#شبابنا | الحلقه السابعة عشر | الشباب والحب

#شبابنا | الحلقه السابعة عشر | الشباب والحب - شبابنا
بسمِ الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات شبابنا. حلقة اليوم عن الشباب والحب، وكثير من الشباب يسأل: هل الحب حرام الحب شعور قلبي، هذا الشعور القلبي لم يحاسبنا
الله سبحانه وتعالى عليه، إذًا فلا يوصف الحب بأنه حلال أو حرام. شخص وجد نفسه يحب فتاة أو فتاة تحب شابًا، الحب نادر، ولذلك عندما يوجد في الكون فهو شيء جميل، إنما ربنا حدد لنا معالمه وقال لنا هذا حلال وهذا. حرام في السلوكيات، ولذلك الحب إذا تعارض مع الحلال والحرام، وهو في نفسه طبيعة، والله سبحانه وتعالى لم يخلق في الإنسان شيئًا وحرمه عليه، ولكن يحرم عليه السلوك الناتج عنه. ولذلك يقول
سبحانه وتعالى: "والكاظمين الغيظ"، ولم يقل: "الذين لا يغضبون"، لأنه ليس هناك أحد لا يغضب، فالغيظ شيء خلقه فيكون لا يحاسبنا عليها وإنما يحاسب أن الغيظ لا يتملكني، فأؤذي الذي أمامي. يحاسبني إذن على الأذية، أما الحب فلا يحاسبني عليه في حد ذاته. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عشق فعف فكتم فمات، مات شهيداً". وهذا معناه أن هناك شخصاً أحب أحداً، مثلاً أحب امرأة، اكتشفت أن هذه السيدة متزوجة، فيجب عليه أن يكتم هذا الحب وألا يبوح به لأن هذه السيدة ليست من حقه، ولا ينبغي
له أن يسعى لخراب بيتها من أجل أن يتزوجها مثلاً. هذا هو الحرام، أما حدوث العاطفة التي تكاد أن تهلكه في قلبه فلا حكم له، يعني لا يوجد لا، ليس حراماً. الحرام هو أن تتصرف بموجب هذا الحب الذي في قلبك في شيءٍ حرام. وقد مرت علينا أمثلة كثيرة جداً في هذا المجال، مرت علينا أمثلة في أن شخصاً أحب فتاة وهي أحبته، وبعد ذلك اتضح أنهم إخوة في الرضاعة. الله سبحانه وتعالى في شريعة الإسلام حرَّم زواج أخته في الرضاعة، فلما جاء سأل قلنا له: لا. قال: لكنني أحبها كثيراً. كن محباً
لها كثيراً وهي تحبني، ولتكن هي محبة لك كثيراً، ولكن بالرغم من ذلك لا تتعدَّ حدود الله وتتزوج أختك، فهذا حرام. هذا الشخص الذي جاء وسأل لم يستطع أن يوقف حبه ونحن ما... لم نخبره بالمناسبة أنه توقف عن حبه، وإنما هو وهي هربا من مصر لكي يتزوجا خارج مصر. هذا هو الحرام، حيث بدأا يقعان في الحرام. فإذا كان الإنسان يحب، والحب من عند الله والحب أمر جميل، ولكن لا يجعل نفسه نهباً لهذا الحب بحيث أنه يرتكب المحرم أو يرتكب الخطأ. من
الصحابة رجل اسمه مغيث، وكان مغيث عبدًا، وكان متزوجًا من امرأة عابدة أيضًا اسمها بريرة. كانت بريرة تخدم السيدة عائشة، وكانت هي التي تقوم بأعمال البيت تقريبًا من تنظيف وطبخ وغسل وكل شيء. فالسيدة عائشة أحبتها، أحبت بريرة. وكانت بريرة وهي متزوجة من مغيث ربما كان عندها منه حوالي رأت السيدة عائشة أن من البر أن تشتري بريرة من أصحابها وتعتقها لوجه الله كمكافأة لها على خدمتها الطويلة والقيام بشؤون البيت بهذا الاهتمام، وفعلاً فعلت
