عقلية السالك إلى الله | رب لترضى جـ 1 | حـ 23 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أهلاً وسهلاً بكم في كل مكان. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات "رب لترضى". نواصل هذه الأسئلة التي نتلقاها. من الشباب معنا
حتى يتضح لنا أمور التصوف الإسلامي، أهلاً يا شباب. مَن معنا؟ سؤال اليوم، كنتُ فقط أودُّ أن أسأل حضرتك يا مولانا، لقد تحدثتَ معنا في المرة الماضية عن المفاتيح للسالك إلى الله، وتكلمتَ حضرتك معنا عن أول نقطتين، أول مفتاحين: عقلية السالك إلى الله، كيف هي مختلفة عن عقلية من يثيرون. الشبهات حول التصوف، نعم، لو تكرمت وتفضلت علينا في هذا الجانب. أُذكر في كيفية الرؤية مع الخلافات الفقهية، مثلاً أن الإمام العثماني ألف كتاباً مهماً أسماه "رحمة الأمة في اختلاف الأئمة"، وقال: إنني أرى أن الخلافات لا تؤدي بنا إلى الشقاق أو النفاق أو سوء الأخلاق، بل تؤدي بنا إلى مفهوم
السعة في الفقه الإسلامي وأن الخلاف بين المجتهدين إنما يتمثل في أن أحدهم أخذ بالرخصة والآخر قد أخذ بالعزيمة، ولذلك فالكل سيان، ولذلك لا يجوز أن نتخذ هذه الخلافات إلا من قبيل الرحمة وليس من قبيل الشقاق ومن قبيل الصراع ومن قبيل كذا إلى آخره، فالـ كتاب "رحمة الأمة" جاء بعد ذلك الإمام الشعراني، والإمام الشعراني من علماء القرن العاشر عبد الوهاب الشعراني، توفي سنة تسعمائة وخمسة وسبعين، فأخذ كتاب "رحمة الأمة" ووضع له ميزاناً واسماه "الميزان الخضرية" نسبة إلى الخضر، باعتبار أنه علَّم موسى الخضر،
وذكر ما ذكره العثماني في "رحمة الأمة" في كتاب أسماه. الميزان الكبرى ودرج الطابعون على أن يطبعوا الكتابين معًا في الداخل وعلى الهامش. الفكرة هنا عند السالكين إلى الله أن كل الأئمة على خير وأننا نستعمل منهم ما نستطيع أن نستعمله للوفاق، لتصحيح صورة الإسلام، للتيسير على العباد، وليس لإحداث الفتن ولا إحداث الشقاق ولا إحداث النفاق ولا إحداث النزاع. وضربنا مثلًا بوضع. اليدين هكذا، ما فائدة وضع اليدين هذه؟ لا فائدة فيها لا للمجتمع ولا للناس. وضربنا
مثالاً آخر بإيجاز: أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه وصلاة الجمعة من الساعة العاشرة أو الحادية عشرة، قد نحتاج إلى هذا الرأي، وعند الحاجة إليه يمكن أن نستعمله خاصة إذا لم يتعارض مع الآراء. الأخرى ولا يكون هناك صراع ولا نزاع، وهذا هو فقه النفس الذي تركه لنا الأصوليون والعلماء والفقهاء. فمثلاً الإذاعة المصرية والتلفزيون المصري ينقل شعائر صلاة الجمعة من مطروح، ومطروح تؤذن لصلاة الجمعة بعد أربع دقائق أو خمس دقائق من القاهرة، والناس
تعوّدت على أنها إذا سمعت الأذان في التلفزيون قامت. فُصلت، ولذلك فإنهم لا يؤخرون أو لا يريدون أن يؤخروا الأذان عن القاهرة. فهل يجوز أن يؤدي الأذان في مطروح قبلها بأربع دقائق للجمعة؟ نعم، يجوز عند ابن أحمد بن حمد خاصة. انظر إلى عدم وجود النزاع، خاصة وأنه سيصلي الجمعة في ميقاتها، في وقتها عند الجميع، طالما أنه ما زال. سيخطب. لا يزالون سيصلون الصلاة، وبعدها سيؤذنون الأذان الثاني الذي ربما يكون في الوقت، ثم
