سورة النساء | حـ 803 | 143 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة النساء | حـ 803 | 143 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة النساء
الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى في صفة المنافقين وهي صفة ملازمة دائمة لحال المنافقين مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا هناك فارق كبير وواضح بين الوسطية وبين التذبذب، الوسطية من صفات المؤمنين ومن صفات الأمة المحمدية، قال تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون
الرسول عليكم شهيدا، وكما قلنا مرارا أن الوسط هو أعلى الجبل والمؤمن إذا صعد إلى الجبل كان في وسطه وكان شاهدا ومشهودا من كان في السفح من خلق الله يراه وهو يرى من كان في سفح الجبل وأمرنا ربنا أن نكون على الدرجة العليا من التمثل بسيد الخلق الذي هو أسوة حسنة لنا نتمثل به ونجعله هو شاهد حياتنا شاهدا ومشهودا ونتمثل حتى نكون قدوة وأسوة وحجة ووسطا للأمم فالوسطية ليست هي أن تكون مذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء،
بل الوسطية هي تكليف وتشريف في ذات الوقت أن تكون في أعلى الجبل وأن تكون مكلفا بتمثيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي أن تكون مثالا صالحا يحتذى به وأن تكون صورة من نبيك صلى الله عليه وسلم، وجاهدوا في الله حق جهاده اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فالوسطية واضحة تكليف وتشريف في المقابل ومن صفات المنافقين أنهم يمسكون
العصا من الوسط لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء تحسبا وانتظارا منهم لفتح أو لأن يصيب الكفار نصيب من الدنيا فإن كان في فتح المؤمنين التجأوا إليهم أو كان في نصيب الكافرين التجأوا إليهم مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وهذا يبين القلب الحيران قلوبهم حيرة هذه الحيرة عقاب من الله لأن القلب الحيران يشعر أنه في جهنم وهو في الدنيا وسبحان
الله لا يستطيع أن يخرج من تلك النار، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه، ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، القلب الحائر غير القلب الدافئ، عندما يكون القلب دافئا بالإيمان هكذا يكون مطمئنا، ألا بذكر الله تطمئن القلوب، وعندما يكون القلب حائرا يكون مذبذبا كلما جاءته شبهة فذهب إليها، وهذا عذاب له لأنه غير مستقر وليس له مسكن. تصور إذن إنسانا بلا مسكن، أي يجلس في الشارع. تصور إنسانا قلبه يجلس في الشارع وليس له مسكن، فسيظل يعاني
البرد والحر والعري، ويسقط عليه التراب والذباب وهكذا. سبحان الله، مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا، إن الذي خلق هذا هو الله، ولكن لا يظلم ربك أحدا ولا يظلم ربك أحدا، ولذلك فإنك عندما حكم الله عليه هذا الحكم لأنه لم يمتثل لأمر الله، فلن تجد له سبيلا ما دام ربنا سبحانه وتعالى قد لم يمتثل لأمر الله إذا
فلا يمكن الخروج من هذا لأن هذا هو حكم الله يأتي واحد يقول لي حسنا ما أنا أريد أن أتوب أنا منافق وأريد أن أتوب ها يريد أن يحرجني يعني فالعلماء قالوا ماذا إذا المنافق أراد التوبة نفعل ماذا حسنا هو يقول أنا لست قادرا أتوب فترفض التوبة فأقول له ما لا ينفع، ربنا ما رفض التوبة، قال فماذا أعمل؟ قالوا لا حل لها إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنها مقبولة ولو من المنافق لتعلقها بالجناب الأجل، فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي يعملها المنافق تتقبل منه لماذا؟ لأنها
أصلها ذاهبة إلى حضرة النبي فلأجل خاطر حضرة النبي سيقبلونها منه، فليدخل في الصلاة على النبي وليستدم فيها، فإن النبي يصلي عليه، وعندما يصلي النبي عليه ألم يقل من صلى علي واحدة صلى الله بها عليه عشرا، فربنا يصلي عليه أي يرحمه فيخرجه من النفاق إلى الإيمان، فتكون هذه حلا. هذا هو الطريق لخروج المنافق من النفاق إلى الإيمان، أما إذا كان من عتاة المنافقين فإنه لا يوفق أبدا للصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. ما دام يعلم أن الله يحول بين المرء وقلبه، ما دام يحاول فيجد ما لا يعرفه، لا يستطيع أن يستمر، إنها ثقيلة
جدا لك لا تدخل جهنم، أحسن اقدر هكذا، فيبقى هذا حكم الله فيك، إنما من ناحية وجود طريق في طريق صل على النبي، وهو ربنا سبحانه وتعالى ينظر إليك بنظر الرحمة وينقلك مما أنت فيه من عصيان وكفران إلى الإيمان، والله سبحانه وتعالى خلقك وهو أرحم بك منا وهو حكيم. سبحانه وتعالى يسلك هذا الطريق لكن سبحان الله إذا ما أمرناه أن يسلك هذا الطريق غالبا لو كان من عتاة المنافقين وحكم الله عليه بالنفاق فإنه لا يستجيب عمله مثل ماذا مثل أبي لهب ربنا قال أنه في النار تبت يدا أبي لهب وتب وبعد ذلك
حسنا وبعد ذلك افترض جاء آمن يبقى القرآن غير صحيح لأنه لا بد عليه أن يؤمن بأنه غير مؤمن ما هي كذلك أبو لهب لو آمن يؤمن بماذا بالقرآن أنه ليس مؤمن يؤمن أنه ليس مؤمن لا تنفع لا تجيء فهذا مما يدل على أن هذا القرآن ليس من عند النبي لو كان من عند النبي، كان أبو لهب هذا جاء ليحرجه، قال له أنت أدخلتني النار هكذا لأنني لست مؤمنا، فلو أنني آمنت فسوف يحرجه، فمن الذي يحرج من؟ هذا رب العالمين، هو الذي خلق أبا لهب وخلق الإيمان وخلق الكفر وجعل أبا لهب كافرا ولن يؤمن، فهذه معجزة. هذا تحد ما هذا يقول
له أنت لن تؤمن إذن فالأمر لن يستطيع أن يؤمن ولا يمكن له أن يؤمن إذا كانوا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين، هذه نصيحة عامة مستمرة، أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا؟ وهذه الآية من أعظم الآيات وهي من قواعد الإيمان ومن قواعد الحياة، ولذلك سنؤجلها إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته.
    سورة النساء | حـ 803 | 143 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة | نور الدين والدنيا