#شبابنا | الحلقه الثالثة عشر | الشباب والاخر

#شبابنا | الحلقه الثالثة عشر | الشباب والاخر - شبابنا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات شبابنا. حلقة اليوم عن الشباب والآخر، والأسئلة التي جاءتنا تتحدث عن الحوار. الأديان وتأثيرها على ثقافة تقبل الآخر لدى الشباب. حوار
الأديان بدأ بقوة في ثمانينيات الميلاد، وعندما بدأ وذهبنا نلتقي مع الناس، بدأنا نضع قواعد لهذا الحوار مع الأديان المختلفة. وفوجئنا بأن هناك أدياناً لا نعرفها، واجتمعنا مرة في بلجيكا ثلاثون ديناً. كان هذا الاجتماع حينها بين أتباع الأديان الثلاثين وطبعاً. يتعجب أحدهم كيف وصلت الأديان إلى ثلاثين، في حين أن ما يحفظه المرء منها ست أو سبع على الأكثر، لكنها كانت ثلاثين ديناً في ذلك الوقت. وكنا آنذاك غاضبين
من وثيقة مؤتمر السكان التي كانت تشير ولو بشكل غير مباشر إلى قضية الشذوذ الجنسي وأنه من حقوق الإنسان أو ينبغي أن يكون كذلك في ذلك الوقت. اتفقت الثلاثون دياناً على أن هذا أمر مرفوض، وكان من بين هذه الديانات الثلاثين طبعاً الإسلام والمسيحية واليهودية، لكن كان من بينها أيضاً الطاوية والشنتو والبوذية والهندوسية. كان من بينها أيضاً ديانات غريبة جداً لم نسمع بها، مثل تينياسيكو. ما هذا التينياسيكو؟ ولكن ثلاثين ديناً اجتمعوا في بلجيكا لرفض وثيقة السكان في تلميحها لإجازة الشذوذ. قضية الشذوذ الجنسي بالطبع كانت قضية تشغل مساحة عظيمة جداً
في أمريكا، وبدأ هذا الأمر في سنة ألف وتسعمائة وخمسين عندما قامت جماعات يهودية تقول إن الشذوذ الجنسي ليس حراماً، فتبعتها بعد ذلك بعض الجماعات المسيحية التي قالت أيضاً إن الشذوذ الجنسي ليس حراماً، واستمر الحال. هكذا حتى سنة ألف وتسعمائة وتسعين وبدأ الإنترنت في الظهور وكان هناك مجموعة قليلة جداً من المسلمين أيضاً يقولون إنه ليس حراماً وسمّوا أنفسهم وقتها اسماً غريباً بعض الشيء وهو جماعة الفاتحة وغيّروا اسمهم هذا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. الأديان
كلها في كل العالم رفضت هذا وتحدثنا مع الناس. الذين يدعون إلى مثل هذه المسألة، وعلى فكرة الذين يدعون إليها ليس بالضرورة أن يكونوا من الشواذ، ولكنهم يرون أن هذا من حقوق الإنسان أن يفعل ما يشاء، لكنه حق يخالف حتى الخلقة الإنسانية. قلنا لهم على فكرة إن حقوق الإنسان متفق عليها، ولذلك اتفقت البشرية على منع... التعذيب لا يجوز لأحد من الناس أن يعذب الآخر، فيحرم تعذيب الأسير في الحرب، ويحرم تعذيب المقبوض عليه في تهمة، ولو حُكم عليه بشروط التهمة فسُجن في السجن. التعذيب جريمة، وتمتع الإنسان
أو استقلال الإنسان بجسده هذا من حقوق الإنسان، وليست من حقوق الإنسان المساواة وعدم اتخاذ موقف بناء. على أساس لونه، بناءً على عقيدته، بناءً على جنسه هل هو ذكر أم أنثى، بناءً على موطنه، وهكذا. من حقوق الإنسان مسكنه، فتبقى قضية الإخراج من الديار والتهجير جريمة كبرى. حقوق الإنسان حقوق الإنسان قال متفق عليها، لكن ستأتي وتقول لي إن الانتحار من حقوق الإنسان أو قتل المريض العاجز. من يشفي من قضايا حقوق الإنسان؟ أو مثلاً هل المخدرات من حقوق الإنسان؟ أو الشذوذ من حقوق الإنسان؟ أو الإجهاض من حقوق الإنسان؟ ألا إنها حقوق غير متفق عليها،
