#شبابنا | الحلقه الثالثة | الشباب والاختلاف بين الماضي والحاضر

#شبابنا | الحلقه الثالثة | الشباب والاختلاف بين الماضي والحاضر - شبابنا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات شبابنا. مما تلقيناه من الشباب وأنا أجمع أسئلتهم، سؤال يقول ما الاختلافات التي بين شباب اليوم وشباب الأمس، أنا فرحت جداً بهذا السؤال لأن لا زال من شبابنا من
يريد أن يعرف تاريخنا ويعرف ما الذي حدث؟ ليس عنده نوع من أنواع الرفض المطلق للماضي، لكن بعض الشباب عنده الرفض المطلق للماضي. وعلى كل حال نحن نريد أن نعرف وأن نستمع للشباب؛ لا أن نقيد حركته الفكرية ولا النفسية وبالرغم من ذلك نحن نريد أن نجيب على الأسئلة وهذا السؤال يأتي من الشباب يقول لي ما الفرق بين الشباب اليوم وأنت تراهم والشباب الذي عشته أنا رأيت شبابي وسمعت من أبويا عن شبابهم لكن لم أرَ جدي ولذلك في القضية كيف كان الشباب يعيش؟ أبدأ بنفسي، نحن عشنا في وقتٍ كانت الاتصالات محدودة. أنا أتذكر أننا كان
لدينا هاتف، وكنا مولودين في الأرياف، ليس في القاهرة. وكان الهاتف حينئذٍ يتطلب منا الاتصال بالسنترال لكي نستخدمه، ونطلب الرقم المطلوب داخل البلدة أو خارج المدينة. يعني لم يكن لدينا سوى الراديو نستمع فيه ألف ليلة وليلة في رمضان نسمع فيه السيدة آمال فهمي في الفوازير، نسمع فيه أشياء هي ثقافة، وكان هناك برنامج جميل جداً يُعرض في رمضان اسمه قصص الأنبياء ونقعد نستمع ونتعلم من ذلك رغم قلة الموارد هذه. بعد ذلك طبعاً جاء التلفزيون وبعد ذلك جاءت الأشياء الأخرى، لكن قلة هذه الموارد مع رغبة الإنسان
في التعلم، مع أن نظام التعليم كان نظاماً قوياً. كنا خمسة وعشرين طالباً في الفصل. لم تكن الناس قد زادت بهذا الشكل، فكانت مصر كلها عشرين إلى اثنين وعشرين مليوناً، أي تقريباً خُمس الناس الموجودين الآن. ولذلك كنا نشتهي، كنا ننجذب جداً إلى الكتاب. الكتاب فيه شيء غير موجود في الإنترنت وغير موجود في الجهاز اللوحي. الكتاب فيه شيء غريب، إذا قرأت وتفاعلت معه، فإنك تجده ثابتاً، لا ترجع إليه في إحدى المرات فتجده قد مُسح، ولا ترجع إليه في مرة أخرى فتجده قد تغير أو زاد أو قل، هذه الصفحة تحتاج إلى زيادة.
لا، إنه كتاب ثابت، وهذا الثبات يبدو أنه يُحدث في النفس البشرية شيئاً ما، لن نقول ما هو هذا الشيء، لكنه يُحدث شيئاً مختلفاً. فمن ضمن الأمور التي يختلف فيها شاب الماضي عن شاب اليوم هو تعلُّقه بالكتاب. وتعلُّقه بذلك الكتاب كان يرجع إليه مرات، كان يقرأ جزءاً منه ثم يقرأ الجزء الثاني في وقت لاحق. كان يمكن له أن يراجع، وكان الناس العلماء والأساتذة يقولون لنا كيف نقرأ، وكان من ضمن نصائح القراءة أنه وأنت تقرأ الكتاب اعتبر نفسك لن تراه مرة أخرى، ولذلك يجب أن يكون المرء مركزاً جداً، ويجب أن يكون المرء منتبهاً جداً، وهذا ينمي في الإنسان ملكات ربما غير موجودة الآن. شبابنا الآن أصبح كأنها
"تيكا واي"، وهذه "التيكا واي" تصنع شيئاً في العقل وفي النفسية وفي الشخصية، وهي قريبة من السطحية، ولكن الثانية لا، فهي لا تفعل ذلك. الثانية تجعل الإنسان أكثر تركيزاً وأكثر تأملاً وتدبراً وأكثر هدوءاً، ومن هنا يأتي الاختلاف في التصرفات وفي السلوك وفي ردود الأفعال، ومن هنا أنا لم أتعجب كثيراً ونحن في صغيرين عندما كنا نسمع أم كلثوم أو كنا نشاطنا موجود في شيء اسمه الكشافة، وبعد ذلك أم كلثوم هذه كنا نحبها جداً، وكانت العائلة كلها تجتمع
