مجالس الطيبين| فضل شهر رجب، والإسراء والمعراج |أ.د. على جمعة

المترجم للقناة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين أظلنا شهر رجب وشهر رجب في التراث
الإسلامي يسمى بشهر رجب الأصم وبشهر رجب الأصب بالباء وبشهر رجب الفرد وهذه الصفات لشهر رجب أنه يعد أول الأشهر الحرم منفردا أي سنبدأ الأشهر الحرم إذا ما اعتبرنا أن نهاية الأشهر الحرم هي في المحرم الأشهر الحرم أربعة رجب وهو مفرد ولذلك يسمى الأصم ويسمى الفرد ويسمى الأصب لأن الله يصب فيه الرحمات على عباده فهو شهر مبارك وفي تهيئة لرمضان طبعا هو بعده شعبان قبله جمادى الآخرة
لكن هو بالرغم من ذلك هو في تهيئة لرمضان ثم ثلاثة على التوالي وهي شهور ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وربيع ثم يأتي رجب فرضا فإن قلنا ألف وأربعمائة وواحد وثلاثون السنة التي نحن فيها فإنه يكون المحرم هو الشهر الأول، بعد ذلك يأتي رجب وهو شهر لا قبله حرام ولا بعده حرام، ثم يأتي في نهاية السنة ذو القعدة وذو الحجة وهما شهران في نهاية السنة، لكن لو تأملنا في الاتصال والانفصال يكون هناك ثلاثة أشهر متتالية ذو القعدة ذو الحجة ثم السنة الجديدة فيها محرم وربيع ورجب وحده منفردا أصم الحقيقة
أن أحاديث كثيرة وردت عن شهر رجب وعن فضل رجب وعن صيام رجب وعن الصيام في رجب وأشياء من هذا القبيل لكنها في أغلبها أحاديث ضعيفة ولذلك ألف أمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر العسقلاني المصري شارح البخاري في فتح الباري ألف كتابا لطيفا صغيرا تتبع فيه ما ورد من أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ينسب إليه وضعفها وبين أنها ضعيفة، واسم هذا الكتاب اللطيف الصغير "تبيين العجب فيما ورد في شهر رجب" يعني في فضائله وفي العبادة فيه ونحو ذلك، وبالرغم من
لذلك فإن أيام الله جميعا تستحق منا فيها العبادة ونحرص فيها على العبادة، ومن الأشياء التي اختص بها رجب أن الإسراء والمعراج وهي المعجزة الكبرى العجيبة التي نتبين فيها ومنها معجزة وقدرة الله، أي أن جميع المعجزات فيها مخالفة للمعتاد لكن هذه معجزة الإسراء والمعراج فيها مخالفة للأكوان، وليس للعادة يخلق غيرها إلا الله لكن مخالفة الأكوان تبين أن الأمر كله بيد الله فما معنى الذي
نقوله هذا تعالوا لمعجزة النبي صلى الله عليه وسلم مثلا المعجزات الحسية وردت أكثر من ألف معجزة عن سيدنا النبي فمثلا كان في جيشه عائدا من غزوته فقل الماء مع الجيش وحدث أولا عدم وجود ماء للسقي في العطش وهذا العطش خطير في الحرارة والصحراء والجهد الخاص بالسفر أولا الوضوء يعني المسلمون يحبون أن تكون المياه بجانبهم وهكذا إلى آخره من أجل الوضوء نعم صحيح ربنا شرع التيمم بدلا
من الوضوء لكن الوضوء مهم والاغتسال ثانيا الدواب هذه الدواب روح وهذه الروح يسمونها الأرواح المحترمة هذه الدواب من الإبل والخيل هذه أرواح، إبلي أو بقرتي أو جملي أو بقرتي أو خيلي أو حماري أو نحو ذلك، أنا معي مياه وهم سيهلكون إن لم يشربوها ولا يتوضؤوا، فيجب أن أعطيها لهم وليس أنا فقط الذي أشربها، بل كذلك هذه الأرواح المحترمة يجب أن أحافظ مباشرة إلى التيمم واترك الماء لهذه الروح المحترمة فالنبي عليه الصلاة والسلام وضع يده في إناء يسمونه
ركوة صغيرة هكذا مثل القربة ففاض الماء حتى سقى الجيش معجزة إنها معجزة يعني ما خالفت الأكوان يعني المياه كانت قليلة وكثرت نعم هي خالفت العادة لكن ليست ضد القانون كون هذه المياه تكاثرت، حسنا إن المياه لا تتكاثر، فالمياه لها دورة تصعد بخارا من البحار وتذهب إلى السحاب وتنزل مرة أخرى على منابع الأنهار ثم بعد ذلك تصب في البحار، دورة لها
دورة، ولكنها في ذاتها لا تتكاثر في ذاتها، فلما تكاثرت في ذاتها فهي معجزة، ولكن هذه المعجزة أي كونها مرئية محسوسة ليست مخالفة للقوانين الكونية، الجذع الذي وضع في المسجد ماذا يعني؟ بكى عندما ترك سيدنا رسول الله إياه وذهب إلى منبر صنع منبرا من الأعواد، وبعد ذلك بكى الجذع، جميع الصحابة الذين في المسجد سمعوا الجذع وهو يئن، أنين الجذع أخرجه البخاري، نزل رسول الله عليه وسلم من رحمته وضم الجذع في صدره الشريف وهمس إليه بالكلام فسكن الجذع، هذا الكلام كله أمام الصحابة معجزة،
الجذع لا يتكلم ولا يئن ولا يبكي في العادة لكن هذا حدث والناس رأت، ربنا يقول عن الأشياء وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ويصف الأشياء التي حولنا بأنها تسجد لله سبحانه وتعالى والنجم والشجر يسجدان يعني كل شيء يسجد ويسبح ويكلمها ربنا ائتي طوعا أو كرها قالت أتينا طائعين وإن عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها يعني يصف الكائنات يجعلك تشعر إنك أنت والكون هذا كله معك ويسجد كما تسجد ويسبح كما تسبح ويحب ربنا فلا تجلس أنت إذن تعارض الكون وتعارض الإله وتعارض كل شيء وتعارض نفسك فمثل هذا يشعر
الإنسان أنه ليس وحده حتى لو كان وحيدا وإنما حوله يسبح بحمد الله سبحانه وتعالى معجزات ولكن تعال فقد كان في معجزة الإسراء والمعراج شيء غريب جدا، انتقال النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى القدس عن طريق البراق، معقول أن تكون معجزة نعم لأنها مخالفة للعادة، لكنها لم تخالف القانون الكوني، فالبراق هذا مثل الطائرة لكنه ليس طائرة، لكنه مثل الطائرة، ولذلك عندما جاءنا الطيران لم وننتقل من مكة إلى القدس، كم تستغرق الطائرة من مكة إلى القدس؟ تستغرق ساعة ونصف. فهل يمكن أن
نجعلها نصف ساعة؟ يمكن أن تسرع الطائرة قليلا، يمكن أن نجعلها خمس دقائق، يمكن أن نخترع شيئا يكون سريعا جدا بحيث نصل في خمس دقائق. كل هذا ليس ضد قوانين الكون. هو يصف صلى الله عليه وسلم هذه الكائنات فيصف بأن السماء الدنيا في سبع سماوات السماء الدنيا كحلقة في فلاة في صحراء كبيرة جدا بالنسبة للسماء الثانية السماء الثانية كبيرة جدا فتصبح حلقة في فلاة بالنسبة للسماء الثالثة والثالثة حلقة في فلاة بالنسبة إلى الرابعة الخامسة السادسة السابعة والسابعة حلقة في فلاة بالنسبة للعرش الواحد يعجز عن تصور حجم السماوات هذه بينما يأتي اليوم ربما في السماء الدنيا ويقول لك إشعاع
الشمس والضوء هو أسرع الكائنات يصل إلى الأرض في ثماني دقائق لا هذا في ملايين السنين الضوئية لا هذا في مجرة والمجرة كذا إلى آخره فما بالك بالسماء هذه أم العرش سدرة المنتهى متى نصل إليها ومتى نرى بعد الفاصل، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. قبل الفاصل كنا نسأل إذا كان هذا الكون كبيرا جدا وأصبحنا نعد فيه ملايين السنين الضوئية، والسنة الضوئية معناها ما هي المسافة
