سورة النساء | حـ 811 | 156 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما. فالمسلمون يعظمون السيدة الشريفة العفيفة التقية النقية مريم عليها السلام، يعظمونها وينزل الله سبحانه وتعالى بشأنها في كتابه. إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ويصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول كمل من
الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع وعد منهن مريم ابنة عمران أم السيد المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وعد منهن امرأة فرعون وعد منهن خديجة بنت خويلد وعد منهن فاطمة الزهراء عليها السلام من عقيدة المسلمين التي يكفر المسلم ولا يكون مسلما ويخرج عن دائرة الإسلام أن يتهم السيدة العفيفة التقية النقية بالسوء، فهي وإن كانت غير نبي إلا أن الله سبحانه وتعالى قد
أثبت لها الوحي وأن الملائكة قد كلمتها وأنه قد أرسل رسولا فنفخ فيها من عنده الله فحملت بالسيد المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، مريم ابنة عمران ركن من أركان الإيمان عند المسلمين. في المقابل فإن أولئك الذين نقضوا العهد والميثاق وبغوا في الأرض وأفسدوا وشتموا وسبوا ولعنوا وصدرت منهم الفحشاء والبذاء، هؤلاء قد اتهموا السيدة العفيفة في دينها وفي نفسها وفي عرضها وافتروا ذلك. كما
ذكرنا في كتاب لهم يشرح نصا عندهم وهو المشناه يشرحه ويسمى التلمود، وعندما طبع التلمود في القرن السادس عشر الميلادي لاحظت الكنيسة الكاثوليكية أن هذا السب واللعن بالتورية وبالتعريض وبالتلميح دون تصريح يقصدون به هذه السيدة العفيفة الكريمة، فأحرقوا لهم الكتب وكانت عادتهم أنهم إذا اعترضوا على كتاب أحرقوه وقام اليهود بحذف هذه الأشياء في الطبعة الثانية التي طبعت
في القرن السابع عشر، حذفوا هذا السب واللعن والتلميح والتعريض الذي تعرض له السيد المسيح وتعرضت له السيدة الكريمة، موقف يجعل هناك صداما بين اليهود والمسيحيين، موقف يجعل هناك عداء بين الطائفتين، موقف تضطر معه الكنيسة إلى حرق هذا الكتاب الذي هو العمدة والمصدر للعقل اليهودي وللفكر اليهودي وللفقه اليهودي، وإذا ما قارنا ذلك بموقف القرآن الذي هو من عند الله والذي
يعلمنا الإنصاف والذي يقول عندما يصف صفة قبيحة لا يريدها الله ويأباها "ود كثير" ولا يقول "كل أهل الكتاب" "كثير من أهل الكتاب" لو يودون لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم فينهى عن الحسد وعن البغضاء وعمن يحاول أن يغير الدين بنحو خديعة أو ضغط أو إكراه ينهى عنه ولكن لا يصف الديانة كلها بذلك ولكن لا يجعل هناك عداوة مستحكمة بين ديانتين بل عندما يتحدث عن الديانتين يقول لكم ولي دين ويقول فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر ويقول ما على الرسول إلا البلاغ ويقول لست عليهم بمسيطر وما أرسلناك عليهم حفيظا ويقول كلام واضح يجعل المسلم قادرا على استيعاب الغير، كل الغير ولدى كل شخص مشكلة في استيعاب الآخرين وهنا هذا الموقف لا يختص فقط بالسيدة الكريمة إنما هو نمط تفكير ومنهج حياة وقلب مفتوح للعالمين للأمة التي نريد أن نبلغها الدعوة لا نريد أن تدخل في الإسلام ندعو الله أن تدخل في الإسلام
إنما لا نقهر الناس قهرا وكرها أن يدخلوا الإسلام إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء في ظل هذه الرؤية الشاملة تسبب أمرا خطيرا، وأن تتعلق بالسيدة مريم إلا أنه يبين لماذا لا تكون القيادة والريادة، لماذا لا تكون دعوة الوحدة والزمان الإنساني تصدر عن غير المسلمين، ويأخذ من هذا مثالا وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما في قلة أدب
حدثت في مقاطعة لا يطيقها المسيحي عندما يجلس مع اليهودي هناك مشكلة فهو يسب السيدة مريم، فكيف أجلس معه؟ كيف أتحد معه وهو يسب من أقدسهم وأعظمهم؟ وكذلك الشأن في أولئك الذين يسبون محمدا صلى الله عليه وسلم وهو عندي خير البشر، فعندما يأتي ليجلس معي في مشكلة، فأنا أقول إن جميع الأنبياء طيبون، أما أنت فلا تقول جميع الأنبياء طيبون، هذا وأنت حتى تقول أيضا إنه ليس نبيا، هذا وتقول أيضا إن هذه ليست رسالة، واقعة
سوداء، واقعة سوداء التي فتح قلبه للناس، جميع الناس على وجه الأرض المسلم الذي لم يفتح نفسه، هذا من ناحية أصبح هذا شيئا، فماذا أفعل فيها هذه؟ هذا ديني. يقول لي هكذا وضربنا لذلك مثلا سابقا أنه لما جاء هؤلاء الناس يتكلم عن أهل الكتاب أهل الكتاب أهل الكتاب والذي يتبادر إلى الذهن اليهود والنصارى وهم الذين كانوا موجودين في جزيرة العرب لكن جاءوا قالوا له فيا رسول الله هذا يوجد أحد آخر معه كتاب أيضا لكن ما لم تخبرنا عنه من هم المجوس قال لهم
سنوا بهم سنة أهل الكتاب فهو يعلمنا القياس فلما دخلنا الهند وجدنا ناسا اسمهم الهناتكة ما هؤلاء الهناتكة لا ننتبه قال إن عندهم كتابا أيضا اسمه الفيدا سنوا بهم سنة أهل الكتاب تركهم المسلمون وهؤلاء من هم البوذيون عندهم كتاب طائفة منهم لكم في الإنجيل أو ما يسمى الإنجيل البوذي قال: سيروا بهم سيرة أهل الكتاب، الله قد فتح قلبه لجميع البشر، يا له من خبر مبارك، هذا هو المسلم الذي يدعو إلى الأخوة الإنسانية وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله والسلام