مجلس إقراء نور العيون في سيرة الأمين المأمون صلى الله عليه وآله وسلم | أ.د علي جمعة

مجلس إقراء نور العيون في سيرة الأمين المأمون صلى الله عليه وآله وسلم | أ.د علي جمعة - السيرة, سيدنا محمد, ندوات ومحاضرات
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. نفتتح كتاب نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون صلى الله عليه وآله وسلم لشمس الدنيا والدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس رضي الله تعالى عنه ورحمه الله. المتوفى سنة سبع مائة وأربع وثلاثين من الهجرة النبوية الشريفة والمدفون بجوار
سيدي عبد الله بن أبي جمرة وسيدي ابن عطاء الله السكندري في هذه المقبرة المباركة في سفح المقطم وبها جملة من العلماء، دُفن بها الكمال بن الهمام الحنفي ودُفن بها المجتهد مجتهد الدنيا ابن دقيق العيد ودُفن بها. سيدي ابن عطاء الله السكندري ودُفن بها، سيدي عبد الله بن أبي جمرة ودُفن بها ابن سيد الناس مع غيرهم من الأولياء والأتقياء، وهذه المنطقة هي التي كانت تختلي فيها السيدة نفيسة في معبد شهير، كانت تعتزل الأيام
ذوات العدد تأسّياً برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذهب إلى غار حراء كان لها مكان خاص معروف مشهور هناك يُسمى بمعبد السيدة نفيسة، وهذا بخلاف قبرها الشريف الذي كانت تُحييه بقراءة القرآن كله. كانت تقرأ القرآن كله في قبرها حتى وصلت إلى مائة وخمس وأربعين ختمة في قبرها الشريف الذي تظهر عليه أنوار لا تخفى على كل إنسان، سيدي ابن سيد. الناس ممن بارك الله في علمهم ونقرأ الآن نور
العيون في ملخص سيرة سيدنا محمد الأمين المأمون صلى الله عليه وآله وسلم. تفضل. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لنا ذنوبنا ولوالدينا ولمشايخنا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين. والمؤمنات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين ورضي الله عنكم. قال مولانا الإمام الشيخ العلامة المحقق المتقن فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناسي اليعمري الربعي قدَّس الله روحه - بعد حمد الله فاتح
أبواب الندى ومانح أسباب الهدى، والصلاة والسلام على نبيه محمد الذي ابتعثه الله محجةً لمن اهتدى وحجةً على من اعتدى، وآله وصحبه الذين أحيوا سنته على طول المدى. فلمَّا وضعتُ كتابي المسمى "عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير" ممتعاً في بابه، مُغنياً عما سواه لقاصدِ هذا العلم وطلابه، رأيتُ أن ألخِّص في هذه الأوراق منه ما قرُبَ مأخذه ونقله وسهُلَ. تناولتُه وحملته ليكون للمبتدئ تبصرةً وللمنتهي تذكرةً، وسميته "نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون". فنقول
ومن الله نستمد توفيقنا، وإياه نسأله أن يسهل لنا إلى كل خير طريقنا. ذكر نسب النبي صلى الله عليه وسلم: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم. بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، هذا هو المتفق عليه، وفيما بعد عدنان
أمران: الأول مولده صلى الله عليه وسلم. في هذا الباب أمران: الأول ضبطوا كلمة إلياس واختلفوا فيها هل هي إلياس أو إلياس بالهمزة أو بالتخفيف. والثاني آمنة عليها السلام أم سيدنا النبي كانت وحيدة لأبيها وأمها فليس لها أخ وليست لها أخت، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له خال وليست له خالة لأن آمنة. كانت وحيدة ولذلك
فإن بنات خاله وبنات خالاته إنما هنّ في بني النجار وليس من الخؤول المباشر وإنما من الخؤول بالدرجة. مولده صلى الله عليه وسلم، وُلد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في شهر ربيع الأول من عام الفيل، قيل في ثانيه وقيل في ثالثه وقيل في ثاني عشره وقيل غير ذلك. وكانت قد حملت به أمه في أيام التشريق عند الجمرة الوسطى وقيل غير ذلك، وليلة ميلاده عليه الصلاة والسلام اضطرب إيوان كسرى حتى سُمع صوته وسقطت منه أربع
عشرة شُرفة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة. أرضعته صلى الله عليه وسلم وأرضعته. عليه الصلاة والسلام، حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، وعندها شُقَّ صدره ومُلِئَ حكمةً وإيماناً بعد أن استُخرِج حظ الشيطان منه صلى الله عليه وسلم. وهنا تكلم أهل الله أن حظ الشيطان الذي رُفِع من قلبه هو توجه الرحمة حتى لا يرحم إبليس، لأنه لو تُرِك على حاله لَرَحِمَ إبليس، وإبليس. ليس ممن أراد الله رحمته
بل جعله شيطانًا رجيمًا أي مرجومًا، لعينًا أي ملعونًا. ولذلك حتى يتم توافق قلب النبي مع مراد الله، فأنزل الملائكة ترفع حظ الشيطان من الرحمة من قلبه، حتى إذا ترك نفسه لنفسه لا يرحم الشيطان، لأن قلبه ليس فيه هذا المخلوق إطلاقًا. فالحمد لله رب. العالمين رضي الله تعالى عنكم وأرضعته صلى الله عليه وسلم أيضاً ثويبة الإسلامية جارية أبي لهب، وحضنته صلى الله عليه وسلم أم أيمن بركة الحبشية، وكان ورثها من أبيه، فلما كبر أعتقها
وزوجها زيد بن حارثة. نشأته صلى الله عليه وسلم وتوفي أبوه صلى الله عليه. وسلم وهو حمل، وقيل وله شهران، وقيل سبعة، وقيل مات أبوه وله ثمانية وعشرون شهرًا. وماتت أمه وهو ابن أربع سنين، وقيل ست سنوات. وكفله صلى الله عليه وسلم جده عبد المطلب، فلما بلغ ثمان سنين وشهرين وعشرة أيام توفي جده عبد المطلب، فتولى رعايته عمه أبو طالب. ولما بلغ اثنتي عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام، فلما بلغ بصرى رآه بحيرا الراهب فعرفه بصفته، فجاءه وأخذ
بيده وقال: "هذا رسول رب العالمين، يبعثه الله رحمة للعالمين. إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خرّ ساجداً، ولا يسجدان إلا لنبي". وإنا نجده في كتبنا موصوفاً وعند من تقدمنا معروفاً، ثم قال لأبي طالب: "لئن قدمت به الشام لاقتلنه اليهود"، فرده خوفاً عليه منهم. ثم خرج صلى الله عليه وسلم مرة ثانية إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة رضي الله عنها في تجارة لها قبل أن يتزوجها، فلما قدم الشام نزل. تحتَ ظلِّ شجرةٍ قريباً من صومعةِ راهبٍ فقالَ الراهبُ: "ما نَزَلَ تحتَ هذه الشجرةِ