غير متفق عليها بين البشرية على أن هذه التي نعدها جرائم هي من حقوق الإنسان. تكلمنا معهم في هذا المنطق لكن رأينا... يعني كأن أناساً قد انفلتت وكأن أناساً قد تجاوزوا الحوار إلى فرض الرأي. حسناً، أنتم تدعون إلى الحرية وتدعون إلى استعمال الرأي وتدعون أن كل واحد يقول رأيه، فما بالكم لماذا تسخرون أو تضغطون على الرأي المخالف؟ الشباب والآخرون يريدون أن يتعلموا عدة أشياء وهي أنه لا بد أن تتمسك. بالإيمان بالله ولابد أن تتمسك بأن وظيفتنا في هذه الحياة الدنيا هي المحافظة على هذا
العالم وعمارته، وهذا لا يتأتى إلا بالتعايش والسلام. ولابد أن تتمسك أيضاً بقضايا الحرية والمساواة والعدل، ولابد أنك تفرق دائماً ما بين المساواة والتساوي. ربنا ما خلق الخلق متساوياً، أي في التساوي. إنما في المساواة تجد نخلة طويلة ونخلة قصيرة، وتجد رجلاً أبيض وامرأة سوداء، وشخصاً مدخناً وآخر نظيفاً، وشخصاً غبياً وآخر ذكياً. هم مختلفون ولكنهم جميعاً مشتركون ومتساوون في الإنسانية. فهناك فرق كبير جداً بين التساوي وهذا غير موجود، وبين المساواة وهذا ما أعطانا الله إياه: مساواة في الحقوق، مساواة في الواجبات، مساواة في المراكز. القانونية مساواة في خصائص من الممكن،
لكن التساوي في هذه الأشياء ليس حاصلاً. هناك فرق بين الولد والبنت، ليس فرقاً في الإنسانية، بل فرق في الخصائص والوظائف. إذاً، يجب علينا أن نفهم هذا بعمق، ونحن مع الآخر يقول: ما هو تمثيل الأحداث السياسية التي عثرنا عليها في... الفترة الأخيرة على ثقافة تقبل الآخر، لو فهمنا كلام سيدنا علي للأشتر النخعي وهو يقول: "ستأتي على أقوام إما أن يكون أخاً لك في الدين أو شبيهاً لك في الخلق"، عرفنا القضية كلها. لماذا أخي في الدين؟ والدين يقول لي واجبات تجاه أخي في الدين، والدين
أيضاً يقول لي واجبات. في قبيل أخف التشبيه الذي هو في الخلق، أي في المشترك معي في الإنسان. وعندما تحدث النبي عليه الصلاة والسلام عن الرحمن الرحيم قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، ارحموا من في الأرض". يقولون إن "من" هذه من صيغ العموم، أي كل. أحد في العرض قال تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا". حسناً، وهذا الأسير كان يريد قتلي منذ ثلاث دقائق، لكن ما دام قد وقع في الأسر فله حقوق إنسانية يجب عليّ أن أتمثلها ويجب عليّ أن أؤديها. واضح جداً أن هناك حقوقاً للجار، فيقول: "والله لا يؤمن". مَن باتَ شبعاناً
وجارُه جائع وهو يعلم، لم يُحدد النص إن كان الجارُ مسلماً أم غير مسلم، بل بالعكس يقول: "وجارُه جائع وهو يعلم". واللهِ لا يؤمنُ مَن لم يأمن جارُه بوائقَه. إذاً القضية هنا هي في أداءٍ إنساني، لأنني أعرف ماذا يعني الآخر، وأقبل منه ماذا ولا أقبل منه ماذا. انظروا عندما... اعترضنا على هذه المجموعة من التصرفات وقلنا إنها ليست من حقوق الإنسان لأنها ليست متفقاً عليها. لنا حق الاختلاف ولنا حق الرد. ولما انعقد مؤتمر السكان في القاهرة، ذهب بعضهم إلى رئيس الجمهورية وأخبره بأن
الأزهر الشريف ضد المسودة التي جاء بها المؤتمر قبل أن أخرج، وساء الرئيس الأزهر أنتم. لماذا معترضون على هذا؟ فلما عَلِمَ بما فيه ضمَّن خطابه أمام المؤتمر أننا لن نعارض الأديان، ولن نعارض الإنسانية، ولن نعارض هويتنا، ولن نخرج منها، ولن نعارض المبادئ العليا الأخلاقية. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.