طريق الله بعد رمضان | خطبة جمعة بتاريخ 2008 09 26 | أ.د علي جمعة

طريق الله بعد رمضان | خطبة جمعة بتاريخ 2008 09 26 | أ.د علي جمعة - خطب الجمعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وخليله وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين
والآخرين وصل وسلم على سيدنا محمد في العالمين وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين وصل وسلم على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة
وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عباد الله هذا شهر الله وشهر القرآن قد انقضى وهذه
آخر جمعة فيه والاختبار قادم، هل تسير في طريق الله بعد رمضان أم أنك تنسى؟ إلى النسيان وما سمي القلب إلا لأنه يتقلب وما أول الناس إلا أول الناس فعهد آدم ربه فنسي فلا بد أن تتذكر حلاوة رمضان وأن تتذكر أن الناس لو عرفت ما في رمضان من الخير لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان وما أدراك ما رمضان يهيئك
ويملأ قلبك من أجل ما بعد رمضان والله سبحانه وتعالى قد بنى طريقه على الذكر والفكر وعلى التصديق والتشويق وكل ذلك في رمضان أما الذكر والفكر فإن الله سبحانه وتعالى كتب علينا العبادات كتب علينا خمس صلوات في اليوم والليلة فلا بد عليك أيها المسلم أن تتمسك بها وأقم الصلاة لذكري وجعل هذه الصلاة
تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليعلم أن بها خللا، فليعلم أن بها خللا. ينبغي له أن يصلح وأن يصلح من نفسه، فإن الله سبحانه وتعالى لا يحب الفساد في الأرض. فلا بد أن تنهاك صلاتك عن الفحشاء والمنكر، ومن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له أي عند الله، ولكن يجب عليك أن تستمر في الصلاة لعل صلاتك تنهاك يوما فتتذكر. قال تعالى
"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون". إذن يجب عليك أن تذكر الله سبحانه وتعالى كثيرا قبل الصلاة وفي الصلاة. وبعد الصلاة وهذا ما أرشدنا إليه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قال تعالى فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون قال تعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ألا بذكر الله تطمئن القلوب واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون أمرنا
بالذكر في كل وقت وحين الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار، الذكر والفكر علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذكر في كل شيء عندما نستيقظ من النوم وعندما نذهب للوضوء وعندما ندخل إلى المسجد أو نخرج من المسجد أو نكون في المسجد جاء أحدهم وهو حديث عهد بإسلام فسلم على الصحابة في الصلاة فرآهم ينهونه
فأخبره رسول الله وهو الذي كان يقول أنا منكم مثل الوالد للولد فلم يجد أرأف منه ولا أرفق منه إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي تسبيح وتحميد وتهليل فعلم الرجل أن هذه الصلاة إنما هي لمحض وقوموا لله قانتين جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله ركنا من أركان الإسلام، جعلها ذروة سنام الأمر، جعلها الفارق بين الإسلام وبين الكفر، فهي كبيرة إلا على الخاشعين وإنها
لكبيرة إلا على الخاشعين، لذا يجب عليك أن تتمسك بالصلاة وأن تعود إلى الله في حياتك إليها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول أرأيتم إذا كان بباب أحدكم نهر، يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا لا يا رسول الله، لا يبقى من درننا شيء، فهل يبقى هناك غبار أو وسخ على جسم الإنسان بعد أن اغتسل خمس مرات؟ بهذا النهج قال هكذا
الصلاة فالصلاة من مكفرات الذنوب تخرج بعدها وأنت نظيف ولذلك يعز عليك أن تفعل الذنوب والآثام التي يكرهها الله سبحانه وتعالى نخرج من رمضان بالمحافظة على الصلاة هذا شأن الذكر والفكر فما شأن التصديق والتشويق أخفى الله سبحانه وتعالى أشياء في أشياء فأخفى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان والنبي صلى الله عليه وسلم مرة يقول في العشر الأواخر ومرة يقول في
الوتر من العشر الأواخر لأنه من الممكن أن يبدأ الشهر على غير وجهه فيصبح الوتر شفعا أو الشفع وترا ولذلك فمن باب الاحتياط قم الليالي العشر كلها حتى تصيب هذه الليلة الكريمة عالية لمصلحتك حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك إنه هو السميع العليم، فيها يفرق كل أمر حكيم. لو
صادفتك هذه الليلة فاسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، فتكون قد جمعت بين الحسنيين بين الخير في الدنيا والخير في الآخرة والنبي صلى الله عليه وسلم يشترط كل ذلك بتصديق الموعود لا بد أن تصدق ربك فيقول أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز العامل بواحدة منها رجاء ثوابها وتصديق موعدها أدخله الله بها الجنة منيحة العنز أن تعير شاتك لجارك يحلبها لم تدفع قرشا ولا دينارا لم تغرم شيئا ثم يردها إليك
في آخر النهار تشرب من لبنها فما الذي أدون من منيحة العنز قال عبد الله بن عمرو فجلسنا نتداول ونتذاكر ما الذي أدون من منيحة العنز النبي صلى الله عليه وسلم يقول هناك أربعون خصلة قال فما استطعنا إلا خمس عشرة خصلة الصحابة الكرام لم يعرفوا ما هذه الأربعين، التبسم في وجه أخيك صدقة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، إذا فباب الخير واسع، لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى، لا تحقر من المعروف شيئا، اتق الله ولو بشطر تمرة، فباب