لكي تستمع إلى أم كلثوم وهي تغني. أثّر فيّ جداً "وُلِدَ الهُدى فالكائناتُ ضياءُ وفمُ الزمانِ تبسمُ وثناءُ". أثرت فيّ جداً وهي تشدو وتقول من كلام شوقي: أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك بيد أن لي انتسابا، مدحت المالكين فزدت قدرا، وحين مدحتك اجتزت السحابا. الجو هذا مختلف، بعد ذلك ابنتي لم تعد تحب مقدساتنا وتعتبر أنها شيء قديم. حسناً، فماذا عن حفيدي، ماذا سيفعل؟ ولذلك كنا نتعجب، لكنني لم أكن أتعجب، جيلنا كان يتعجب من الشباب،
ويسأله مستنكرًا كيف لا تحب أم كلثوم؟ كيف لا تحب عبد الحليم؟ كيف لا تحب مثل هذا الجو؟ لأن الجو كان مفعماً، مفعماً بالأداء، مفعماً بالكلام. انظر إلى سيدنا النبي عندما يقول لنا قبل ذلك أن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه. كانت الكشافة هذه تدرب الإنسان على روح التخييم في الخلاء والاعتماد على النفس والترتيب والنظام وهكذا، قد يُحرم شباب اليوم من ذلك. ونحن كنا في الكشافة نرى السماء لأن السماء كانت لا تزال فيها نجوم فنتأملها، وكنا نكون مع الطبيعة، ونخبز
الخبز بأنفسنا. كل هذه الأشياء من الممكن أن تكون موجودة الآن، لكن الشباب غير راغب فيها أو الشباب ليست هي التي تشغل باله، وإذا شغلت بال خمسة أو ستة شبان فلن تشغل بال عموم الشباب، نحن في أوضاع شعرنا فيها بلذة الحياة، شعرنا بقيمتنا عند أنفسنا، شعرنا بأن لدينا قدراً كبيراً جداً من الطاقة وأننا قادرون على أن نخرجها. فهل شباب اليوم هكذا؟ يمكن أن يكونوا كذلك، ولكن عندما أتحدث عن شباب الماضي، كان شباب الماضي أولاً يتعلمون بشكل صحيح، ثانياً
يتعالجون بشكل صحيح، ثالثاً ينشطون بشكل صحيح. أتذكر في مدارسنا سواء في الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية كانت توجد غرف، غرفة للنشاط الزراعي وغرفة لنشاط النجارة يعلمون فيها النجارة. وغرفة لنتعلم الطبخ، بالرغم من أننا مدرسة للبنين، إلا أن مسألة تعليم كيفية صنع الجبنة، وكيفية إعداد الفول، وكيفية تحضير الطعمية كانت ضرورية وكانت موجودة. وهناك غرفة للأدوات الموسيقية، وغرفة للتربية الرياضية، وفي مسجد كان في المدرسة، وفي نشاط. هل يا ترى مدارس اليوم فيها هذا؟ حتى المدارس
الخاصة وفيها كل هذا الزخم، توجد فيها غرفة للزراعة، وغرفة للألعاب الرياضية، وغرفة للموسيقى وغرفة لكذا. ممكن طبعًا، لأن المدارس التي كنا فيها ما زالت موجودة، ولكن الناس تغيرت، وأصبح عندنا، أو ليس عندنا، هذا الجو الذي كنا نعيش فيه، فلم يعد عندنا إتقان كما كنا. عندما نسمع الحديث أن آية المنافق ثلاثة: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وفي رواية: وإذا خاصم فجر، نشعر بالحزن مباشرة لأننا نفعل ذلك. لقد رأيت بعض الشباب يستهين بهذه القيم، فيوجد
خلاف بين هذا الشباب وذاك الشباب. كيف نصل بشبابنا إلى ما نحب له لأننا نحبه، والحب عطاء. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحب أطيب.