محاضرة بعنوان " القرآن و النبي المقيم " | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أحييكم بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وشكراً لهذه الدعوة الكريمة التي قدمها لي الأستاذ الدكتور عبد الله المصلح وسعادة الأستاذ الدكتور عباس منصور رئيس الجامعة. أما الدكتور عباس منصور فهو أستاذكم وأستاذ الجميع وهو غني عن التعريف وهو
في حضرتنا والمدح فيمن في حضرتنا غير جائز. أما الدكتور عبد الله المصلح فأنا أعرفه منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة، التقينا في حب العلم والبحث عن الحقيقة والفكر المستقيم ووحدة الكلمة ودرء الفتنة والمفاسد، وما كان لله دام واتصل وما. كان لغيرهم قطع وانفصل، فالحمد لله الذي عرفنا طريقنا وهدانا سواء السبيل. الشكر موصول إلى
معالي اللواء مجد أيوب، ذلك الرجل الفريد الوحيد الذي أحبه الناس من أعماله ومن مواقفه ومن همته ومن علمه ومن قلبه الواسع ومن تصرفاته الحكيمة ومن هذه الأخلاق التي كان يحبها رسول الله صلى الله. عليه وسلم وهو يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الخلق الكريم من المسلمين ومن غير
المسلمين، ويأمر المسلمين أن يكرموا كل ذي خلق كريم. ولما دخلت بنت حاتم الطائي، وكان مشهوراً بالكرم، خلع عباءته الشريفة وأجلسها عليها، وقال إن أباك كان يحب. مكارم الأخلاق. شكراً لمعالي اللواء مجد أيوب على هذه الضيافة الكريمة وعلى هذا الخلق الكريم وعلى هذا القلب المفتوح. وقد يكون قليل الكلام يغني عن كثيره، فشكراً لكم معالي المحافظ، وزادك الله سبحانه وتعالى خيراً
على خير وتوفيقاً على توفيق. وأشكر الأستاذ الدكتور رفعت العوضي والأستاذ الدكتور محمود عارف وحضوركم. الكريم أساتذة وطلاباً وطالبات، ونرحب بالضيف الكريم الدكتور عبد الرحمن المدخلي، فأهلاً بك، حللت أهلاً ووطئت سهلاً. عنوان هذه الأمسية وهذا اللقاء كما هو مسطور أمامي هنا أنه تحت عنوان "القرآن معجزة الرسالة". وأنا أقول إن كل نبي أتى قومه جاءهم
بما على مثله آمن البشر، هكذا يقول رسول الله. صلى الله عليه وسلم، وهذا معناه إثبات المعجزة للنبي، فكان يجري الله سبحانه وتعالى على يد كل نبي معجزات خوارق لسنن الله في كونه ولقوانينه التي أجرى عليها الخلق. فيكون ذلك دالاً مع دعوى النبوة أو الرسالة أو تلقي الوحي، يكون ذلك دالاً لعموم الناس التي ترى هذا بأعينها وتحضره. هذا بأنفسها يكون دالاً على صدق ذلك النبي، والنبي صلى الله عليه
وسلم كشأن الأنبياء من قبله من لدن آدم إليه جرت على يده معجزات، وكثرت هذه المعجزات حتى قال بعضهم بعد ما تتبعها أنه قد جرى على يده كل ما جرى على يد نبي من قبله صلى الله عليه. وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم، على الرغم من ذلك إلا أنه لم يجعل المسلمين يعتمدون على هذه المعجزات أو يصدرونها عندما يدعون إلى الإسلام، بل قال: "ما أرسل الله نبياً إلا وآتاه ما على مثله يؤمن الناس، وكان ما أوتيته قرآناً يُتلى"، وهنا بدأت
مسألة وقضية معجزة الرسول ومعجزة... الرسالة معجزة الرسول تجري في وسط قومه، يراها الناس لا ينكرونها، وإذا أنكروا واحدة أو لم يحضروا واحدة فإنهم يرون ثانية وثالثة وعاشرة ومائة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: "كيف تكفرون وأنا فيكم؟" يرون المعجزات ليلاً ونهاراً، شيء سهل، ولكن القضية ترتبط بختم النبوة رسول. الله وخاتم النبيين وختم
النبوة معناه أنه لا نبي بعده ولا رسول، وختم النبوة يرتبط ارتباطاً عضوياً ذاتياً بقضية وحدة الأمة. قال تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا". وقال صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". ونهانا عن الفرقة وأمرنا بالوحدة وخاف علينا أن نتحول إلى فرق ينازع بعضنا بعضاً أو إلى طوائف نتناحر
ونتقاتل، ودعا الله سبحانه وتعالى حتى تتحمل الأمة مسؤوليتها من داخلها ألا يسلط عليها عدواً من غيرها يبيدها ويستأصل شأفتها ويدمرها تدميراً، وهو أمر ممكن أن تنتهي دعوة حتى لو كانت من عند الله بإذن الله وتنتهي وتذهب كما انتهت. دعوات أنبياء كثيرين عمّر التاريخ، فقال: "دعوت الله سبحانه وتعالى ألا يسلط على أمتي عدواً من خارجها فاستجاب
لي، ودعوت الله سبحانه وتعالى ألا يجعل بأسهم بينهم شديداً فلم يستجب لي". إذاً فالمصيبة هي أن الأمة أصبحت مسؤولة أمام نفسها، وأنه لا بد عليها أن تتحمل الاعتصام بحبل الله جميعاً. وأن تعمل ليلاً ونهاراً على أن تتآلف وألا تتنازع وألا تتخاصم، فهذه مسؤولية ألقاها الله علينا. أما حماية الأمة من أن تُبادَ من خارجها فقد تكفل بها، وعبر التاريخ تعرضت هذه الأمة للضرب والإبادة من
خارجها بكل وسيلة، فحارب الدعوة في بدايتها المشركون في الجنوب في مكة واليهود. في الشمال في خيبر بل وفي داخل المدينة نفسها وخيانتهم أيام حرب الخندق لا تخفى وبالرغم من ذلك نجت الأمة، فسُلِّط عليها الفرس والروم فنجت الأمة، فسُلِّط عليها التتار المغول. وكلمة "التتار" كلمة خاطئة، فإن الكلمة الصحيحة هي "المغول"، لأن التتر كانوا مسلمين، أما المغول فهم الذين هاجموا دولة
الإسلام. على دولة الإسلام وعلى أمة الإسلام والصليبيين، وكلمة "صليبيين" أيضاً خطأ لأن الذي رفعوه يستغلون به لم يكن من دين المسيح عليه السلام، وإنما كان شيئاً يفعلونه من أجل استغلال الدين لمصالحهم الشخصية. على كل حال، المغول والصليبيون ذهبوا وبقيت الأمة تنتشر، سُلِّط عليها من أطرافها الأندلس قتلاً وتهجيراً وإبادة. وسلط عليها أهل الهند قتلاً وإبادةً ولم ينتهِ الإسلام وأصبح الآن هو ربع العالم وأصبح
في الموسوعات القياسية هو الدين الأول أو الثاني في أعداد المسلمين وأنتم يومئذٍ كثيرٌ ولكن غثاءٌ كغثاء السيل يلقي الله المهابة من قلوب عدوكم ويلقي الوهن في قلوبكم قالوا وما الوهن يا رسول الله قال الدنيا وكراهية الموت فالمسؤولية تقع علينا. دعا إلى وحدة الأمة، وحتى تتم وحدة الأمة لا بد من القول بختم الرسالة. وختم الرسالة لو لم يكن، لأرسل الله نبياً بعد النبي، فآمن به بعضهم وكفر به بعضهم، فتتشتت أمته، ثم بعد ذلك
يرسل نبياً آخر فيؤمن به بعضهم ويكفر به. بعضهم فيصبح عندنا ثلاثة؛ اثنان كافران وواحدة هي الناجية، ثم يرسل رابعًا فخامسًا فسادسًا، وكلما أرسل نبيًا كلما تفتتت الأمة، ولكن لما ختم النبوة وحّد الأمة، فلا بد علينا أن نتحد لأن هذا أمر تكليف وتشريف معًا، وكل تكليف معه تشريف، وكل تشريف معه تكليف، فقد شرفنا بالوحدة وكلفنا بها. فإذا لم نعمل في كل تصرفاتنا على أن نتحد، نكون قد
خالفنا مراد الله سبحانه وتعالى من دينه ومن خلقه. إذاً فلا بد للنبوة أن تُختم. من يسأل كيف نؤمن؟ لقد آمن الناس بالمعجزات، فأين هؤلاء الأنبياء الذين يجب أن تتصل نبوتهم؟ وفي اتصالها تفتيت للأمة، فلم تكن هناك نبوة. مستمرة فجاءت قضية معجزة الرسالة نبي مقيم وهو القرآن الكريم، فالقرآن الكريم نبي مقيم فينا، وما دام
هو نبي فنحن نسأله، وما دام هو نبي لا بد أن تكون معه معجزته، وما دام هو مقيم لا بد أن تكون هذه المعجزة مستمرة، ونلاحظ أن القرآن الكريم وهو النبي المقيم. كان ولا يزال محور الحضارة للمسلمين، وكلمة محور الحضارة معناها أن منه المنطلق وإليه المرجع والتحاكم وله الخدمة
وعليه مدار الحياة، فمنه وإليه وله وعليه، هذا معنى المحور. ونراهم أنهم جعلوه هداية لحياتهم مصداقًا لقوله تعالى "هدى للمتقين". بنوا العمارة ووضعوا الفنون والآداب والإبداع المنطلق الملتزم وليس المتفلت، جعلوه وخدموه. فوضعوا علومًا كثيرة: علم النحو، وعلم الصرف، وعلم العروض الذي يضبط الشعر خدمةً للقرآن، وعلم التفسير، وعلم
الأصول، وعلم الفقه، وعلم الحديث خدمةً للقرآن. وجعلوا علومًا كثيرة تفوق أكثر من خمسين علمًا وضعوها من أجل خدمة القرآن الكريم، منها علم الرسم، ومنها علم التوثيق والقراءات، ومنها علم المصطلح، ومنها علم. الدراية والرواية والجرح والتعديل وما شابهها لم تكن لأمة قط ولم تكن لكتاب قط أن خُدِم بوضع مجموعة من العلوم المتكاثرة والمناهج العلمية الرصينة وآلاف الكتب المؤلفة وآلاف الأذهان الناظرة المفكرة التي وصلت
إلى أكثر من مليون عنوان في عصرنا الحاضر وهي التي وصلت إلينا بعد نوائب الزمان. محور الحضارة هذا النبي المقيم هو صادق ومن إعجازه أنه صادق، والأنبياء يوصفون بالصدق، فمن صفات الأنبياء الكياسة والفطنة والذكاء والصدق لأن النبي لا يكذب. فرأينا كتاب الله صادقاً في كل أخباره حتى
التي خالفت مدرسة التاريخ، فنجد مثلاً قوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" الكتب السابقة. نالها شيءٌ من اقتراب النقل، وحاول كثيرٌ من الأمم أن تحافظ على كتبها فنجحت نجاحاتٍ باهتة. فنرى مثلاً أهل الهند عندهم كتاب الفيدا وهو عشرة أبواب، يكلفون عشر
عوائل، كل عائلة تحفظ باباً. لا يوجد أحدٌ يحفظ الفيدا كله مجتمعاً، بل كل عائلة تحفظ باباً. وتسمى باسمه ويحفظونه، يعني بعضهم يحفظه ويحفظونه مكتوباً. يحفظونه بمعنى أنهم يتدارسونه، لا يحفظونه كما يحفظ أبناؤنا ونساؤنا وشيوخنا وعلماؤنا وعوامنا القرآن الكريم، فإن هذه فريدة لم تكن من قبل لأي كتاب كان. فالفيدا حاولوا أن يحفظوها لكن جاءت الروايات المتكاثرة فيه المختلفة بالزيادة
