لا تغضب | أ.د علي جمعة | حديث الروح

لا تغضب | أ.د علي جمعة | حديث الروح - حديث الروح
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في هذا اللقاء مع أحاديث الأربعين النووية في كتابه الممتع للإمام النووي رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلمه في الدارين آمين، ومع الحديث السادس عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني، قال لا تغضب فردد مرارا
قال لا تغضب رواه البخاري، جاء رجل وهذا يبين أن الصحابة الكرام كانوا حريصين على طلب الوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني ووصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثيرة وجمعها العلماء منها ما جمعه فضيلة الشيخ طه العفيفي في وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم وصايا الرسول من هذا النوع بكلمات قليلة يفتح لنا أبوابا كثيرة جدا في الحياة في التعامل الاجتماعي والمجتمعي في
العلاقات في الإنسان مع ربه ومع نفسه ومع غيره لا تغضب كلمة بسيطة لكن سبحان الله تأتي لتنفذها فتجدها أنها تحتاج إلى تدريب وتحتاج إلى إيمان وتحتاج إلى عزيمة وهمة وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا أن تنتهك حدود الله فإذا انتهكت رأيت الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم كان لا يغضب لنفسه: ذات مرة كان أبو بكر جالسا مع سيدنا صلى الله عليه وسلم فدخل رجل ويبدو أنه كانت هناك معاملة بين ذلك الرجل وبين أبي بكر،
فأخذ أمام سيدنا يغلظ على أبي بكر في القول، وأبو بكر صامت تأدبا واحتشاما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرجل كل الخطوط الحمراء والزرقاء والسوداء وأخذ يسب أبا بكر وكذا إلى آخره فلما أثقل جدا بدأ أبو بكر في أن يرد عليه يعني قال له يعني ليس الأمر كذلك ما الذي أنت فقام النبي صلى الله عليه وسلم قام أبو بكر خلف النبي يجري قال يا رسول الله ألم تر يسبني قال رأيت ملكا يدافع عنك، فلما بدأت بالرد انصرف الملك. نازل من السماء يدافع عن هذا الذي ملك
نفسه حين الغضب، وكان النبي يقول ليس الشديد بالصرعة، الشديد ليس المصارع الذي نشاهده في التلفاز، لا وإنما الشديد الذي يملك نفسه حين الغضب، وكان يقول لا تغضب ولك الجنة. في هذا الحديث مفتاح لأمور كثيرة، كيف تستطيع أن تصل إلى هذه الحالة؟ تستطيع أن تصل إلى هذه الحالة إذا جعلت أذنك كبيرة تسمع، وبعد أن تسمع تفكر، وبعد أن تفكر تنصف، وبعد أن تنصف تقرر. إذا فعلت هذا لن تغضب، فإذا جاء شخص ينتقدك فأنت تفكر لعله أن يكون صحيحا هل هذا الشيء في الواقع ليس في إذن
فهو مخطئ إذن فهناك صورة خاطئة قد نقلت إليه إذن فلا بد علي أن أصحح هذه الصورة له دون غضب، كل هذه المسافة من التفكير ومن التلقي ومن ربط المعلومات ومن استحضار الحقيقة ومن التهيؤ للنصيحة لا تجعلك غاضبا أما إذا كنت بمجرد أن تسمع النقد أو الشتم أو السب أو الغيبة أو النميمة تثور وتغضب، فتعود على ألا تغضب، ولك الجنة إن لم تكن غاضبا، فأنت منصف وأنت مستمع جيد تتقبل الآراء وتحاورها وتستمع إليها وترد عليها، وهذا ما نحتاج إليه في أدب الاختلاف ما نحتاج إليه
في عصرنا الحاضر الذي يدعى فيه إلى الرأي والرأي الآخر، والمشاورة والمحاورة والتعايش، كل هذه الأشياء التي ندعو الناس إليها تحتاج إلى نوع من أنواع التفهم، وهذا التفهم لا يمكن أن يتم إلا ممن لا يغضب. لا تغضب، والغضب طبيعة، وهذه الطبيعة التي تكمن في النفس يستطيع الإنسان أن يقاومها كمقاومته لأي شهوة، بالتدريب نستطيع أن نصل إلى هذا المقام الرفيع والخلق العظيم، خلق لا تغضب. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.