قطُّ إلا نبيٌّ"، وكانَ مَيْسَرةُ يقولُ: "إذا كانتِ الهاجرةُ واشتدَّ الحرُّ نَزَلَ مَلَكانِ من السماءِ أنظُرُهُما يُظِلّانِهِ". ولمّا رَجَعَ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ من سفرِهِ هذا تزوَّجَ خديجةَ بنتَ خويلدٍ وعُمرُهُ خمسٌ وعشرونَ سنةً وشهرانِ وعشرةُ أيامٍ. أيام وقيل غير ذلك. ولما بلغ صلى الله عليه وسلم خمسًا وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة ووضع الحجر الأسود بيده. وعندما بلغ صلى الله عليه وسلم أربعين سنة ويومًا بعثه الله تبارك وتعالى للعالمين بشيرًا ونذيرًا، وأتاه جبريل عليه السلام بالوحي من رب العالمين في غار. حراء
فقال اقرأ فقال عليه الصلاة والسلام ما أنا بقارئ. قال صلى الله عليه وسلم: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد جهدي ثم أرسلني فقال اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ. فقال لي في الثالثة: اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم. الإنسان ما لم يعلم وكان مبدأ النبوة فيما ذُكر يوم الاثنين ثامن شهر ربيع الأول، ثم حاصره أهل مكة في الشعب فبقي محصوراً قرابة ثلاث سنوات هو وأهل بيته، وخرج من الحصار وعمره تسع وأربعون سنة، وبعد ذلك بثمانية أشهر وواحد وعشرين يوماً توفي
عمه أبو طالب، وتوفيت خديجة بعده. أبي طالب بثلاثة أيام، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم خمسين سنة وثلاثة أشهر قدم عليه جن نصيبين فأسلموا، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر أُسري به من بين زمزم والمقام إلى بيت المقدس، ثم أُوتي بالبراق فركبه وعُرج به إلى السماء وفُرضت الصلاة، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وخمسين سنة، هاجر من مكة إلى المدينة في يوم الاثنين لثمانٍ خلون من ربيع الأول، ودخل المدينة يوم الاثنين، فأقام بها عشر سنين سواء، وتوفي صلى الله عليه وسلم. وفي بعض هذه التواريخ خلاف
بين أهل النقل، ذكرنا منه ما حصلناه منها في كتابنا. المُسَمَّى بالعيون الأثر: كلمة "الاثنين" هي من صاحبات همزة الوصل، فـ"الاثنين" و"الاثنتين" تُكتَب من غير همزة، لكن اختلفوا في اسم اليوم الذي هو بين الأحد والثلاثاء: هل نكتبها بهمزة القطع أم أنها تبقى على أصلها بهمزة الوصل؟ خلاف بين علماء الرقم والإملاء، والمحقق هنا اختار أن يُثبتها، فأثبتها في كلها. لكن هي محل خلاف وسر
همزة الوصل أنها تذهب عند التصغير، فاثنين تصغيرها ثُنيّ، واثنتين تصغيرها ثُنيَّتين، فامرؤ تصغيرها مُرَيّ، والتصغير يُظهر الأصل، فيجعل هذه - لأنها ذهبت مع التصغير - أنها غير أصيلة، فلا تُقطع وإنما تكون موصولة. الآخرون قالوا هذا اسم يوم ولا علاقة له بالاثنين، طبعاً هو الأحد. واحد الاثنين اثنين الثلاثاء ثلاثة،
فالأيام كأنها الأول الثانية الثالثة الرابعة الخامس الخميس، ولكن هذا يرى أنها سُمِّي بها هذا اليوم الاثنين، فنثبتها قطعًا، وهما مذهبان تتخير منهما ما تشاء رضي الله تعالى عنكم. مغازيه صلى الله عليه وسلم، وكانت غزواته صلى الله عليه وسلم في هذه المدة خمسًا وعشرين. وقيل سبعاً وعشرين، قاتل منها في سبع: بدر، وأُحُد، والخندق، وبني قريظة، وبني المصطلق، وخيبر، وحنين، والطائف. وقيل قاتل أيضاً بوادي القرى والغابة وبني النضير. بعوثه صلى الله عليه وسلم: وكانت
بعوثه صلى الله عليه وسلم نحواً من خمسين. حجه صلى الله عليه وسلم: وحج صلى الله عليه وسلم بعد. فُرِضَ الحج حجة واحدة وقبل ذلك مرتين وخرج صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نهاراً بعد أن ترجَّل وادَّهن وتطيَّب فبات بذي الحليفة وقال صلى الله عليه وسلم: "أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة"، فأحرم بهما قارناً ودخل صلى الله. عليه وسلم مكة يوم الأحد صباحاً من كداء من الثنية العليا وطاف للقدوم فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً ثم خرج إلى الصفا فسعى
راكباً ثم أمر من لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة ونزل بأعلى الحجون فلما كان يوم التروية توجه صلى الله عليه وسلم إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبات بها وصلى بها الصبح، فلما طلعت الشمس سار إلى عرفة وضُرِبت قبته صلى الله عليه وسلم بنمرة، فأقام بها حتى زالت الشمس، فخطب الناس وصلى بهم الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ثم راح إلى الموقف فلم يزل يدعو ويهلل ويكبر حتى غابت الشمس، ثم دفع إلى المزدلفة. بعد الغروب وبات بها وصلى الصبح ثم وقف بالمشعر الحرام حتى أسفر ثم دفع صلى الله عليه وسلم
قبل طلوع الشمس إلى منى فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات وفي أيام التشريق الثلاثة كان يرمي في كل يوم منها الجمرات الثلاث ماشياً بسبع حصيات لكل جمرة، يبدأ بالجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخيف ثم بالجمرة الوسطى ثم بجمرة العقبة. العقبة ويطيل الدعاء عند الأولى والثانية، ونحر صلى الله عليه وسلم يوم نزوله من وأفاض إلى البيت فطاف به سبعاً، ثم أتى السقاية فاستسقى، ثم رجع إلى من، ثم نفر في اليوم الثالث فنزل المحصب وأعمر عائشة رضي الله عنها من التنعيم، ثم أمر بالرحيل، ثم طاف للوداع وتوجه إلى المدينة وأما وأما عمره صلى الله عليه وسلم فأربع كلها في ذي القعدة عمرة
يعني جمع عمرة والنبي اعتمر أربع مرات وحج مرة واحدة في الإسلام. هنا يقول أنه سعى راكباً حتى يبين جواز الركوب في الطواف وفي السعي لكنه خرج من مكة ماشياً وعاد إليها ماشياً فكل
هذه الرحلة. كانت على قدميه الشريفتين يقول:
طيب، كان هناك فائدة، رأيته عشرين شعرة ظاهر الوضاءة، يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر، حسن الخلق معتدل، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق، واسع الجبين، أزج الحاجبين من غير
قرن، أقنى العرنين، سهل. ضليع الخدين، أشنب الفم، مفلج الأسنان، بين كتفيه خاتم النبوة. يقول واصفه: لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم. عليه الصلاة والسلام. أسماؤه صلى الله عليه وسلم: ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي". الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب فلا نبي بعدي وفي رواية وأنا المقفى ونبي رحمة وفي صحيح مسلم ونبي الملحمة وسماه الله تعالى في كتابه العزيز بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً ورؤوفاً رحيماً رحمة
