يعرف عند العلماء بحديث البطاقة فيقولون هل
تنكر من ذلك شيء يقول لا فعلت كلها فيقولون وهل فعلت من الحسنات شيئا فيقول لا أتذكر ما ليس قالوا لك عندنا بطاقة فتأتي هذه البطاقة ومكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله لأنه يبدو أنه كان قد قالها من قلبه صادقا مخلصا مؤمنا ويبدو أن هذه الشهادة كانت تؤثر فيما يفعل فكان ينوي دائما أن يترك المعاصي وأن يبدأ في الخيرات وكان يتوجه دائما بقلبه إلى الله سبحانه وتعالى يخشاه ويرجو رحمته إلا أنه كان من غير الموفقين فكان
دائما يكثر من المعاصي ويقع في الآثام فالرجل يتعجب أي جاءت على البطاقة فما هي عندما نضعها هكذا لن يفعل شيئا، هذه سجلات وهذه قطعة بطاقة فيها يعني ما يعني كأنه يقول هكذا في نفسه أزلتها يعني ماذا سنفعل قطعة ورقة صغيرة هكذا وهذه سجلات كبيرة سنفعل فيها شيئا آخر أمرنا لله فوضعت البطاقة فثقل بها الميزان حتى طاشت هكذا في الحديث حتى طاشت السجلات يعني ذهبت السجلات كل ذلك بالإخلاص إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته