كلمة أ. د. علي جمعة بجامعة مركزالثقافة السنية بالهند 24 نوفمبر2012

كلمة أ. د. علي جمعة بجامعة مركزالثقافة السنية بالهند  24 نوفمبر2012 - ندوات ومحاضرات
بعلماء الإسلام وأولياء الله الصالحين والعاملين المتقين فأحييكم بتحية الإسلام وتحية الإسلام السلام وما أحلى تحية الإسلام وما أحلى السلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في البداية أشكر سماحة العلامة أبا بكر أحمد والذي عرفته منذ
أكثر من عشرين عاماً وكلما دعاني لهذه البلاد الكريمة أُلبّي بقلبي ثم تأتي الشواغل. والمشاغل والأعراض والأمراض تمنع من الإمكان، ومنَّ الله سبحانه وتعالى عليَّ في هذا العام بعد جهاد أن ألبي وأن يحدث الإمكان بإذن الله سبحانه وتعالى. ففي البداية أشكره على دعوته وأشكره على صبره
عليَّ حيث صبر عليَّ أكثر من عشرين عاماً، واليوم سألني سامي وقال: تكلم عن الشيخ أبي بكر. فإذا طلب منك الكلام ماذا تقول؟ تكلم عن الشيخ أبي بكر. قلت: خير الكلام ما قل ودل. هذا رجل قد قدم العمل على القول فأنجحه الله سبحانه وتعالى ونقله إلى دائرة نظره. ومن كان الإنسان في دائرة نظر الله سبحانه
كان موفقاً مهدياً، وكان قد أنزل عليه من الله سبحانه. وتعالى القبول فتراه وقد ألقى الله عليه محبة مني كما قال في شأن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: "وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني". وعلماء هذه الأمة ورثة الأنبياء في أحوالهم وفي كرامة الله لهم، فنحن الآن في حضرة عمل من توفيق
الله للشيخ أبي بكر هذا. التوفيق جعله وارثاً لأحوال المصطفين الأخيار ممن قصّ الله علينا قصصهم في القرآن ثم قال أولئك الذين هدى الله فبهِ داعٍ مقتدر في هذا الجمع الكريم أنشأ الشيخ هذه الجامعة وفيها تلك الكليات الثلاث التي تحاكي الكليات الأصلية في جامعة الأزهر العريقة العتيقة وجامعة
الأزهر هي التي رفعت لواء أهل السنة عبر القرون، وعندما جاء صلاح الدين فوجد الأزهر موئلاً لغير أهل السنة، أغلقه وظل الإغلاق مائة سنة من عهد صلاح الدين وحتى الظاهر بيبرس. فلما انتصر قطز والظاهر بيبرس على التتار أو على المغول وصدّوا هجمتهم ورجعوا إلى مصر، فُتح الأزهر مرة أخرى على عقيدة وشريعة أهل السنة
والجماعة والتي عليها جمهور الأمة عبر القرون. سألني سائل: وما الأزهر وما عقيدة أهل السنة وما شريعتهم؟ وقد تنازعها أدعياء وهجم عليها أعداء، وما بين الادعياء والأعداء تغبشت المسائل. قلت له: الأزهر منذ أن نشأ وإلى الآن على عقيدة الأشاعرة والماتريدية أهل السنة والجماعة، وعلى هؤلاء
صارت الأمة حتى ألف ابن عساكر. كتابه الماتع الجامعي المانع "تبيين كذب المفتري على الإمام أبي الحسن الأشعري" يرد فيه على من أراد أن ينحرف بالمذهب أو أن يتهمه أو أن يوصم الأشعري بالرجوع أو بتأليف بعض الورقات يخالف فيها الراجح مما ذهب إليه أو نحو ذلك. "تبيين كذب المفتري على الإمام أبي الحسن الأشعري" يقول... قال ابن عساكر إن سادة الأمة وقادتها أشاعرة، فلا
يخرج إلينا إلا الفسل، والفسل هو السفيه الضعيف القليل، قليل الأدب أو قليل الحيلة أو قليل العقل، فيقول: يا أشعرية، يا أسافل القوم، يا صم، يا بكم، يا من هم بلا آذان. فهو ليس من أهل السنة والجماعة، وقد قل أدبه على سادة الأمة وعلى علمائها الأفاضل. في هذه الحالة لِمَ التفتوا إليه؟ وسيضرب الأزهري أزهرياً لأنه يدرس
