#شبابنا | الحلقه الخامسة | الشباب والدين والالحاد

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات شبابنا. تلقينا بعض الأسئلة من الشباب، السؤال يقول: هل انخفضت معدلات انجذاب الشباب نحو الدين
بدليل ارتفاع معدلات الإلحاد في العالم العربي. الإجابة بوضوح نعم. في أيامنا وفي شبابي كان الملحدون قلة، وكانت هناك ظاهرة أخرى وهي إتاحة كتب الملحدين. يعني كتب الملحدين كانت متاحة، وكنا في مكان مازال موجودًا إلى الآن اسمه سور الأزبكية، وكنا ننزل لكي ننتقي أشياء من... سور الأزبكية فكنا نقرأ شيئاً منفتحاً وأناس مؤلفة في الإلحاد وموجود متاح،
فلم يعد الأمر أن كل ممنوع مرغوب لأنه متاح. اقرأ كثيراً جداً من الشباب، هناك أناس تقول له: احذر أن تقرأ. أما أنا فأقول لك: احذر أن تطيع، اقرأ وانظر، ولكن بتأنٍ. اقرأ وانظر، ستجد أنك بالعلم أصبحت ثانياً فقد قرأنا كثيراً عن الإلحاد الصريح. أحد الملحدين يقول "أنا ملحد"، والآخر يقول "لا، أنا لست ملحداً" لكنه يتكلم كلاماً غامضاً فيه ويخفي إلحاده، لكن الكلام كله صادر عن نفسية ملحدة. كان كثير جداً من الشيوعيين
ملحدين، وكان من الشيوعيين من يسمي نفسه يسارياً. يساري يعني ماذا؟ يعني... لدينا هذا اليمين متمسك بعض الشيء بالعادات والتقاليد والقديم والهوية، واليسار متحرر بعض الشيء، والوسط هو الذي يجمع بين المحافظة وبين التحرر. فاليساري يقول: "لا، أنا لست ملحداً، أنا يساري". ولذلك وجدنا كل الأصناف وعرفنا من هذا أننا لا نتعجل في الحكم على أحد من الناس في الظاهر. نسمع إشاعة أن فلاناً معيناً ليس منضبطاً وليس متديناً، وإذا
به أفضل من يكتب في هذا الموضوع. حدث هذا مع نجيب محفوظ، وحدث مع طه حسين. عندما قرأناه بتمعن وجدنا نجيب محفوظ يدافع عن هوية الإسلام ويدافع عن الحضارة الإسلامية ويدافع عن جزء أساسي مكوّن في الهوية المصرية. تنقسم الهوية المصرية إلى عروبة وإسلام، فإذا كان يدافع عن هذه الهوية، فمن أين أتى الناس بهذا الأمر؟ لقد أتوا به من قصة أولاد حارتنا. حسنًا، ولماذا ألف نجيب محفوظ أولاد حارتنا هذه؟ نقرأ ونقرأ
أولاد حارتنا ونقرأ غيرها، ونجد أنها عمل أدبي وليس عملًا فلسفيًا، وليس الرجل يعبر عن فلسفته في الحياة. طيب أنت إذا كنت تدافع عن نجيب محفوظ، فهل أنت لست معنا؟ لا، لقد حدث غير ذلك. أنا أتذكر عندما توفي نجيب محفوظ رحمه الله، فذهبت وقد أوصى بأن أصلي عليه في مسجد سيدنا الحسين، فذهبت إلى مسجد سيدنا الحسين لأصلي عليه، فوجدني أحد الصحفيين الشباب. قال لي: "يعني أفهم من حضرتك أن الأزهر غيّر موقفه من نجيب محفوظ؟" فقلت له: "يا بني، الأزهر عمره ما كان له موقف من نجيب محفوظ، هذا أنتم الذين تقولون هكذا. أين ورقة صدرت
