سورة النساء | حـ 830 | 171 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق. والغلو في الدين مذموم عند جميع الأديان وعلى لسان جميع الرسل. والغلو في الدين له عناصر ينبغي علينا أن نحذرها، من هذه العناصر وأولها التشدد، والعنصر
الثاني في الغلو الزيادة على ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، والعنصر الثالث هو أن نقول على الله ما لم يقل، والعنصر الرابع وهكذا له عناصر، وحتى لا ينفرط منا الكلام نسير مع كل عنصر خطوة خطوة التشدد غلو في الدين، النبي صلى الله عليه وسلم جاء الصحابة الكرام يسألون عن عبادته فأخبرهم
عن عبادته فقالوا هذا قليل جدا واتفقوا على أن أحدهم يصوم ولا يفطر وأن الثاني يقوم الليل فلا ينام وأن الثالث يمنع نفسه عن النساء عن زوجته هذه الأمور هي في الشريعة أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بفرض وهو خمس صلوات في اليوم وسن لنا أن نقوم الليل وهذا حول النافلة
التي هي قيام الليل إلى فرض وفرض يفعله على نفسه يوميا وليس أن يقوم جزءا من الليل بل أن يقوم الليل كله بشدة في كل المراحل النافلة تحولت إلى فرض، ثلاث ركعات خمس ركعات تحولت إلى كل الليل. ربما يعني في يوم تكون متعبا أو شيء من هذا القبيل، أبدا أنا سأفعل ذلك دائما. حسنا الصيام أيضا كذلك فرض علينا ربنا رمضان، وسن لنا نبينا صلى الله عليه وسلم صيام الاثنين والخميس، سن لنا أن نصوم السبت و الأحد سن لنا الأيام التي يكون فيها القمر بدرا
ويسمونها الليالي البيض ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر من كل شهر حتى إذا نظرت إلى السماء تجد فيها بدرا لذلك يسمونها البيض سن لنا ستة من شوال بعد رمضان لكي نكون كأننا صمنا الدهر سن لنا أمرا كهذا وكان يصوم في شعبان ويصوم في شهر محرم كثيرا ولكنه جاء وقال أنه إذا انتصف شهر شعبان فلا صيام حتى يأتي رمضان إلا لمن كانت له قبل ذلك عادة ولذلك تجد الإمام الشافعي يحرم الصيام إذا لم تكن لك عادة إذا كانت موجودة فإنه لا يحرم من الخامس عشر من شعبان حتى رمضان فلماذا قال سيدنا الإمام بخصوص هذا الحديث، فلنفترض
أنني أصوم الاثنين والخميس دائما، قال لا، هذا صيامك وهذه عادتك أنت، حسنا يعني المهم أن نجد لنا فردا وسنة، أما صاحبنا فيصوم الدهر كله، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يصم من صام الدهر. أي أن الذي يصوم الدهر على الدوام هكذا من غير انقطاع ومن غير سبب فإنه لا يجوز، هل يوجد أحد يصوم الدهر لسبب؟ قال نعم هذا يمكن أن يكون يتعالج، إذ أن الصيام هذا يمكن أن يعالج بعض الأمراض، فيمكن أن يكون يتعالج فيصوم سنة ولا شيء عليه، هذا جائز أو صائم لغرض آخر وهو كسر الشهوة في فتوة الشباب هذا أمر آخر هذا غير صيام الدهر كان
الإمام النووي يصوم هكذا الإمام النووي لم يكن متزوجا وكان يصوم دائما لا يوجد مانع وهكذا لكن من غير سبب هكذا وتطوعا لا ينفع ما صام من صام الدهر كله حسنا فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بهم قال لهم إني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء انظروا إذن الآية الأخيرة التي هي يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم والغلو قلنا منه العنصر الأول الشدة ومن رغب عن سنتي فليس مني يا نحن نفعل هكذا نظن أننا
نطيع ربنا قال له ما أخطأت، النبي في الأعلى هنا في القمة، أنت ازددت فنزلت إذن، كلما ازددت كلما نزلت، كلما ازددت وابتعدت عن النبي، كلما نزلت وليس كلما اقتربت من الله، لا هذا هو المثال الأتم والإنسان الكامل وهو سيدنا رسول الله حتى هكذا تكون قد جئت بالآخر ولا يصح أن تزيد عليه، فإن زدت عليه فإنك تنقص ولا تزيد، لأن هذه الزيادة عبارة عن غلو، ومن رغب عن سنتي فليس مني، فليبحث له عن طريق آخر يسلكه. الغلو إذن فيه زيادة، وقد
نهانا صلى الله عليه وسلم عن العنف وقال لعائشة: يا عائشة إن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه فتبقى حاجة مشوهة، المسألة هكذا، شانه أي الشين ضد الزين، هذا شيء جميل، الشين هذا شيء قبيح، فلا تكن إلا رفيقا وأمرنا بالليونة في الكلام وفي المقام، قيل لينوا في أيدي إخوانكم والكلام
كلام طيب جميل وقال التبسم في وجه أخيك صدقة فلا توجد شدة ولا قسوة وكان سيدنا رسول الله صبورا على الخلق فالصبر هذا خاصتك عبارة عن رفق سيدنا رسول الله هذا كان يقدر بنظرة منه هكذا فقط لن يتكلم ولا شيء سيحرك عينه من مكان لآخر وهو جالس هكذا يفعل ذلك ولكنه لن يحرك رأسه، يحرك عينيه فقط ليقتل واحدا، هذا قائد الأمة هذا الناس يحبونه حبا شديدا كانوا
يحبونه هكذا هو ولكنه لا يفعلها من حلاوته لأنه ليس عنده غلو، فلما جاء الرجل الذي كان يشتم المسلمين ويشتم نساء المسلمين ويشتم، أحضروا سيدنا عثمان لكي يتوب إلى النبي قال اقتلوه ولو رأيتموه معلقا بأستار الكعبة، يا له من خبر عظيم! هذا مجرم كبير، ماذا فعل هذا؟ كان يسب ويهجو نساء المسلمين ويسب النبي ويسب الدين، فسيدنا عثمان، سيدنا عثمان كانت له حكاية مع النبي، مرة غطى فخذه هكذا وقال ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة
سيدنا عثمان زوجه النبي ابنتيه رقية وأم كلثوم، إحداهما توفيت وتزوج الأخرى، فسمي بذي النورين، نور ونور، رقية نور وأم كلثوم نور، وهو صاحب النورين، لم يفعل أحد ذلك، فسيدنا عثمان أحضر الرجل ودخل، اعف عنه يا رسول الله، جاء تائبا معتذرا، والنبي صلى الله عليه وسلم صمت قليلا هكذا، سامحه يا رسول الله جاء تائبا معتذرا وصاحبنا يقول لنا جئت تائب معتذر أشهد أن لا إله إلا الله ومحمد رسول الله قال له حسنا انتهى الأمر قبلنا تسامحك هذا وسامحناك فلما خرج قال لهم إذن ألا يوجد أحد منكم كان
سيقوم أليس أنا قلت لكم إنكم لو رأيتموه على ستار الكعبة اقتلوه الولد الذي آذانا وآذى البنات وآذى النساء وآذى كذا وكذا، هذا هو، قالوا: طيب يا رسول الله، ولكن بعينك هكذا يا رسول الله، كنا نقتله لك ولكن بعينك شيئا هكذا يعني فقط، فقال: ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين، يعني يحاسب عينه صلى الله عليه وسلم ويبين لهم سماحته وسماحة الإسلام لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته