فضيلة الزهد | أ.د علي جمعة | حديث الروح

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا في هذه الدقائق المعدودة نجتمع معا على حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نتعلم منه الهدى ونسير على دربه وطريقه إلى الله سبحانه وتعالى مع الحديث الحادي والثلاثين وهو في فضيلة الزهد في الدنيا وأن تكون الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا وأن لا تدخل الدنيا قلوبنا بحيث نتعلق بها
ونتمسك بها حتى نرتكب الحرام وحتى ننحرف عن الطريق المستقيم وعن الهدف في الوصول إلى الله سبحان الله وتعالى عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ازهد في الدنيا يحبك الله فيما في أيدي الناس يحبوك وهو حديث حسن رواه
الإمام ابن ماجة في سننه بل إنه رواه أيضا بأسانيد صحيحة غيره من الأئمة الأعلام، ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك، الله يريد منا أن تكون الدنيا في أيدينا نشكر نعماءها فإذا فقدت فإن أهل الله لا يحزنون على المفقود ولا يفرحون بالموجود، لا يحزنون إذا ما أخذت منهم الدنيا، بل إنهم يسيرون إلى الله على كل حال، على حال الغنى والوجد والوجود وعلى حال الفقد والعدم،
ولذلك فإن الغني الشاكر كالفقير الصابر في القيام بالوظيفة التي أقامه الله سبحانه وتعالى فيها. إذا كنت غنيا فلتكن شاكرا بعد أن تؤدي وظيفة المال الذي رزقك الله به، وإذا كنت فقيرا فلتصبر ولتحتسب ولتعلم أن هذه الدنيا قليلة في جناب الله سبحانه وتعالى. تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فاصبر صبرا جميلا. إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا، يعني أن الساعة عند الله بالفعل. سنة مما نعيش يعني إذا عاش أحدنا مائة سنة فإنه يكون قد عاش عند الله نحو
ثلاث دقائق، أنت تقول مائة سنة ولكنها في الحقيقة هي أرقام قليلة في حق اليوم الذي هو عند الله سبحانه وتعالى، ازهد في الدنيا يحبك الله والزهد ليس معناه الترك بل معناه عدم التعلق ولذلك فالغني يكون زاهدا والفقير يكون زاهدا إذا لم تتعلق القلوب بهذه الدنيا والتعلق معناه الحزن عند الفقدان والفرح عند التحصيل هذا هو التعلق ولكن الله سبحانه وتعالى واسع ويريدنا معه في كل حال كما يقولون في الضيق والسعة
يعني في الضيق والسعة يريدنا ألا نطير ولا تتغير قلوبنا أما في شأن الناس فمختلف، فإذا طمعت فيما في أيدي الناس حدث النزاع والخصام، ولذلك فإننا لا نريد هذا النزاع ولا نريد هذا الخصام. أظهر لهم تماما أنك لا تريد دنياهم أو لا تريد ما في أيديهم، عاملهم على أساس الندية أن هذا المال الذي في أيديهم وقد حرمت منه لا يعني لك شيئا وكن كذلك فعلا يحبك الناس سبحان الله ولذلك فهذه نصيحة جامعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعلك
سعيدا على كل حال في حال الغنى وفي حال الفقر في حال أن تجد وفي حال أن لا تجد كما أنها تقيم علاقتك مع الناس فترى الله يحبك وإذا أحبك الله أحبك الناس إلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله