#شبابنا | الحلقه السادسة و العشرون | الشباب و الانترنت

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات شبابنا. واليوم نتحدث عن الشباب والإنترنت. كثير من الآباء والأمهات قلقون على... اتصال الشباب المفرط بالإنترنت،
والنبي صلى الله عليه وسلم علمنا دائماً الوسطية، فقال تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً"، وقال: "فليعبد أحدكم ربه بقدر طاقته". قال تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"، فدائماً نرى القرآن والسنة وهما يدفعاننا إلى أن هذا الدين تَوَغَّل فيه برفق إلى المعتدل وعدم التطرف في أي شيء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هلك المتنطعون، هلك المتنطعون". المتنطعون هم الذين - بلغة الشباب التي اقتبسوها من الإنجليزية
- يتصرفون بشكل مبالغ فيه (أوفر). "مأظور" تعني أنه يفعل أشياء زائدة عن الحد اللازم، فعندما يجلس على إنّنا نعوّده على أن يجلس مدةً محددةً، عشر دقائق ثم عشرين دقيقة ثم ثلاثين دقيقة، ولا تزيد عن ساعة، أو ثلث ساعة، أو ربع ساعة وهكذا. لا تجلس اثنتي عشرة ساعة على الإنترنت وأنت تغوص فيه، فإن هذا سيؤدي بك إلى أمور سلبية وإلى كثرة المعارف على ذهن العارف. تماماً مثلما عندما تحضر كوباً وتملؤه بالماء فيفيض منه، هذا الفائض تعطيه أنت ولم
تحتفظ به لأن الكوب له سعة محددة، والإنسان أيضاً له سعة. الإنسان الذي لديه قدرة محدودة، لديه طاقة وقدرة على الاستيعاب. هذا يمتلك ذهنية سطحية، تمر أمامها الأشياء وهو كأنه منوم تنويماً مغناطيسياً، أي يصدق فيهم. وتحسبهم سكارى وما هم بسكارى يعني أمامك كأنه سكران وهو ليس سكران ولا شيء لأنه يحملق بعينيه وفي حالة من الإجهاد الذهني والعصبي وهذا يجعله قابلاً لتلقي أي شيء بالإضافة إلى ما يسمى بإدمان الإنترنت بأنه لا
يستطيع أن يمنع نفسه منه توغل فيه فغرق في الإنترنت النبي عليه. الصلاة والسلام عليه يقول أيضاً: "أحبب حبيبك هوناً ما" أي شيئاً فشيئاً، ويقول: "أبغض بغيضك هوناً ما" أي شيئاً فشيئاً. هذا يعني ألا تتطرف في الحب وفي البغض وفي العمل وفي العبادة أبداً، بل كن على حال تدوم. فكان يقول: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل"، وهذا هو صلب السؤال يقول: هل الإنترنت أثّر بالسلب على حياة الشباب أو أثّر بالإيجاب؟ مثل هذه الأسئلة ليست أحادية الإجابة. فقد
أثّر بالسلب في جانب وأثّر بالإيجاب في جانب آخر. الإنترنت علّم الناس أن يتواصلوا مع بعضهم، ويُعلّم الناس الآن شيئاً آخر موجوداً في العالم لكنه ربما غير موجود في بلادنا حتى قَبول الاختلاف عندنا: المختلفون يشتمون بعضهم ويغضبون من بعضهم، لكن في العالم يناقشون ويستمعون ويتحدثون دون هذه الشتائم، وهذا ما نرجو أن يتعلمه الناس، وهو ما يُسمى بأدب الاختلاف. أدب الاختلاف يؤدي إلى الاستفادة من الآخر، لأنني عندما أستمع جيداً، أعرف أين النصيحة
وكيف أطبقها، لكن عندما لا... أستمع وأجلس كأنني سأرفض كلامه حتى لو اشتمل على أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر أو نصيحة في الدين أو في الدنيا، خلاص أنا أغلقت عليه. ولذلك عندما يقول النبي "الدين النصيحة"، علينا أن ننتبه أنه يريدنا أن نسمع، ودائماً كان يدعونا للسماع، وأن نسمع ونستمع، أي نستمع بتدبر يعني لا نضع حاجزاً بيننا وبين الآخر. الإنترنت يمكن أن يؤدي بالناس إلى أن يعلمهم الهدوء الذي يُبنى عليه أدب الاختلاف، وأدب الاختلاف يُبنى عليه الاستفادة والفهم من
