سورة النساء | حـ 828 | 168 - 170 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة النساء | حـ 828 | 168 - 170 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا، وكان ذلك على الله يسيرا. إن الذين كفروا وظلموا والظلم ظلمات يوم القيامة، ولذلك تحدث العلماء عن الكافر العادل وعن المسلم الظالم أيهما
يقوم بعمارة الدنيا، فقالوا إن الكافر العادل خير من المسلم الظالم لأن كفرهم الذي يمكن لله أن يعفو عن حقه فيه، أما الظلم الذي ينال البشر والذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يستجيب للمظلوم ولو كان كافرا فالمظلوم مظلوم ولا
يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى احذروا أن تظلموا لا بد من العدل حسنا إذا كان هذا كافرا فيجب أن تعدلوا معه أكثر إن ظلمتم الكافر فقد صددتم عن سبيل الله إن الذين كفروا عن سبيل الله الأهل قبلها قد ضلوا ضلالا بعيدا وهنا إن الذين كفروا وظلموا فهو يحذرنا من الظلم ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم ولم يقل بعد ذلك الظلم الصادر من من؟ من كافر من مسلم من أي أحد الظلم ظلمات يوم
القيامة صدرت من كافر فهي ظلمات صدرت من مؤمن أهي ظلمات عليه لم يكن الله ليغفر له هذا هو معنى الضلال البعيد في الآية السابقة ضلال بعيد في عينه حتى لو أراد أن يرجع فإنه يضل ربنا غير راض أن يغفر له بعيد جدا في الضلال لم يكن الله ليغفر له وهو راجع في الطريق يضل إن الله يحول بين المرء وقلبه فلا تستمر المعصية ولا تبقى ضلالة بعيدة ولا تصد عن سبيل الله لئلا يختلط عليك الأمر بعد ذلك ولا
يغفر الله لك هذا يا ربنا غفور قال ولكن هذا يحذرك من البداية أما لو دخلت جهنم هكذا برجليك وبقيت سادرا فيها فتكون وقعتك ليست حسنا أم لا لماذا هذه طريقة إلا طريقة جهنم طيب وهذه تسمى هداية؟ ما هي الهداية تطلق على الدلالة والإرشاد قل له طريق جهنم من هنا يقول له نعم أنا أريد أن أدخل طريق جهنم هذا ما هو فاجر ما هو لا يهمه شيء ما هو انتهى لا يفرق معه الناس منهم من يقول أنا أشعر بأنني في جهنم من الأعمال التي أقوم بها فنقول له حسنا فلماذا لا ترجع فيقول أنا
لا أستطيع لا حول ولا قوة إلا بالله لا أستطيع أن أرجع فيقول لا أستطيع كل يوم بالليل أقول سأرجع غدا في الصباح انتهيت منها لا أستطيع. أفلت مني العيار من المعيار غير قادر لا إله إلا الله على الدوام نتذكر (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) (إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا) أبدا سيهديهم لكن ستكون الحكاية سيئة جدا لأن الطريق الذي أرشدهم إليه هو طريق جهنم من أفعالهم من ظلمهم للعباد من طغيانهم رب العباد من كفرهم به
سبحانه وتعالى من عدم التجائهم إليه والتوكل عليه ورمي الحول والقوة والالتجاء إلى أنه لا حول ولا قوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل لكن هؤلاء تكبروا على أنفسهم فكانت المصيبة راجعة إلى أنفسهم إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا ليس الأمر صعبا على الله، بل هو سهل، فقد يقول أحدهم: طالما أنني صنعته فلماذا لم يرحمني؟ من السهل أن يتخلى عنك من لا يحتاج إليك، ومن السهل أن يتخلى عنك
عندما تتخلى عنه، ومن اليسير على الله سبحانه وتعالى أن يتركك إذا تركته، فأنت حر، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) أعطاك الحرية لكن نبهك إلى أن الطريق الأعوج الذي أنت تسير فيه هذا آخره جهنم، ولذلك سنرى في هذا الطريق أنه طريق ميسر لكنه ميسر إلى جهنم وليس ميسرا إلى (يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم) خيرا لكم انظروا إلى
القوة إذن يعني كأنه يعني الله سبحانه وتعالى متجل في هذه الآيات بالجلال ينبههم يحذر بقوة كلام ليس فيه مساومة يا أيها الناس ما قال يا أيها الذين آمنوا لأنه يخاطب الكفار ويخاطب المؤمنين قد جاءكم الرسول بالحق جاءكم لم يأت للمؤمنين فقط بل وللكافر الحق هو الثابت، الأمر الثابت، الحق هو الأمر الواضح، الحق هو الأمر الموافق للفطرة السليمة من غير تأويل البشر ولا لعب من أراد أن يلعب مع الله.
الحق أمرنا بالصدق، كل الناس لديهم أن الكذب نقيصة والصدق مكرمة، كل الناس لديهم أن السرقة من الدناءة، لكن هناك أناس ظهروا قال لك ليس فيها مصلحتي إذن فلتمض السرعة ولتمض الرشوة وليمض الكذب أنا ما دام هذا في مصلحتي فلماذا أفعل ذلك والعجب العجاب من الأب والأم يقولان إن أولادنا يرون أن الفساد يوصل إلى شيء الله ألم تنتبه إلى أن كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به لكنك لا تنتبه إلى أن هناك شيئا أعلى من هذه الحياة الدنيا ومن ضيقها، ما
لم تنتبه إلى أنه مهما أعطيت أيها الإنسان فإنه لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب وإن من كانت عنده الملايين والمليارات وتمكن في الأرض بسلطة أو جاه فإنه ما زال في ضيق وأنه يريد أكثر من ذلك بحثا عن السعادة فلا يجدها حتى قال أهل الله: والله وقر في قلوبنا ما لو عرفه الملوك لقاتلونا عليه بالسيوف. غفلنا عن كل هذه المعاني حتى نقول إن أبناءنا سيفتنون في هذا، ما دمت لا تعلم ابنك ما تفهمه أنت فلا بد اتقوا الله يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم
وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما فهو الذي يمنع وهو الذي يعطي وهو الذي عنده الدنيا وعنده الآخرة وهو الذي بيده الصحة وبيده المرض فمن أراد الدنيا فعليه بالله ومن أراد الآخرة فعليه بالله، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.