سورة النساء | حـ 779 | 127 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: "ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما فالله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نلتزم بشرعه وأن الشرع الشريف هو
السبيل الوحيد لسعادة الدارين وأن الله سبحانه وتعالى قد أنزل كلاما بينا وجعل هناك مساحة واسعة لا يختلف فيها اثنان ولا يتنازع فيها كبيران وهذه المساحة الواسعة أمرنا فيها بكل خير ونهانا عن كل شر فرفع الضرر عنا والظلم والتعدي والطغيان وأمرنا بالعدل وبالإحسان وبإيتاء ذي القربى ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ووعظنا فأحسن موعظتنا وهذا لا يحتاج إلى كثير من الكلام حرم الله علينا الزنا والخنا والربا والفاحشة وسوء الأدب حرم الله سبحانه وتعالى أن
نذهب بأنفسنا بالقتل أو الانتحار أو أن نقتل أبناءنا بالوأد أو الإجهاض أو أن نسعى في الأرض فسادا، حرم الله سبحانه وتعالى علينا أمورا يحاول الناس الآن أن يتلاعبوا بها، فحفظ لنا عقولنا وحرم المخدرات وحرم سبحانه وتعالى الخمر وحرم سبحانه وتعالى انتهاك كرامة الإنسان بتعذيب الأجساد أو بالسعي لقطعها أو قطع الطريق أو بالاستيلاء على المال قهرا أو سرقة، حرم الله سبحانه وتعالى علينا الظلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم ظلمات يوم القيامة، وقال تعالى وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، نعم
إذا كان هذا الذي حرمه الله سبحانه وتعالى ثم ارتكب ما بقاعدة عامة على أمر خاص قال الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب فلا بد من الالتزام بالشرع، ترى أحدهم يصلي ويصوم ثم يظلم النساء في ميراثهن لأن الأرض لا يجوز عنده في ظنه الفاسد الكاسد أن تذهب إلى أبناء أخته وهم من عائلة أخرى من عائلة زوجها فكيف تذهب الأرض والأرض كالعرض ويخيل له عقله الفاسد ظلما
يظلم به العباد، حكم الله للنساء بالميراث وكانوا لا يرثن في الجاهلية وهذا الجاهل يريد أن ينتمي إلى الجاهلية لا إلى الإسلام وإن صلى وإن صام وزعم أنه مسلم، فتراه يأخذ الأرض من أخته ويأبى أن يعطي لكل ذي حق حقه. ولا يسع هذه الأخت بعد التلاعبات والظلم إلا أن تقول حسبنا الله ونعم الوكيل، والأمر أكبر من ذلك، فإن هذا الذي يظن نفسه قد فعل شيئا حصل به الخير قد حصل الشر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من اغتصب شبرا من أرض في الدنيا طوق به سبعين أرضين يوم القيامة في عنقه
إذا فهي مصيبة كبرى يحيط نفسه بها ولا يشعر وحقيقة يوم القيامة أن مدته خمسمائة عام مما نعيش نحن الآن ونحن نعيش كم بعد أن نصل إلى المائة نكون قد انتهينا فيقول لك يا الله حسن الختام وينتظر ويكون مستعدا للقبر لأنه المتعة التي رآها في حياته بدأت تقل فبقي لا يعرف كيف يأكل ولا يقرأ لأن عينه ضعفت ولا يحمل شيئا ولا يدافع ويحمي عمن كان يحميهم ولا يفكر لأنه ابتدأ النسيان
والزهايمر يأتي فأصبح حتى بوضعه زاهدا في الدنيا لا فائدة له يعني أنه يجلس هكذا وانتهى الأمر ما أقصرها كم سنة يعني مائة وعشرون سنة مائة وعشرون سنة منها ثلاثون سنة لم تكن بحالتك وأنت أيضا لم تستوعب الدنيا قبل خمسة عشر عاما فيبقى احذف هنا واحذف هنا تجد ما يتبقى خمسة وسبعين عاما الخمسة والسبعون عاما هذه التي وضعت فيها يدك على الأرض وأكلت ميراث أختك أتعلم كيف ستجلس يوم القيامة الذي سيطوق سبعين أرضا يوم القيامة، أتظن أنك تعلم ما معنى ذلك؟ سيضعون سبعين أرضا في عنقك وحسب وينزلونها، ستقعد خمسمائة سنة يا ابن
آدم، أي جهل هذا! خمسمائة سنة وأنت جالس يحققون معك تماما، لأنك أنت صاعد يوم القيامة بعقلك وبرأسك وبسنك، خمسمائة سنة جالسون يحققون. معك هذا يكفي التأنيب واللوم والعتاب فما بالك بالعقاب يعني لو ظل يقول لك الله هل أنت أخذتهم لماذا تقول له إن أصل الأمر أنني كنت طماعا يقول لك نعم ما عليها ولكن لماذا أخذتهم تقول له إن أصل الأمر أنني كنت طماعا تتخيل أنك تظل تقول هكذا خمسمائة سنة هذا عذاب، هذا عذاب الله الأليم وحده، هذا نحن لم ندخل بعد جنة ولا نارا، هذا نحن سنحقق معنا في هذه القضية
على ما قالوا حساب خفيف، معزة وماتت، ما حكاية معزة وماتت هذه؟ يقول لك تخيل أن أحدهم تصور مشهدا أن التحقيق يتم معه فأحضروا الأول ووضعوه على شيء هذا كلام كيف كلام عوام فقط الناس يتخيلون وقالوا له ما مالك من أين اكتسبته قال والله أنا كان عندي عشر عمارات وكان عندي عشر آبار وكان عندي عشر سيارات وكان عندي كذا وهو يا عيني ماذا يرفع رجله ويضع رجله لأن الدنيا مشتعلة تحته فالعمارة الأولى من أين جئت اشتغلوا معه قليلا والثاني كان أقل منه فجلس نصف المدة، الثالث أي المهم جاء واحد جلس على هذا
الكرسي كرسي التحقيق هذا وبعد ذلك قالوا له ماذا كان لديك في الدنيا قال لهم معزة وماتت وذهب أي نزل انتهى خفيف الحال أي حسنا وهذا يعني دعونا نترك الدنيا وليس لا اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا، أي الدنيا التي لا تدفعنا إلى السرقة والرشوة والاغتصاب والظلم ومخالفة الشرع، هذه هي الدنيا، لكن إن كانت تفعل بنا هذا فلا لعنة الله عليها فلتكن بعيدة عنا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.