الضوء خلال سنة للانتقال من مكان إلى مكان، الضوء سرعته كبيرة جدا ويمكن أن تبلغ ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية، لكن هذه الثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية لو استمرت لمدة سنة فستقطع كم من المسافة؟ مسافة كبيرة جدا لكنها سنة، فما رأيك في مليون سنة؟ هذه مسافة مضروبة في مليون، كبيرة جدا وكل ذلك في خلال السماء الدنيا المشاهدة التي نستطيع أن نرصدها، فما بال السماوات السبع إذن؟ وقد قلنا إن الأولى حلقة في فلاة بالنسبة للسماء الثانية، والثانية بالنسبة للثالثة وهكذا إلى السابعة، والسابعة حلقة صغيرة في صحراء كبيرة بالنسبة لحجم العرش، فكم تكون المسافات؟ مسافات لا
نملك لها أسماء لأرقام كي نقولها ولذلك يطلقون عليها أرقاما فلكية أي أرقاما خارجة عن الحصر أنت ذكرت في الرياضيات أنهم صنعوا شيئا يسمى جوجول وهو واحد وأمامه مائة صفر وبعد ذلك صنعوا شيئا يسمى جوجول بليكس جوجول بليكس واحد أمامه مائة صفر أس واحد وأمامه مائة صفر أنتم تعرفون طبعا عشرة ستفعل يعني شيئا كبيرا جدا مليارا، لكن هذا بقي واحد وأمامه مائة صفر، قس واحد وأمامه مائة صفر ماذا يعني؟ لأجل الحكاية الفلكية هذه وأيضا ما عرفوا أن يحصروها، فإذا كان
النبي نورا وسراجا منيرا سينتقل من القدس إلى سدرة المنتهى فهذه ماذا؟ إذا كان نورا فهو محتاج في الذهاب إلى ملايين السنين الضوئية وسيحتاج في الإياب مثلها ملايين السنين الضوئية فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون ولننتبه إلى كلمة يكون في السماء الأولى فالثانية فالثالثة وهكذا إلى سدرة المنتهى فيمكننا أن نقول إنه كون أي بأمر الله ولا شأن لنا بعد ذلك لا بسنين ضوئية أم بسرعة الضوء أم هو النبي نور أم ليس نورا أم لا شأن لنا بهذا الكلام
كله ولا بهذه الخيالات جميعها، سيدنا النبي هو نور ونور الهداية وسيدنا النبي النور المحمدي هذا هو الحقيقة المحمدية، ولكن لا يصح لا يصح أن نقول هذا نور فانتقل بسرعة، لا ليس كذلك هو رب العالمين أمر بأن تكون هذه الأجساد الشريفة هنا، ثم أمر أن تكون هنا، ليس لنا شأن بعد ذلك بالمسافات، ثم أمر أن تكون هنا وهكذا، ولذلك هي معجزة لا علاقة لها بقوانين الكون التي خلقها الله، وتأتي المعجزة، التي تجري على أيدي الأنبياء معجزات لا تخالف
قوانين إنما تخالف العادة، أما في الإسراء فقد خالفت القانون نفسه، وهذا يبين لنا أمرا بسيطا يؤمن به كل مؤمن وهو أن الله على كل شيء قدير. تحت هذا العنوان وبهذا الإيمان وعظمة ربنا سبحانه وتعالى فهو قادر من غير حساب ولا دخول في تبريرات قد تكون منسوبة إلى العلم الملموس أبدا، القضية ليست هكذا، بل القضية هي أن الله قال لشيء كن فيكون، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. الإسراء
والمعراج يعني في شهر رجب، لكن نحن نريد أن نقول أولا أن رجب هو شهر الرحمة وهو شهر منفرد وهو شهر الحرمة، فيحرم فيه القتال، يحرم القتال بين المسلمين وغير المسلمين ويحرم فيه القتال بين المسلمين والمسلمين من باب أولى، وهذه الفتن العمياء الصماء التي نجدها منتشرة في الأرض قد نسيت تماما الشهر الحرام. الشهر الحرام جعله الله سبحانه وتعالى من أجل ألا ندخل في نزاعات لا دولية ولا إقليمية ولا من أجل مصالح ولا غيرها ذلك الذي أباحه الله لنا في الشهر الحرام فقط