والنقص والتقديم والتأخير بطريقة جعلت علماء... الغرب يقسمونه أقساماً، أي أصبحت هناك نسخ كثيرة من الفيدا باعتبار رواياتها مختلفة تماماً بعضها عن بعض. النبي صلى الله عليه وسلم لو كان القرآن من عنده ما تجرأ أن يقول: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وهو يرى الأمم غير قادرة على حفظ كتبهم، كان سيسكت وهو موصوف. بالذكاء عند الجميع من آمن به ومن لم يؤمن، يقول: هذا الرجل ذكي عبقري. حسناً، إذا كان عبقرياً لكان سكت وتركها، فما الذي سيُقال سيُحرَّف
أم لن يُحرَّف؟ ليتركها هكذا. فلما قال ثم صدقه التاريخ، دل ذلك على أنه لا حول له ولا قوة، وأنه ليس بيده الأمر ولا. بيده شيء إن الحكم إلا لله إن الأمر إلا بيد الله. لا في مقدور محمد صلى الله عليه وسلم ولا في مقدور أمته أن يفعل ما حدث فيصل إلينا القرآن بهذه الكيفية المحفوظة العجيبة الغريبة على مستوى الأداء الصوتي، ليس على مستوى الشكل ولا على مستوى الحرف ولا على مستوى. الكلمة وليس على مستوى الجملة ولا
على مستوى السورة بل على مستوى الأداء الصوتي، والشيخ جمال نقرأ عليه "والضحى" فيقول: لا، "والضحى"، ما الفرق؟ ما الفرق بين "الضحى" و"الضحى"؟ لم نفعل شيئاً. يقول لي: لا، ضع شفتيك بجانب أذنك لتنطق الحاء بشكل صحيح، و"ضُحىً" بحاءٍ وليست هاءً. ويقول لنا كلمتين وهو يعلمنا الشيخ جمال فاروق، وقد حفظ القرآن بالقراءات العشر، وأخذنا معه سيدنا الشيخ عبد الحكيم. طيب، يعني ما الفرق في اللغة بين حاء وحاء؟ هي هكذا حاء مرققة وليست حاء. ويأتي فيضربنا
ضربتين، ولا داعي منه. والضحى، الله، إلى أداء الصوت في كل القرآن من أوله إلى آخره. هو صادق في أخباره عندما يقول "ورفعنا لك ذكرك"، فإننا نجد الآن أكثر من مائة مليون شخص اسمه محمد. فكتاب الأرقام القياسية يُثبِت أن محمداً هو الاسم الأكثر انتشاراً في الأرض، والذي يليه خمسة عشر مليوناً. وانتبه أنهم لم يعدّوا أحمد ولا مصطفى ولا حامد ولا محمود ولا... طه أو ياسين أو أي شخص من المسلمين سموا أولادهم تكريماً للنبي. لماذا لم
ينزه المسلمون النبي عن الاسم وعلوا لشأنه؟ قالوا: لا، لن نسمي باسم محمد حتى لا نقول تعال يا ولد يا محمد، واذهب يا ولد يا محمد، فيكون في ذلك إهانة. والمغاربة الصغير الذي يسمونه محمد يخاطبونه مَنْ الذي ارتكب هذه الجريمة يا سيدي محمد؟ حسناً، أحضروا سيدي محمد لكي نعاقبه. لكن يجب أن نقول: إنه يضربه هكذا يا سيدي محمد، هو يضربه. سيدي محمد قال يعني أنه غير مؤدب. لماذا لم يحصل في قلوب المسلمين تنزيه لهذا الاسم ما دام اسماً كريماً جداً هكذا؟ ولسنا قادرين على توجيهه ولا نسمي، لا، هذا ألقى الله في
قلوب المسلمين: "يا محمد ورفعنا لك ذكرك"، "إنا أعطيناك الكوثر"، قال بعض أهل التفسير أن الكوثر فصل: "لربك وانحر"، "إن شانئك هو الأبتر". من هو شانئه؟ هذا لا نعرفه، لا نعرف شانئه. عندما تذهب إلى التفسير تجد فيها تسعة بالضبط مَن هذا الشانئ؟ مَن الذي كان يكرهه وقال له: أنت لا تنجب أبناءً، فبعد ذلك عندما تموت لن يذكر أحد اسمك ولن يظهر اسمك مطلقاً في الشأن، أنت تنجب بنات وحسب؟ وهو يقول: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترة أهل بيتي". أخرجه. الترمذي كتاب الله وسنته
أخرجه أحمد، فإذا به يحفظ كتابه ويحفظ أهل بيته. حسناً، بالله عليكم فهموني فقط لأنني أريد أن أفهم: رجل يرى أبناءه يموتون أمامه - السيدة زينب والسيدة رقية والسيدة أم كلثوم وأبناء الصبيان كلهم - ويقول لفاطمة، وهي التي بقيت له، إنك أكثر أو أسرع أهلي يقول لها فماتت بعده بستة شهور. السيدة عائشة رأتها فقالت لها: "ماذا قال لكِ فأبكاكِ ثم أضحككِ؟" قالت: "سر رسول الله حتى مات". قالت: "لا، ما الذي قاله لكِ؟" قالت: "أنني لن أقوم من
مرضي هذا، فبكيت. ثم قال: وأنتِ أسرع أهلي لحاقاً بي، فضحكت وفرحت". فماتت بعده بستة شهور. واحد يرى أبناءه كلهم لم ينجبوا وماتوا، فكيف ترك عبيره؟ وما الذي يجعله يقول "وعبير أهل بيتي"؟ ثم يبين لنا الله أنه كان قادراً على تدمير أهل البيت الحسن والحسين، فأبناء الحسن كلهم يموتون وينجو الحسن المثنى وزيد الأبلج، وكل أبناء الحسين يموتون إلا علي زين العابدين. ما كان من الممكن إذا مات الجميع وأصبح
هذا الكلام الذي لا أعرف معناه، بل بقي ثلاثة فنتج منهم أهل البيت الذين يبلغ عددهم الآن من طنجة إلى جاكارتا ومن غانا إلى فرغانة أربعين مليون طبقاً للسجلات الرسمية، أربعين مليون إنسان صادق، لكن هذا ليس بيده ولا بيد. متى؟ وليس بيد أهل بيته، هذا كان الحسن ابن سيدنا علي، كلما ينزل إلى قبيلة كلما يزوجونه، يقول لهم: "يا جماعة أنا لا أريد أن أتزوج"، فيقولون: "لا، لعلك تنجب لنا طفلاً يكون ابن رسول الله"، فما كان ينجب. ما أنا عند الله شأني لله، فالإنجاب ليس في...
يد الحسن ولا في يد القبيلة التي نزل فيها ولا في يد الأم ولا في يد الأب، يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء ذكوراً أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً، فليس هناك قدرة بيد أحد أن يفعل هذا الذي نراه أعجوبة غريبة أن هذا النبي المقيم يكون. بهذا الصدق فإذ بالأبتر لا نعرفه وبالنبي يعطيه الله الكوثر كما أخبر، هذا النبي المقيم لا بد أن تكون له معجزة فهو فريد، فما المعجزة التي يراها كل أحد؟ أول معجزة أنه قد
حُفظ عليه، تذهب المصاحف التي طُبعت في مصر، هو المصحف الخاص بمطبعة الملك فهد، هو المصحف الخاص. الهند هو المصحف الخاص بأفريقيا، هو المصحف الذي كانوا يكتبونه بأيديهم. حاول كثير من المستشرقين أن يقولوا: "لا، لا بد أن هناك مصحفاً ضائعاً هنا وضائعاً هناك". ليس معقولاً أن تكون هذه ظاهرة فريدة لم تحدث من قبل. توجد نسخ، وهناك ما يسمى بالأبوكريفا، والأبوكريفا تعني النسخ غير المعتمدة، فلا القرآن هذا له أبوكريفا، أين الأبوكريفا الخاصة بالقرآن؟ أين النسخة غير المعتمدة؟ فأسسوا معهداً في ألمانيا، وكانت ألمانيا مركزاً للأبحاث الدقيقة
في كل شيء. وهناك مجموعة من الأفلام التسجيلية الضخمة بالآلاف تحدثت عن كل شيء: الفلك، الطب، الإنسان، التاريخ، الجيولوجيا، وكان هذا قبل الحرب العالمية الثانية، فأنشأوا معهداً لجمع... نَسَخُوا القرآنَ مِن كُلِّ مَكانٍ ومِن كُلِّ العُصُورِ، وَوَضَعُوا ضَوَابِطَ وَعِلمًا مُتَكَامِلًا. فَجَمَعُوا أَربَعِينَ أَلفَ نُسخَةٍ مَخطُوطَةٍ، وَبَعدَ أَن جَمَعُوا أَربَعِينَ أَلفَ نُسخَةٍ، أَحضَرُوا فَرِيقَ عَمَلٍ لِلمُقَارَنَةِ مِن أَجلِ البَحثِ عَن النُّسَخِ المُزَيَّفَةِ، وَعَن مَا أَخطَأَ فِيهِ المُسلِمُونَ وَمَا إِلَى ذَلِكَ. وَاستَمَرَّ العَمَلُ حَتَّى اكتَمَلَ مِنهُ ثَمَانُونَ
فِي المِئَةِ، أَي نسخة لم يجدوا فيها إلا أن يد الكاتب اهتزت فكتب حرفاً غير واضح إذا كان فاءً أو واواً غير مقصود، أو أن دواة حبر وقعت على النسخة، أو بعض الماء، أو التصق بها قطعة طعام كان يأكلها، أو أن دجاجة تغوطت عليه، أو نحو ذلك. لم يجدوا شيئاً آخر، فكتبوا محفوظٌ الآن في المكتبة الوطنية في برلين في حدود سبعين صفحة، وكتبوا فيه الكلام الذي نقوله هذا، أننا أسسنا المعهد، وأننا جلبنا أربعين ألف نسخة، وأننا انتهينا من ثمانين في المائة من العمل، وأنه لا يوجد أبداً
ما يُسمى بأبي كريفة، وأن هذا القرآن العجيب الغريب ما هو. محفوظٌ من الشرق إلى الغرب منذ القرن الأول وحتى الآن، حقاً لا يوجد شكّ في ذلك. أهذا بأيدي المسلمين أم بيد محمد؟ بيد مَن؟ إنه أمرٌ عظيم، إنها معجزة. وعندما صدر هذا التقرير وهو محفوظٌ إلى الآن، وقد كتب عنه حميد الله -رحمه الله- كلاماً كثيراً، قامت الحرب العالمية الثانية هذا المعهد احترق بما فيه من أشخاص وكل شيء، يبدو أنه لم تكن هناك نية خالصة ولا شيء لديهم فضُرب. هذا
القرآن من معجزاته وهو نبي مقيم الذي يراها كل أحد، لا يوجد نصف شخص حفظه هكذا، لا توجد مثلاً مؤلفات شكسبير لم يحفظها أحد من الإنجليز ولا... الأدباء وأي شخص له مؤلفات، مثل توماس الأكويني الذي يُعتبر ركناً من أركان الكنيسة الكاثوليكية، طبعوا مجلداته في مائة وأربعة وسبعين مجلداً كدراسة على الخلاصة اللاهوتية لتوماس الأكويني. وهو يشبه حجة الإسلام الغزالي عندنا، أي شخصية أسست شيئاً ومدخلاً جديداً لتفسير الدين، وليس هناك أحد مثله.
حفظه مثل قصيدة لامرئ القيس فنجد أن كل الناس حفظوها. أبداً، كان محمود تيمور رحمه الله، الابن الكبير لمحمد تيمور باشا، يحفظ المعلقات السبع، فكانوا يعتبرونه متميزاً لأنه حافظ للمعلقات السبع. كم واحد منا يعرف أصلاً ما هي المعلقات السبع هذه؟ ولمن هي أصلاً؟ حسناً، المعلقات السبع... هؤلاء لا نعرف لهم سبعة ولا عشرة. القرآن محفوظ لدى أكثر من
مائة مليون إنسان. العجيب والغريب والمعجزة أن الأطفال يحفظونه. والأغرب من ذلك أن التجربة الليبية، وهي تجربة موجودة أيضاً عندنا هنا في الفيوم، استخدمت القرآن لمحو الأمية، فأحضرت النساء المسنات اللاتي لا يعرفن القراءة والكتابة، فأزالت أميتهن. أحفظ القرآن في حي السيدة العجوزة، حفظت القرآن فتعلمت القراءة والكتابة من خلال الحفظ بسرعة، لكن جاء وقت كانت قد حفظته وهي أمية. يروون عن علي الخواص هكذا أنه كان أمياً وكان حافظاً للقرآن. لكن
التجربة الليبية عجيبة غريبة. ذهبت مرة إلى اسطنبول وزرت مدرسة، المدرسة فيها الأولاد يحفظون ويحفظون بطريقة معينة نسميها "دركنار". "در" يعني فيه، وهذا الذي هكذا، و"كنار" يعني إطار. وهذا "الدركنار" كان قديماً في مطبعة الجمهورية لدينا. كانوا يقولون: "وطُبع على طريقة الدركنار". لدينا هكذا قديماً. ما هو هذا "الدركنار"؟ هذا "الدركنار" يجعل كل جزء من
الثلاثين في عشرين صفحة، فيصبح القرآن ستمائة وعشرين في ثلاثين. يكون بست مائة صفحة ويجعل الصفحة خمسة عشر سطراً ويجعلها تبدأ بآية وتنتهي بآية، وهي الطريقة التي اتبعها مصحف الملك فهد. فمصحف الملك فهد الآن هو "دار كنار"، هذه هي الطريقة التركية الخاصة بـ"الدار كنار". سألتهم لماذا صنعوها هكذا؟ قالوا لي: صنعناها لكي نجعل الولد يحفظ الصفحة الأولى من الجزء ثم يحفظ الصفحة الأولى من الجزء الثاني التي هي رقم واحد وعشرين، ثم يحفظ الصفحة الأولى من الجزء الثالث التي هي واحد وأربعين،
وواحد وستين، وواحد وثمانين إلى نهاية المصحف، فيكون قد حفظ ثلاثين صفحة. ونرجع نجعله يحفظ اثنين، واثنين وعشرين، واثنين وأربعين، واثنين وستين، واثنين وثمانين، فيصبح ستين صفحة، يحفظونه بهذا الشكل فيحفظ القرآن وهو متجاوز اثني عشر سنة حفظاً فوتوغرافياً، أي حفظاً كأنه صورة. وجرّب، أحضرت الولد وقلت له: افتح يا ولد، أو قل يا ولد كذا، فيقول. أقول له: أين هذه؟ فيقول لي: على اليسار، أين؟ في الوسط، في... الله. طيب، صفحة كم؟ فيقول: الصفحة... إذن ما هذا؟ كم من شخص يقول ما هذا؟ هذا
عملنا، وهو لا يعرف اللغة العربية وعمره اثنا عشر سنة ويؤم الناس في صلاة التراويح. هذا، أمر آخر، ليس عمل ربنا هذا. والله هكذا. فالمهم، فأقول لهم: "والله هذه مدرسة جميلة جداً". لا، فنحن عندنا ستة آلاف. قلت لهم: فيها ستة آلاف طالب، قال: "لا، لدينا ستة آلاف مدرسة". قلت لهم: "ستة آلاف مدرسة ماذا تعني؟ أنا لا أصدق إسطنبول ولا تركيا كلها". قال: "لا، إسطنبول وحدها فيها ستة آلاف مدرسة مثل هذه التي أنا فيها". قالوا: "نعم، ستة آلاف، لكن هذا بعد الضعف وأتاتورك". جاء وألغى أشياء كثيرة فبقيت الستة آلاف. حسناً، أنا
غير مصدق. قال: تعال نطوف بك على الستة آلاف. نعم، واحد، اثنان، ثلاثة، خمسة آلاف، تسعمائة وتسعة وتسعون، ستة آلاف. ها هي موجودة، ستة آلاف. حسناً، أنا لست فاهماً. لا بأس، ليُفهموني. لماذا الصفحة الأولى والصفحة الأولى والصفحة الأولى؟ قم، فيقوم. أنا لا أعرف. قلتُ لهم: كيف لا تعرفون ذلك وأنتم مَن أبدعتم هذه الطريقة؟ ونحن علينا طريقة أخرى في مصر، طريقة اللوح، وطريقة ثالثة يقرأ فيها من المصحف، وطريقة رابعة، يعني هناك طرق مختلفة لحفظ القرآن. وهناك طريقة هندية تُسمى الركوع، كل عشر آيات، في ستة آلاف آية في القرآن، عشرة يسمونه ركوعاً، فستة آلاف تكون في ست مائة. أنت تصلي كم
صلاة في اليوم؟ سبع عشرة ركعة، منها عشر ركعات فيها قراءة، تقرأ الفاتحة وشيئاً من القرآن ما تيسر. إذن العشر ركعات ستقرأ في كل ركعة ركوعاً من عشر آيات، فيكون عشرة في عشرة بمائة، ومائة في ثلاثين بثلاثة آلاف، يكون هكذا، إذا صليت الفرض فقط تُنهي القرآن في شهرين. لكن هناك سنن، كم عدد السنن؟ سبعة عشر. أيضاً، كم تقرأ منها؟ هناك عشرة أيضاً، وهي الركعتان الأوليان من الصلوات الخمس، فتُنهي القرآن في شهر. ثلاثة آلاف وثلاثة آلاف يصبح المجموع ستة آلاف، طبعاً حفظ ستة آلاف. مائتان وستة وثلاثون، فإذاً
طرق مختلفة. فلو سمحتم فهموني كيف تجعل هذه الطريقة الولد الذي لا يعرف العربية يحفظ بهذه الطريقة. قالوا إنني لا أعرف، وحتى الآن أنا لا أعرف، لكن بينما كنت أجلس مرة وأقول هذا الكلام أمام شخص من روسيا، وهذا الشخص غير مسلم ولكنه يعرف عشر لغات. منهم من يتحدث العربية، فأقول له أنني أشرح هذه القصة، فقال لي هذا موجود هكذا ونحن نتعلم اللغات بهذه الطريقة. قلت له: كيف؟ قال لي: احذر أن تتعلم
لغتين متشابهتين معاً، فحين تتعلم الإنجليزية تعلم معها الحبشية، وحين تتعلم الفرنسية تعلم التركية، وحين تتعلم الألمانية اذهب لتتعلم الأردنية، لكن لو... تعلمت الإنجليزية والفرنسية معاً، فلن تتقن الإنجليزية ولن تتقن الفرنسية. يجب أن تُباعد في ذهنك بين المتشابهات. قلت له: حسناً، وما علاقة هذا بنا؟ فقال لي: عندما يحفظون الصفحة الأولى، لا يتركونه يكمل، بل ينقلونه إلى صفحة ثانية من مكان آخر، فيصنع فاصلاً في عقله لكي... لا يختلط الأمر. قلتُ له: الله أعلم، هذه تحتاج
إلى أبحاث ودراسات، لكنها ظاهرة موجودة معنا. ستة آلاف مدرسة نجحت، وهذا كان بعض من الدوافع التي دفعت مصحف الملك فهد أن يتبنى الأمر. زوجتي حفظت القرآن وحافظته على مصحف الشمرلي الخاص بنا، مصحف مصر، وبعد ذلك أصبح مصحف الشمرلي قليل موجودٌ، فبدأت تحفظ على مصحف دار كنار، وهي حافظة، لكنه يُربك، لأنها تحفظ أن الآية هذه آخر الصفحة أصبحت في وسط الصفحة، والتي كانت على اليمين أصبحت على الشمال. لا تربك الأمور، المهم أنها حفظته
مرة أخرى على مصحف الملك فهد. دار كنار قالت لي: "لقد وجدت شيئاً غريباً جداً". هذه في الكتابة تساعدني على فهم المعنى وتساعدني على أن أقف الوقوف الصحيح بالمعنى التام. خلاص تم المعنى ها هو، والآخر لا، ليس فيه هكذا. ما الصعوبة في ذلك؟ من الذي وفق هؤلاء الناس لهذه العلوم التي حتى بعد أن عرفناها لا نستطيع فهمها؟ فهناك شيء نحن نسميه... من الغريب
أن لا أحد حفظ القرآن باللغة الإنجليزية، والذين ترجموه قاموا بترجمة معاني القرآن مئتين وثمانين مرة إلى اللغة الإنجليزية، وإلى اللغة الفرنسية حوالي اثنتين وأربعين مرة في الوقت الحالي، وإلى اليابانية ثلاث مرات، وإلى مئة واثنتين وثلاثين لغة، ولم يفكر أي شخص في أن ينتشر حفظ القرآن باللغة لماذا هو لا يعرف العربية؟ فكان الأجدر أن يحفظه بلغته. هناك داعٍ
لذلك خاصة عند من أجاز كالحنفية تلاوة القرآن بالعجمية. هكذا قال له: "حسناً، افترض أنني غير قادر على قراءة الفاتحة". قال له: "اقرأها بترجمتك". لكن لا أحد راضٍ أن يفعل ذلك. حسناً، لماذا؟ كل هذه أمور. غير مبررة ليس لها سوى أن أقول اختلاف لغات حافظيه، ما هو اختلاف أعمار حافظيه المختلفة، وأنهم لم يحفظوه في أي ترجمة. ما هو من
إعجاز هذا النبي المقيم أنه لا يعارض أي سقف معرفي، والأسقف المعرفية تزداد يوماً بعد يوم بالتراكم المعرفي، وكل يوم نكتشف جديداً، وهناك نظريات تختلف. وهناك حقائق ثابتة، الحقائق الثابتة حتى لو تطورت بقيت كما هي واتسعت دائرتها. القواعد التي جاء بها أرشميدس، والقواعد التي جاء بها فيثاغورس، نحن بنينا هذا البناء بها، وهي ليست كذباً. إنما نيوتن أدخلنا في قواعد أخرى أوسع من دون أن يحكم على الأولى بالبطلان.
