سورة النساء | حـ 827 | 167 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة النساء | حـ 827 | 167 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا. حذرنا ربنا من الصد عن سبيل الله وجعل ذلك من صفات الكافرين ووصف من يقوم بالصد عن سبيل الله وقد جعله من صفات الكافرين فحذرنا منه وأبعدنا عنه ووصفه بأنه قد ضل ضلالا بعيدا
ومفعول مطلق ذكرنا أن استعمال المفعول المطلق يدل على الحقيقة ضل ضلالا معناها ضلالا حقيقيا ضل فعلا ضلالا حقيقيا أهذا هو الضلال أم لا ضل ضلالا لأنه لو كان ضلال بمعناه أنه حائر بمعناه أنه تائه ولكن لا، هذا هو الضلال الذي يوصف صاحبه بأنه من الضالين. هذه ما هي؟ الفاتحة "غير المغضوب عليهم
ولا الضالين" يعني ندعو الله سبع عشرة مرة في اليوم خلال الفروض والركعات أن لا يجعلنا من هؤلاء يا رب شيء سيء جدا هؤلاء الضالون، هذا هو الضلال الحقيقي، ضل ضلالا، ثم يصف هذا الضلال بالبعيد، وما معنى الضلال البعيد؟ الضلال القريب ترجع، الضلال البعيد وأنت ترجع تتيه وأنت ترجع، ما هو طويل، الطريق طويل، قم تتيه، يا اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك لأن لو أنه ترك هذا
الضلال لنفسه لن يعود أبدا، إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. إن الذين كفروا استعمل الفعل وفيها لطيفة، الكافر استعمال الاسم يدل على الثبات وعلى أنها صفة ذاتية فيه هكذا، الذين كفروا لا يدل على التغير ولذلك فأول شيء نفهمه لا انتقاد. الآخرين ووصفهم بالكفر، بل ننظر إلى أنفسنا نحن ونقول يا رب سلم لا تجعلنا
بصفة كهذه الصفة التي جعلتها من صفات الذين كفروا وجعلت ما يترتب عليها من الضلال البعيد. إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله، طيب صدوا عن سبيل الله بتعذيب المؤمنين، صدوا عن سبيل الله بمنع كلمة الحق أن تصل إلى الناس صدوا عن سبيل الله بتكذيب النبيين، صدوا عن سبيل الله بالإفساد في الأرض وهكذا، فكيف نصد نحن عن سبيل الله؟ هم صدوا عن سبيل الله معروف كيف يصدون، المشكلة ليست في ذلك، المشكلة أنا
ما هو الكتاب هذا إهداء لي أنا، ما شأني الذين كفروا هذا ربنا يحذرني أنا يقول لي إياك أن تعمل مثل الذين كفروا، الذين كفروا أمرهم إلى الله وحسابهم عند الله وأنا لا أعرفهم أنا أعرف نفسي، انتبه الإسلام دعوة عالمية وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وقال كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وأرسلت إلى الناس عامة إذا كانت الحقيقة الأولى أن هذا الإسلام دعوة للعالمين
فتبقى أمة محمد كم واحد اليوم أمة محمد ستة مليارات وهو للعالمين منهم أمة الإجابة مليار ونصف ومنهم أمة الدعوة الباقي أربعة ونصف كل أربعة منهم واحد مسلم ومنهم ثلاثة ليسوا مسلمين لكن الأربعة من أمة محمد صلى الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤدي إلى الحقيقة الثانية وهي أن الإسلام نسق مفتوح، فالإسلام لم يأت للعرب فقط، ولم يكن شرط الإسلام أن تتكلم العربية، ولم يأت الإسلام لنسل معين، ولم يأت الإسلام
للرجال دون النساء أو للكبار دون الصغار، لا أبدا، بل جاء لستة مليارات من البشر، فهذه أن الإسلام نسق مفتوح، الحقيقة الثالثة إياك أيها المسلم أن تكون مثالا سيئا للإسلام فتصد بذلك عن سبيل الله بغير علم، الناس ينظرون هكذا فإذا بك عنيف لا تحب جارك تفسد في الأرض تسرق من المجتمع الذي أنت فيه تقتل،
عندما يقوم الحريق تسأل هل هذا بيت مسلم لكي أطفئه ليس بيتا غير مسلم حتى أشعل فيه النار، احذر، فأنت بهذا تصد عن سبيل الله وتعطي أسوأ صورة للإسلام والمسلمين، فأنت بذلك تتشبه بالذين كفروا، فعندما يصد الذين كفروا عن سبيل الله سيظلون في ضلال بعيد، وأنت عندما تصد عن سبيل الله فهل سيجازيك الله خيرا؟ لن يحدث ذلك، لا هذا ليس صحيحا هذا الكلام أنك ستبقى في ضلال بعيد يا صاحبي، ستبقى في ضلال بعيد وأنت تظن أنك ما زلت مسلما وتظن أن هذا هو الإسلام
فستتمادى نعم، ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه، يا له من جريء جدا وهو ألد ما شأنه وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد ما معنى هذا الكلام إذن يعني أنه يجب علينا ألا نصد عن سبيل الله كثير من إخواننا لا ينتبهون في خطابهم الإسلامي أنهم من غير أن يشعروا يصدون عن سبيل الله، لا في الأحكام الجزئية التي يسمونها
الفتاوى ولا في خطاب الناس وأذيته بهذا الإنسان، ولأنه يجهل الواقع يجهل العالم يجهل كيف يخاطبه فإنه يبلغه بدين آخر غير دين محمد صلى الله عليه وسلم فيصد بذلك عن سبيل الله لو عرف هؤلاء إن الصحابة الكرام دعوا إلى الله بأحوالهم قبل أقوالهم لو علموا أنهم دعوا إلى الله بالشهادة وليس بالكلام وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا لقد كان لكم في رسول الله أسوة
حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون، يبقى إذن يجب علينا ألا نصد عن سبيل الله لأن هذا من صفات الكافرين ولأن صاحبه يضل ضلالا بعيدا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام. عليكم السلام ورحمة الله