سيقوم بالخطبة، وبعدها سيصلون جميعاً في الوقت. يوجد شيء ما، ولكن هذا الأذان فيه شيء غريب. ما الفائدة سوى إحداث ونقل طائفة النزاع والخصام بين الناس؟ ما الفائدة من أن تقول البسملة بصوت عالٍ في تركيا لأجل الناس؟ وراءك يمكن يضربوك. لماذا تخرج؟ خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين. فالأمر ليس هكذا، الأمر هو محاولة تطبيق الدين بيسر وسهولة. هذا الذي في زهد السالكين. والثاني لا، أنا الحق وأنت الباطل. نعم، يبقى هنا
فيه الصراع. تفضل رأي فضيل، رأي فضيل حقيقي في الآية. ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم. يُقال أنه لا يوجد أحد يكون مختلفاً إلا الذي رحمه الله، أي "إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم". ليس معنى ذلك أن المرحوم غير مختلف، فنحن هنا الاستثناء. ولا يزالون مختلفين كلهم، لا، إلا من رحم ربك. فلو كانوا مائة، فتسعون منهم مختلفون. وعشرة ليسوا مختلفين، مَن هم العشرة هؤلاء؟ أهل الرحمة، فيكون التسعون خارج الرحمة التي هي للوفاق. ثم إن هذه الآية موجودة للخلافات في العقيدة، للخلافات ما بين
الديانة والديانات الأخرى، أو بين الخير والشر. قال تعالى: "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله". وقال تعالى: "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا". وهم مشركون، وقال: وهكذا، فهناك لمّا جاء إلى الحصين وسأله: كم تعبد؟ قال: رباً في السماء وسبعة في الأرض. ها وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون. فقال: دع الذين في الأرض واعبد الذي في السماء. فإذا هذه الآية تقول على هؤلاء الناس الذين اختلفوا، بمعنى لا تيأس من رحمة الله. الله في الدعوة إلى الله بأن لا يطيعك أحد، والنبي قال: "يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه اثنان، ويأتي النبي ومعه، ويأتي
النبي وليس معه أحد". وهذا معناه أن الحق لا يُدرك بالرجال، وإنما الرجال هم الذين يدركون الحق. هذا هو المفهوم، فهل هناك أي التباس فيه؟ حسناً، يُقال أحياناً إذا كان الاختلاف رحمة، فماذا يكون الاتفاق؟ الاتفاق قوة، لأنه عندما نذكر القصة التي تقول إن الاتحاد قوة، وقوله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، فالاعتصام هنا قوة. الاعتصام جميعاً بحبل واحد وعلى مسألة واحدة هو قوة. فإذا كان الاختلاف رحمة، فهو الاختلاف الفقهي وليس
العقائدي. الاختلاف العقائدي... ليس رحمة لكن هنا الاختلاف الفقهي فيه سعة، يعني هو فيه تنوع. يعني إذا أردت الكلمة الصحيحة له فليست هي كلمة الاختلاف وإنما هي كلمة التنوع. والتنوع عندما يكون معك فريق أحدهم يُتقن الإنجليزية فالفرنسية، والثاني يُتقن الألمانية، والرابع يُتقن الإسبانية، فأنت في تنوع وفي قوة، وعندما لا يكون معك. إلا شخص يدرك العربية أو عشرة وليس معهم هذه القوة والتنوع، فأنت محصور فيما أتقنته. فهنا هذا التنوع هو مصدر القوة. أما الاختلاف الذي هو في الآية فهو يتحدث عن اختلاف العقائد وليس تنوع الفقه. مولانا، حقيقةً، تقصد أن العقيدة فيها اتفاق دائماً. العقيدة
التي تُدخلني الإسلام والتي تُبقيني. الأصول المتفق عليها في الإسلام هي محل اتفاق، لأن العقيدة بمعنى الدراسة في العقيدة فيها أصول وفيها أيضًا فروع. أما الأصول المتعلقة بالإله أو بالنبوات أو بالسمعيات فهي متفق عليها وواحدة. أما الفروع وهي التي لم ترد في الكتاب أو السنة والتي هي محل نظر أو استنباط، فيمكن أن تختلف فيها الأنظار. هل... هناك أحوال في العالم أو أن العالم من خلال الأحوال خلاف في مكان العقيدة، ولكن هذا خلاف ما رُدَّ إلى الفروع وليس الأصول. لم يختلف أحد في وجود الله، في وحدانية الله، في رزقية الله، في خالقية الله، في أنه سميع بصير
مريد عالم حي متكلم وهكذا. إلى آخره ولم يختلف أحد في هذا، فهذا من الأصول التي إذا أنكر أحدهم واحدة منها كفر. لم يختلف أحد في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ولا في أنه هو الذي تحت القبة الخضراء، فلو قال واحد مثلاً: "لا، إنه مدفون عندنا في البلد التي نعيش فيها" كفر لأنه يكون قد اتبع نبياً غير النبي الذي اتبعه المسلمون، فهذا يعني... ولم يقل أحد هذا، لكن نحن نوضّح لكي نفهم قضية الفروع والأصول. بعد الفاصل سنأخذ أيضاً أسئلة أخرى. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد
لله، كنا في حلقة سابقة قد سألتم عن العلاقة ما بين السالكين وما بين أهل البيت الكرام وقلنا... هذا يحتاج إلى معرفة أهل البيت ومعرفة السالكين وأظن أننا قد ألقينا شيئاً من الضوء على الفرق بينهما، فما العلاقة بينهما؟ أهل الله يعظمون أهل البيت تعظيماً شديداً لشدة حبهم وتعلقهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، لكن في الحقيقة أن التعلق بأهل البيت ليس مقصوراً على طائفة دون طائفة ولا على مرتبة دون مرتبة فكل المسلمين يحبون أهل البيت، ولم نر منهم من يعادي أهل البيت إلا النواصب الذين ناصبوا أهل البيت العداء، وهؤلاء
كانوا على حالة الذم من كل العلماء من أهل السنة والجماعة، فعندما تكلموا في شأن ذي الجوشن الذي قتل سيدنا الحسين أو في شأن يزيد حتى رُوي عن الإمام أحمد: "العن يزيد ولا تَزِد" يعني لا تلعن معاوية، العن يزيد ابنه، لأنه مكث ثلاث سنوات في الحكم: سنة ضرب فيها الكعبة بالمنجنيق، وسنة استحل فيها المدينة، وسنة قتل فيها الحسين. يعني عمله أسود من قرن الخروب، فنعى على هذا الأئمة وكذا إلى آخره ولم. يوافقوا ولكن نشأ من هذا الكلام طوائف وفرق
منها الشيعة، ومن أكبر فرق الشيعة - لأن الشيعة تفرقت أيضاً إلى فرق كثيرة - من أكبر فرق الشيعة هي الجعفرية الذين اتبعوا وجعلوا الإمام جعفر الصادق ابن محمد الباقر إماماً لهم، وفي بعض الأحيان نسميهم بالجعفرية وبعضها بالاثني عشرية لأنهم يؤمنون أن هناك اثنا عشر إماماً معصوماً من الخطأ ورثوا حال النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهم ليسوا بأنبياء، ولهم مذهب قائم متَّبع إلى الآن، وإن كان طبعاً الجمهور وأكثر من تسعين في المائة من المسلمين على مذهب أهل السنة والجماعة، لكن ما زالت توجد مذاهب مثل الإباضية، ولهم فقه ولهم مذهب منتشر.