ناحية، ويُبنى عليه التعايش من ناحية أخرى. هذا التعايش لا يأتي إلا بالبحث عن المشترك، ومتى أتعايش مع الناس الذين حولي. عندما أجد شيئاً مشتركاً بيني وبينهم، ربما شخص مصري ولكن ليس على ديني، لكن المشترك الذي بيني وبينه هو أنه مصري. عندما جلستُ مع بعض الناس الذين يتبنون الإلحاد، قلت له: "حسناً، تعال، أنت تتبنى الإلحاد، يجب أن أبحث عن شيء مشترك بيني وبينك، ما الشيء المشترك الذي بيني وبينك؟ الاثنين مصريان وأسألك سؤالاً واضحاً له علاقة بقضية الإلحاد: أتحب مصر أم لا؟ قال لي: أحبها. قلت له:
حسناً، وأنا أحب مصر. أتحب هؤلاء الناس، هذا المجتمع؟ قال: نعم. إذن لماذا أدعوه إلى الإلحاد؟ ما دمت أحبه. قلت له: جميل جداً، إذاً المشترك الذي بيني وبينك... هي مصر والمشترك الذي بيني وبينك هو الإنسانية. هيا نرى هل كلامك سيفيد مصر والإنسانية أم كلامي هو الذي سيفيد مصر والإنسانية. هذه الطريقة أشعرته بأنني لست أتشاجر معه وإنما أناقشه. أنا لا أريد أن أحرقه بنار جهنم ولكنني أريد أن نتفاهم ونصل إلى التعايش، وفي النهاية أنا... أقول له إن ما تفعله هذا بالرغم من أنه ضد قناعتي وضد حياتي وضد
كذا إلى آخره، إلا أنه ضدك أنت أيضاً لأنك وأنت تحب مصر وتحب الإنسانية التي تقول إنك تخشى على مصر والإنسانية بالبطلان، أمثال هذه المناقشات التي علمتنا أدب الاختلاف والتي علمتنا التعايش تعلمنا الصبر وتعلمنا. الحجة أنني أريد أن أوضح شيئاً لم أكن قادراً على صياغته من قبل بخصوص الشباب والإنترنت. هل الإنترنت له تأثير سلبي أم إيجابي؟ له جانب سلبي وجانب إيجابي. الجانب السلبي أنه يستحوذ على عقل الشاب ويجعله سطحياً، أما الجانب الإيجابي فهو أنه عندما يدخل إليه بقدر محدود يتعلم أدب الإختلاف والتعايش والصبر ويتعلم يتعلم الاستفادة
من الآخر والتعلم من ذلك، كل هذه المعاني التي نقولها ولكن بالاعتدال، بالوسطية، وليس بالإفراط. ولا التفريط ويقول: هل أصبح الإنترنت موجهاً لفكر الشباب؟ بعض الناس يريد هذا، وبعض الناس يدعو إلى هذا ويعمل لأجله، بحيث يصبح الإنترنت، بدلاً من أن يكون مصدراً يكون موجهاً موجهاً للأذهان والتصرفات والأحوال حينئذٍ. سنكون نتعامل مع أجندة لها هدف ولها أساليبها، وهذا يعني أنك تُستعمل في مساحة يستعمل تُستعمل في
هذا التوجيه. وفي النهاية هو يُستعمل في هذه المساحة فقط وليس في كل الإنترنت في توجيه الشباب فعلاً. ولذلك ونحن نتعامل مع الإنترنت، نحاول أن نكون أصحاب رؤية نقدية وعقل. مستقل نقرأ نسمع نستوعب نربط نسترجع نستنتج ثم يكون لنا رأينا في نموذجنا المعرفي. هل حياة الشباب أصبحت مرتبطة بالإنترنت؟ كثير جداً من الشباب أصبح مرتبطاً بالإنترنت، ولذلك أنا لا أقول لهم اتركوا الإنترنت، بدعة، الإنترنت حرام، الإنترنت كذا إلى آخره، وإنما أقول له أحسن
استغلاله وأحسن التعامل معه. واستعمله لمصلحة بلادك ولمصلحة وطنك ومواطنيك الذين يقولون عنها البلاد والعباد. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.