السيدة عائشة ذلك. وحينها قال أهل بريرة أو أصحابها: "حسناً، سنعطيها لك لكن لنا الولاء"، مسألة الولاء هذه. كانت ماذا؟ كانت أن بريرة لو أنها بعد ذلك كسبت وأصبح لديها مال وماتت، فإن المال الذي تملكه يذهب إليهم، وليس إلى السيدة عائشة. طبعاً، الولاء لمن أعتق وليس لمن امتلك أولاً. المهم، ذهبوا فسألت رسول الله، فقال لها: "لا، ليس لهم حق"، وعلّمهم هذا العلم، وبالفعل وافقوا. وأصبحت بريرة تابعة للسيدة عائشة ثم أعتقتها السيدة عائشة. بريرة أول ما أُعتِقت يبدو أنها كانت لا تحب مغيثًا، لكن مغيثًا كان يحبها. وبعد
ذلك أصبح مغيث الآن عبدًا وهي حرة، وهذه الحالة موجودة في الفقه وفي الأحكام أن من حق بريرة أن تختار إن كانت ستكمل معه أو تنفصل الانفصال مؤلم، كاد أن يُجنَّ عقله لأنه يحبها حباً عجيباً جداً وعشقاً لا مثيل له. فكان يمشي بائساً مسكيناً في طرقات المدينة وهو يبكي، لدرجة أن سيدنا عمر رآه مرة وهو يبكي هذا البكاء المر ويقول لهم: "هل من أحد يكلم بريرة؟ هل من أحد يقنعها؟ هل من أحد يقول غاضب مني في ماذا وأنا تركتهم، وعمر ذهب إلى رسول الله وقال: ألا ترى يا رسول الله ماذا فعل الحب بمغيث؟
كاد يفقد عقله. فقال: نعم يا عمر. قال: ولكن لم تُخبره. انتبه الآن أنه سيدنا رسول الله، يعني هو وبيته عائشة عليها السلام، يعني لهم فضل على... بريرة ولهم فضل على عتقها، وهكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "يا بريرة، ألم تري كيف يحبك مغيث؟" قالت: "أتأمرني أم الأمر لي؟" قال: "بل الأمر لك، إنما أنا شافع". أنا أتشفع فقط لماذا؟ لمغيث لأن قلبه يتألم. قالت: "أما هكذا فلا". يعني يظهر أنها كانت غاضبة منه غضباً شديداً لدرجة أنها رفضت وصايا سيدنا رسول الله، ليس لأنه سيدنا رسول الله فقط، بل
أيضاً لأنه صاحب منّة وفضل عليها، فهو سيدها، وزوجته صاحبة منّة وفضل عليها، يعني هذه الأسرة هي التي صنعت بريرة، ولكن بريرة يظهر أنها كانت غاضبة من مغيث جداً، ولذلك لم ترضَ أن ترجع إليه، وهنا عليه الصلاة والسلام قال هذا الحديث، قلَّة بعضهم يضاعفونه، لكنه ليس ضعيفاً في الحقيقة، بل هو حسن: "من عشق فعف فكتم في قلبه، هكذا ولم يرضَ أن يفعل الحرام، فمات، مات شهيداً". يصبح إذاً هذا فضل كبير جداً لهذا الحب، ولذلك نرى أن الصوفية والناس الذين كانت قلوبهم ضارعة. كانت مهتمةً جداً بقضية الحب، رأينا جلال الدين الرومي وهو يؤلف كتبه كلها
قائمة على حكاية الحب، عندما تُرجمت كتب جلال الدين الرومي إلى الإنجليزية، دخل كثير من الناس في الإسلام لأن مدخل الحب هذا مدخل مهم جداً، لذلك فالشاب الذي يسأل هل الحب حلال أم حرام، نحن نقول له... الحب قضية من عند الله ليس فيها حلال وحرام، فالحلال والحرام يأتيان في السلوكيات المترتبة على هذا الحب. الذي يحب لا يكره، هكذا قال الحكماء. الذي يحب شخصاً، وذلك للتمييز بين الحب والإعجاب، بين الحب والشهوة، بين الحب والرغبة في التملك، بين الحب... الحقيقي عرفوه وقالوا: الحب عطاء. والحب دائم،
ولذلك الإنسان الذي يحب لا يكره أبداً. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.