#شبابنا | الحلقه التاسعة | الشباب والعادات والتقاليد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى سَيِّدِنا رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالاهُ. أَيُّها الإِخْوَةُ المُشاهِدُونَ، أَيَّتُها الأَخَواتُ المُشاهِداتُ فِي كُلِّ مَكانٍ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، وَأَهْلاً وَمَرْحَباً بِكُمْ فِي حَلْقَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ حَلَقاتِ شَبابِنا، وَاليَوْمَ نَتَحَدَّثُ عَنْ قَضِيَّةٍ أَثارَتْها أَسْئِلَةُ الشَّبابِ وَهِيَ: الشَّبابُ وَالعاداتُ وَالتَّقالِيدُ. يسأل الشباب هل العادات والتقاليد أمر موروث يجب
الحفاظ عليه أو أنها تتغير بتغيرات الجهات المختلفة بتغير الزمان بتغير المكان بتغير الأحوال وهكذا وما موقف الشرع الشريف منها وما موقف الشباب عندما يرفضها أو يحب أن يتمرد عليها وما هو الثابت والمتغير في هذه العادات والتقاليد أتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل أحد ابنيه الحسن أو الحسين وهو صغير، فدخل عليه الأقرع بن حابس فتعجب الأقرع كيف يقبلون الأطفال، فقال: "أتقبلون الأطفال؟" مستغربًا متعجبًا، لأن تقبيل الأطفال كان مخالفًا للعادات
التي نشأ عليها الأقرع بن حابس وهو من جهة الشرق. قال: "نعم"، قال: "عندي أكثر من عشرة". أولاد لم أقبل واحداً منهم، وكان فعل الأقرع كأنه حجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم رداً قوياً حازماً، قال: "وماذا أصنع إذا كان الله قد نزع الرحمة من قلوبكم". إذاً هذا الحديث يعطينا أن عادات أهل مكة وأهل المدينة... بخلاف عادات بعض أهل البدو فالعادات تختلف، وهذا يعطينا أيضاً إجابة على السؤال الثاني وهو ما موقفنا من العادات والتقاليد.
العادات والتقاليد قال فيها ربنا سبحانه وتعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين". فالعادات والتقاليد إذا كانت موافقة للإنسانية، موافقة للمبادئ التي وضعها الله سبحانه وتعالى، موافقة لسعادة الإنسان... أصبحت نتبعها ولا بأس من اتباعها بينما اختلفت فإن العادات والتقاليد تختلف من زمانٍ إلى زمان ومن مكانٍ إلى مكان. ما كان يُعدّ عيباً في زمنٍ معين لا يُعدّ عيباً في زمنٍ آخر أو في مكانٍ آخر. كان عندنا هنا في مصر عادة تجري عليها العوائد وهي أن المرأة كانت تخرج وهي ساترة لوجهها وظلت
هذه العادة إلى أواسط عهد محمد علي، وحينئذ بدأت المرأة تتعلم الطب، وكان هناك نحو ستين فتاة ذهبن إلى دار التمريض العالي لتعلم الطب، فاضطررنا بموجب المهنة أن تكشف المرأة وجهها. بعد ذلك ما زال الناس جميعهم يغطون وجوههم، وهذا ليس نوعاً من. الديانة هذه عادات وتقاليد نشؤوا عليها وما زالت حتى الآن في المملكة العربية السعودية. المرأة تخجل أن تخرج بوجهها حتى لو لم تكن متدينة بالمناسبة، لكنها لا تستطيع أن تخالف هذه
العادة الجارية. كذلك ظل هذا الحال في عموم الناس إلى أن خلعت المرأة النقاب من على وجهها في ثورة في عام ألف وتسعمائة وتسعة عشر خرجت فتيات من مدرسة السامية كاشفات عن وجوههن وبدأ التخلي عن النقاب، لكنني أدركت أمي وهي ترتدي شيئاً على وجهها يُسمى البيشة، وهذه البيشة كانت غطاءً يوضع على الوجه. هي لم تضعه لأن ذلك سيُدخلها الجنة أو النار، ولكن... عادةً ما تتبع نساء البلد في هذا الوقت تقاليد معينة، ثم عندما انتشر كشف الوجه بين