للعالمين ومحمداً وأحمدَ وطه وياسين ومزملاً ومدثراً وعبداً في قوله تبارك وتعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً وعبد الله في قوله سبحانه وأنه لما قام عبد الله يدعوه ونذيراً مبيناً في قوله جل سناؤه وقل إني أنا النذير المبين ومذكراً في قوله تقدست أسماؤه إنما أنت مذكر وقد ذُكر غير ذلك وأكثر هذه الأسماء صلى الله عليه وسلم ومن أخلاقه صلى الله عليه وسلم سُئلت عائشة رضي الله عنها عن أخلاقه فقالت كان خلقه القرآن، يغضب لغضبه
ويرضى لرضاه، ولا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها إلا أن تنتهك حرمات الله فيغضب لله، وإذا غضب صلى الله عليه وسلم لم يقم لغضبه أحد، وكان أشجع الناس وأسخاهم وأجودهم، ما سُئل شيئاً فقال لا، ولا يبيت في بيته. ديناراً ولا درهماً، فإن فَضَلَ ولم يجد من يأخذه وجاءه الليل، لم يرجع إلى منزله حتى يبرأ منه إلى من يحتاج إليه. لا يأخذ مما آتاه الله شيئاً إلا قوت أهله عاماً عاماً فقط، من أيسر ما يجد من التمر والشعير، ثم يؤثر من قوت أهله حتى ربما احتاج قبل. انقضاء العام، وكان صلى الله عليه وسلم أصدق الناس لهجة
وأوفاهم ذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة وأحلم الناس وأشدهم حياء، بل أشد حياء من العذراء في خدرها، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جُلّ نظره الملاحظة، وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تواضعاً. يجيب من دعاه من غني أو فقير أو حر أو عبد، وكان أرحم الناس، يُصغي الإناء للهرة، ولا يرفعه حتى تروى رحمةً لها. وكان صلى الله عليه وسلم أعف الناس وأشدهم إكراماً لأصحابه، لا يمد رجليه بينهم، ويوسع عليهم إذا ضاق المكان، ولم تكن ركبتاه تتقدم ركبة جليسه من رآه. بديهة
مهيبة، ومن خالطه أحبّه. له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره. يبدأ من لقيه بالسلام، ويتجمل لأصحابه، ويتفقدهم ويسأل عنهم، فمن مرض عاده، ومن غاب دعا له، ومن مات استرجع فيه وأتبعه الدعاء له، ومن كان يتخوف أن يكون وجد في نفسه شيئاً. انطلق إليه حتى يأتيه في منزله ويخرج إلى بساتين أصحابه ويأكل ضيافاتهم ويتألف أهل الشرف ويكرم أهل الفضل ولا يطوي بشره عن أحد ولا يجفو عليه ويقبل معذرة المعتذر إليه والقوي والضعيف عنده في الحق سواء ولا
يدع أحداً يمشي خلفه ويقول خلوا ظهري للملائكة ولا يدع أحداً يمشي معه. وهو راكبٌ حتى يحملَه، فإن أبى قال: "تقدَّمْني إلى المكان الذي تريد". يخدمُ صلّى الله عليه وسلم مَن خدمَه، وله عبيدٌ وإماءٌ لا يترفّع عليهم في مأكلٍ ولا مشربٍ ولا ملبسٍ. قال أنسٌ رضي الله عنه: "خدمتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عشرَ سنينَ، فوالله ما صحبتُه في..." حَضَرٌ أو سَفَرٌ لأخدمَهُ إلا كانت خدمتُهُ لي أكثرَ من خدمتي له، وما قال "أُفٍّ" قَطُّ، ولا قال لشيءٍ فعلتُه: "لِمَ فعلتَ كذا؟"، ولا لشيءٍ لم أفعلْهُ: "ألا فعلتَ كذا؟". وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ
فأمرَ بإصلاحِ شاةٍ، فقال رجلٌ: "يا رسولَ الله عليَّ ذبحُها"، وقال آخرُ: "عليَّ". سلخها وقال آخر على طبخها فقال صلى الله عليه وسلم وعلي جمع الحطب فقالوا يا رسول الله نحن نكفيك فقال قد علمت أنكم تكفونني ولكن أكره أن أتميز عليكم فإن الله تبارك وتعالى يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه وقام صلى الله عليه وسلم فجمع الحطب وكان صلى الله عليه وسلم في سفر فنزل إلى الصلاة ثم عاد راجعاً فقيل: يا رسول الله أين تريد؟ فقال: أعقل ناقتي. فقالوا: يا رسول الله نحن نعقلها عنك. فقال: لا يستعين أحد منكم بالناس ولو في قضمة من سواك.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر. وإذا انتهى إلى قومٍ جلس حيث انتهى به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه. لا يَحسب جليسُه أن أحداً أكرم عليه منه، وإذا جلس إليه أحدهم لم يقم صلى الله عليه وسلم حتى يقوم الذي جلس إليه، إلا أن يستعجله أمر فيستأذنه، ولا يقابل صلى الله عليه وسلم أحداً. بما يَكره ولا يُجازي السيئة بمثلها بل يعفو ويصفح، وكان صلى الله عليه وسلم يعود المرضى ويُحبُّ المساكين، يُجالسهم ويشهد جنائزهم، ولا يحقر فقيراً لفقره ولا يهاب مَلِكاً لمُلكه، يُعظِّم النعمة
وإن قلَّت ولا يذم منها شيئاً، فما عاب طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، وكان صلى الله عليه. وسلَّم يحفظ جاره ويكرم ضيفه، وكان أكثر الناس تبسماً وأحسنهم بِشْراً. لا يمضي له وقت في غير عمل لله عز وجل وفيما لا بد منه، وما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون قطيعة رحم فيكون أبعد الناس منه. يخصف نعله ويرقع ثوبه ويركب الفرس والبغلة والحمار ويُردِف. خلفه عبده أو غيره ويمسح وجه فرسه بطرف كمه أو بطرف ردائه، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ويكره الطيرة، وإذا جاءه ما يحب قال: "الحمد لله
رب العالمين"، وإذا جاءه ما يكره قال: "الحمد لله على كل حال"، وإذا رُفع الطعام من بين يديه قال: "الحمد لله". الذي أطعمنا وسقانا وآوانا وجعلنا مسلمين، وأكثر جلوسه صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، ويكسر الذكرى، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ويستغفر الله في المجلس الواحد مائة مرة. وكان صلى الله عليه وسلم يُسمع لصدره وهو في الصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء، وكان صلى الله عليه وسلم يصوم الاثنين والخميس. وثلاثة أيام من كل شهر وعاشوراء، وقلما كان يفطر يوم الجمعة، وأكثر صيامه في شعبان. وكان صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام
قلبه انتظاراً للوحي، وإذا نام نفخ ولا يغط، وإذا استيقظ قال: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور". أكله صلى الله عليه وسلم وكان صلى كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصدقة ويأكل الهدية ويكافئ عليها، ولا يتأنق في مأكله. وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع. وقد آتاه الله تبارك وتعالى مفاتيح خزائن الأرض فلم يقبلها واختار الآخرة. وأكل الخبز
