#شبابنا | الحلقه العشرون | الشباب والاباء

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات شبابنا. اليوم نعالج مسؤولية الآباء، أي الشباب في حالة الأبوة. نحن ذكرنا... أن
الشباب من ثمانية عشر إلى تسعة وعشرين، يتزوج الشاب عند الواحد والعشرين أو الاثنين والعشرين أو الثلاثة والعشرين، فأصبح بعد قليل أو أصبحت بعد قليل إما أباً أو أماً، فهل يُرى الشباب قادراً على قيادة هذه الأسرة؟ قديماً كانوا يتزوجون مبكراً لدرجة أن الإمام الشافعي قال أنه وجد جدة في اليمن عندها. أربعة وعشرين سنة وهي جدة، يعني هي تزوجت وأنجبت، وابنتها تزوجت وأنجبت، فأصبحت هذه جدة، وهذه الجدة عندها أربعة وعشرين سنة. وفي الإحصاءات والأرقام القياسية العالمية، وجدوا
أن أصغر جدة كانت في القرن العشرين ثمانية وعشرين سنة، يعني أيضاً أربعة عشر سنة وأربعة عشر سنة، يعني تزوجت في سن الثالثة عشرة. وأنجبت وتزوجت ثلاثة عشر وأنجبت، هذا يختلف باختلاف البلاد ويختلف باختلاف الأعراف ويختلف باختلاف أشياء كثيرة جداً. الإسلام أوسع من المسلمين، أفضّل أن أكرر هذه العبارة حتى نحفظها جميعاً: الإسلام أكبر من الزمان، أكبر من المكان، أكبر من المسلمين، ولذلك فيه أحكام ليس معناها أنه يجب عليّ أن أفعلها بل ترشدني. إذا ما وقعت في هذه الحالة كيف أتصرف؟ لو كانت وجهة النظر هذه مفهومة ومعروفة، فلن نعترض على حديث
الذبابة ولا حديث رضاعة الكبير لأننا لسنا مأمورين بأن نفعلها، بقدر ما نحن سنستفيد منها في أجواء معينة وظروف معينة ومواقف معينة. الشباب عندما يكونون آباءً، كيف يتصرفون وكيف... يتعامل مع أبنائه والدنيا تتطور تطوراً شديداً. من ألف وثمانمائة وثلاثين إلى ألف وتسعمائة وثلاثين اخترع الإنسان واكتشف ما غيّر به برنامجه اليومي. قبل ألف وثمانمائة وثلاثين كان الناس في العالم كله عندما يريدون السفر من مكان إلى مكان وبين المدينتين ثلاثمائة كيلومتر أو ثلاثمائة وخمسين كيلومتراً. مثل المسافة التي بين
مكة والمدينة كانت تستغرق وقتاً. الآن ما الذي كان سيدنا عمر يستغرقه في الانتقال من مكة إلى المدينة؟ هو نفسه. فإذا كنا نمشي كل يوم أربعين كيلومتراً، فالثلاثمائة والستين كيلومتراً هذه معناها أنها تُقطع في تسعة أيام. ستُقطع في تسعة أيام. تسعة أيام في إنجلترا، تسعة أيام في... اليابان في الصين أو أكثر عندما تكون هناك جبال وما إلى ذلك، لكن القصة واحدة. ماذا حدث من ألف وثمان مئة وثلاثين إلى ألف وتسع مئة وثلاثين؟ ما حدث هو أننا اخترعنا وسائل المواصلات كالطائرة والسيارة، وبعد ذلك الاتصالات، فظهر الهاتف، ثم الإنترنت، وقبل ذلك ظهر القمر الصناعي وكل... هذا
اكتشفناه اكتشفناه اكتشفناه، حتى حكاية الإنترنت هذه جاءت من الكمبيوتر، والكمبيوتر كان في هذه الفترة ما بين ألف وثمانمائة وثلاثين وألف وتسعمائة وثلاثين. الغرب عمل شيئاً مهماً عندما أدرك أن الدنيا تتغير. التغير الذي حصل بين ألف وثمانمائة وثلاثين وألف وتسعمائة وثلاثين كان حاصلاً قبله. شغلة ثانية من ألف وسبع مئة وثلاثين إلى ألف وثمان مئة وثلاثين وحدثت قبل ذلك شغلة ثالثة. ما هذه الشغلات؟ هذه الشغلات هي المطبعة أو المظاهرة ألف وأربع مئة وخمسة وتسعين. هذه الشغلات والآلة عندما دخلت ألف وسبع مئة وستين الثورة الصناعية في إنجلترا. هذه الشغلة غيرت وجه التاريخ وأصبح الإنسان... لا
