كلمة فضيلة أ.د علي جمعة في مؤتمر الطريقة الرفاعية بمناسبة مولد القطب الرباني سيدي أحمد الرفاعي

في هذه الليلة المباركة وفي هذه الذكرى الطيبة وفي هذا المكان المبارك بهذا الجوار الكريم بجوار سيدي علي أبي شباك رضي الله تعالى عنه وأرضاه في مولد السيد الشريف الحسيب النسيب القطب الغوث الإمام أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه وأرضاه ونفعنا الله بعلومه في الدارين يا رب العالمين آمين في هذه الليلةُ الغرّاءُ وبذكرِ
الصالحين تتنزّلُ الرحماتُ. نذكرُ هذا الإمامَ الذي وُلدَ كما هو مسطورٌ في الكتبِ في القرنِ السادسِ الهجريِّ في خمسمائةٍ واثنتي عشرةَ، وفي هذه السنةِ أضاءَ الكونُ بسيدِ الأولياءِ بالقطبِ الغوثِ أحمدَ الرفاعيِّ رضيَ اللهُ تعالى عنهُ وأرضاهُ. كان خالُهُ البطائحيُّ قد رأى سيدَنا رسولَ اللهِ صلى. الله عليه وسلم في المنام ورؤية سيدنا صلى الله عليه وسلم حق لا يأتيها الباطل ولا يتمثل الشيطان به، فأخبره بأن أخته وهي أم السيد الشريف السيد أحمد الرفاعي ستحمل
في سيد الأولياء بعد أربعين يوماً، وقد حملت السيدة الشريفة في هذا القطب وهذا الإمام الكبير وولدته في هذه. السنة المباركة في سنة خمسمائة واثني عشر، وعاش ومات في ريعان قوته وشبابه، ولكن على حد قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث مات وانتقل إلى الرفيق الأعلى سنة خمسمائة اثنين وسبعين، وقيل ثمانية وسبعين، يعني ستين سنة، يعني ما زال في قوته وفي عطائه لكنه مَلّ. الأرض نورا
وهذا النور خرج ريف بإخلاص والإخلاص يجعل الكلمة تتجاوز الزمان وتتجاوز المكان وتتجاوز الأشخاص الحاضرين وتتجاوز الأحوال على اختلافها فكان حال السيد أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه كذلك تجاوزت كلمته الخيرة الطيبة الزمان والمكان والأشخاص والأحوال وكان قد تزوج ورزقه الله سبحانه وتعالى ببنت هذه البنت تزوجت فولدت. أحمد عز الدين، وفي
اللغة العربية يقدمون عز الدين على أحمد، وسُمِّي بالصياد لاستياضة الفوائد والشوارد في العلوم المختلفة. عز الدين أحمد كان ابن بنت الإمام الرفاعي، وجاء إلى مصر وجلس بها ودرَّس، وكان له تلاميذ كثيرون. ثم بعد ذلك تزوج من بيت الملك الأفضل وأخبر حماته بأن زوجته حامل، فلو... ولدت بنتًا تضع في عنقها هذا العقد وأعطاها عقدًا، وإذا ولدت ولدًا فإنها
تربطه على ذراعه، وإذا أراد أن يراه وكان حيًا فليضرب هذا الشباك - وأشار إلى شباك بعينه في المنزل - فيراني. وقد خلّف السيد أحمد ولدًا وسُمّي بعلي، وهو الذي نحن في حضرته الآن في هذا المسجد الشريف. الذي بُنِيَ من أجله ومن أجل أن الله سبحانه وتعالى أجرى على الحضور عنده علامة لاستجابة الدعاء، فما أتاه أحد ودعا الله سبحانه وتعالى إلا استجاب الله له. السيد علي لما كَبُرَ سأل عن أبيه واشتاق إليه، فتذكرت