بالخل وقال: "نعم الإدام الخل". وأكل صلى الله عليه وسلم لحم الدجاج ولحم الحبارى وكان... صلى الله عليه وسلم يحب القرع والذراع من الشاة، وكان يأكل الزيت ويدهن به، وقال: "كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة". وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن، وأكل خبز الشعير بالتمر، والبطيخ بالرطب، والخيار بالرطب، والتمر بالزبد، ويحب الحلوى والعسل. ويشرب جالساً، وربما شرب واقفاً، ويتنفس ثلاثاً مبعداً الإناء عنه. ويبدأ بمن عن يمينه إذا سقاه أو شرب لبناً وقال صلى الله عليه وسلم: "من أطعمه الله طعاماً فليقل: اللهم
بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه، ومن سقاه الله لبناً فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه". وقال: "ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن". لباسه صلى الله عليه. وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف وينتعل المخصوف ولا يتأنق في الملبس وأحب اللباس إليه الحبرة من برود اليمن فيها حمرة وبياض وأحب الثياب إليه القميص ويقول إذا لبس ثوباً استجده: "اللهم لك الحمد كما ألبستنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما" صنع له وتعجبه الثياب الخضراء وربما لبس الإزار الواحد ليس عليه غيره ويعقد طرفيه
بين كتفيه ويلبس يوم الجمعة برده الأحمر ويعتم ويلبس خاتماً من فضة نقشه محمد رسول الله في خنصره الأيمن وربما في الأيسر وكان صلى الله عليه وسلم يحب الطيب ويكره الرائحة الكريهة ويقول صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى جعل لذتي في النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة. وكان صلى الله عليه وسلم يتطيب بالغالية والمسك وحده ويتبخر بالعود والكافور ويكتحل بالإثمد، وربما اكتحل ثلاثاً في اليمين واثنين في اليسار، وربما اكتحل وهو صائم، ويسرح دهن رأسه ولحيته، ويدهن غباً، ويكتحل وتراً،
ويحب. صلى الله عليه وسلم يبدأ باليمين في ترجُّله وتنعُّله وفي طهوره وفي شأنه كله، وينظر في المرآة ولا تفارقه قارورة الدهن في سفره، والمكحلة والمرآة والمشط والمقراض والسواك والإبرة والخيط، ويستاك في الليلة ثلاث مرات: قبل النوم وبعده، وعند القيام لورده، وعند الخروج لصلاة الصبح، وكان صلى الله عليه وسلم يُنظِّم مزاجه - صلى الله عليه وسلم - وكان مُزاحه - صلى الله عليه وسلم - وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً. جاءته - صلى الله عليه وسلم - امرأة
فقالت: "يا رسول الله، احملني على جمل"، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا أحملك إلا على ولد ناقة". قالت: "لا يطيقني". فقال لها الناس: "وهل الجمل إلا ولد ناقة؟" وجاءته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: "يا رسول الله، إن زوجي مريض وهو يدعوك". فقال صلى الله عليه وسلم: "لعل زوجك الذي في عينيه بياض". فرجعت وفتحت عين زوجها، فقال: "ما لك؟" فقالت: "أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في عينيك بياضاً". فقال لها: "ما أبعد ذهنك". وهل أحد إلا وفي عينيه بياض؟ وقالت له صلى الله عليه وسلم أخرى: يا رسول الله، ادعُ الله أن يدخلني الجنة. فقال صلى
الله عليه وسلم: "يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز". فولَّت المرأة وهي تبكي، فقال صلى الله عليه وسلم: "أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز. إن..." الله عز وجل يقول: "إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكاراً عُرباً أتراباً لأصحاب اليمين" فسبحان مَن خصَّهُ بالأخلاق الحسنة صلى الله عليه وسلم. ذِكْرُ زوجاته صلى الله عليه وسلم: تزوج صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهي بنت خويلد وقد سبق ذكرها، ثم سودة بنت زمعة. بن قيس بن عبد الشمس بن عبد ود
بن نصر بن مالك بن حسن بن عامر بن لؤي، وكبرت عنده فأراد طلاقها، فوهبت يومها لعائشة رضي الله عنها، وقالت: "لا حاجة لي في الرجال، وإنما أريد أن أُحشر في زوجاتك"، رضي الله تعالى عنها. ثم عائشة بنت أبي بكر عبد... عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، تزوجها صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بسنتين، وقيل بثلاث، وهي بنت ست أو سبع، وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة، وتوفيت سنة ثمان وخمسين، وقيل غير ذلك. ذلك ولم يتزوج بكراً غيرها، تُكنى أم عبد الله رضي الله تعالى عنها، ثم حفصة بنت عمر بن الخطاب. تزوج
حفصة بنت عمر بن الخطاب ابن نفيل بن عبد العزى ابن رياح ابن عبد الله بن قرط بن رزاح ابن عدي بن كعب. رُوي أنه صلى الله عليه وسلم طلقها فنزل جبريل عليه السلام فقال إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوامة قوامة وفي خبر قال رحمة لعمر رضي الله عنهما وتزوج صلى الله عليه وسلم أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد الشمس بن عبد مناف وهي بالحبشة وأصدقها عنه صلى الله عليه وسلم النجاشي أربع مائة
دينار وولي نكاحها عثمان بن عفان رضي الله عنه وقيل خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه وتوفيت سنة أربع وأربعين رضي الله عنها وتزوج صلى الله عليه وسلم أم سلمة هند بنت أبي أمية. ابنُ المغيرةِ ابنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ مخزومٍ، وماتتْ سنةَ اثنتينِ وستينَ، وهي آخرُهُنَّ وفاةً، وقيلَ ميمونةُ رضيَ اللهُ عنها. وتزوجَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ زينبَ بنتَ جحشٍ، جحشِ بنِ رئابِ بنِ يعمرَ بنِ صبرِ بنِ مرتبٍ كبيرٍ بنِ غنمِ بنِ دودانَ بنِ أسدِ بنِ خزيمةَ، وهي ابنةُ عمتِهِ. أميمة توفيت بالمدينة سنة عشرين وهي أولهن وفاة وأول من حُمل
على نعش رضي الله عنها، وتزوج صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن المصطلق، سُبيت في غزوة بني المصطلق فوقعت لثابت بن قيس بن شماس فكاتبها، فأتت رسول الله. صلَّى الله عليه وسلم تستعين به في كتابتها، وكانت امرأة مليحة، فقال لها رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: "أو خيرٌ من ذلك، أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك"، فقبلت، فقضى صلَّى الله عليه وسلم عنها وتزوجها، وتوفيت سنة ست وخمسين، رضي الله عنها، وتزوج صلى الله عليه وسلم صفية. بنت حيي بن أخطب بن سعنة بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن خزرجي
النضيرية من نسل هارون عليه الصلاة والسلام، سُبيت من خيبر فأعتقها صلى الله عليه وسلم وجعل عتقها صداقها، وتوفيت سنة خمسين رضي الله عنها. وتزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث بن حزم بن مجير. بن الهرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر خاله خالد بن الوليد رضي الله عنه وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهي آخر من تزوج صلى الله عليه وسلم وتوفيت سنة إحدى وخمسين وقيل سنة ست وستين فإن ثبت ذلك فهي آخر من مات منهن رضي الله عنها هؤلاء غير خديجة اللاتي مات عنهن صلى الله عليه وسلم. وتزوج صلى الله عليه
وسلم زينب بنت خزيمة أم المساكين رضي الله عنها في سنة ثلاث من الهجرة، ولم تمكث عنده صلى الله عليه وسلم إلا يسيراً، شهرين أو ثلاثة، وماتت رضي الله عنها. وتزوج صلى الله عليه وسلم. فاطمة بنت الضحاك وخيَّرها صلى الله عليه وسلم حين نزلت آية التخيير فاختارت الدنيا ففارقها صلى الله عليه وسلم، ثم كانت بعد ذلك تلتقط البعر وتقول: "أنا الشقية، اخترتُ الدنيا". وتزوج صلى الله عليه وسلم أسافة أخت دحية الكلبي رضي الله عنها، وخولة بنت الهزيل، وقيل بنت حكيم، وهي التي وهبت نفسها له صلى الله عليه وسلم، وقيل تلك أم شريك وأسماء
بنت كعب الجونية رضي الله عنها، وعمرة بنت يزيد بن الجون الكلابية رضي الله عنها، وطلقها صلى الله عليه وسلم قبل الدخول، وامرأة من غفار فرأى صلى الله عليه وسلم بها بياضاً فألحقها بأهلها، وامرأة تميمية فلما دخل... صلى الله عليه وسلم عليها، قالت: أعوذ بالله منك. فقال: منع الله عائذه، الحقي بأهلك. وعالية بنت ظبيان طلقها صلى الله عليه وسلم حين أُدخلت عليه. وبنت الصلت ماتت قبل أن يدخل عليها. ومليكة الليثية، فلما دخل عليها قال: هبي لي نفسك، هبي لي نفسك. قالت: وهل تهب الملكة نفسها؟ للعامة فأرسلها صلى الله عليه وسلم وخطب امرأة من مرتا
فقال أبوها إن بها برصًا ولم يكن بها شيء فرجع فإذا هي برصاء وخطب صلى الله عليه وسلم امرأة من أبيها فوصفها له وقال أزيدك أنها لم تكن تمرض قط فقال صلى الله عليه وسلم ما لهذه عند الله من خيرٌ فتركها، وكان صداقُه لنسائه صلى الله عليه وسلم خمسَ مائة درهم لكل واحدة، هذا أصحُّ ما قيل، إلا صفية وأمّ حبيبة رضي الله عنهم أجمعين. ذِكرُ أولاده صلى الله عليه وسلم: القاسم وبه يُكنى صلى الله عليه وسلم، وعبد الله يُسمى الطيب، ويُسمى الطاهر، وقيل الطيب غير الطاهر. وزينب ورقية وأم
كلثوم وفاطمة رضي الله عنهم، مات البنون قبل الإسلام أطفالاً والبنات أدركن الإسلام وأسلمن، وكلهم من خديجة رضي الله عنها. وولد له عليه الصلاة والسلام بالمدينة إبراهيم من مارية، ومات وهو ابن سبعين ليلة، وقيل سبعة أشهر، وقيل ثمانية عشر شهراً. وكلهم ماتوا في حياته. إلّا فاطمة فتأخرت بعده ستة أشهر، وكانت زينب رضي الله عنها عند أبي العاص بن ربيع ابن عبد الشمس، فولدت له علياً مات صغيراً، وأمامة. تزوّجها علي، ثم خلف عليها المغيرة بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب، فولدت له يحيى ابن نوفل
ابن نوفل ابن النوفل، ثم خلف. تزوجها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فولدت له يحيى، وكانت فاطمة رضي الله عنها عند علي رضي الله عنه فولدت له حسناً وحسيناً ومحسناً، فذهب محسن صغيراً، وولدت له رقية وزينب وأم كلثوم رضي الله عنهم. ماتت رقية قبل البلوغ، وتزوج زينب عبد الله بن جعفر فولدت. له علي، وماتت، وتزوج أم كلثوم رضي الله عنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فولدت له زيداً، وخلف عليها بعده عون ابن جعفر، ثم أخوه محمد، ثم أخوه عبد
الله. وأما رقية فكانت عند عثمان بن عفان رضي الله عنه، فولدت له عبد الله، وتوفيت يوم جاء زيد. بن حارثة مبشراً بالفتح يوم بدر فتزوج أم كلثوم أختها وتوفيت عنده في شعبان سنة تسع وكانت قبله عند عتيبة ابن أبي لهب ورقية عند عتبة ابن أبي لهب. ذكر أعمامه صلى الله عليه وسلم وعماته: الحارث وقثم والزبير والحمزة وحمزة والعباس وأبو طالب واسمه عبد مناف وأبو لهب. واسمه عبد العزى وعبد الكعبة وحَجَل واسمه المغيرة وضرار والغيداق وصفية وعاتكة
وأروى وأميمة وبرة وأم حكيم البيضاء. ومن الرجال زيد بن حارثة وأعتقه صلى الله عليه وسلم وابنه أسامة بن زيد وثوبان بن بُجدد وأبو كبشة سليم شهد بدراً وأعتقه صلى الله عليه وسلم وتوفي يوم استخلف عمر رضي الله عنه. الله عنه وأنسه وأنسه وأعتقه، وشقران واسمه صالح، قيل ورثه من أبيه وقيل اشتراه من عبد الرحمن بن عوف وأعتقه، ورباح ورباح النوبي وأعتقه صلى الله عليه وسلم، ويسار النوبي وقتله وقتله العرانيون،
وأبو رافع أسلم وهبه له العباس فأعتقه حين بشره بإسلام العباس، وزوجه سلمى مولاة له فولدت. له عبيد الله كتب لعلي وأبو مويهبة وأعتقه وفضالة مات بالشام ورافع مولى سعيد بن العاص وأعتقه ومدعم وهبه له رفاعة الجذامي قُتل بوادي القرى وكركرة نوبي أهداه له هوذة بن علي وأعتقه وزيد جد بلال بن يسار عبيد وطهمان ومأبور القبطي من هدية المقوقس وواقد وأبو واقد. ويشام وأبو ضمرة من الفيء، وأعتقه مابور الذي
كان ابن عم لماريا عليها السلام من مولانا مقبور ابن عمها. نعم، لأن مقبور أرسل له ماريا وسيرين، فعرض الإسلام على سيرين فاستمهلته، وعرض الإسلام على ماريا فأسلمت، فاصطفاها لنفسه. أما سيرين فتزوجها أحد الصحابة، عبد الرحمن بن عوف أو حسان بن ثابت، على ما يُذكر. من هذا ولكن أسلمت بعد ذلك ومقبور كان ابن عم الله نعم رضي الله عنكم وحنين وأبو عشيب واسمه أحمر وأبو عبيد وسفينة وكان لأم سلمة فأعتقته
واشترطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم حياته فقال: لو لم تشترطي عليّ ما فارقته، وكان اسمه رباحاً وقيل مهران وأبو هند. وأعتقها رسول الله من أبيه ومارية وريحانة التي سبيت من بني قريظة وميمونة بنت سعد وخضرة ورضوى رضي الله عنهن. ومن خدمه صلى الله عليه وسلم من الأحرار: أنس
بن مالك وهند وأسماء ابن حارثة وربيعة بن كعب الأسلميون وعبد الله بن مسعود وعقبة بن عامر وبلال وسعد وذو مخمر ابن أخي النجاشي وبكر. وبك بكير وبكير بن شداخ الليسي وأبو ذر الغفاري رضي الله عنهم هند وأسماء رضي
الله عنهم صلى الله عليه وسلم الحرس ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك عمرو بن أمية رضي الله عنه إلى النجاشي ملك الحبشة واسمه أصحمة وهو عطية فوضع كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عينيه ونزل على سريره وجلس على الأرض وأسلم ومات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع فصلى عليه، وأرسل دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه إلى ملك الروم قيصر وهو هرقل، فثبتت عنده نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وهمّ بالإسلام فلم توافقه الروم فخافهم. على ملكه فأمسك، وعبد الله بن حزافة السهمي رضي الله عنه إلى كسرى ملك فارس لعنه الله
فمزق الكتاب، فقال صلى الله عليه وسلم: "مزق الله ملكه كل ممزق"، وحاطب بن أبي بلتعه رضي الله عنه إلى المقوقس فقارب الإسلام وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسليط بن عمر العامري رضي الله عنه إلى هوزة بن علي صاحب اليمامة فأكرمه وبعث إلى النبي صلى
الله عليه وسلم: "ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله! وأنا خطيب قومي وشاعرهم، فاجعل لي بعض الأمر"، فأبى عليه الصلاة والسلام، ولم يسلم هوزة. وشجاع بن وهب الأسدي رضي الله عنه إلى الحارث بن... أبي شمر الغساني ملك البلقاء من الشام فرمى بالكتاب وقال أنا سائر إليه فمنعه قيصر، والمهاجر بن أبي أمية المخزومي رضي الله عنه إلى الحارث الحميري إلى اليمن، والعلاء بن الحضرمي رضي الله عنه إلى المنذر بن
ساوى، والسليط رسول الله صلى الله عليه وسلم لماذا هو يريد أن يشاركه. في القيادة، يعني النبي النصف وهو النصف، يعني في الملك مولانا، ولا في التقدم، حيث ما دخل النبي المدينة أصبح سيداً للمدينة. أراد أن يشاركه في تلك السيادة عبد الله بن أبي ابن سلول لأنه كان يُحضَّرُ له تاج حتى يكون ملكاً على الأوس والخزرج، فلما... دخل النبي فتوجه الناس إليه وتركوا عبد الله بن أبي. هذا كان سبباً ودافعاً لنفاقه
وعدائه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني هذا بعد ذلك قال له: "والله كلام معقول، لكن أنا النصف وأنت النصف. النصف من السيادة، من الزعامة، من التقدم". فهو ترك كل ذي سلطان في سلطانه. ولكن هذا لا يطلب السلطان المكان، هو يريد أن - يعني كأنه ليس مؤمناً بالوحي - فيقول له: عندي نصف الوحي وعندك نصف الوحي. يعني كأنه يريد أن يشاركه في النبوة. لماذا أنت نبي فقط؟ أنا أيضاً نبي معك، وأنا مؤمن بك، لكنني أيضاً جزء من هذا الأمر. هذا يعني تفكير مختل لأنه لا
يعرف معنى الوحي وأنه لا حول ولا قوة لنا كبشر، وأنه "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي" وذلك بأمر الله، فهو هذا الذي اتخذه الله رسوله، لا أننا في مستواه أو متساوون معه، شيء من هذا الخبيث، نعم رضي الله تعالى. لديكم كتّاب النبي صلى الله عليه وسلم، وممن كتب له عليه الصلاة والسلام الخلفاء الأربعة وعامر بن فهيرة وعبد الله بن الأرقم وأبي بن كعب وثابت بن قيس بن الشماس وخالد بن سعيد وحنظلة بن ربيع وزيد بن ثابت ومعاوية وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهم أجمعين. سيافه صلى الله عليه. وسلم وكان علي والزبير ومحمد بن مسلمة وعاصم بن
ثابت بن أبي الأقلح والمقداد يضربون الأعناق بين يديه صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم أجمعين. فرسان يعني مولانا سياف، نعم فرسان مولانا هم. لا، السياف من يقيم الحدود، يعني إذا كان هناك شخص قتل وحُكِم عليه بالقتل، فيأتون به ويقتله. هذا يحتاج إلى قوة بدنية شديدة. حتى إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة. فحتى تكون القِتلة حسنة وسهلة ينبغي أن يكون السياف قوياً مثلك هكذا. فيأتي السياف - هذا ليس يعني أن عبد الله بن مسعود ضعيف البنية، لكن ما شاء الله لا قوة إلا بالله - يأتي
السياف هكذا. رضي الله تعالى عنكم يا نجباء. أصحابه صلى الله عليه وسلم والنجباء من أصحابه صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعلي وحمزة وجعفر وأبو ذر والمقداد وسلمان وحذيفة وابن مسعود وعمار وبلال رضي الله عنهم أجمعين، العشرة المبشرون بالجنة والعشرة المشهود لهم بالجنة، الخلفاء الأربعة والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد وأبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين. ذُكِرَ أنَّ دوابَّه صلى الله عليه وسلم من الخيل عشرة، على خلافٍ في ذلك بزيادةٍ أو نقصٍ، وهي: السكب، وكان عليه يوم أُحُد، وكان
أغرَّ محجَّلاً طلْقَ اليمين، والمرتجز، وهو الذي شهد له به. خزيمة بن ثابت ولذاز أهداه إليه المقوقس، واللحيف أهداه له ربيعة بن أبي البراء، والضرب أهداه له فروة الجُذامي، والورد أهداه له تميم الداري، والضرس والملاوح وسبحة سابق عليها فسبق، ففرح به النبي صلى الله عليه وسلم، والبحر اشتراه من تجار اليمن فسبق عليه ثلاث مرات فمسحها على. وجهه وقال عليه الصلاة والسلام ما أنت إلا بحر ومن البغال ثلاثة: الدلدل التي أهداها له المقوقس وهي أول بغلة رُكبت في الإسلام، وفضة أتحفه بها أبو بكر، والأيلية أهداها له ملك
أيلة. وكان له حمار يُسمى يعفوراً. أما النعم فلم يُنقل أنه اقتنى من البقر شيئاً، وكانت له عشرون. لقحة في الغابة وأرسل إليه سعد بن عبادة ناقةً مهريةً من إبل بني عقيل، وكانت له الناقة القصواء وهي التي هاجر عليها، وكان له يحمل، وكان لا يحمله شيء إذا نزل عليه الوحي غيرها، وقيل هي العضباء. وقد صح في الحديث أنه لم يكن يقتني من البقر شيئاً وأنه قال ألبانها. دواءٌ ولحمها داءٌ فكان لا يأكل لحم البقر ولكنه حلال، ومع حِلّه إلا أنه كان يفضل عليه الغنم
