كيف نصلي على النبي | خطبة جمعة 2006 - 07 -21 | أ.د علي جمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين، وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين، وصل
وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين، وصل وسلم على سيدنا محمد في العالمين، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار إلى يوم الدين. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم،
ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله، وإن شر الأمور محدثاتها، فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. يحدثنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الزمان سيتغير وأنه توشك أن تتداعى علينا الأمم كما تتداعى الآكلة إلى قصعة الطعام، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، أنتم يومئذ كثير، ولكن
غثاء كغثاء السيل، ينزع الله المهابة من قلوب عدوكم ويلقي الوهن في قلوبكم. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت. أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى كل خير وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ما ترك لنا شيئا يقربنا إلى الله يقربنا إلى الجنة يبعدنا عن النار إلا وقد أمرنا به، ولم يدع شيئا يقربنا من النار ويبعدنا عن الجنة ويبعدنا عن الله إلا وحذرنا منه ونهانا عنه تركنا المحجة البيضاء وجاءت
عصور الفتن وشاعت الذنوب في الأمة والمعاصي في الأفراد وقست القلوب وطال علينا الأمد وتسلطت علينا الأمم بذنوبنا قبل أن يكون أي شيء غير ذلك، فما المخرج؟ المخرج هو التوبة وأن نعود إلى الله وأن نجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الأسوة الحسنة في حياتنا وأن نجعله هو المرشد الأكمل كما ارتضاه الله سبحانه وتعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا وكيف التوبة
إلى الله والإقلاع عن الذنوب والنفوس تأبى التوبة وتأبى الإقلاع عن هذه الذنوب أكثروا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل والنهار، ألا بذكر الله تطمئن القلوب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو أحد ركني الشهادة، فلا تتم لأحد من الناس، لا يتم له الإيمان ولا الدخول في الإسلام بأن يقول لا إله إلا الله أو أشهد أن لا إله إلا الله حتى يقول الركن الثاني من الشهادة وأشهد أن محمدا رسول الله وجميع الأعمال بين القبول والرد إلا
ما كان متعلقا بالجناب الأجل صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك فصلاتك وصيامك وحجك وسائر أعمالك قد تقبل وقد لا تقبل أما الصلاة على النبي المصطفى والحبيب المجتبى فإن الله يقبلها لأنها تعلقت بحبيبه ولذلك جاء أبي بن كعب يقول: يا رسول الله، أأجعل لك ثلث مجلسي في الذكر بأن أصلي على النبي ثلث الوقت الذي خصصته لذكر الله؟ قال: افعل. قال: أأجعل لك نصفه؟ قال: افعل. قال: أأجعله لك كله؟ قال: إذن تكفى وتوقى. وربنا سبحانه وتعالى يقول: إن الله وملائكته
يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما فأمرنا أمرا واضحا صريحا ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال لسانك رطبا بذكر الله لما سئل عن عمل إذا ما فعلناه أثبت لنا الدين وأمسكنا بعروته الوثقى فماذا نفعل لا يزال لسانك رطبا بذكر الله وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تذكر ربك وتطلب منه أن يصلي عليه، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، فلسانك يذكر اسم الله ولسانك يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يصلي عليه. أيها المؤمنون، لكل قول حقيقة في الفعل
وفي الاعتقاد، فإذا كان اللسان يذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما يليق به وبما أمرنا الله به ويكون ذلك الذكر مفتاحا لنا لسائر توبتنا وأعمالنا وعنوانا لحياتنا فإن الله سبحانه وتعالى يقول سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولون ما لا تفعلون إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، نعم إذا كانت الصلاة على النبي بالألسنة فإن لها حقيقة في العمل، فإن لها حقيقة في العمل يجب
عليك أن تتحقق بها، يقول ربنا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما، فختم آية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأن المؤمنين يسلموا تسليما بأن نقول بألسنتنا اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، وهذا له حقيقة في العمل وحقيقته ألا نجعل في قلوبنا حرجا مما حكم به النبي المصطفى والحبيب المجتبى. صلى الله عليه وآله وسلم وأن نترجم ذلك في حياتنا، وبعد هذا والله سبحانه وتعالى