ويُدَرِّس ويعتقد ويؤلف ويقرأ مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري، وهو المكون الثاني من الأزهرية المذهبية. ولذلك ترى الأزهر الشريف وهو يدرس مذاهب المسلمين من أهل السنة والجماعة، فدرس الحنفية ودرس الشافعية والمالكية ودرس قليلاً من الحنابلة عبر التاريخ لقلة أعدادهم. إنما أهل الاعتماد من المذهب الحنفي كالبهوتي والشيخ حجازي هم عمدة المذهب وهم من المصريين الأذكياء
والأشعرية مذهباً لهم، فالركن الأول الأشعرية، والركن الثاني المذهبي، والركن الثالث الأخلاق والتصوف. والتصوف على ثلاثة أنحاء: منه تصوف سلفي كما كان عند إبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك. ومالك بن أنس ونحو ذلك، وهذا أقرب إلى الزهد منه إلى العلم الذي له كتبه وله مصطلحاته وله كيفية للتدريس والتلقي. والأمر
الثاني هو المذهب السني وإمامه الجنيد وأبو حامد الغزالي في الإحياء وأبو طالب المكي في قوت القلوب وأبو القاسم القشيري عبد الكريم في الرسالة، ويمتد بهم الحال إلى المرسي أبو العباس تلميذ الحسن أبي الحسن الشاذلي وتلميذ ابن عطاء الله السكندري كما في الحكم وغيره من كتبه الممتعة، ويمتد الأمر إلى يومنا هذا وهو التصوف السني الذي يعتمده الأزهر الشريف، يدرسه ويدرّسه ويعلمه
ويمارسه. وطريق الله سبحانه وتعالى عندهم مقيد كما قال سيد الطائفة بالكتاب والسنة لا يخرج عنهما أبداً. لأنَّ الكتابَ والسنةَ هما الأساسُ، بهما التطويلُ ومنهما المنطلقُ وإليهما العودةُ، وعلى ذلك فالكتابُ والسنةُ طريقُنا. هذا التصوفُ كأنه لم ينكرهُ أحدٌ، فرأينا في الفتاوى الكبرى لابنِ تيميةَ مجلداً للسلوكِ ومجلداً للتصوفِ، ورأينا تلميذَهُ ابنَ قيمٍ يشرحُ منازلَ السائرين بين إياكَ نعبدُ وإياكَ نستعينُ في مدارجِ السالكين،
ونراهُم يكتبون. هذه الكتابات التي تنبئ عن ذلك التصوف، والأزهر متمسك بالتصوف السني، وهناك تصوف ثالث محل خلاف هو التصوف الفلسفي الذي ينتسب إليه العفيف التلمساني والحلاج ومحيي الدين بن العربي في بعض كتبه ونحو ذلك، وهذا ما زال محل نزاع بين الأمة في الأخذ والرد، ولذلك لا يدرس الأزهر كتب هذا. الثالث: حتى تكون أزهرياً لا بد أن
تكون أشعرياً مذهبياً صوفياً، وإلا فلست أزهرياً، والله حسيبنا، ويوم القيامة تجتمع الخصوم، وإننا نوكل أمرنا إلى الله سبحانه وتعالى من غير كثير جدل. وعندما أتى الشيخ أمر بالمعادلة من الأزهر، فلا بد أن أولئك الذين أعادوا النظر إلى هذه الثلاثة: الأشعرية والمذهبية. والصوفية لأنها أعدل الطرق إلى الله سبحانه وتعالى وطريقنا كما هو مقيد بالكتاب والسنة فهو مقيد بالذكر والفكر {الذين
يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض} أما الذكر فقد أكثر الله من الأمر به في كتابه العزيز {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات} واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون، حتى أنه قد سمى الدعاء ذكراً والقرآن ذكراً: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". الذكر تركنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. فعلمنا وتعلم المسلمون بسهولة ويسر، علِمَ البدوي والحضري، والجاهل