والشاة وكذلك أيضاً الإبل، لكن البقر كان يعني لا يأكلها ولا يأكل الأرنب ولا يأكل الضب، وكل هذا يعني هو مباح في الشريعة لكنه لم يكن يأكله صلى الله عليه وسلم. وسلم تفضل والجدعاء وهي التي سبقت فشق عليه على المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم إن حقاً على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه. وقيل المسبوقة غيرها وكانت له مائة من الغنم وكانت له شاة يختص بشرب لبنها تدعى غيثة وكان له ديك أبيض ديك لرسول الله. ذلك نعم، وألف
السيوطي (الوديك) فيما ورد في الديك. والديك نعم، ذُكر سلاحه صلى الله عليه وسلم وكان له تسعة أسياف: ذو الفقار من غنائم بدر لبني الحجاج حجاج السهميين. ورأى عليه الصلاة والسلام في النوم في ذبابة سيفه ثلمة، فأوّلها هزيمة، فكانت يوم أحد. ذباب السيف يعني أعلاه، هكذا قال سعد. بن عبادة والعطب هذا هو الموجود في الآثار النبوية
في مقام سيدنا الحسين هنا والقضيب وهو أول سيف تقلد به صلى الله عليه وسلم في الإسلام وأربعة رماح المنثني وسلاسة من بني قينقاع وعنزة تُحمل بين يديه في العيدين أي عصا ومحجن بطول الذراع ومخصرة تسمى العرجون وقضيب يسمى ممشوق وكان له أربعة أقواس وجعبة سهام، وأهدي له رسن عليه تمثال عقاب، فوضع يديه على العقاب
فذهب. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة، وقبيعته فضة، وما بين ذلك حلق الفضة. وكان له درعان أصابهما من بني قينقاع، هما السغدية وفضة ودرع. تُسمى ذات الفضول، لبسها يوم بدر وحنين، ويُقال كان عنده درع داود عليه السلام التي لبسها لما قتل جالوت، وكان له مِغفر يُقال له السبوق، ومنطقة من أديم مبشور فيها ثلاث حلقات فضة، والإبزيم فضة، والطرف فضة، وكان لواؤه أبيض. ذُكر أسبابه وأساسه صلى الله عليه وسلم. ترك النبي صلى. الله عليه وسلم يوم مات ثوبي، يوم مات ثوبين حِبَرَة وإزاراً
عُمانياً وثوبين صَحاريين، صَحارياً وآخر سُحولياً، وجُبَّة يمانية وخميصة وكساء أبيضاً وقلانساً صغاراً لاطئة ثلاثاً أو أربعاً وملحفة موَرَّسة، وكان له رَبْعَة فيها مرآة ومشط عاج. مورَّسة يعني من الوَرْس، والوَرْس هو صبغ أصفر. رضي الله تعالى عنه. وكان له علبة فيها مرآة ومشط عاجي ومكحلة ومقص وسواك، وكان له فراش من الجلد حشوه ليف، وقدح مزين بالفضة في ثلاثة مواضع، وقدح آخر، وإناء من الحجارة، ووعاء من النحاس يصنع فيه الحناء والكتم، ويضعه على
رأسه إذا شعر فيه بحرارة، وقدح زجاجي، وإناء للاغتسال من النحاس الأصفر، وقصعة، وصاع يخرج به. زكاة الفطر ومِدٌّ وسرير وقطيفة وخاتم من فضة فصُّه منه نقشه "محمد رسول الله"، وقيل إنه كان من حديد ومُلوَّن بفضة. وأهدى له النجاشي خُفَّين طازجين فلبسهما. وكان له كساء أسود وعمامة يقال لها السحاب، فوهبها لعلي. وكان ربما قال إذا رآه مقبلاً وهي على رأسه: "أتاكم علي في السحاب". وله ثوبان للجمعة غير ثيابه التي يلبسها في سائر الأيام ومنديل يمسح به وجهه من الوضوء. ذكر نبذة من معجزاته صلى الله عليه وسلم فمنها القرآن وهو أعظمها
وشق الصدر وإخباره عن بيت المقدس وانشقاق القمر وأن الملأ من قريش تعاقدوا على قتله فخرج عليهم فخطفت أبصارهم ودقت أذقانهم في... صدورهم وأقبل حتى قام على رؤوسهم فقبض قبضة من تراب وقال: "شاهت الوجوه"، وحصبهم فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصباء إلا قُتل يوم بدر. ورمى يوم حنين بقبضة من تراب في وجوه القوم فهزمهم الله تعالى. ونسجل عن كبوتي في الغار وما كان من أمر سراقة بن مالك. اتبعه في الهجرة فغاصت قوائم فرسه في الأرض الصلبة، ومسح صلى الله عليه وسلم على ظهر أنثى الماعز التي لم
يصعد عليها الذكر فأدرت اللبن، وكذلك شاة أم معبد، ودعاؤه لعمر أن يعز الله به الإسلام، ودعاؤه لعلي أن يذهب الله عنه الحر والبرد، ووضع من ريقه في عيني علي وهو مصاب بالرمد، فشُفي من ساعته ولم يصب بالرمد بعدها. بعد ذلك ردَّ عين قتادة بن النعمان بعد أن سالت على خده، فكانت أحسن عينيه، ودعا لعبد الله بن عباس بالتأويل والفقه في الدين، ودعا لجمل جابر فصار سابقاً بعد أن كان مسبوقاً، ودعا لأنس بطول العمر وكثرة المال والولد، وبارك في تمر جابر فأوفى غرماءه. وفضل ثلاثة عشر فأوفى غرماءه، فأوفى غرمًا بل فأوفى غرماءه وفضل ثلاثة عشر وَسْقًا. واستسقى عليه
الصلاة والسلام فمُطِروا أسبوعًا، ثم استضحى لهم فانجابت السحاب. ودعا على عتبة بن أبي لهب فأكله الأسد بالزرقاء من الشام. وشهدت له الشجرة بالرسالة في خبر الأعرابي الذي دعاه إلى الإسلام فقال: هل مِنْ شاهِدٍ على ما تقول؟ فقال: نعم، هذه الشجرة. ثم دعاها فأقبلت، فاستشهدها فشهدت أنه كما قال سِلاساً، ثم رجعت إلى منبتها. وأمر شجرتين فاجتمعتا ثم افترقتا، وأمر إنساناً أن ينطلق إلى نخلات فيقول لهن: أمرَكُنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تجتمعن. فاجتمعن، فلما قضى حاجته أمره أن... يأمرهن بالعودة إلى أماكنهن فعدن كما كنّ ونام،
وجاءت شجرة تشق الأرض حتى قامت عليه. فلما استيقظ من منامه ذُكِرت له فقال: "هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم عليّ فأذن لها". وسلم عليه الحجر والشجر ليالي عدة: "السلام عليك يا رسول الله". وقال: "إني لأعرف حجراً بمكة". كان يسلم عليه قبل أن يُبعث وحنّ إليه الجذع وسبّح الحصى في كفه وكذلك الطعام وعلمته الشاة بسمها وشكا إليه البعير قلة العلف وكثرة العمل وسألته الظبية أن يخلصها من الحبل لترضع ولدها وتعود فخلصها وتلفظت بالشهادتين وأخبر عن مصارع المشركين يوم بدر فلم يتجاوز أحدٌ منهم
مصرعه وأخبر أن طائفة من أمتي يغزون في البحر وأن أم حرام بنت ملحان منهم فكان كذلك وهي خالة أنس بن مالك وقال لعثمان تصيبه بلوى شديدة فكانت كما قال وقُتِل في داره وقال للأنصار إنكم ستلقون بعدي أثرة فكانت زمن معاوية أثرة يعني مولانا أثرة أهو قال في الحسن إن ابني هذا سيد وإن الله عز وجل سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وأخبر بقتل العنسي الكذاب وهو بصنعاء ليلة قتله وبمن قتله، يعني أثَرة، يعني يفضلون الناس عليكم وهم يستحقون أن يكونوا في الصدارة وفي الفضل، ليس هناك
أعلى منهم، لكن في زمن معاوية أصبح الأنصار يعني... كأنه يعني مُهمل يُهملونه فأَثَرة يعني أن يُفضِّل الناس غيرك عليك رضي الله عنكم. قال لرجل يأكل بشماله: "كُلْ بيمينك"، فقال: لا أستطيع، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا استطعت"، فلم يستطع أن يرفعها إلى فيه بعد. ودخل صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح والأصنام حول الكعبة معلقة