يضعنا على محك العمل يقول إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، نعم وفي سورة البقرة بعد ما قال يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج أخرجهم من السؤال عن النظر والبحث في متاهات العقول وقال بعدها قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم
كذلك جزاء الكافرين، فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم. وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين. الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين. وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، دستور للقتال في سبيل الله من غير عدوان، دستور لمن أخرجنا من ديارنا واعتدى علينا. فإذا نحن قد نسينا الجهاد وإذا نحن قد تنكبنا طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى بقلوبنا لا ننكر المنكر،
حتى بأدعيتنا لا ندعو لإخواننا المسلمين في كل مكان وهم يقتلون أطفالنا ونساءنا وشيوخنا حتى وقد امتلأت الدنيا ظلما وجورا على المسلمين في كل مكان يجب علينا أن نعود إلى رسول الله فنصلي عليه بألسنتنا وعلى مسابحنا ونصلي عليه في أفعالنا ونصلي عليه في قلوبنا ونقبل حكمته فينا يجب علينا أن نؤيد إخواننا بالمال والنفس وبالدعاء وبالتأييد وبالرأي العام، فهذا هو الصلاة على النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، هذا هو حقيقة الصلاة في العمل وفي الفعل. عباد الله قل إن كنتم
تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم، فإذا كنتم تحبون سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعوا لإخوانكم الذين حوصروا في كل مكان وظلموا وضربوا وقاتلوا إنما قاتلوا في سبيل الله من أجل صد العدوان ورفع الطغيان انصروهم بأموالكم وأنفسكم انصروهم في أعمالكم كونوا عباد الله متفقين على كلمة سواء هي أن لا نعبد إلا الله وأن نتخذ الخير سبيلا لنا وأن ندعو إلى السلام القائم على العدل وأن نكون كرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أفعالنا وفي طرقنا نفعل من أجل الله ونترك لأجل الله لا
تيأس لا تحبط فإنك مسلم ارفع رأسك فإن العالمين يحتاجون إليك يحتاجون إليك تترجم لهم عن رسول الله بلغوا عني ولو آية يحتاجون إليك ورسول الله قد أرسله ربه رحمة للعالمين يحتاجون إليك لأنك أنت الذي تدرك لسانه وكلامه ولأنك الذي قد خلقك الله في بلاد تؤمن به وتعلي شأنه وتصلي عليه بألسنتنا ويجب أن نصلي عليه بأفعالنا وعقائدنا فاللهم يا ربنا سدد خطانا وحبب إلينا رسولنا في
قلوبنا وحبب إلينا الإيمان يا أرحم الرحمن الرحيم ادعوا ربكم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل حتى أتاه اليقين، اللهم يا ربنا اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا ونور قلوبنا، اللهم أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين، آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار يا عفو يا غفار، واحشرنا تحت لواء نبيك
يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعده أبدا، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب ولا عتاب، كن لنا ولا تكن علينا، ارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا، واجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تجعل فينا شقيا ولا محروما، أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اهدنا في من هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت واصرف عنا شر ما قضيت سبحانك لا إله إلا أنت نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت أن تسدد رمي المجاهدين في سبيلك اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ارفع أيديهم
الأمم عندنا وردت علينا القدس ردا جميلا ووحدت قلوب أمة سيدنا محمد على الخير وعمارة الأرض يا أرحم الراحمين بلغنا دينك اللهم يا رب العالمين انقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك هب مسيئنا لمحسننا واستجب لنا اللهم انصرنا وانصر الإسلام والمسلمين في سائر البلدان يا أرحم الراحمين اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم يا ربنا كن لنا، اللهم يا ربنا ارحم ضعفنا، اللهم يا ربنا اجعلنا نذكرك بالليل والنهار واقبل منا صلاتنا على نبينا ومحبتنا فيه، اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا ويا غياث المستغيثين أغثنا، اللهم
اجعل هذا البلد رخاء سقيا دار أمن. وإيمان وسلام وإسلام وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين، وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين، وصل وسلم على سيدنا محمد في العالمين، وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين، اللهم وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار إلى يوم وأقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون