#شبابنا | الحلقه السابعة و العشرون | الشباب و ادارة الازمات

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات شبابنا. في هذه الحلقة نعالج قضية مهمة وهي الشباب وإدارة الأزمات الإدارية. مهمة
في حياة الإنسان، وعندما تغير البرنامج اليومي للإنسان ابتداءً من القرن التاسع عشر وامتداداً إلى يومنا هذا، اخترع الناس مجموعة العلوم الاجتماعية والإنسانية من أجل تفسير الواقع. كانت كل هذه العلوم الاجتماعية والإنسانية مندرجة تحت الفلسفة، أشار إلى كثير منها أرسطو في كتابه الكبير الأرجانون العظيم، وعندما ألف ابن سنة كتابة الشفاء في أكثر من اثنين وعشرين مجلداً فإنه أشار إلى ذلك أيضاً إلى مجموعة تتكلم عن تدبير المنزل
فيما بعد سميت بالاقتصاد أو تتكلم عن الاجتماع البشري كما خصص له ابن خلدون كتابه ومقدمة تاريخه وبعد ذلك أصبح علم الاجتماع أو تتكلم عن السياسة أو تتكلم عن نحو. هذه المواضيع التي استقلت بعد ذلك بكونها علماً ومن ضمن هذه العلوم الإدارة. لاحظ الناس أن الإدارة هي كل شيء، والإدارة العلمية هي سبب النجاح، ومن هنا اهتموا اهتماماً بليغاً بالإدارة. بدأت الإدارة تتبلور ويُكتَب فيها ابتداءً من أوائل القرن العشرين،
ولكن فجأة بدأت تتوسع وتنقسم إلى علوم، فرأينا مثلاً... العلوم السلوكية وهي علوم منتسبة إلى علم النفس تدخل في علم الإدارة، العلاقات الإنسانية في العمل تدخل في علم الإدارة، بمعنى التخطيط والتنظيم والتطبيق والرقابة تدخل في علم الإدارة، بمعنى التوقيت والحركة، وكان أفضل من كتب في هذا أو اكتشف هذا هو تايلور، هذا رجل أمريكي لاحظ أن ترتيب وضع المونة
وترتيب وضع قوالب الطوب يجعل البناء أسرع وأتقن، فبدلاً من أن يضع المونة على يمينه والطوب على شماله، وضعهما له في جهة واحدة وجعلهما من جهة واحدة، وبدلاً من أن يلتفت وفَّر أكثر من نصف الوقت. هذه المسألة المتعلقة بالتوقيت والحركة أحدثت أزمة لأن الرجل الواحد بكل بساطة قاس ثلاثة، فاستغنى صاحب العمل عن الاثنين الآخرين لأنه يدفع لهم وهم لا يعملون، فثار العمال على تايلور. وكانت حينها هناك
توجهات لإنشاء من يدافع عن العمال الذين تبلورت مطالبهم فيما بعد في صورة النقابة، أو تطورت هذه المجموعات إلى النقابة: نقابة العاملين، نقابة الأطباء، نقابة المهندسين، إلى... في النهاية، إدارة الأمور بهذه الطريقة يجب على الشباب أن يتعلموها، ومن ضمن ما يجب على الشباب أن يتعلموا في هذا المقام إدارة الأزمات. إدارة الأزمات لها فن ولها خطوات، وكثير جداً من الإداريين يديرون في حالة السلم وليس في حالة الأزمة، فعندما تحدث أزمة تكون مؤلمة للغاية،
تكون شديدة على المجتمع وعلى الناس إدارة الأزمات من الإدارات التي يجب على الشباب والشباب خاصة أن يتعلمها وأن يهتم بها، كيف يسد الفجوة وكيف يتعامل مع الأزمة في مرحلتها الأولى ثم في مرحلتها الثانية ثم في مرحلتها الثالثة. وهذا يجعلنا ندرس ما قبل الأزمة وأسباب الأزمة وندرس نفس الأزمة وندرس حلولها. هذه الأزمة وندرس آثار هذه الأزمة وكيف نتغلب فيها وعليها. الشباب يجب أن يمسك بهذا، لماذا؟ لأن أزمات كل عصر وكل زمن مرتبطة
بالثقافة السائدة، يعني مرتبطة بالشباب. يعني المسنون لا يجيدون إدارة الأزمات، قد يجيدون إدارة أزمات عصورهم بالمفاهيم المستقرة المدرب عليها، ولأن الإنسان ليس في أزمات دائمة فإنه... بتجاوز الزمان نتجاوز هذه الأزمات والمشكلات، وندخل في أزمات جديدة ومشكلات جديدة تحتاج إلى هذا الواعي الساعي للعصر. من هو هذا الواعي الساعي؟ هو مرحلة الشباب، وهم الشباب. إذاً عليه مسؤولية كبيرة بعدم الاستهانة بالأزمات، وبدراسة الإدارة العلمية حتى يصل بها إلى
حلول معقولة. والإدارة مهارة أصلاً، ولكن هي... عنصر النجاح: كان رئيس إحدى الشركات الكبيرة جداً في أمريكا يقول: "خذوا منا كل الأموال وخذوا منا كل شيء، سنعود كما كنا بعد عشر سنوات"، وذلك لأننا نتبع الإدارة. حتى في عمل الخير يجب علينا أن نتبع الإدارة، وأن نخص الإدارة الفعالة وإدارة الأزمات وإدارة العلاقات الإنسانية المبنية على منظومة. القيم في المجتمع وعلى منظومة الأخلاق في النفس البشرية، الشباب وإدارة
الأزمات عنوان ينبغي عليك أن تستوعبه وأن تبدأ من الآن في البحث عن معانيه، عن أركانه، عن كيفية تعلمه وكيفية التدرب عليه. يُحدِث فارقاً كبيراً معك في حياتك، ومن الناحية النفسية لن تُصاب بالضرر إذا كنت تعرف كيف تتغلب بإحباط يسأل قائلاً: كيف تستطيع الدولة أن تساعد الشباب في تحقيق طموحاته الخاصة؟ يكون ذلك عن طريق ما يُسمّى بالتنمية البشرية. والتنمية البشرية مجال دخل إلينا، ونحتاج إلى مزيد من
انتشاره في أماكن كثيرة جداً، وهو مجال ينبغي أن تهتم به وزارة الشباب من أجل إيصال هذه المعاني. إلى عموم الشباب، لدينا عشرون مليون شاب تتراوح أعمارهم من ثمانية عشر إلى تسعة وعشرين عاماً، وهم على استعداد، أي لديهم قابلية، أي أن السن يسمح لهذا التدريب في التنمية البشرية. هذا التدريب في التنمية البشرية هو الذي سيُعِدّ هؤلاء الشباب، والدولة لديها أماكن كثيرة جداً تستطيع من خلال المراكز الاجتماعية والساحات الشعبية وأماكن المحاضرات في كل
المحافظات، بل وفي كثير من القرى، أن تقوم مراكز الثقافة وما إلى ذلك بإيصال تدريب عملي في صورة تعليم وفي صورة محاضرات إلى الشباب. سؤال آخر يقول: هل الشباب مهيأ للعمل تحت ضغط وبموجب أي أسماء أو طريقة تواجهه؟ الحقيقة، شباب مصر... واعد وشباب مصر مرّ عبر التاريخ بأزمات كثيرة واستطاع أن يتجاوزها، وهذا شباب وكأنه شباب حيَّر العالم، كيف مع كل هذه الأزمات المتتالية إلا أنه يتعداها؟ إنه الإيمان، إنه الطمأنينة
القلبية وخبرة الزمان عبر التاريخ. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.