الجدة - وأمه كانت قد ماتت إلى رحمة الله تعالى - السيدة درية خاتون. وأتت له بالعقد وربطته على ذراعه كما أوصى السيد أحمد عز الدين وأشارت له إلى الشباك الذي يضربه فيرى أباه، ففتحه فرأى أباه، وأبوه حينئذ يعيش في الشام. بعد ذلك ذهب السيد علي إلى أبيه السيد أحمد في الشام حتى يتعلم منه من ناحية واشتياقاً لمصاحبته من ناحية أخرى، فصاحبه. حتى لبس خرقة الصوفية والخرقة كانت عندهم علامة على الصحبة وقال له إن مصر أولى
بك وقد كان فمصر أولى به إلى يوم الناس هذا وجاءت الفاضلة أم الخديو إسماعيل خشيار هانم وبنت هذا المسجد الكبير لما رأته من كرامات تشبه المعجزات حول هذا القبر المنيف والضريح الطاهر الذي أجرى الله سبحانه وتعالى واستجابة الدعاء، يتساءل بعض قساة القلوب: لماذا لا يكونون الآن مثل هذا الذي كان في الماضي؟ عقد يربطه، ورجل يوصي بفتح شباك فيراه. لِمَ ذهبت هذه الأشياء؟ لأن القلوب قد قست، ولأن المشاغل
قد شغلت، ولأن الناس قد التفتوا إلى الدنيا وأنكروا ما هو في عالم الغيب. الغيب ولأن الناس لم تلتفت لا إلى ذكر ولا إلى فكر ولا إلى تخلية ولا إلى تحلية بل التفتوا إلى حياة دنيا وكأنهم لا يغادرونها وهم يرون موتًا كل لحظة وكل يوم ولكنهم لا يتعظون لأن الإنسان وما سُمِّي الإنسان إلا لنسيانه وما أول ناس إلا أول الناس فعاهد آدم. ربه فنسي فنسيت ذريته، هذا هو حالنا. كان شائع الذكر والتقوى وقلة
المنام وقلة الأنام وقلة الكلام وقلة الطعام، ولكن الآن ما الذي نحن فيه؟ نحن في رغبة عارمة وفي غفلة شديدة، فيجب علينا أن نرجع إلى قوله تعالى: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون". يجب أن نرجع إلى... قوله تعالى عالم الغيب والشهادة، فالله له غيب وله شهادة، الذين يؤمنون بالغيب. ندعو الله سبحانه وتعالى في هذه الساعات المباركة التي جمعنا فيها في الدنيا أن يجمعنا في الآخرة تحت لواء نبيه يوم القيامة، وأن نشرب من يده الشريفة شربة ماء
لا نظمأ بعدها أبداً، ونقول يا رب أنا. في حاجةٍ إليك ولستَ في حاجةٍ إلى مؤاخذتنا فاعفُ عنا بعفوك وارضَ عنا برضاك وافتح علينا فتوح العارفين بك وأدخلنا الجنة من غير حسابٍ ولا سابقة عقابٍ ولا عتاب، كن لنا ولا تكن علينا فارحم حيَّنا وميتنا وحاضرنا وغائبنا وارضَ عن صاحب هذا المقام الشريف وانفعنا بعلومه وبعلوم سيدنا القطب. الغوث أحمد الرفاعي انفعنا به في الدنيا والآخرة إنك على ذلك قدير، وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح. ولا حول ولا قوة إلا بالله. وفي
النهاية أنقل لكم تحيات وتبركات شيخ مشايخ الطرق الصوفية فضيلة الدكتور عبد الهادي القصبي حال وصوله إلى هذا المكان الشريف للمشاركة في هذه الليلة المباركة. العوارض التي أقامها الله فيها لخدمة المسلمين، فنرجو الله سبحانه وتعالى أن يكون معنا بالأرواح حتى وإن غابت الأشباح، كما كان سيدي أحمد الرفاعي يقول عندما حضر إلى الحضرة المصطفوية النبوية. فاللهم صلِّ وسلم على سيدنا النبي وعلى آله وصحبه وسلم. كل عام وأنتم بخير ومصر بخير محروسة بأوليائها، نسأل... الله سبحانه
حرمني اللهم وكلماتكم في طفولة