وأينشتاين أدخلنا في الزمن مع... الأبعاد الثلاثة من غير أن يُحكم على نيوتن بالبطلان، فهذا يجعل المسألة تتسع ولا تُحكم عليها بالبطلان. وبالرغم من ذلك، يظل النص القرآني هو الذي يتحمل كل الأسقف المعرفية هذه. وأضرب لذلك مثالاً، وأقارن بذلك بين القرآن الذي رُوي بالتواتر وبين أحاديث الآحاد التي قد - وليس دائماً - يتدخل بما فهموه فلا يكون هذا هو النص والنص هو القرآن لأن القرآن لم
يكن فيه أحد يزيد أو ينقص أو يروي بالمعنى أو أي شيء. كما هو كلام يطول جداً في استيعاب القرآن للأسقف المعرفية المختلفة. فمثلاً نعلم أن الله سبحانه وتعالى علّام الغيوب، ففي الحديث مفاتح الغيب خمسة. انظر انظروا الكلام، لا يعلمها إلا الله، انتهى الأمر وأُغلقت المسألة. لا يعلمها إلا الله، تحتاج إلى تأويل بعد ذلك. هذا في الحديث الذي فيه رواية: "لا تدري نفس ماذا
تكسب غدًا، ولا تدري نفس بأي أرض تموت". عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام. إنما الحديث في آية لا يعلمها إلا الله، انتهى الأمر. ثم تتطور الأيام ونعرف بالسونار ما في البطن وإذا كان ولداً أم بنتاً. حسناً، ها قد أصبح ما في الأرحام معلوماً، فنضطر أولاً أن نقول: لا، يعلم إن كان شقياً أو سعيداً، وليس يعلم إن كان ذكراً أو أنثى. حسناً، لكن هذا هكذا قال: وعنده علم الساعة، ويُنَزِّل
الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت. فاستعمل الساعة ومكان الوفاة وزمن الوفاة بصيغة الإغلاق، واستعمل نزول الغيث والعلم بما في الأرحام بصيغة الإخبار "يُنَزِّل". فجلبنا المطر الصناعي، لا يحدث شيء، لأنه قال ذلك. لم يقل ولا ينزله إلا هو ويعلم ما في الأرحام، لم يقل ولا يعلم ما في الأرحام إلا هو، فانظر إلى الآية وانظر إلى الرواية. أسقف معرفية كثيرة
في القرآن ضربنا. الصباح قضيت والشمس تجري لمستقر لها. الظاهرة أنها تطلع من الشرق وتجري إلى الغرب، خلاص تجري هي في السماء. تطورنا وعرفنا أنها ثابتة وأن الأرض تدور حولها وتدور حول نفسها، وفي نفس اللحظة التي عرفنا فيها هذا، عرفنا أنها تسبح في الفضاء نحو نجم فيجا بسرعة اثني عشر ميلاً في الثانية. وتبقى الآية: "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم". شيء غريب! نص واحد يصلح للمستوى الأول. والمستوى الثاني والمستوى العاشر ما دامت حقائق فلا يعارض في نصوصه السقوف المعرفية،
هذه حقيقة مشاهدة. الأشخاص الذين اعتنقوا الإسلام مثل موريس بوكاي ومراد هوفمان من الأجانب، عندما يقرؤون القرآن يقولون: نحن نفهمه باستمرار هكذا، لا توجد إشكالات، وعندما يقرؤون الآثار يجدون فيها بعض الإشكالات. هي الآثار فيها ضعيف وصحيح، وفيها ما رُوِيَ بالمعنى وما لم يُروَ بالمعنى، تحتاج إلى تحقيق وتنقيح ومعايشة معايشة المحدثين والفقهاء، والاهتمام بأن القرآن الذي هو كلمة الله الأخيرة للبشرية أوضح من الواضحات وأجلى من البينات، بحيث أنه يقيم الحجة على الناس من خارجه، ونحن لم نقرأه بعد، هذا هو. لكن من الخارج هكذا فقط،
سيدنا علي وهو يرسل ابن عباس لجدال الخوارج فيقول له: "لا تجادلهم بالقرآن فإنه حمّال أوجه". حمّال أوجه هذه معجزة في حد ذاتها. يقول الرافعي: "كلام الله مخالف لطبيعة كلام البشر، فلو كتب الكاتبون وتأدب الأدباء والشعراء والحكماء، فإن ما كتبوه دائماً يكون أقل مما..." في أذهانهم، ولذلك تراهم يقولون، يعني سمَّاها الفقهاء العناية.
بعد أن تتحدث، تقول يعني وتفسر كلامك، تشعر أنك اخترت جملاً لم تعبر عن كل ما في نفسك، وتريد أن تقول مرة أخرى لتوضح يعني أعني، وتبدأ بالشرح. ولكن القرآن عكس هذا، فالعبارة التي أمامك دائماً تكون أعلى مما في ذهنك. تفهم، تقرؤها ثانية، تفهمها فهماً ثانياً، تقرأ ثالثة، تفهمها فهماً ثالثاً، تقرأ عاشراً، تفهمها فهماً عاشراً، تقرأ عشرين مرة، تفهم. حسناً، لا بأس، ربما أنت قليل العلم. حسناً،
وماذا عن أخيك وابن عمك والشرق والغرب؟ هكذا الناس جميعها. هو دائماً لا تنتهي عجائبه، لا يمل من كثرة التكرار، إنما يزداد من إعجاز هذا الكتاب أنه شديد التفلت؛ فالشخص يكون حافظه وختمه ودرسه على الشيخ تمام الدراسة، ثم يتركه، فسيتركه حتماً. ولذلك تجد المشايخ الذين حفظوه إذا أرادوا المحافظة عليه لا بد أنهم يعملون به، لا بد أن يعملوا به ليلاً ونهاراً، وكلما
ساروا على هذا النهج يُسمعونهم جزءاً. جزأين والذين ينتهون في عشرة أيام، والذين ينتهون في شهر، والذين ينتهون وهكذا كالحال المُرتحل. حسناً، تركتَ هذا، تركتَ هذا، لا يوجد. ولكن المشايخ يحفظون شيئاً مثلاً مثل الشاطبية، طوال عمره يحفظ الشاطبية، يذهب ويعود ويعمل وهو أيضاً يحفظ الشاطبية، ويتركها وهو أيضاً يحفظ الشاطبية، خاصةً إذا كان. حافظها في الصغر إلا إذا انشغل وشغل باله وقلبه بشيء آخر، يعني تركها تماماً، وفي النهاية يأتي ليستعيدها فيجدها قد رجعت بسرعة. فالقرآن في تفلته يريد أن يلتصق بك وأن تلتصق به.