والعالم، والصغير. والكبير والرجل والمرأة العشرة الطيبة، والعشرة الطيبة يُقصد بها في كتب القوم: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وتسمى بالباقيات الصالحات لأنها التي تبقى بعد رحيل السُكان من المكان، أو بعد رحيل الناس من حياة الدنيا إلى رب العزة الباقي. الصالحات هذه الخمسة، ثم تكلم: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، "حسبنا الله ونعم الوكيل"، "توكلت على الله"، "أستغفر الله"، "والصلاة والسلام على سيد الخلقين صلى الله عليه وسلم". وبهذه
الخمسة تمت العشرة، وكانت تسمى في كتبهم العشرة الطيبة. أما الفكر فتفكر في العالم العلوي، وتفكر في العالم السفلي، وقدم الوعي. قبل السعة وبالذكر والفكر من الكتاب والسنة يتم طريق القول، إذ في هذا المكان الطيب الطاهر نجتمع في معقل أهل السنة والجماعة. وأهل السنة والجماعة ليست تتمثل في شخص ولا تتمثل
في مكان ولا في زمان، بل هي تتجاوز الزمان والمكان والأشخاص والأحوال لتمثل الأمة المرضية عنها على نهج رسول. الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، الخير كله خير في اتباع من سلف، والشر كله الشر في ابتداع من خلف. المنهج الأزهري منهج له نسق مفتوح وليس نسقاً مغلقاً، ولذلك تراه يحتمل الخلاف لأنه خلاف تنوع وليس اختلاف تفرق. فترى الشافعي يسير بجوار
الحنفي، والحنفي يسير بجوار المالكي وهم يذهبون. للأكل والشرب وممارسة الحياة ولا يصطدم أحدهم بالآخر، يقول أحدهم لأخيه: عندكم كذا؟ فيقول: نعم، وأنتم عندكم ماذا؟ فيقول: كذا. حسناً، وما دليلك؟ قل هكذا. وهذا يورد دليله وذاك يورد دليله بطريقة تحترم العقل والنقل، وتجعل من اختلاف الأئمة رحمة للأمة، ولا تجعل من هذا الخلاف نقمة يبكي عليها الناس. منهج ونسق مفتوح، ومن هذا النسق المفتوح أيضاً
ومع احترام الاختلاف، من هذا النسق المفتوح أنه يستمع للمخالف لأنه تعود فيستمع للمخالف ولا يرد عليه إلا بعد المناقشة بالتي هي أحسن، تربى على هذا. من هذا النسق المفتوح أنه يهتم باللغة العربية اهتماماً بليغاً ويرى في منهج الأزهر الشريف أن... اللغة والفكرة وجهان لعملة واحدة، وإذا استقامت اللغة استقام الفكر،
وإذا انحدرت اللغة انحدر الفكر، وأنه لا فقه بدون فكر، ولا فكرة بدون لغة. ولذلك أولى الأزهر الشريف اهتماماً بليغاً بعلوم اللغة العربية. ولما رأى علماء الأزهر بعد القرن العاشر الهجري أن ملكة اللغة العربية بدأت في الذوبان. وأن شيئاً ما يحدث أنشأ ما سُمِّيَ بالحواشي وكانت مهمة الحواشي إحياء اللغة العربية وملكتها عند
الناس، فوقفوا عند كل حرف ووقفوا عند كل كلمة ووقفوا عند كل عبارة بتدقيق عجيب غريب يشتمل على التحقيق والتدقيق والترقيق والترميق والتزويق، وهي الخمسة التي أشار إليها الإمام البجوري الشافعي في حواشيه التحقيق. والترقيق والترقيق والتنميق والتزويق، وقفوا عند العبارة وفهموا منها الإشارة، وجاءت الحواشي، وقد اتُّهمت بعد ذلك بالتخلف وباللفظية
وما إلى ذلك، من أجل أن تربي في الإنسان المسلم العالم ملكة الفهم عن طريق العربية. ولما تأمل علماء مصر في الأزهر الشريف، تأملوا احتياج الأمة إلى نهضة، فماذا فعلوا؟ قام رجل... منهم وهو عبد القادر البغدادي في أواخر القرن الثاني عشر ألف ومائة وبضع سنوات، وأنشأ مدرسة وألّف كتباً من أمتعها
