لقاء مفتوح مع أ.د. علي جمعة والحبيب عمر بن حفيظ | ماليزيا | 25-5-2023

لقاء مفتوح مع أ.د. علي جمعة والحبيب عمر بن حفيظ | ماليزيا | 25-5-2023 - ندوات ومحاضرات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقام رئيس الوزراء وقبلتنا الدكتور علي، وحبيب أمر ذكرتم قبل قليل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "وخالق الناس بخلق حسن". أنفسهم بأنه من الألماء هو غياب الأدب والأخلاق إلى الاختلاف. هذا مما يؤسفنا حقاً، وعندك هذا هو الداء، داء العصر.
فما رأيكم في فما هو الدواء لهذا الداء بارك الله فيكم إن شاء الله. عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ذهب إلى أبي بن كعب ليسأله عن التقوى، فقال له: "يا أمير المؤمنين، هل سرت في وادٍ فيه شوك؟" قال: "نعم". قال: "فماذا فعلت؟" قال: "شمرت عن ثيابي وحذرت ما أرى من". قال الشوك: هذه هي التقوى، وأخذ هذا المعنى ابن المعتز
فصاغه شعراً: خلِّ الذنوب كبيرها وصغيرها ذاك التقى، واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى، لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى. سبب ما نشكو منه هو أننا نترك الأمر حتى يستفحل، فإذا صدر الأمر الصغير من قلة الأدب. تركناه لو أننا نبهنا وعلمنا، وإنما بُعثت معلماً. لو أننا قمنا بالنصيحة وبالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر في حينه، واتخذنا كلام ابن المعتز دستوراً
لنا: "لا تحقرنَّ صغيرةً، إن الجبال من الحصى"، لما واجهتنا جبال قلة الأدب. إذاً هناك مسؤولية عليَّ، حيث أن النبي علمنا: "ابدأ بنفسك ثم بمن يليك". عندما ترى مشكلة أن المسؤول الفلاني ليس على ما ينبغي أن يكون، حاول أن تتهم نفسك أن هناك شيئاً ما جعل الله يسلط هذا عليك. هذه النظرة ليست تهرباً من الواقع، بل هي محاولة لعلاج الواقع. فهيا بنا نبدأ، ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول،
ثم بمن يليك السبب في هذا. إننا تركنا الأمر حتى استفحل وكبر وعظم حتى شكونا منه وشكا منه الناس، إذاً هيا بنا نرجع إلى دائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح في دين الله. النصح في دين الله، هناك فرق بين النصيحة والفضيحة، وقد ألّف ابن رجب فيها الفرق بين النصيحة والتعيير. هناك شروط للنصيحة نطبقها. بأن تكون برفق، بأن تكون في البداية، في بداية التغيير هذا، بأن تكون في مقدورنا، بأن
يكون النصح لا يؤدي إلى حال أسوأ لنا. وهكذا شروط موجودة ذكرها العلماء للنصيحة الشرعية المرعية. فهذا هو ما ألهمنا الله به للإجابة على هذا السؤال، وهو سؤال منتشر في العالم كله لأن العصر. الذي نعيش فيه ليس عصر خير ولا عصراً تتنزل فيه الرحمات هكذا، نحن نحاول، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجر العامل فيهم كأجر خمسين منكم". قالوا: "منّا أم منهم يا رسول الله؟" قال: "بل منكم، فإنكم تجدون عوناً على الخير وهم لا يجدون". إذاً فلنتعامل مع
العصر. بما هو له، كيف تستمر في العمل؟ أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، فما بالك لو كثر. وكانت عندنا من الهمة ما نظهر به أمام ربنا سبحانه وتعالى بأننا نريد خيراً، ولكن الأجر على قدر المشقة. بارك الله فيك، جزى الله الشيخ علي خير الجزاء، وما ذكره فيه الغنية. التامة والكفاية، فنؤكد ما قال أننا عندما أهملنا الأمور من بداياتها وجذورها، كَبُرَتْ واستفحلت علينا. أهملنا
التربية في الديار والأسر، أهملنا تربية الناشئة الصغار، أهملنا تربية السمع والبصر منذ بداية نشأة الناشئ منا. فسحنا المجال لأن يسمعوا وأن يبصروا ما يُبعدهم عن حقائق التقوى وحقائق الأدب مع الله سبحانه. وتعالى وحينئذ أيضا يضيع الأدب مع الخلق، ومن لم يتأدب مع الخالق كيف يحسن الأدب مع المخلوقين؟ بهذا الإهمال والإضاعة لأسس التربية وللتزكية التي سمعنا الحديث عنها. وفي كلام أيضا رئيس الوزراء ما أصاب الأمة من كلامهم الذي انحصر في الاقتصاد وانحصر في التطور المادي مع نسيان الفضائل، مع نسيان. القيم مع نسيان
المقصود الأعلى من خلق الإنسان على ظهر هذه الأرض وخلافته عن الله جل جلاله، تأثرنا بثقافات كفار وثقافات منقطعين عن الله تبارك وتعالى، وجعلناهم كأنهم أئمة وكأنهم قدوة، وما هم إلا مخلوقون بشر مثلنا لا تميز لهم حتى في عالم المادة إلا بما استعملوا من الأسباب وهي أسباب يستعملها البر والفاجر، ومن قام بحقها وصل إلى النتيجة منها، ولكنها ليست هي الغاية. ما المقصود الأكبر من الخلق والوجود؟ وكيف يكون نجاح الإنسان وحقائق سعادته؟ ولذا تجدون أيضاً اليوم في العالم ما وصلت إليه من النتائج، وهم يدّعون ما يدّعون من التقدم، إلا أنه أدى إلى هذه الحروب ثروات الناس وأموالهم بعد
أن نهبوا من الناس ديانتهم ومثلهم العليا، على أنه في عالم الأرض من العجل من يستجيب لرفع لواء الجيم أو راية الجيم ليعيش الناس بالجسد كما ذكر الله تبارك وتعالى، إذا حمل هذا الميزان ليقوم الناس بالقسط، الناس مسلمهم وكافرهم، وكما أشار الشيخ علي حفظه الله. تبارك وتعالى كثيراً ما يصادفنا ويصادمنا بأشياء كثيرة لا نتوقعها، وكثير من الأشياء لا نستطيع أن ننجزها على الوجه الأكمل، ولكن لا عذر لنا في عمل المستطاع وفي المواصلة، كما ذُكر أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلت. فبذلك تحصل النتائج بمعونة الله تعالى من فوق، ومن يتقِ الله لا يضيع أجر المحسنين،
وقائل هذا قد دخل السجن وتعرض للظلم من إخوانه، ثم بعد ذلك كانت نهايته الكبيرة التي أشاد الله بها في القرآن. إنه من يتقي ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. جزاكم الله خيراً كثيراً. تفضل يا شيخ، ليس هناك نصيحة إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا وتركنا عليها واهتم علماء الإسلام بها وجعلوها في صدر كتبهم. النصيحة الأولى ما أخرجه البخاري في صدر صحيحه: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن
كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى" امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه، فحرر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النيات. فالنصيحة الأولى للأمراء وللعلماء أن يخلصوا النية لله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. إخلاص النية سوف يضعنا على الطريق الصحيح وسوف يضعنا على الاتجاه الصحيح، لأنه في بعض الأحيان نكون على طريق خاطئ. نذهب إلى الجنوب ونحن نريد أن نذهب إلى الشمال، وهنا نبتعد
عن هدفنا حتى نصل إلى ما حذر الله منه في قوله "في ضلال بعيد"، لأننا نبتعد عن هدفنا. الذي بيده أن يوفقنا أن نأخذ قطار الشمال إذا ما أردنا الشمال، وقطار الجنوب إذا ما أردنا الجنوب هو الله. لا بد من إخلاص النية، والنصيحة الثانية من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وهذا أصبح شبه مستحيل مع شبابنا بعد سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي
وشيوعها وإغراق الناس بها. عاد الناس يتكلمون فيما لا يعرفون، والله نهانا عن هذا وقال: "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع كل أولئك كان عنه مسؤولاً، وهذه مصيبة وبلية ابتُلي بها العالم، وليس المسلمون فقط. العالم ابتُلي بهذا البلاء الذي يجعل الإنسان يهرف بما لا يعرف. مصيبة عظيمة لم نجنِ ثمارها بعد، وسيجني ثمارها، إن تُركت على هذا الوضع، أبناؤنا وأحفادنا وأحفاد أحفادنا.
مصيبة كبرى أخرج مسلم في مقدمة صحيحه كأداة. ومفتاح وباب لكل شيء، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"، وفي رواية: "كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع". فأصبح الناس الآن يتبعون الشائعات ويتبعون ما يسمعون من غير توثيق ومن غير تأكد، حتى اختل النظام وظن
الناس في بعضهم. سوءه وهذه أمرنا الله بعكسها، أمرنا الله بغيرها، فتنبه فإنه يشكل على كثير من الناس. النصيحة الثالثة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الدين النصيحة، والدين النصيحة" لمن؟ لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. النصيحة الرابعة هي ما أمرنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم به من الصمت، وأن الكلمة. تملكها فإذا تكلمت بها ملكتك، كان الشافعي يقول: لم أقسم بالله لا صادقًا ولا كاذبًا. الكلام كَثُر فأصبحنا ظاهرة صوتية، في حين أن الله يرضى عنا عندما نكون متحققين بهذا الذي ندعو إليه من الأخلاق والقيم. الإمام
النووي لما رأى الشافعي يقول أن الإسلام بُني على ثلاثة أحاديث، والبيهقي قال... أنهم أربعة أحاديث والحليمي قال خمسة أحاديث، جُمعت هذه الأحاديث في الأربعين النووية، وهو مما يجب علينا أن نشيعه في أبنائنا وفي أنفسنا، لأن تلك الأحاديث هي النصائح التي نحتاجها، وكأن الله نوَّر قلب الإمام النووي ليرى حالنا في عصرنا واحتياجنا من المسؤولين والسياسيين والأمراء والعلماء لهذه الأحاديث الأساسية.
