سورة النساء | حـ 835 | 171 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا آية
ترشدنا إلى التوحيد الخالص وأن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين وأنهم من روح الله وأنهم من كلمته الله وأنهم في غاية العظمة عندنا كبشر فهم سادة المخلوقات منهم سيدنا محمد ومنهم سيدنا عيسى ومنهم سيدنا موسى ومنهم سيدنا إبراهيم عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ولكن ليس من المعقول أن ندعي أحدا منهم إلها فالرب رب والعبد عبد وهناك فرق بين المخلوق والخالق فالخالق ليس له بداية وليس
المخلوق له بداية وله نهاية، الخالق لا بداية له ولا نهاية له سبحانه وتعالى، الأول الآخر الظاهر الباطن القديم وهو الآن على ما عليه كان، خلق الزمان وخلق المكان ولذلك فالخالق جل جلاله لا أول له ولا نهاية له، لكن المخلوق يولد فيبدأ ويموت فينتهي، بداية ونهاية وكل ما جاز عليه العدم عليه قطعا يستحيل القدم ما دام هناك عرضة لأن يكون عدما فيبقى لا يمكن أن يكون قديما وكل ما جاز عليه القدم عليه قطعا يستحيل العدم
وإذا كنت قديما فإنك لا تعدم هذا أنت ستمضي دائما فالرب رب والعبد عبد لماذا فهم بعضهم أن هذا النبي أو هذا هو الإله أو هو الرب، أتى هذا من بعض الكلمات التي استعملت ففهمت فهما خاطئا، وينبهنا القرآن في بلاغة وأدب ينبهنا إلى هذه الحقيقة عندما نقول بيت الله نضيف ونضيف إليه بيت الله، ما الذي نعنيه ببيت الله؟ المساجد،
البيع، الكنائس، الصوامع، يعني البيوت التي يعبد فيها الله، بيت والله عندما نقول نحن كمسلمين فيما بيننا هكذا بيت الله إن بيوت الله في الأرض المساجد النبي يقول هكذا وعندما نقول بيت الله مطلقا هكذا هذا أنا ذاهب لبيت ربنا الذي هو الكعبة بيت الله إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين هذه الإضافة واحد فهم أن ربنا ساكن داخل الكعبة ما دام أنها بيته، وعندما تذهب إلى بيت أحدهم فلا بد أن تجده
فيه أتفهم ماذا؟ ساذج قليلا أم ساذج تماما؟ هذا ساذج تماما! هل خطر في بال أحد أن نقول هذا عن الله، نحن لو فتحنا هذا الباب فهل سنجد ربنا بالداخل؟ يعني لو له نقول له لا هذا بيت الله أي محل نظر الله وماذا يعني أيضا أي المكان المقدس الذي عنده تتنزل الرحمات حتى قال رسول الله النظر إلى الكعبة عبادة لماذا إذن لأن فيها أي شعاعا من ربنا لا لأنها تتنزل الرحمات عندها وهي أيضا ويستجاب عندها الدعاء ووجد عمر
معلقا بأستار الكعبة وهو يبكي ويدعو فقال يا عمر هنا تسكب العبرات إنه هنا حقا مكان جلال الكعبة وبهائها وتنزل الرحمات عندها وهي محل نظر الله وفي المحل الأقدس الأكمل عند الله جعل لها في قلوب المؤمنين مكانة وإنما الإضافة هنا يسميها العرب إضافة للتشريف وليس إضافة حقيقية بيتك أقول لك أين بيتك أي المكان الذي تسكن فيه ولكن الله منزه عن المكان وعن الزمان وعن الأشخاص وعن الأحوال هكذا كلمة الله
كلمة الله كلام الله صفة من صفاته كلام الله قائم بذاته صفة مثل القدرة مثل الإرادة مثل العلم قائمة بذات الله فيكون كلام هل الله مخلوق أم غير مخلوق؟ غير مخلوق لأنه صفة من صفات الله، وهنا تأتي الحيرة عند بعضهم عندما يسمع أن سيدنا كلمة من كلمات الله، فيظن أنه صفة من صفات الله، خطأ! ماذا يقول لنا القرآن؟ هذا الفهم خاطئ، فكلمة الله هنا تعمل مثل بيت الله.
لأن كل مخلوق دال وليس مدلولا، فماذا يعني ذلك؟ القرآن المصحف هذا، المصحف الذي في يدي هذا لم يكن موجودا ثم طبعته المطبعة فأصبح موجودا، فهل هذا صفة من صفات الله؟ لا، إذن والكلام الذي فيه يدل على كلام الله، نريد أن نفهمه أكثر، قال لك عندما تقف أمام المرآة الذي في المرآة أنت أم أخوك لا أنت الذي في المرآة إذن سأكسر المرآة هل حدث لك شيء قلت
لي لا قلت لك إذن لم تكن أنت الذي في المرآة هذه صورتك التي في المرآة إذن يوجد أنت ويوجد صورتك لكننا سمينا صورتك ماذا أنت عندما تأتيني بصورة قل نعم هذا حسن وهذا حسين، هذه الصورة تخص حسن المعروف، فاقطعها واحرقها. حسن حدث له شيء أم لم يحدث له شيء؟ فكلمة الله قد تطلق ويراد منها المخلوق، وقد تطلق ويراد منها الصفة التي هي قائمة في ذات الله. إذا أراد شيئا أن يكون قال له كن فهو كلامه سيدنا عيسى الكلمة المخلوقة أم الصفة القائمة، الكلمة
المخلوقة يكون سيدنا عيسى بشرا وسيدنا عيسى مخلوق. ينبه القرآن إلى أن سيدنا عيسى هو الكلمة المخلوقة. هل يجوز أن أقول إن سيدنا عيسى ليس كلمة ربنا؟ لا، فقد قال للشيء كن فكان، فهو كلمة الله ونفخنا فيه من روحنا، روح الله روح الله هذه تعني الروح التي تخص ربنا، حاشا لله، ربنا ليس له روح، نحن الذين لنا أرواح، روح ربنا هذه مثل بيت الله، بيت الله، بيت الله، هذه روح الله مخلوق من المخلوقات، يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا إذن إذا كانت روح ربنا هذه شيئا جيدا جدا وجميلا جدا، فسيدنا عيسى من روح الله طبعا من روح الله، إلا أن روح الله هذه معناها أنه من الله أي هو جزء من الله لا، فبالأدب جاءوا وفصلوا المصطلح وقالوا لنا انتبهوا هو كلمة الله وهو هذا سبب الاجتباء. وهو روح الله لن ننكر وهو هذا سبب الاجتباء ولكن انتبهوا قليلا ولذلك تفصيل نذكره في حلقة تالية إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته