سورة النساء | حـ 773 | 125 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى: ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا. ومن أحسن دينا فلا بد علينا أن نفهم ما الدين فقالوا الدين هو وضع إلهي يسوق أصحاب الفطر السليمة إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة فيسعد الإنسان عند سلامة فطرته بالدين والدين إذا طبقه الإنسان في ظاهره ولم
يعلم حقيقته ونواياه ومراده فإنه لا يؤثر فيه ويكون بذلك ليس سائقا له ولكن بالرغم من ذلك إلا أنه يجب عليه أن يستمر وأن يصحح نيته، ودائما أبدا عندما نرى الناس يرتكبون المعاصي وهم على حال الإيمان فإننا نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر، فنقول لهم اتركوا المعصية واستمروا على الخير، ولا نأمرهم بالمنكر وننهاهم عن المعروف. فإذا وجدنا المصلي يشرب الخمر قلنا له أنت مصل بارك الله فيك وفي أنت عن شرب الخمر حتى تتسق مع حالك الإيماني ولكن
بعض الناس يعكسون فيأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقولون لمن جمع بين الصلاة والخمر أنت لن تنفعك صلاة لن تنفعك صلاة ولذلك اتركك من الصلاة التي تصليها أنت تسجد لربنا كيف وأنت سكران هكذا أم ستسكر بعدها هذه مصيبة كبرى لأنه في النهاية أمر بالمنكر ونهى عن المعروف فأمره أن يترك الصلاة من أجل المعصية وهذا لا يقول به من عرف دينه بل لا بد لنا دائما أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونصبر على الطاعة وندعو الناس إلى ترك المعاصي دائما وأبدا ولكن هناك كثيرا من الناس يبطل الأعمال
فيبطل الحسنات بفعل السيئات في حين أن الله سبحانه وتعالى جعل الحسنات يذهبن السيئات وليس أن السيئات يذهبن الحسنات، فالحسنات هي التي تتسلط على السيئات فتذهبها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، فتبقى الخطيئة التي أذهبت هينة الصدقة هي التي أطفأت الخطيئة، الصدقة أطفأت الخطيئة، ولذلك فدائما تكون الطاعة هي التي تطفئ السيئات وليس العكس. كثير أو بعض ممن يتصدرون للوعظ بغير علم يذكرون للناس
خلاف ذلك، غرضهم أن يخيفوا الناس حتى لا يقعوا في المعصية، فتؤثر هذه الموعظة السيئة التي يذكرون فيها إن السيئات تذهب بالحسنات تؤثر تأثيرا سلبيا لأن الله سبحانه وتعالى أعلم بعباده، وعندما خاطبهم بالرحمة والرأفة وجعل الحسنات تذهب السيئات، فيجب علينا أن نتخلق بأخلاق الله وأن ندعو الناس إلى أن يستمروا على حسناتهم وأن سيئاتهم سوف يغفرها الله سبحانه وتعالى لهم، وعندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم كثير من العصاة يعترفون بذنوبهم أو يتحيرون فيما وقعوا فيه فإنه صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى فعل الخير فأرشد أحدهم إلى أن يقوم
فيتوضأ فإن الوضوء يذهب المعصية ويذهب الآثام ويقول النبي صلى الله عليه وسلم إن لله ملائكة تسجل على ابن آدم ما يفعل وإنها إذا رأت ابن آدم قد عصى الله فإنها تنتظر ست ساعات لعله أن يتوب أو يرجع، فإن تاب لا تسجل عليه المعصية وإن لم يفعل سجلت عليه ذلك. يبقى هنا كان النبي صلى الله عليه وسلم حثنا ودفعنا وأرشدنا إلى المبادرة بالعودة والمغفرة والاستغفار والتوبة سريعا قبل أن تمضي الست ساعات. تتذكر وتقول أستغفر
الله فتعود مرة أخرى وإذا بك لا تسجل عليك هذه المعصية يعني مثل ماذا تختفي فلا تكون مسجلة حتى يوم القيامة يفتحون السجلات فلا يجدونها غير موجودة فماذا حدث لها في هذه المدة ست ساعات والحديث صحيح عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في انتظار ملائكة التسجيل ست ساعات بعد المعصية هذا من كرم ربنا هذا من حلاوة الدين هذا من تبشير نبشر الناس ولكن هذا يدعونا ونحن نتعامل مع رب كريم ألا نتوسع في المعصية التي ما هي على سبيل هذا أنت تتعامل لا تقول إذن ماذا طيب أنا سأعصي وسألحق قبل ست ساعات، لا وفقك الله، لا يحب هذا اللعب، أنت عندما تعصي وحدث أنك عصيت ارجع بسرعة، لكن
أنت ستضع خطة لفعل معصية والتوبة وراءها على الفور قبل ست ساعات لن ينفع، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه، من الذي قال لك إنك هل ستمهل الست ساعات أم ست دقائق، من الذي قال لك إنك لن تنسى، من الذي قال لك إنك ستتمكن من التوبة؟ هذا أحيانا يا مسكين تحاول ولا تعرف وتشتغل، وإذ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.