وبيده قضيب. فجعل يشير به إليها ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهي تتساقط وقصة مازن بن العضوبة الطائي وسواد بن قارب وأمثالهما وشهد الظبي بنبوته صلى الله عليه وسلم وأطعم صلى الله عليه وسلم ألفاً من صاع شعير بالخندق فشبعوا والطعام أكثر مما كان وأطعمهم من تمر يسير وجمع فضل أزواد على النطعي فدعا لها بالبركة ثم قسّمها في العسكر فقامت بهم، وأتاه أبو هريرة رضي الله عنه بثمرات قد صفّهن في يده وقال: "ادعُ لي فيهن بالبركة"، ففعل. قال أبو هريرة رضي الله عنه: "فأخرجتُ من ذلك التمر كذا وكذا وَسْقاً في سبيل الله عز وجل، وكنا نأكل منه
ونُطعِم حتى". انقطع في زمن عثمان رضي الله عنه ودعا أهل الصفة بقصعة ثريد. قال أبو هريرة رضي الله عنه: "فجعلت أتطاول ليدعوني حين قام القوم وليس في القصعة إلا اليسير في نواحيها، فجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار لقمة فوضعها على أصابعه وقال: كل بسم الله." قال. فوالذي نفسي بيده ما زلت آكله، كلوا منها حتى شبعتُ، ونبع الماء من بين أصابعه حتى شرب القوم وتوضؤوا وهم ألف وأربعمائة. وأُتي صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء، فوضع أصابعه في القدح فلم تسع، فوضع أربعة منها وقال: "هلموا"، فتوضؤوا أجمعين وهم من
السبعين إلى الثمانين. في غزوة تبوك على ماءٍ لا يروي واحداً والقوم عطاشى فشكوا إليه، فأخذ صلى الله عليه وسلم سهماً من كنانته فغرسه، ففار الماء وارتوى القوم وكانوا ثلاثين ألفاً. وشكى إليه صلى الله عليه وسلم قومٌ ملوحةً في مائهم، فجاء في نفرٍ من أصحابه حتى وقف صلى الله عليه وسلم على بِئْرُهُمْ فَتَفَلَ فِيهِ فَتَفَجَّرَ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ الْمَعِينِ، وَأَتَتْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ بِصَبِيٍّ لَهَا أَقْرَعَ فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ فَاسْتَوَى شَعْرُهُ وَذَهَبَ دَاؤُهُ، فَسَمِعَ أَهْلُ الْيَمَامَةِ بِذَلِكَ فَأَتَتْ امْرَأَةٌ إِلَى مُسَيْلِمَةَ بِصَبِيٍّ فَمَسَحَ رَأْسَهُ فَتَصَلَّعَ وَبَقِيَ الصَّلَعُ فِي نَسْلِهِ، وَانْكَسَرَ سَيْفُ عُكَّاشَةَ يَوْمَ بَدْرٍ فَأَعْطَاهُ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِذْلاً. من حطب فصار في يده سيفاً، ولم يزل بعد ذلك عنده، وعزت كدية في الخندق عن أن يأخذها معول، فضربها صلى الله عليه وسلم فصارت كثيباً أهيلاً، ومسح صلى الله عليه وسلم على رجل أبي رافع وقد انكسرت فكأنه لم يشتكها قط، ومعجزاته صلى الله عليه وسلم أكثر من أن يحصرها كتاب أو يجمعها ديوان حتى قالوا إنه ما من معجزة لنبي إلا وقد جرت على يد نبينا صلى الله عليه وسلم، وكل كرامة لولي فهي معجزة لنبيه. والذي كنت قرأته في البداية جاء أنه دخل من الثنية العليا
كداء، هناك ثنيتان في مكة شمالية وجنوبية، الشمالية التي من جهة... المَدينةُ بالفَتْحِ كَداءُ كَداءُ كَداءُ التي في الأسفلِ كُدَى، وهذهِ تُكتَبُ بالهمزةِ وهذهِ بالألفِ المقصورةِ. وكانوا يقولونَ لنا أهلُ مكةَ: افتَحْ وادخُلْ، افتَحْ كَ، يعني فتحُ الكافِ وادخُلْ كأنَّكَ فتحتَ البابَ، واخرُجْ وضُمَّ يعني كأنَّكَ أغلقتَ البابَ. فيقولونَ كَداءُ وكُدَى، الكَداءُ في الشمالِ، افتَحْ وادخُلْ، وعندما تأتي لتمشيَ مِنَ الجنوبِ. إلى اليمين أغلق الباب خلفك، أي أغلق الباب وراءك، وأصبحت هكذا: افتح
وادخل واخرج وأغلق، أي أغلق الباب. واضحة، حسناً هكذا وهكذا. نعم، ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم، توفي صلى الله عليه وسلم وقد بلغ ثلاثاً وستين سنة، وقيل غير ذلك، يوم الاثنين حين اشتد الضحى لاثنتي عشرة ليلة. خلت من ربيع الأول ومرض أربعة عشر يوماً ودُفِن ليلة الأربعاء، ولما حضرته الوفاة كان عنده قدح فيه ماء، فجعل يُدخل يده فيه ويمسح وجهه ويقول: "اللهم أعني على سكرات الموت"، فقالت فاطمة رضي الله عنها: "وا كرباه لكربك! لكربك يا أبتِ"، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا كرب
على". أُبيكَ بعد اليوم وسُجِّي ببرد، ببرد حِبَرة، وقيل إن الملائكة سجدته. وكذَّب بعض أصحابه بموته دهشةً، يُحكى عن عمر رضي الله عنه، وأخرس عثمان رضي الله عنه، وأُوقِد علي رضي الله عنه، ولم يكن فيهم أثبت من العباس وأبي بكر رضي الله عنهما. ثم إن الناس سمعوا من باب الحجرة. لا تغسلوه فإنه طاهر مطهر، ثم سمعوا بعد ذلك: "اغسلوه فإن ذلك إبليس وأنا الخضر"، وعزاهم فقالا: "إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفًا من كل هالك، ودركًا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوه، فإن المصاب من حُرم الثواب"، واختلفوا
في غسله هل يكون في ثيابه أم يُجرد. عن أو يجرد عنها فوضع صلى الله عليه وسلم، فوضع الله عليهم النوم فقال قائلٌ لا يُدرى مَن هو، فقال قائلٌ لا يُدرى مَن هو: "اغسلوه في ثيابه". فانتبهوا وفعلوا ذلك، والذين تولوا غسله صلى الله عليه وسلم علي والعباس وولداه الفضل وقُثَم وأسامة وشقران مولاه، وحضرهم. أوس بن خولي من الأنصار، ونفضه علي فلم يخرج منه شيء، فقال صلى الله عليه وسلم: "لقد طبت حياً وميتاً". وكُفِن صلى الله عليه وسلم
في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة، بل لفائف من غير خياطة. وصلى عليه المسلمون أفراداً، لم يؤمهم أحد، وفُرِش تحته. في القبر قطيفة حمراء كان يتغطى بها، نزل بها شقراء، وحُفِرَ له صلى الله عليه وسلم، وأُلحِد وأُطبِق عليه تسع لبنات. واختلفوا أيُلحَد أم يُضرَح، وكان بالمدينة حفّاران: أحدهما يلحد وهو أبو طلحة، والآخر يضرح وهو أبو عبيدة، فاتفقوا أن من جاء منهم أولاً عمل عمله، فجاء الذي يلحد فلحد. له وذلك في بيت عائشة رضي الله عنها، ودُفِن معه صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر
رضي الله عنهما، والله سبحانه وتعالى أعلم. تم الكتاب بعون الله الملك الوهاب. اللهم صلِّ أفضل صلاة على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، عدد معلوماتك ومداد كلماتك، كلما ذكرك الذاكرون. وغفل عن ذكره الغافلون