خزانة الأدب ولُبّ لباب لسان العرب، شرح فيه الشواهد وتعمّق في الشرح وأتى لنا بكل عجيب وغريب، وألّف شرحاً لشواهد المغني "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" لابن هشام وهو في الحروف. في حروف المعاني وألَّفَ شرحًا في ثلاثة أسفار في ثلاثة أجزاء لبانت سعاد، وألَّفَ وألَّفَ ابتغاء بناء مدرسة تُنشَأ مرة أخرى باللغة حتى تكون بداية الطريق للوصول إلى الفهم الصحيح والفكر
الصحيح المستقيم للوصول إلى النهضة التي تريدها الأمة، وكوَّن مدرسة وبارك الله فيها، ثم جاء بعده المرتضى الزبيدي وأضاف. إلى الاهتمام باللغة الاهتمام بأمرين: الأول الأخلاق، لأنه بدون أخلاق لا تكون نهضة، والثاني التوثيق، لأنه بدون توثيق لا تكون نهضة. فألَّف كتابين كبيرين: الأول "تاج العروس في شرح ألفاظ القاموس" للفيروزآبادي، والقاموس كان اسمه
"القاموس المحيط"، و"القاموس الوسيط" فيما ذهب من لغة العرب شماطيط شماطيط. ألف كتابه فطُبع. في أربعين مجلداً "تاج العروس" لغةً، وألّف كتابه الثاني الذي طُبِع في عشرة مجلدات كبيرة، لو طُبِع الآن لكان في أربعين أخرى "إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين". اهتم فيه بأمرين: بإبراز الجانب الأخلاقي، وبإبراز الجانب التوثيقي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا هو الأزهر الشريف عندما... دخل نابليون بالحملة
الفرنسية إلى مصر طالباً قتل والتصفية الجسدية لأبناء عبد القادر البغدادي ومرتضى الزبيدي حتى تنتهي لمدة مائة أو مائتي سنة قادمة النهضة عند المسلمين، فجلس يقتلهم كما يذكر هو في مذكراته، خمسة يقتل خمسة كل يوم ولمدة سنة، خمسة في كل يوم، فيكون المجموع ألفاً وخمسمائة. واحد ألف وسبعمائة الذين هم علماء الأزهر، قتل علماء الأزهر. فلما
انتهى رحل وترك الحملة لمن بعده، وكان اسمه كليبر، فقتله سليمان الحلبي. فكان بعده واحد اسمه مينو، فأسلم مينو وتزوج زبيدة بنت الشيخ البكري، ورحل بها وبمن معه في السنة الثالثة. أي رحل من مصر بعد أداء مهمته. المحاولة للقضاء على النهضة التي كانت ستقوم من أبناء عبد القادر عبد القادر البغدادي ومن أبناء المرتضى الزبيدي. على كل حال، هذا يبين لنا أن الأزهر الشريف وأن منهجه
وأن علمه هو الطريق الصحيح، وأن التشويش على المنهج الأزهري إنما هو خدمة لأعداء الإسلام والمسلمين، والخطة القديمة الحديثة في منع... هذه الأمة من نهضتها فليتنبه العاقل، والعاقل خصيم نفسه، وليعرف هذا الذي نعيش فيه. علماء الأزهر تخصصوا عبر التاريخ في العلوم كلها. في
سنة ألف وثلاثمائة وإحدى عشرة من هجرة سيد المرسلين، اجتمع علماء الأزهر من أجل أن يخرجوا النسخة اليونينية لصحيح البخاري، وهي تلك النسخة التي قرأها الإمام. اليونيني المحدث المشهور علي بن مالك صاحب الألفية محمد بن مالك وقرأها في حضور علماء دمشق وقرأها وضبطها في مجلدين وهي التي شرحها القسطلاني في إرشاد الساري شرح صحيح البخاري. هذه النسخة
اليونينية هي أضبط نسخة للبخاري فطبعوها في عهد السلطان عبد الحميد خان في سنة ألف وثلاثمائة وإحدى. والذي قام بهذه الطباع الفائقة الرائقة وهذا التدقيق العجيب الغريب هم علماء الأزهر وعلى رأسهم الشيخ حسون النواوي وكان شيخاً للأزهر الشريف، خدمات في إثر خدمات، وعندما تتذكر نسخة اليونان ألف وثلاثمائة وإحدى عشر، لا أعرف سنة ألف وثلاثمائة وإحدى عشر هذه كانت سنة كم بالميلاد فيذكرني.