يعيش اسمه في يومه اليوم إلا بالأمس، وهذا ما يجب على الأب أن ينتبه إليه، أن ابنه في حالة تغير كاملة. قديماً كان سيدنا علي يقول: أحبب ابنك واعطف عليه وامنحه جرعة الحنان سبع سنين، والسبع سنين التالية ربِّه وعلِّمه المعلومات والأدب والتعليم في الصغر. كان نقش على الجدار يؤثر في شخصيته السنوات السبع الأولى والثلاثين صديقاً، كن مصاحباً له. يبدو أن هذه النصيحة المزاجية موجودة. النقطة الأولى عليك أن تفهم أن الإنسان من سن ثلاثة
أشهر يتلقى. إياك أن تستعمل أمام الطفل الألفاظ النابية، إياك أن تكذب أمام الطفل لأنه ما زال عمره ثلاثة أشهر، الولد. يحزنني أن شخصية الولد تتكون ابتداءً من عمر ثلاثة أشهر، ولذلك يجب علينا أن نحرص وأن نعيش في مجموعة من الأخلاق والقيم والتربية، لا أن نتركه هكذا، لا نتركه حتى يصبح عمره عشرين سنة، ثم نقول ما بال الولد يتعاطى المخدرات؟ ولماذا هو منحرف بهذا الشكل؟ لا، من البداية من أول الزواج لا بد على الأب والأم أن يتنبها إلى أن هذا الطفل صفحة بيضاء، وأنه يملك
عقلاً، وأنه لديه ذاكرة، وأنه بدأ يخزن ويخزن ما يسمعه من الأصوات وما يسمعه من الألفاظ أمام الأشياء، فيسمي هذه ورقة، ويسمي هذا كرسياً، ويسمي هذا كذا، ويبدأ بعد ذلك. في الكلام يتكلم كيف يتكلم من الذاكرة وهو سمع كل هذا من أين سمعه من الأب ومن الأم ولذلك أول شيء علينا هو الالتفات أن التربية تبدأ منذ أن يكون ابن يوم واحد وأننا لا نُسمعه إلا خيراً ولا نربيه إلا على الصدق لا نربيه إلا على القيم لا نربيه إلا على الأخلاق لا نربيه إلا على المبادئ. القضية الثانية أنه يجب علينا أن نصاحبه، ولكن بدلاً من
السبع سنوات التي ذكرها سيدنا علي، يبدو أن الدنيا تطورت جداً وأصبح الولد الذي عمره أربع سنوات من كثرة جلوسه أمام التلفاز ومن كثرة ممارسته ومشاركته على الفيسبوك وفي التواصل الاجتماعي، ومن ضمن ذلك المدارس. أيضاً أحتاج إلى مجهود أكبر ومشاركة أكبر ومبكراً قليلاً عن السبع سنوات، ولذلك تحدث العلماء عن سن التمييز وقالوا ليس بالضرورة أن يكون التمييز سبع سنوات، فهذا يختلف باختلاف التربية. وقالوا إن الطفل يستطيع أن يصف شعر المرأة إذا كان شعراً متجعداً أو شعراً
كالحرير مثلاً، ولون شعر المرأة إذا كان كذلك. وعنده أربع سنوات فهو مميز، إذ إن التمييز الذي مكتوب في الكتب عامة قديماً كان سبع سنوات، أما اليوم فلا، لقد تقدم قليلاً وأصبح أربع سنوات. فكرة المصاحبة تجعلك تجلس معه وتشاهد، ربما تشاهد أشياء لا ترغبها وغير معتاد عليها، فالدنيا تطورت، ولكن بالرغم من ذلك، هذه المصاحبة التي أرشدنا إليها. إليها سيدنا الإمام علي ما زالت هي موجودة إلى الآن. نقطة ثانية أشار إليها الإمام أحمد بن حنبل وهي التغافل، عندما تجد ابنك قد ارتكب خطأً حاول أن تتغافل عنه، اجعل نفسك كأنك لا تعرفه. وكان سيدنا الإمام أحمد
يقول: "التغافل تسعة أعشار التربية"، أي تسعين في المائة من التربية. إنما هو من أنك تتغافل عن الولد وتتغافل عما يفعل، لأنك لو لم تتغافل عما يفعل ووقفت له بالمرصاد فإنه ولا محالة سيتمرد. الآباء عليهم مسؤولية كبيرة، وعصرنا مع صراعاته والاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة زادت العبء ولم تسهل العبء. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله،
والسلام عليكم ورحمة الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،