غريب هذا القرآن أنه كما وصفه من أنزله هدى للمتقين. ستدخل القرآن تطلب الهداية فتجده ينفتح معك. ويأتي لك بمعانٍ وتتداعى المعاني وترسم لك طريقاً واضحاً، ستدخل لتتفاعل معه، وقلب يبحث عما ينقضه يغلق عليك ويربكك، والنص واحد: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾، سبحان الله! تدخل هكذا تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم
أن تشعر فيها بالجمال والرحمة وأن البداية جمال في جمال وحلاوة في حلاوة، وتشعر بتكرار "الرحمن الرحيم" أنه كان يستطيع أن يقول "الرحمن المنتقم" أو "المنتقم الجبار"، فعندما ذكر الاثنين فكأنه يقول: العلاقة بيني وبينك أيها العبد رحمة في رحمة. وشخص آخر يقرأها ويقول: أبي، لماذا كرر هكذا؟ ما فائدة "الرحمن" ثم "الرحيم"؟ ما الحاجة ليس معك نص هكذا: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ". انظر كيف يدَّعون أنه يدعو إلى العنف. إن الذي يقرأ النص سريعاً سيفهم منه العنف.
والثاني "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، هذا أنقذني، هذا أنقذني من العنف "وقاتلوا". وبعد ذلك قال الله "في سبيل الله" وليس "وقاتلوا" فقط. فهناك فرق. بين القتال والقتل، ولابد أن يكون هذا القتال في سبيل الله، وتتوقف عند مفهوم "في سبيل الله" هذا وتتأمل فيه: كيف يكون في سبيل الله من إخلاص النية، ومن عدم الفساد في الأرض، ومن صد العدوان، ورفع الطغيان، ومن الوقوف، وأن تكون متوقفاً عند من طلب منك السلام، وإن مالوا فاجنح لها وتوكل على الله أو امتنع عن القتال. كيف تكون هذه تربية عميقة؟ إذا كان الذين يقاتلونكم فإنما ذلك لصد العدوان، أليس كذلك؟
ليس معنى ذلك ابتداءً "ولا تعتدوا". ما هذا؟ إنه يقول لي "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". لقد جعلها قاعدة عامة ومبدأ عاماً أن الله لا يحب المسرفين، هذا يضع لي قواعد تجعلني أفهم مقررات الاجتماع البشري. القراءة مختلفة، فسبحان الله وهو نص واحد، هو نبي مقيم وهو معجز في بيانه. والإعجاز البياني هذا ذُكر في مؤلفات يقول لك: انظر عندما أنقل "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون". قلت القيود فكثر الموجود.
لم يقل يعلمون ماذا؟ يعلمون يعني الشريعة أم يعلمون الطب أم يعلمون الكون أم يعلمون التاريخ. لم يحدد ذلك، مما جعل العلم واسعاً. ثم يأتي بعد ذلك ويقول لك: "وقل رب زدني علماً"، فجعل العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة. وبعد ذلك يقول: "وفوق كل ذي علم عليم"، فجعل العلم. لا ينتهي مع المحبرة إلى المقبرة، من المهد إلى اللحد، وهكذا. "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب". فخرج أحدهم وقال: "لا، أنتم تقولون إن القرآن
أعجز في إعجازه، وأين هذا الكلام؟ (ولكم في القصاص حياة) هذه أربع كلمات، و(القتل أنفى للقتل) ثلاث كلمات، فكيف تقول لي إن القرآن أفضل؟" قل: حسناً، تعال، أليس عندما توازن بين عبارتين يجب أن يكون التوازن بينهما في المعنى أو فيما هو أوسع من المعنى؟ "القتل توقف للقتل" هذه مقابل "في القصاص حياة". فتكون عبارتان، وهنا ثلاث كلمات، فيكون الترجيح
للنقطة الثانية. "القتل القتل" كررت كلمة القتل مرتين، أهذه بلاغة؟ أم "القصاص حياة"؟ النقطة معنى القتل أنه للقتل ليس له معنى. عمر القتل ما كان أنف للقتل. طوال عمر القتل يجر القتل، لكن القصاص لا يجر القتل، هذا يوقف القتل. رقم أربعة: قتل وهذا عندما اختار القاف والصاد وهي من الحروف الغليظة هكذا
الكبيرة الضخمة الفخمة. فأتى بـ (أي) حياة، يعني جعل طريقة النطق حتى الصوت قام وذهب مُدخِلاً فيها الحاء والياء والألف والهاء وكلها من حروف الرقة هكذا، فأدخل الرقة فيه. وجالسين إذاً هكذا، جلسوا يعملون معه كثيراً، كل واحد يفتح عليه ربنا شيئاً ويقوله في المقارنة. أما لكم في هذه قضية ثانية، هذه قضية تقول من الذي يقتل والثأر. لا يُتَّخَذُ هكذا، بل يُتَّخَذُ عن طريق القاضي، وأن المجتمع هو الذي يقول، والحاكم هو الذي يقرر، وأن الافتيات على الإمام والعدوان
على الإمام ذنب في حد ذاته، وأن هذه أمور ليس لنا شأن فيها. هاتان العبارتان "القتل أنفى للقتل" و"القصاص حياة"، وفعلنا هكذا في مئات العبارات كلما... يحاول أحدهم أن يأتي بشيء ما، فنجد أن القرآن يا أخي ليس على وجه واحد ولا اثنين ولا ثلاثة ولا أربعة. وبعد أن تقرأ عشرة أو خمسة عشر شيئاً، تجد عشرة أو خمسة عشر شيئاً آخر. التوازن عندما أقرأ القصيدة المعلقة التي عُلقت على الكعبة لشرفها ولأنها مليئة بأشياء جميلة واستبكى ووقف واستوقف
وذكر الحبيب والدار في شطر بيت، هذه هي البلاغة الحقيقية. أعني شيئاً مثل "قفا نبكِ"، هذا هو الوقوف والاستيقاف. وقف وأوقفوا الآخرين هكذا لنبكي، فبكى واستبكى من ذكر حبيب ومنزل، فذكر الحبيب والدار. ستة أمور في نصف سطر فقط. فقلنا له: حسناً، أكمل هكذا: "بسقط اللوى بين في المقرات لم يعفر اسمها، قلنا له: "حسناً، ما هو التوضيح؟ وما هي المقرات؟ وما هو حومل؟
وما هي القصة؟" قال: "يعني مثلما نقول هكذا من الدُؤَل إلى العجوة. يا قلبي لا تحزن. شبراً ما هذا؟ أعجبتكم هذه؟ حسناً، قولوا هكذا من البداية، كنا قلنا إن هذه الأشياء ذكرى حبيب ومنزلي! انتهينا إذاً! سقط اللوى بين الدخول فحومل، كلها ماذا؟ أسماء أماكن لا يوجد فيها أي معنى ولا أي شيء. "إنا أعطيناك الكوثر"، قصة. "فصل لربك وانحر"، قصة كبيرة مؤلف فيها مجلدات. "إن شانئك هو الأبتر"، قصة كبيرة عجيبة