بالأربعين النووية والله المستعان ونشكر لكم حسن استماعكم، شكراً حبيب عمر. نؤكد على هذه النصائح الغالية القيمة ونقول: ننصح بحسن الاستماع والاتباع لتحصل لنا البشارة في قول الرحمن: "فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه". ننصحكم بهذا وبأن تغتنموا الفرصة التي أنتم فيها خلال أعمارنا القصيرة
التي تمر. الله تعالى قد هيأ لنا في هذا العالم، وهيأ لكم في بلدكم وفي نظامكم وفي إمكانياتكم وقدراتكم ما لم يهيئ لكثير من المسلمين في كثير من بلاد المسلمين. وهذه نعمة إن شُكرت زادت وأوصلت إلى خيرات كبيرة، وإن جُحدت وأُضيعت ذهبت وتفلتت من الناس. ويتأذن ربكم: "لئن شكرتم لأزيدنكم". وشكرها الشيخ علي وقيامنا بمهماتنا وواجباتنا على إخلاص النية وقصد وجه الله في أنفسنا وفي أهلينا وأولادنا ومواطن
التربية سواء كانت مدارس أو مساجد، بل خروج أثر التربية إلى الأسواق وإلى محلات اللغو واللهو، فكم فيها من أشخاص إذا وصلت إليهم النصيحة التي أوصانا بها الشيخ علي بأسلوب مناسب ولين يتأثرون من عنصر ضار وفاسد في المجتمع إلى عنصر نافع وصالح في المجتمع، ثم أختم النصيحة بتفقد أحوال أهل الضعف والفقر والحاجة والمسكنة والاضطرار، فهم الذين إذا رُحِموا رحم القدير الغفار سبحانه وتعالى الخلق، وهم الذين إذا أُهمل شأنهم
في منعهم مما يحتاجون إليه والتقصير في تفقد أحوالهم، فلجؤوا إلى الرب. وسألوه أن يُنزِل النجم على من حال بينهم وبين ما يجب لهم من الرأفة والرحمة وإعطاء الحقوق وفسح المجال لكي ينجوا بما يستطيعون. أخذ الله بالأيدي وأصلح ماليزيا وأهل ماليزيا والمسلمين في شرق آسيا وجميع قارة آسيا وفي جميع قارات الأرض في طولها، والأرض الحمد لله على ما هي لكم سبيل اغتنموا الفرصة التي أنتم فيها، أخذ الله بأيديكم وأجرى على أيديكم الخير الكثير، فإنكم أمام شرف خلط سعيكم في الحياة وسياستكم وقيامكم بحق العلم بنورانية
الوحي الرباني والبلاغ النبوي، ولا أصلح للخلق من ذلك مؤمنهم وكافرهم وصغيرهم وكبيرهم، ونقول نفرق بين الولاء والمودة وبين البر والقسط وحسن الجوار، فالولاء المودة لا يجوز أن تكون إلا لله وللمؤمنين من عباد الله، وأولهم الأنبياء والمرسلون، ثم المقربون والصالحون، ثم عموم المؤمنين. أما البر والقسط فواجب للكل، ويجب أن يُعطى للجميع، وقد أُمرنا به. وقال الله: "لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله". وقال:
"إنما ينهاكم..." الذين قاتلوكم في ديني وأخرجوكم من دياركم الظاهر على إخراجكم أن تولوهم. أما حسن الجوار والإحسان حتى إلى من أساء فمنهج رباني رحماني جاء به الأنبياء والمرسلون إلى سيدهم وخاتمهم صلى الله عليه وسلم. ولقد استحيا أسرى بدر من حسن إحسان الصحابة إليهم، استحيوا وهم مشركون من أنهم خُصوا بأطيب الذي يجعل في أيدي الصحابة عندما سمعوا وصية النبي صلى الله عليه وسلم بهؤلاء الأسرى، فكم من فرق بين الإحسان وبين الولاية. أقام
الله لكم في بلدكم أسسًا في الصدق معه لتكون مقدمة في الزمن الذي نعيش فيه لحسن الصلة بالله وترجمة منهجه في صلاح أمر العباد والبلاد وحمل الخير. للقريب والبعيد، أجرى الله على أيديكم الخير وحماكم من كل شر وأذى، والحمد لله رب