هذا بذلك الخطأ اللطيف الخفيف الذي حدث في الفيلم التسجيلي الذي رأيناه اليوم، وهذا الخطأ يقول فيه المتحدث، بارك الله فيه، أن هذه الجامعة نشأت في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة وألف، فجمع بين رقمين من التاريخ الميلادي ورقمين من التاريخ الهجري. فأولاً ينبغي أن تُصحح، وهيا بنا نجعلها كلها. هجرة حتى نعود إلى شيء من هويتنا، والهوية بالضم لأنها هي في الذهن قوة الخارج، فهي تأتي
من "هو هو" وليست "هوية" ولا "هويه"، إنما هي "هوية" بالضبط "هو هو". أولاً، عام ألف وتسع مائة وثمانية وسبعين لم يكن يوافق ألف وأربع مائة وأي شيء، لماذا؟ لأننا لم ندخل في... القرن الخامس عشر بعد ألف وتسعمائة وثمانية وسبعين كان يوافق ألف وثلاثمائة وثمانية وتسعين، ولم يأتِ بعد عام ألف وأربعمائة. ولكن تعلق الرجل المتكلم بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم جعله يذكر ألف وعامين لأنه يعني فعل الفيلم الآن. وأتذكر من هذا أحمد باشا تيمور صاحب الخزانة. كان التيمورية يرفض
أن يكتب في الشيكات التي توجه إلى البنك التاريخ الميلادي وكان يكتب التاريخ الهجري، وما زالت مصر إلى الآن تقدم التاريخ الهجري على التاريخ الميلادي سواء كان ذلك في الصحافة أو في رئاسة الجمهورية عند صدور القرارات، أو عندما يصدر أي قانون فإنها تبدأ بالهجري ثم بالميلادي. توافقاً مع هذا، فالتاريخ الهجري تاريخ محترم ويجب علينا أن نتمسك به، وإذا كنا يمكن أن ننتقل إلى التاريخ الميلادي في أمور الزراعة والاقتصاد والتوافق مع الناس في الغرب والشرق فهذا لا بأس به، ولكن
علينا دائماً أن نُحفِّظ أبناءنا الشهور القمرية التي أناط الله بها العبادة وأناط الله بها. المناسبات الدينية وعلينا أيضاً أن نتمسك بهذا التاريخ كجزء من تراثنا والله تعالى أعلى وأعلم. الأزهر الشريف إذا وجد مقابله هنا حتى لا نعتمد على بناء جسر من هنا إلى هنا ومن هنا إلى هنا، فنحن نحب ذلك ونرغب فيه. وتجربة المسلمين في الهند تجربة فريدة لم يُستفد منها إلى...