غريبة. "قل هو الله أحد"، قصة. "الله الصمد"، قصة. ثانية مختلفة تماماً ليس لها علاقة. قل أعوذ برب الفلق قصة، وقل أعوذ برب الناس التي بعدها قصة أخرى مختلفة تماماً. كان لدينا شيخ في الماضي لم ندركه نحن، لكن مشايخنا أدركوه. كان اسمه الشيخ محمد راشد، وكان أستاذ تفسير، وكان من هيئة كبار العلماء، وكان في الخاصة الخديوية أيام سيفصل فجاءت ما هذه؟ الحميمون! الدور الآن على الحميمين، فجاء رجل من هنا وقال له: "يا مولانا لا تقُلْ،
الله أعلم بمراده". سألنا: "ماذا يعني حميم؟". قال له: "أقول لك ما هو الحميم في جلسة أو في أسبوع أو في شهر أو في سنة؟" فأجابه: "يا مولانا، أأنت تسخر مني وتضحك عليّ؟ أشم يعني "حميم"؟ ستجلس تشرحها لمدة سنة؟ قال له: كما أقول لك هكذا، قل لي كم سيستغرق تفسير "حميم"؟ قال له: يا مولانا، في شهر. قال له: حسناً، توكلنا على الله. انتبهوا، التفسير كان يومياً بعد الفجر، يعني شهر سيعني أنهم سيلتقون خمسة وعشرين يوماً لأن... الجمعة فجلس
يفسر في "حميم" شهرٍ. شيخي وهو يحدثني بهذا، فحصرنا ما فسر به كلمة "حميم" ستة وخمسين تفسيراً في خلال الشهر. ثم قال: "هم سبع حواميم عندنا، سبع سور، كلهم يبدأون بـ حميم، وراء بعضهم". قال: "يا أولاد واعلموا أن كل حميم لها تفسير آخر غير حميم التي فسرناها هذه فلا تنتهي عجائبها حقيقةً، وكلما نقرأ وأنتم تعلمون أرى التفسير الموجود الآن أكثر من ثلاثمائة تفسير مطبوعين، وهذا المطبوع فقط، وما قيل من كتب مؤلفة كبيرة في الحروف المقطعة هذه
ولا ينتهي الأمر، معجز في رسمه حتى الرسم معجز هذا الرسم. حكاية غريبة في سورة إبراهيم: لا تجد الياء في سورة البقرة، لا تجد الياء في "إبراهيم" في سورة البقرة. "إبراهيم" مكتوبة "إبراهم" من غير ياء، وإبراهيم في سائر القرآن مُثْبَتة فيها الياء. لماذا؟ لم تكن هناك إجابة. كلمة "رحمة" (امرأة) تجدها بالتاء المفتوحة وتجدها بالتاء المربوطة التي هي الهاء
يعني. لماذا لا توجد إجابة؟ لا تجدها أن ولا وإلا. لماذا تجد أشياء أُثبتت فيها الألف وهي لا تحتوي على ألف، وحُذِفت منها الألف وهي تحتوي على ألف؟ لماذا "يُخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم"؟ ماذا سيخادعون؟ ويخادعون؟ الثانية لم يحدث لها شيء. اقرأها بتأنٍ أولاً يا شيخ. جمال: هل الأولى هي التي فيها الوجهين؟ الثانية فيها الوجهين، إذاً أنا على صواب. حسناً، قل لي أنت على صواب يا شيخ جمال. أنت
مستخسر؟ نعم، "وقِنا عذاب النار". نعم، عذاب... آه عذاب، آه نعم، تفرق طبعاً. "عذاب" المفعول به، إذاً ربنا يقينا إن شاء الله عذاب النار، لكن "قِنا النار هي نفسها عذاب، وإذا
ذهبنا إلى قنا فيا مرحباً بقنا وأسوان. قالوا قنا، قالوا قنا حارة، فقلت: وهل يرد الحر قنا؟ سر الحياة حرارة، لولاها ما طائر يغني، ولا غصن ينثني، ولا قلب يحن. إذاً فرسمه معجز، فجاء ابن البنا المراكشي وألف كتاباً يحاول أن يفك فيه ما... هذا وجاء شخصٌ اسمه عبد الحميد شلتوت
وألَّف كتاباً آخر يحاول أن يفك فيه أيضاً، فإذا بهم يستخرجون أشياءً عجيبةً غريبةً، وجاء أحدهم وربط بين الحروف الأولى المقطعة وبين الرسم وتوصل إلى نتيجةٍ نرجو من هيئة الإعجاز أن تتابعها إذا أمكن. ادخل القرآن بالرسم العثماني المعتبر فوجد أن الصور التي بدأت بألف لام ميم، ألف لام الميم فيها بالرسم العثماني أكبر نسبة في القرآن، عددها على عدد الحروف يعطي خمسة وعشرين في المائة. ألم في
طه تكون ثمانية عشر في المائة فقط، وفي يسين تكون عشرة في المائة فقط أو شيء كهذا، لكن في سورة البقرة تكون خمسة وعشرين، وسورة خمسة وعشرون، لو صح هذا لكان شيئاً غريباً عجيباً لا علاقة للبشر به، لأن الرسم القرآني يقول عنه الشيخ الحداد خلف الحسين الشهير بالحداد أبو بكر: "إنه معجز في رسمه كما أنه معجز في نظمه"، بالإضافة إلى أنه يتحمل القراءات العشر، إلا أنه شيء عجيب. الحقيقة هناك أشياء كثيرة. جداً لو جلسنا يطول المقام
وأنا أرى أن هناك فتيات كثيرات يردن الذهاب، يردن أن يطول مقام الطيران ويمضي. شكراً لكم لحسن استماعكم، نوّر الله قلوبكم وفتح أذهانكم. سيروا على طريق العلم، لا تقولوا قد ذهب أربابه، فكل من سار على الدرب وصل. والله يفتح عليكم فتوح العارفين به ويجمعنا في الدنيا والآخرة ويمتعنا بهذه اللقاءات العلمية التي تحفها الملائكة، وندعو ونقول: اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، آتنا
في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عفو يا غفار، واحشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة، واسقنا من يده الشريفة. شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، فارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا، اللهم اجمعنا على الخير في الدنيا والآخرة، اللهم نور صدورنا واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا ويسر غيوبنا، اللهم يا رب العالمين استجب دعاءنا. واهدنا في من هديتَ، وعافنا في من عافيتَ، وتولنا في من توليتَ، وبارك لنا فيما أعطيتَ، واصرف عنا شر ما قضيتَ، واصرف عنا السوء بما شئتَ وإن شئتَ وكيف شئتَ ومتى شئتَ، يا رب العالمين، وصلِّ اللهم على سيدنا
محمد الأمين وآله وصحبه الطيبين وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين ومن. اتبعه. شكراً لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.