#شبابنا | الحلقه الرابعة عشر | الشباب والعمل

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أهلاً وسهلاً، الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات شبابنا. اليوم نتحدث عن مجموعة من الأسئلة تتعلق بالشباب والعمل. السؤال... هل تتناسب مخرجات التعليم مع سوق العمل في الوقت الحالي؟ الحقيقة
أنها لا تتناسب، والأزمة بدأت منذ بداية القرن العشرين عندما حاول دنلوب أن يجعل مخرجات التعليم خاصة بالوظائف الحكومية الإدارية الروتينية، فلم يهتم اهتماماً بليغاً بحاجة السوق من التعليم الفني والتعليم الحرفي والتعليم الزراعي إلى آخره، وظن العالم وهو... وكأنه يعني مستشار التعليم البريطاني في مصر يرسل تقاريراً إلى دولته المستعمرة لمصر لمدة قد تفوق الاثني عشر سنة في اثني عشر تقريراً صدر من دنلوب في
هذه الأوقات. وحاول دنلوب أن يحوّل التعليم المصري من اللغة العربية كما حرص على ذلك محمد علي باشا بالرغم من أنه هو الذي إلى إيطاليا ثم إلى فرنسا وأبنائه بعد ذلك وأحفاده إلى ألمانيا، البعثات العلمية المتكاثرة التي أنشأت مصر الحديثة في القرن التاسع عشر. إلا أنه بدأ تعليم المواد كلها في المدارس باللغة الإنجليزية. طبعاً كان لذلك آثار إيجابية وآثار سلبية. من ضمن هذه الآثار الإيجابية أنه أنشأ جيلاً قادراً على الاطلاع على الآداب الغربية وعلى
الفلسفة الغربية، وهذا الجيل كان متمكناً من اللغة الإنجليزية بحيث أنه انكشف له الحال كثيراً، في حين أن أجيالاً بعد ذلك لم يكن لها نفس التمكن بهذا الانتشار الواسع من اللغة الأوروبية، لكن في نفس الوقت كان له آثار سلبية وأثرت كل هذه السياسة في الخلل الحادث بين التعليم وسوق العمل كان من آثار الاستعمار، وعندما جاءت فترة ما بعد ثورة يوليو أيضاً كانت هناك فجوة بين هذا وذاك، ولكن هذه الفجوة هذه المرة كانت بسبب انشغال مصر بالحالة الخارجية. فقد اهتممنا بأفريقيا
واهتممنا باليمن واهتممنا بفلسطين، والمقصود ليس هو الاهتمام بالخارج أما الاهتمام... بالخارج على قدرٍ معين هو جزءٌ من إصلاح الداخل، لكن عندما نتورط في حربٍ هنا وحربٍ هناك، يحدث خللٌ في الاقتصاد، ومن الخلل في الاقتصاد تنشأ الحاجة إلى ترتيب الأولويات. وكنا في شبابنا نسمع عبارة "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، وهذا بعد هزيمة سبعة وستين بالطبع، لا صوت يعلو. فوق صوت المعركة هذا كلام سليم، ولكن هذه حالة غير جيدة لأن معنى هذا تأخير التعليم وتأخير الأنشطة الاجتماعية وتأخير ألف مائة الآداب وتأخير الحالة
الدينية في البلاد، لأن الكل مستعد لأن يخوض المعركة لتحرير الأرض والدفاع عن العرض والوطن وهو أمر لا بد منه وليس أمامنا حل سواه، ولكن ما الذي أوصلنا إلى هذا؟ سياسات غير حكيمة قبل ذلك هي التي أودت بنا إلى أن نضطر اضطراراً إلى هذا الحال، ونحن داخل هذه الحالة كان يتوجب علينا أن نفعل ما فعلنا إلى أن انتصرنا في سنة ثلاثة وسبعين، ونتكلم عن ما هو دور الدولة في وضع خطة للقضاء على الدولة مسؤولة عن قضايا الصحة ومسؤولة عن قضايا البطالة. والحقيقة أن هناك إحصاءات رسمية أو شبه