في عمّان ومنتشر في الجزائر بعض الانتشار، والجعفرية منتشرة في إيران وفي العراق وفي الهند، والزيدية ومكانهم اليمن، ولهم فقه أيضاً ولهم كذا إلى آخره. وأيضاً، فهؤلاء فرق بقيت، والكل بما فيهم أهل السنة يحبون أهل البيت ويعظمون شأنهم، ولكن فرقة النواصب هذه التي كانت تعادي أهل البيت ذهبت فأصبح. السؤال الذي يُطرح هو ما علاقة التصوف بالتشيع، وهنا نرى أن التشيع ليس فيه طرق صوفية، يعني لو ذهبنا إلى العراق وجلسنا مع الشيعة الجعفرية أو الزيدية لا
نجد عندهم ما يسمى بالطرق الصوفية، لا التي ينتمي إليها أهل السنة مثل الشاذلية والرفاعية والنقشبندية والأحمدية وهكذا، ولا غيرها، فليس هناك شخص. شيعي نقول له ما طريقتك فيقول مثلاً أنا شيعي نعم وكل شيء في أمان الله ولكن أنا شاذلي مثلاً، لا يوجد شيء اسمه هكذا، فهذا أبسط رد حتى نعلم الحقيقة أنه لو كانت هناك صلة كما توهمها بعض الدارسين ما بين التصوف والتشيع لتشابه بينهما في بعض النقاط المشتركة لكانت الشيعة سمحوا بالتصوف ولم يروا فيه بأساً. يقولون: "يا مولانا،
التصوف جزء من الشيعة، فلماذا ليس هو موجود عندهم؟ فهذا هو - الصوفية هي جزء منهم - يعني الصوفية جزء من الشيعة، فلماذا هو ليس في الشيعة؟ وما الذي يجعلهم يربطون هذا الرابط يا مولانا؟ قد نتحدث فيه لاحقاً." الآن لكن أنا أريد فهم هذا الكلام، الصوفية جزء من الشيعة؟ جميل. طيب، ولماذا لا يوجد الصوفية ضمن الشيعة؟ هل هم يكتفون بالصوفية؟ هؤلاء أصبحوا يعني سُذَّجاً. هكذا نحن وصلنا إلى درجة السذاجة. السذاجة هي أن نقول إن المتصوف المصري هذا شيعي. كيف يكون هذا إذا كان الشيعي ليس هو... متصوف أصلاً، نعم، فكيف يكون الصوفي المصري السني المنتمي للأزهر شيعياً؟ يعني هذا
أصبح أي نوع من أنواع السفه أن نقول إن المتصوفة شيعة. حسناً، إذا كان الشيعة ليسوا متصوفين، فهذا ما أوافقك عليه، ولذلك سنرجع إلى سؤال محمد. لماذا؟ لأن الذي ادعى هذا أول ما... ادّعى هو شخص شيعي دارس عراقي اسمه مصطفى الشيبي، وألّف مصطفى الكابل كتاباً عن الصلة بين التشيع والتصوف، ونشرته له دار المعارف المصرية. وهو بالطريقة العلمانية التي هي طريقة المقارنات، أنه ألحق هنا شبهاً وهناك شبهاً، فيكون هذا هو ذاك. هذا كلام مضحك للغاية أصلاً نفس. فكرة المقارنة مضحكة للغاية، فيأتي
شخص ويقول: "على فكرة المسيحية أخذت من الهندوسية، لماذا؟ لأن الهندوسية عندها فيشنو وميشنو وكريشنا، وهنا في المسيحية الأب والابن والروح القدس". هذا كلام مضحك للغاية وليس كلاماً علمياً. على فكرة، المسيحية أخذت هذا من الوثنية المصرية القديمة لأنهم كانوا يعبدون تسعة آلهة. حسناً، إذا كان هؤلاء يعبدون... تسعة وهؤلاء ثلاثة: أب وابن وروح قدس، ويقول إله واحد آمين. فيكون هذا شيء وذاك شيء، لأن هؤلاء كانوا تسعة مستقلين. يعني أنت تدافع عن المسيحية وعن التثليث؟ لا، أنا لا أدافع، لكنني أنتقد منهج الدراسة هذا. هكذا خطأ، هكذا لن نصل إلى الحقائق. ويأتي أحدهم