الخير مفتوح أمامك أيها المسلم والحمد لله الذي لم يجعل أغلالا وأسرا على كاهلنا وفي رقابنا وجعلنا أمة سمحاء رحيمة يقول فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء والتصديق لا بد عليك أن تصدق أن عملك هذا إنما هو لوجه الله ولذلك بدأ البخاري كتابه فقال بحديث إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وختمه بحديث الذكر كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان
الله وبحمده سبحان الله العظيم الأمر ميسر إذا التشويق أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات لأجل أن تحافظ عليها كلها أخفى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان أو في الوتر منها أخفى اسمه الأعظم الذي إذا ما دعي به أجاب في سائر أسمائه الحسنى الواردة في الكتاب والسنة، أخفى ساعة الإجابة في ثلث الليل الآخر، وأخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وكان سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه يقول: صاحب الحاجة يمكث من الفجر
إلى المغرب يدعو ربه، يعني لو إذا كانت لديك حاجة شديدة فاختر يوم الجمعة فإن فيه ساعة للإجابة ولكن اجهد نفسك لربك وانقطع من فجر هذا اليوم إلى مغربه وادع الله سبحانه وتعالى وندعو الله ولعلها أن تكون الآن ساعة الإجابة أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يكفر عنا سيئاتنا وأن يرزقنا رزقا حسنا وأن يستر عيوبنا الدنيا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض وأن يعتق رقابنا من النار وأن يبلغنا رمضان وأن يسترها معنا وأن يرد علينا القدس ردا جميلا اللهم آمين لا يوافقها
عبد يصلي قال العلماء والخطبتان محل الركعتين من صلاة الظهر فكأننا الآن في صلاة ولذلك اشترط على الإمام أن يكون متوضئا لأن الخطبتان حلتا محل الركعتين فأصبحت الجمعة ركعتين بدلا من الظهر في وقتها كل يوم أربع ركعات وحل محل الركعتين خطبتان فنحن الآن وكأننا في صلاة، بل إن الجماعة سنة في سائر الصلوات إلا الجمعة فهي فرض وفرض عليك أن تسعى إليها. تخفي الصغائر
والكبائر تخفيها في سائر الذنوب حتى تبتعد كل الذنوب مخفية، والسبع المثاني مخفية في القرآن العظيم، وحبيب الله أو ولي الله مخفي في سائر الناس، فاعلم أن الذي أمامك مهما كان، من هو الذي أمامك قد يكون محل نظر الله، فتواضع وقل في نفسك إنك أسوأ الخلق، ليس هناك من هو أسوأ منك، وهذا التواضع يرفعك عند فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، تواضع لله ومن تواضع لله رفعه، ولكن تواضع حقيقي، ثق في نفسك أنك أنت المخطئ وأن جميع الناس
على خير، تشعر براحة ثم تشعر برفعة من عند الله وليس من عندك، الحمد لله الذي جعلنا مسلمين. تصديق وتشويق هذا هو طريق الله بعد رمضان ومن رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما ومن الصلاة إلى الصلاة ومن الجمعة إلى الجمعة ومن العمرة إلى العمرة ومن الحج إلى الحج جعل الله سبحانه وتعالى هذا كله من أجل الذكر والتفكر بالتصديق والتشويق ادعوا ربكم
وسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم عليه في الأولين وفي الآخرين وفي كل وقت وحين كما يليق بجلاله عندك أن يكون رب العالمين. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة يا عفو يا غفار، اللهم احشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة
واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، اللهم اغفر وارحم وتجاوز. عما تعلم أنك أنت الأعز الأكرم، متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنة الخلد يا أرحم الراحمين، أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا، واجعله حجة لنا ولا تجعله حجة علينا، ونور صدورنا وأبصارنا، اللهم يا رب العالمين اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما. ولا تفرقنا من بعده تفرقا مؤذيا ولا تجعل فينا شقيا ولا محروما، كن لنا ولا تكن علينا، فارحم أحياءنا وأمواتنا وحاضرنا وغائبنا. اللهم اقض حاجتنا واشف مرضانا
وارحم موتانا ورد غائبنا، اللهم رد غائبنا يا رب العالمين. اللهم يا رب العالمين سدد الديون عن المدينين، اللهم يا رب العالمين انقلنا دائرة سخطك إلى دائرة رضاك، اللهم هب مسيئنا لمحسننا واغفر لنا جملة واحدة يا رب العالمين، على ما كان منا من قصور أو تقصير، اقبل صيامنا وصلاتنا وقراءتنا وأدعيتنا وذكرنا وسائر صالح أعمالنا يا أرحم الراحمين، اللهم اجعلنا بعد رمضان كما وفقتنا في رمضان، اللهم يا رب العالمين اهدنا في اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت واصرف عنا شر ما قضيت ورد علينا البيت المقدس الحرام والقدس الشريف يا أرحم الراحمين
من غير حول منا ولا قوة اللهم إنك تعلم ضعفنا وقلة حيلتنا فاغفر لنا ذنوبنا وتقبلنا عندك في الصالحين يا أرحم الراحمين وألحقنا بالطيبين يا رب العالمين، اللهم اشفع فينا نبيك يوم القيامة، اللهم يا رب العالمين اشفع فينا نبيك يوم القيامة، اللهم اشفع فينا نبيك يوم القيامة، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته، اللهم انفعنا به في الدنيا والآخرة وأحينا على ملته وأمتنا على شريعته وابعثنا تحت لواؤه يا كريم عباد الله صلوا على المصطفى الحبيب المجتبى فاللهم صل وسلم وبارك عليه وأقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله
أكبر والله يعلم ما تصنعون