من الأزهر أو قرار صدر من الأزهر أو تقرير صدر من الأزهر ضد نجيب محفوظ؟" وكان واقفاً الأستاذ جمال الغيطاني وغضب جداً من الشاب وغضب من سؤاله، فأنا حاولت أن أهدئ البال وقلت له: لا، واحدة هو فعلاً ما فيه أي قرار ولا أي تقرير، والأستاذ أحمد كمال أبو المجد وهو عضو مجمع البحوث الإسلامية عندما قدّم لأولاد حارتنا قال: إنه عمل روائي وليس فلسفياً أجرينا دراسة وأنا أحب الإحصاءات بعض الشيء، قمنا بدراسة مجموعة من الشباب بلغوا ستة آلاف شاب في الوطن العربي، ورصدنا أسباب استيائهم من الدين،
وجمعنا آراءهم ووجدنا أن هناك ستة وخمسين سبباً يجعل الشباب مستائين من الدين. سألت أحدهم: "لماذا أنت مستاء من الدين يا بني؟" فأجاب: "والله الشيوخ تصيح وأنا لا أحب الصوت العالي. قال: "فقط هكذا. أول ما أرى شيخاً أجده ذو لحية كبيرة وعابس الوجه وغير مرتب في ملابسه، فأذهب لأغلق التلفزيون". حسناً، وماذا أيضاً؟ قال أحدهم: "والله أنا غير مقتنع بالدين، فالدين يقيدني. أبي يقول لي صلِّ، وأمي تقول لي توضأ، وآخر يقول لي صم. أنا أريد سبّبه عشوائيا، والثالث يعني إذا كان هذا غاضباً من الدين لأن الدين فيه
قيود أو فيه تكاليف، والثالث يقول في الحقيقة أنني كنت أدعو ربنا وبعد ذلك ربنا لا يستجيب لي، كلما دعوته كلما لا يستجيب لي، فهذا السبب الذي جعلني غاضباً من فضله. الرابع قال سبعة وستة وخمسين. سبب مثل هذا أنني غاضب من الله. أنا أعلم أنه موجود وكل شيء، لكنني غاضب منه. غاضب لماذا؟ قال لأنه دون سبب أخذ أخي حبيبي شقيقي توأم روحي. لماذا أخذه؟ دخلنا عليه فإذا به قد مات. ففهموا لي أن الله هو الذي أخذه إليه، وأنا غاضب، أنا غاضب. أنه أخذ أخي. طيب، وأنت لماذا تشعر
بالاستياء؟ قال: أنا مستاء لأنني أشعر أن الشيخ يتدخل بيني وبين جلدي، يعني يراقبني، بمعنى أن كل أنفاسي محسوبة علي، وأنا لا أحب هذه الطريقة. أريد أن أعبد ربنا مباشرة، لماذا هكذا؟ طيب، وأنت لماذا تشعر بالاستياء؟ قال السادس: أنا مستاء من ربنا لديه قضية النار هذه، الله رحيم، فلماذا يخلق النار ويعذب فيها الذين لا يصلون أو الذين يسرقون أو غيرهم؟ ما دام قد خلقنا فيجب أن يرحمنا. أرى أن فكرة كونه رحيماً تتعارض تماماً مع فكرة أنه سيعذب العصاة أو
الملحدين أو غيرهم. آخره فإن هذه الحكاية تسبب لي تناقضاً، وهذا التناقض يسبب لي الحيرة ويسبب لي البعد عن ربنا أو البعد عن الدين. السبعة والخمسون سبباً أو الستة والخمسون سبباً التي أتحدث عن بعضها، الغريب فيها أنها كلها تُقر بوجود الله، وعلى فكرة نسبة هؤلاء الجماعة الذين هم غاضبون من الدين أو غاضبون من الله أو غاضبون من الإسلام اثنا عشر ونصف في المائة من الستة آلاف شخص الموجودين في العالم العربي، عندما تبحث في الأسباب الستة والخمسين هذه تجدهم معترفين بوجود
الإله، يعني لا يوجد إلحاد فلسفي، سبب واحد فقط عند بعضهم وهذا لا يتعدى إطلاقاً، يعني واحد من عشرة في المائة الذين يقولون: "أنا لدي أسباب فلسفية، وهي أن هذا الكون مبني على الفوضى وأنه لا يوجد إله". كلهم يظهرون مؤمنين بالإله ولكن غاضبين من الدين. إذاً يجب علينا أن نتفهم هذا ونعرف أن عصرنا يحتاج إلى مزيد من الحوار ومزيد.
من الاطلاع ومزيد من القلب المفتوح إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.