السيدات، قمن بإزالة البيشة (غطاء الوجه) وأصبحن محجبات لكن بدون هذه البيشة التي كانت النساء يضعنها على وجوههن. العادات والتقاليد منها ما يختلف باختلاف الزمان والمكان. أتذكر مثلاً أنه من العيب جداً في بولندا السكر في الشاي أن المعلقة تصطدم في فنجان الشاي وتُصدر صوتاً معيباً تماماً، يعني كانت هند التي أمامي عندما أفعل ذلك. حسناً، وما هذه؟ هذه عادة ربما لا يلتفت إليها المرء، وكان في بعض البلدان عندما يقدمون ذبيحة للضيف، ينبغي على الضيف ألا يأكل من رأسها بل يأكل من اللحم. ومنهم من يأكلها كلها ويترك الرأس، فالرأس مستوية وجاهزة للأكل وكل شيء. إنها عادات وتقاليد، وفي
بلاد أخرى يجب عليك أن تأكل من الرأس وإلا فإنك لم تكرم المضيف الخاص به. سبحان الله، يعني عكس ما هو موجود في البلاد الأولى، ولذلك نصوا في الفقه أن القاضي عندما ينزل إلى إذا كانت عاداتنا وتقاليدنا ينبغي أن نلتزم بها على سبيل أنها من آداب اللياقة، من آداب اللياقة، من آداب الإتيكيت، من الآداب التي ينبغي أن نعيش فيها، لأن كل مجتمع بشري له آدابه. فترة طفولة الإنسان خمسة عشر سنة، وأيضاً القانون جعلها ثمانية عشر لماذا وهي. أطول فترة طفولة لأي حيوان له عمود فقري
(أي فقرات) في الحيوانات الفقارية، مدة الطفولة ليست طويلة، فبعد ذلك بسنة أو سنتين يعتمد على نفسه، أو بشهر أو شهرين يعتمد على نفسه. هذا ليس كحال الإنسان، لأن الإنسان مطالب بمجموعة كبيرة جداً من الآداب: كُلْ بيمينك، كُلْ مما يليك، قُلْ قبل الأكل اغسل يديك، بعد الأكل وهكذا آداب، كثيرة جداً وهذه هي حقيقة العادات والتقاليد. إذاً الإجابة على السؤال نعم، العادات والتقاليد تختلف باختلاف الزمان وتختلف باختلاف المكان وتختلف باختلاف الأشخاص والمستويات، فما هو عيب في مكان ليس عيباً في مكان آخر، وعلى كل واحد منا أن يتبع هذا العرف مجاملة تأدباً
وليس فرضاً شرعياً، ولكن النصيحة الربانية أننا لا نتمرد على العادات والتقاليد، وفي نفس الوقت هي ليست مقدسة، يمكن تغييرها ويمكن الاتفاق على تغييرها مثلما حدث في قضية الملابس عبر العصور، فقد دخل الصحابة فارس فصلوا في سراويلهم ولبسوا السراويل الفارسية عندما دخلوها. مصر لبسوا الملابس المصرية، لما ذهبوا المغرب لبسوا الملابس التي في أي مكان كانت، الشرع له شروط، قضية العورات هذه قضية ثانية، ولكن ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾. يسأل ويقول هل هناك ضرورة للفصل بين الحلال والحرام من ناحية والعادات والتقاليد من ناحية ثانية؟ طبعاً
الأحكام الشرعية هذه... شيءٌ وضعه الله لنا لكي يختبرنا به ولكي يُثبت عبوديتنا له، ولأجل قضية أخرى تماماً غير الحياة الدنيا وهي أن هذه الدنيا مزرعة للآخرة. ولذلك هناك فصلٌ تامٌ بين العادات والتقاليد التي يمكن أن نأخذها ويمكن أن نتركها، وبين الحلال والحرام. العادات والتقاليد ستجدها موجودة في الأكل والشرب وفي... اللباس وفي الفرح وفي الحزن الذي هو الطرح، كيف عندما يتوفى عندنا شخص نتقبل العزاء؟ أين نتقبله؟ عندما نجلس في العزاء نقرأ القرآن، وعندما لا نقرأ القرآن ستجد جداً العادات والتقاليد المختلفة. ما رأيك في رمضان؟ كيف نقضيه؟ كيف نصلي التراويح؟
كيف نطبق الإسلام في حياتنا؟ ولذلك هناك مذاقات للتطبيق. هناك مذاق مصري يعني الإسلام بالمصري. الإسلام بالمصري نقول: عندما تحدث وفاة البيان في حياتنا يتبين أن لنا أناساً من تحت أقدامنا. يقول لك: هذه بدعة. ما علاقة البقية؟ يعني الباقيات الصالحات التي كان يفعلها المتوفى تبقى في حياتك، فتستمر على فعل الخير، تستمر على العمل الصالح الذي كان يكون. يقول لك - رحمه الله تعالى - هذه بدعة. حسناً، أين البدعة في ذلك؟ البدعة إنما تكون "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه" وليس "من أحدث في أمرنا هذا شيئاً هو منه". إسلامنا
المصري هذا شيء لذيذ جداً وشيء قوي جداً، ولا يجعل المرء دائماً يشعر أنه فاسق نحن منصرفون إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.