هو الدفاع عن النفس وغير ذلك فهو محرم، يجب على المسلمين أن يدركوا هذه الحقيقة وأن تطمئن نفوسهم لها، وما فعل الله ذلك وشرعه لنا إلا للخير، لأن الإنسان عندما يهدأ حتى لو كان في الأزمة يعرف كيف يفكر، ويمنح هدنة. مع أحواله وأمواله وجسده وأهله وناسه لكي يتعاملوا مع الواقع المعاملة الصحيحة هذا أولا في شهر رجب كما أنه ثانيا يأتي بالرحمة وبالنور وبمزيد من الإيمان مع
الإسراء والمعراج الذي هو عبارة عن النقطة الفارقة في حياة المسلمين في الإسراء والمعراج فقد حدث أنه فرضت الصلاة وفي الإسراء وفي الإسراء والمعراج حدثت أنواع شتى من النهي عن الكبائر وعن الذنوب وعن الغفلة، وكان الإسراء والمعراج تسلية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن توفيت السيدة خديجة وبعد أن توفي عمه أبو طالب في عام الحزن، وكان ذلك تهيئة، فتعددت الأمثلة التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك لنا نموذج الحبشة، ترك لنا نموذج مكة، كيف نتعايش مع الآخرين
الذين ينكروننا، كيف نتعايش في الحبشة مع الآخرين الذين يقبلوننا، كيف نتعايش في المدينة ذات التعددية الدينية والفكرية والقبلية، كيف نتعامل وقد انصهر الجميع في دولة واحدة واستقل الجميع بدولة واحدة، أربعة نماذج تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك من نقطة فارقة ابتدأنا بها وهي نقطة الإسراء والمعراج بعض الناس يسأل عن صيام اليوم الأول في رجب أو صيام يوم الإسراء والمعراج في السابع والعشرين أو شيء من هذا القبيل كل هذا على حد مباح وليس فيه سنة متبعة ولكن
كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أول الشهر وآخره وكان يصوم ثلاثة أيام في الشهر وهي المسماة بالليالي البيض ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر فالصيام عبادة مستحبة في هذه المناسبات نتذكر قوله تعالى وذكرهم بأيام الله نذكر الناس بالدروس المستفادة نذكر الناس لأن التذكير مهم خاصة في عصرنا هذا أصبح جزءا لا يتجزأ من الدعوة وجزءا لا يتجزأ من فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ولذلك فنحن ندعو الناس إلى التذكر يعني أنا لا أريد أن أقول الاحتفال وإن كان الاحتفال جائزا بأيام الله والفرح بها فهذه معجزة
كبيرة لنبينا تثبت قدرة ربنا سبحانه وتعالى وهذه هي أيام الله في الحقيقة شهر رجب المبارك هو شهر مبارك ويتهيأ فيه لرمضان، أي انتبهوا إلى أنكم الآن أمامكم نحو شهرين أو أقل لدخول رمضان، ورمضان هذا لا نريده أن يفوتنا أبدا لأن الله جعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فيجب علينا أن نستعد، يجب علينا أن نقلع عن غفلتنا وعن ذنوبنا وأن نرجع مرة أخرى إلى كل خير، يجب علينا من الآن أن نبدأ في الإصلاح وفي صلة الرحم وفي إزالة الشحناء بين الناس، في
مودة الجيران. نريد أن ندخل رمضان برجاء رحمة الله، وهو شهر مقدس وفيه تنزل الرحمات، أن ندخل رمضان ونحن مستعدون له منذ اليوم الأول، كل عام وأنتم بخير وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.