اليوم فيها من الخفايا وفيها من التجليات الربانية وفيها من الأوضاع الاجتماعية والنفسية ما الله به عليم، وهذه التجربة الهندية لا نراها في الغرب ولا نرى أن المسلمين في الغرب قد استفادوا منها ولا نرى أنهم يلتفتون إليها، وهذا جزء من مسؤوليتنا جميعاً، هم ونحن وأنتم، نحن جميعاً كأمة واحدة. لا بُدَّ أن ندرس التجربة الهندية بمداخل مختلفة ومن أبواب شتى حتى نستفيد منها ليس فقط في عصرنا
الحاضر بل في مستقبل الأيام ولأبنائنا وأحفادنا. هذه تجربة لا تُختزل في مدح متكلم ولا في كلمة بسيطة، بل إنها تحتاج إلى درس وافٍ وإلى تعمق شديد. هناك أشياء قرأناها حدثت للمسلمين هنا. عند المجدد الثاني وعند صاحب أصحاب هذه الكتب العجيبة الغريبة هناك بعض الكتب التي أُلِّفَت في الهند لا يعلم عنها أحدٌ في الشرق ولا في الغرب. رسم القرآن الذي هو "نثر المرجاني في نثر القرآن" مطبوع في حيدر آباد في سبع مجلدات، لا يسمع عنه أحد عنده ولم يره وهو.
كتاب مهم، عميق، عجيب، غريب. تفسير المظهر لا يصنع أحداً. هناك في بلادنا مئات الكتب عنه، بل لم نرها. وأساس التصوف هو السند المتصل عن سيدنا الحسن البصري الذي يأخذه عن مدينة العلم علي. ولذلك ألّف أحدهم هنا كتاب "القول الحسن في سماع الحسن"، لأن سماع الحسن من علي فيه كلام. فألفاً ما يثبت سماع الحسن البصري من علي، وهذا القول حسن، وهو مطبوع هنا قديماً لا يسمع عنه أحد. هذه قارة فعلاً وعلى مر الزمان، انظروا
إلى الصحابة الذين دخلوا الهند، هم أكثر من الصحابة الذين دخلوا مصر. فلما ألف السيوطي رحمه الله تعالى كتاباً عن الصحابة فيمن نزل مصر. من الصحابة إذا رأيت عدد النازلين من الصحابة في الهند رأيتهم أكثر من النازلين إلى مصر، ولذلك نريد من هذه الجامعة الكريمة الشريفة أن تهتم بنقل التجربة الهندية للأمة كلها. وكلمة "للأمة كلها" معناها أننا نحتاج أن يُكتب ذلك بلغات شتى منها الأردية ومنها العربية ومنها الإنجليزية وهكذا، لأن الأمة. قد انتشرت وحالت اللغات واختلافها من التواصل. لا
أريد أن أشق عليكم ولا أن أعكر عليكم صفو المجلس بكثرة الكلام، فقليل الكلام خير من كثيره. شكراً لكم على حسن استماعكم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدورنا وأن يغفر ذنوبنا وأن يستر عيوبنا وأن ييسر أمورنا وأن يجمعنا على الخير. الدنيا والآخرة، اللهم انقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وجنبنا اتباعه، اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار يا. عفواً يا غفار، اجعل جمعنا
هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً. اللهم كن لنا ولا تكن علينا، فارحم حينا وميتنا، وحاضرنا وغائبنا. اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، واجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا وهو نور أبصارنا وصدورنا واجعله حجة لنا ولا تجعله حجة علينا. علمنا منه ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا واحشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب ومتعنا. بالنظر إلى وجهك الكريم أحينا مسلمين وأبتنا مسلمين غير فزارى ولا مفتونين. اللهم
انقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك. اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا ويا غياث المستغيثين أغثنا. اللهم يا رب العالمين استجب دعاءنا. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا واغفر لحينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا. اللهم يا رب العالمين حبب. حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ومن المتقين ومع القوم الصادقين يا أرحم الراحمين. اللهم نشهدك ونشهد حملة عرشك أننا نحبك ونحب نبيك ونحب من أحبك، فاللهم يا ربنا اهدِ بنا، اللهم اهدِ بنا، اللهم اهدِ بنا. وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وآله. وصحبه وسلم