رسمية تقول إن نسبة مشاركة الشباب في قوة العمل بلغت في مصر اثنين وخمسين في المئة، ونسبة البطالة بلغت تسعة عشر في المئة بين النساء وخمسة وستة من عشرة في المئة بين الرجال. هذه تسمى النسب الأكاديمية، بمعنى أن الواقع قد يكون أكثر من هذا. بمعنى آخر، إن هذه النسب هي نسب العينات التي أُخذت بطريقة علمية نعم وكل شيء، ولكنها لا تعبر عن البطالة الخفية التي يعيشها الشباب والتي أوصلها بعضهم إلى اثني عشر في المائة. النبي عليه الصلاة والسلام. نبّهنا تنبيهاً عظيماً
جداً في قضية الشباب والعمل أنه يريد أن كل المجتمع يعمل ويعمل فوراً ويعمل حتى لو كان معدماً، وتذكَّر هذا الرجل الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله: "أنا أريد أن آكل، لا يوجد طعام"، فقال له: "أعندك شيء؟ اذهب فائتني به"، وهذه موجودة الاستدامة الدائمة أن يقولوا: حسناً، ماذا تملك أنت؟ فلا بد أنك حتى تبيع ما تملكه وتعمل، لا بد أن تعمل. والعمل ليس في رفاهية، بل العمل جهد وتعب ومجهود. وهنا يأتي أثر عرض السلعة على الزبون، وأن
أناساً يريدون أن يصلوا إلى كل شيء من غير أي مجهود أصيبوا بالسوداوية بالتربية والتعليم، وهل مسؤولية الدولة التعليم والصحة والبطالة أيضاً، فقال له: اذهب وأحضر ما لديك. فأحضر له قدحاً، أي كوباً من الصفيح، وحبلاً قديماً ومرتبة من الليف، فباعهم النبي عليه الصلاة والسلام بالمزاد. فلما باعهم بالمزاد، حصل على درهمين. والدرهم كان يزن اثنين جرام وتسعة أعشار من الفضة، يعني... شيء بسيط جداً الآن، قال له: "حسناً، خذ واشترِ حبلاً واشترِ شيئاً مثل القادوم أو الفأس، واصعد إلى الغابة، وأحضر بعض الفروع وبعض الخشب وبِعها للناس". فالرجل فعل ذلك وباع المنتج
الذي صنعه، باعه في اليوم الأول، وبدأ يوفر ما كسبه من يومه، فليس هناك رفاهية إطلاقاً. أصبح ولكن بالرغم من ذلك عمل وظل هذا الرجل يعمل ويجمع ويأكل واستغنى عن السؤال واستغنى عن التسول وأصبح عاملاً في المجتمع على قدر استطاعته وفي حدود كفاءته، لكن هذا هو ما جعل المصريين يقولون: "اليد البطالة نجسة". نريد أن نعمل، بعض الشباب لا يستطيع أن يعمل إلا الذي على الرجل هذا ليس من رغبته أن يذهب ويبذل كل هذا المجهود، ولم يكن هذا الرجل راغباً في أن يبيع أثاث بيته الذي هو لا شيء أصلاً، ولم يكن هذا
الرجل راغباً في أن يذهب فتصبح يده خشنة من العمل، والنبي عليه الصلاة والسلام يمسك يداً خشنة من العمل ويقول. هذه يد يحبها الله ورسوله. يجب أن نتخلص من بعض آمالنا وطموحاتنا ورغباتنا وخيالاتنا وشهواتنا لصالح ألا نبقى بدون عمل. خمسة في المائة أو ستة من عشرة من الشباب بالتحديد، والتسعة عشر في المائة من الفتيات بالتحديد، هؤلاء يجب عليهم أن يعملوا حتى بعيداً عن عين الرفاهية. لا بد أن يقلب رزقه، تأثير حالة البطالة على الشباب. طبعاً عندما يستيقظ
أحدهم في الصباح وليس لديه عمل وليس لديه أي شيء، فإنه سيذهب ليفسد في الأرض أو سيصبح كسولاً مثل الدب الكسول، جالساً لا يرضى أن يتحرك، أو أن ما يتعلمه هو نسيان الحياة. لا تكون لها لذة إلا بالاندماج في العمل. فيه مشاكل وفيه ضغط عصبي وفيه مجهود بدني وفيه أناس سنواجههم في العمل لا يحبوننا وهناك أناس يحبوننا إلى آخره، لكن كل هذا يهون لأن البطالة تؤدي إلى الفراغ والوحدة والوحشة. نريد أن نكسر هذه الدائرة ونخرج
بأي طريقة كاملة حتى وإن لم تكن فيها رغبتنا أو حتى لو لم تكن فيها شهوتنا ولا خبرتنا ولا كفاءتنا، فإننا لا بد أن نعمل حتى نعوّد أجسامنا وشخصياتنا على العمل. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما شاء الله،