ويقول: حسناً، ألا يوجد في الإسلام أيضاً؟ كيف يدعو إلى التسلسل؟ قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد. قال: لا، ولكنك نسيت بسم الله الرحمن الرحيم. إذًا، إذا دخلنا في دور من المهاترات بهذا الشكل، نقول له الله. حسنًا، يعني هكذا أواخر سورة الحشر تجعل ربنا... ستة عشر، هذا يعني ستة عشر صفة متتابعة، فإذا كنت ستجعل بسم الله الرحمن الرحيم على أنه تسلسل، فسيكون ذلك تسعة عشر. إذا، هذا الفكر العجيب الغريب أصلاً مرفوض من المنهج، لأنه يأتي ويقول إن الصوفية يقولون أن هناك أسراراً، والشيعة يقولون أن هناك أسراراً،
حسناً، فالبهرة أيضاً يقولون. إنه في أسرار والباطنية يقولون إنه توجد أسرار، والدروز ليس لديهم أجمل من الأسرار، فماذا يعني ذلك؟ يعني كله مع بعضه هكذا، وهذا هو، هذا هو، هذا آتٍ من هنا، وإذا هذا الكلام في الحقيقة كلام باطل من المنهج أصلاً، يعني قبل أن ندخل في التفاصيل المشابهات التي تتم بين... الأديان قد تكون هذه المشابهات آتية من ورقة بن نوفل لما قال عندما سمع ما ذكره النبي أن هذا لشبيه بالناموس الذي نزل على موسى، ولئن كنت حيًا قويًا هكذا وقت
أن يخرجوك. قال له: أيخرجونني؟ كيف يخرجونني؟ من أين؟ من مكة؟ أمخرجيَّ هم؟ عليه الصلاة والسلام، فقال: لم يدعُ. لم يدع أحد بمثل ما تدعو إليه إلا أخرجه قومه، وهذه سنة الله في الأنبياء، وهذا ما تولد عنه بعد ذلك قضية هجرة الأنبياء. موسى له هجرة، وإبراهيم له هجرة، وقال: "إني مهاجر إلى ربي سيهدين". هل انتبهت كيف؟ فأنا أريد أن أقول لك أن المشابهة التي أحس بها نفل ورقة بن... دعت أحدٌ من إخواننا الدارسين، أظنُّه كان مسيحياً، وقال: "لا، إنَّ ورقة بن نوفل هو الذي علَّم
محمداً المسيحية لكي يُعيد صياغتها في صورة الإسلام". لا، ليس الأمر كذلك، هذا الرجل مخطئ في المنهج. القضية كلها أن ورقة أحسَّ - تعلم - شعر بتشابه بين هذا الذي يخرج من فم... النبي صلى الله عليه وسلم وبين ذلك النور الذي كان يخرج من موسى لأنهما - انظر - كلام آخر يخرجان من مشكاة واحدة. طبعاً، فإن موسى وعيسى وإبراهيم وغيرهم يخرجون من مشكاة واحدة وهي مشكاة الوحي الرباني الإلهي. إذاً، فمحض المشابهة لا تستلزم إطلاقاً اتحاد المنهاج ولا اتحاد الفكر. ولا اتحاد المشرب ولا اتحاد
الهدف ولا أي شيء من هذا القبيل، وهذا كأنه أبين من البينات وأوضح من الواضحات. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.