سورة النساء | حـ 819 | 162 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: "لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما يتحدث ربنا سبحانه وتعالى عن تجربة الأمم السابقة وعن بني إسرائيل وما كان منهم مع موسى عليه وعلى نبينا
الصلاة والسلام ويقرر ربنا قاعدة مهمة بالغة الأهمية وهي من معجزات القرآن لأنها تتحدث عن شيء لا يدرك إلا بمضي الوقت ولا يعرفه الإنسان إلا بمرور الزمان لكن الراسخون في العلم منهم هذه طائفة والمؤمنون وكان هناك طريقان طريق فيه الرسوخ في العلم
وطريق فيه الإيمان والاطمئنان والتسليم والتصديق الذي لا يشوبه التردد ولا الشك ولا الريب وأن العلم في رسوخه يصل إلى النتيجة نفسها التي يصل إليها الإيمان في اطمئنانه هذا الكلام وهو كلام يثبت أن دائرة العلم قد يناله بعض غير المتدينين، لكن إذا أخلص في علمه وجعله علما منيرا
مستنيرا لا يتعصب فيه لرأيه، وإذا قرأ الحقائق التي توصل إليها بطريقة صحيحة وربط بين هذه المعلومات بمنهج سليم، فإنه يصل إلى درجة أن يكون راسخا في العلم لا يخفى عليه شيء مما ينكشف له الحقائق الراسخ في العلم تنكشف له الحقائق وأجلى حقيقة في هذا الكون هي الله فالله هو الظاهر وهو الباطن وهو الأول وهو الآخر وهو المقدم وهو المؤخر وهو بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير ولذلك
فإن الرسوخ في العلم يدعو إلى الإيمان ولذلك فإن العلم في لغة القرآن مرتبط بأنه يدفع صاحبه في طريق الإيمان، ولو أن العلم بمعلوماته المفككة الجزئية لم يدفع صاحبه إلى الإيمان، ولعله في بعض الأحيان يدفع صاحبه بتجزئة العلم وتفككه إلى الإلحاد، ففي حقيقته أنه ليس بعلم، أي لا يستحق أن يقال إنه علم، وإنما هو مجموعة من التصديقات والمعلومات المفككة التي لم يصل بها إلى شيء، لكن الراسخ في العلم هو الذي يصنع من هذه المعلومات نسقا ويدرك بعمق العلاقة بين
جزئياتها ومعلوماتها فيرى الله سبحانه وتعالى وراء هذا. هو الذي شاهده من ألف كتاب العلم يدعو إلى الإيمان، الحقائق المجردة دعته ودفعته إلى الإيمان والمجموعة التي ألفت كتاب الله يتجلى. في عصر العلم هو نفس المفهوم وعندما ألف كارل الإنسان ذلك المجهول دفعه إلى هذا الذي نحن فيه مجموعة من العلماء جعلوهم في منتجع وقالوا لهم أنتم وصلتم من إدراك المعلومات إلى مدى بعيد فقولوا لنا ما هذه
الدنيا ومن أين أتت وإلى أين هي ذاهبة فألف بعضهم مؤلفات مالت إلى الإلحاد وألف بعضهم مؤلفات مالت إلى العلم، والهداية ما هي إلا من ربنا إذا أراد أن يهدي إنسانا هداه، ينور بصيرته وإذا لم ينور بصيرته يبقى قد أغلق عليه، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، هي التي تعمى حقيقة وهم فتحوا كل شيء لا ليست هذه هي القضية، هل أنار الله قلبك أم لم ينر؟ اقرأ "الإنسان ذلك المجهول" أو "العلم يدعو للإيمان" أو "الله يتجلى في عصر العلم"، ستجد ماذا يقول لك،
أهذا معقول؟ ما هي واضحة كيف؟ ما هي وما هو، من هذا؟ من الذي يفعل هذا؟ هذا عبث، فوضى؟ الله! هذه الآية الراسخ في العلم المؤمن وضع آخر لا يعلم طبيعة ولا كيمياء ولا طب ولا فلك ولا شيء لا يعلم كل ذلك يعني ليس لازما إنما مؤمن جاءه التصديق الجامع هذا من أين من أنه مد يده إلى السماء يا رب فاستجاب له وهو كذلك وجد حقائق سمع وقرأ في القرآن "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" فذكر ربه فأحضر له قطعة سبحة هكذا من هناك وذكر ربه فوجد
قلبه قد اطمأن والله، وهذا علم وليس معلومات، هذه تجربة، وجد قلبه مطمئنا، كل حين يجد روحه مرتاحة هكذا، يصلي فيرتاح أكثر، فهو يرتاح ويرتاح هذا ما يحدث ما الذي يزداد إيمانه ثم يأتي خاطر في باله هكذا يشككونه في ربنا، فتجده يضحك ضحكة صفراء هكذا، ما هذا أهذا هو ربنا؟ فيأتي أحد ليقنعه فيقول له إن لدي أدلة على عدم وجود الله، فيقول له كيف يعني؟ ويضحك هكذا يعني ما قصدك ما تعني؟ قصدك أن ما يوجد رب يقول له نعم تقول
لا إله إلا الله، طيب وهو لا إله إلا الله، رد بالأدلة على واحد يقول لك أنا لدي دليل، ما هو الآخر في الأصل غير راض أن يسمع له دليل، ما هو إذا كنت تنكر المحسوس، قال هل الله محسوس، قال شيء له آية تدل على أنه واحد، كلما ينظر يمينا وينظر شمالا يرى عصفورا يغرد ويرى لا أدري ديكا يصيح يؤذن فيقول سبحان الله، فمن أين جاء هذا؟ أترى ربنا وماذا نصنع له؟ أترى ربنا الفطرة السليمة البسيطة الأعرابي الذي يقول الأثر يدل على المسير والبعرة تدل على البعير عندما ترى روثه يكون قد كان هنا جمل، وعندما
ترى قدمين تمشيان في الرمل فلا بد أن يكون أحد قد مشى. فنهار صاف وليل مظلم وبحار ذات أمواج وسبل ذات مسالك، أفلا تدل على اللطيف الخبير؟ ما هذا إنه لعالم جدا هذا رجل أعرابي قد يكون الأمر كذلك ولكنني أرى القضية برمتها أراها ببساطة هكذا دون أن ندخل لا في فلسفة ولا في غيرها ولكن الراسخين في العلم منهم والمؤمنين أي هذه الكلمة ماذا صنعت لك صنعت لك طريقا أي طريقا فيه علم ومنهج
وحقائق وانكشافات وتجليات وهكذا إلى آخره بشرط أن يصل إلى وإلا لا يسمى علما، إنما يخشى الله من عباده العلماء، هم الذين يخشون الله، علم لا يوصل إلى الله ليس بعلم، هذا يكون علما في الظاهر هكذا، كما لو أن أحدا يقول لك ما هو الحديث الموضوع، أفهو حديث؟ عندما تقول موضوع، فإن الحديث الموضوع ليس بحديث ولا شيء، ربما يقول لك القراءة الشاذة قراءة الشاذة تعني ليست قرآنا هذا القرآن هو القراءات المتواترة هذه والقراءة الشاذة هذه فلماذا سموها قراءة لأنه يعني تجوزا هكذا ولذلك هاتان الكلمتان فقط نقف عندهما هذه المرة والمرة القادمة إن شاء الله نكمل بقية الآية لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون فقط يكفي هكذا
فلنقف الآن ونتدبر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته