محاضرة بعنوان " قوّة العالم الإسلامي " | أ.د علي جمعة

محاضرة بعنوان "  قوّة العالم الإسلامي " | أ.د علي جمعة - أ.د. علي جمعة
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا رسولِ اللهِ وآلهِ وصحبهِ ومن والاهُ. أحييكم بتحيةِ الإسلامِ، وتحيةُ الإسلامِ السلامُ، فالسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ. وأتقدمُ بالشكرِ الجزيلِ إلى الأستاذِ الدكتورِ عمرو العدوي رئيسِ جامعةِ بيروت العربيةِ على هذه الدعوةِ الكريمةِ التي لبّيتُها في هذا الشهرِ الأنورِ شهرِ ربيع الأول الذي نحتفل فيه بمولد النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، وُلِدَ الهدى فالكائنات
ضياء وفم الزمان تبسم وثناء. وأشكر الأستاذ الدكتور محمد كمال الدين الإمام، وهو أخ وصديق قديم عزيز، عالِم ولا نزكيه على الله سبحانه وتعالى، في اطلاعه وفي علمه وفي أدائه وفي أستاذيته. أشكر لكم حضوركم فمرحباً بكم أيها الإخوة الأعزاء وشكراً لهذا الحضور الكريم ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الجلسة في ميزان حسناتنا يوم القيامة وأن يجعلها من جلسات التراحم والعلم التي يحسبها لنا
في حسناتنا جميعاً. شكراً لكم جميعاً. هذا اللقاء اختير له عنوان أن قوة الإسلام ضرورة. كيف ماذا فعل المسلمون عندما كانوا أقوياء وما الذي نستفيد ويستفيد العالم منهم إذا ما رجعوا مرة أخرى أقوياء كما كانوا؟ فإذا تبين لنا ذلك فقد أجبنا على هذا السؤال
أو على هذا العنوان أو على لماذا. وتعرفون أن كيف ولماذا هي الأسئلة الفلسفية الأولى في بساطتها من أجل المعرفة. ونحن نقرأ التاريخ نحاول أن نجيب بإنصاف وأن نجيب بلا تحيز عن أمور كثيرة، ماذا فعل المسلمون عندما كانوا أقوياء؟ أنا أدعي ويؤيدني التاريخ أنهم شاركوا في بناء الحضارة الإنسانية من مشرقها
إلى مغربها، وأن هذه المشاركة كان وراءها وكامناً فيها رؤية ونظام وأسس للتطبيق، وأننا في عصرنا الحاضر في حاجة ماسة إلى هذه الثلاثة في عالم أصبح ضجيجه يعلو بصوته على عقله، وأصبح عقله في كثير من الأحيان يُسكت قلبه. والترتيب المنطقي أن القلب فوق العقل، وأن العقل
هو الضابط للسلوك. أما إذا تحكمت فينا مصالحنا وشهواتنا فأسكتت عقولنا، ثم أسكت هذا العقل القلب وصدّه، نكون قد... قلبنا المنظومة بأكملها وهذا خطر شديد علينا جميعاً وعلى المجتمع البشري، وهو ما يرتفع صوته في الأرض الآن. هيا بنا نرى كيف شاركوا في بناء الحضارة الإنسانية في أمثلة نقتطفها من هنا وهناك، ثم نبحث عن الرؤية أولاً، وعن
النظام ثانياً، وعن أسس التطبيق ثالثاً، ثم نبحث كيف تفيدنا هذه. الرؤية وهذا النظام وذلك التطبيق في عالم اليوم حتى نعرف إذا ما كان الإسلام والمسلمون إذا ما عادوا مرة أخرى أقوياء هل في ذلك من خوف ورعب وعدم أمان بالعالم أو أن العكس هو الصحيح بموجب التجربة التاريخية وبموجب التأسيس الفكري. نتكلم عن قضية القيم الأخلاقية، اليونسكو قامت بمجهود كبير. في السنوات الأخيرة
من أجل ما أسموه بالقيم الأخلاقية النشطة، وبعضهم يطلق عليها القيم الأخلاقية العالمية، بمعنى أنها قيم يشترك فيها بنو الإنسان، واستخلصوا من ذلك أكثر من عشر قيم، إحدى عشرة قيمة، وجعلوها هي الأساس الذي ينبغي أن يتضمنه منهج التعليم ومنهج التربية لأطفال مدارسنا في الشرق وفي الغرب. وفي كل الأرض وذلك لو
أننا تذكرنا شكوى الرئيس كارتر من التعليم في أمريكا ومن انهيار القيم حتى أن الأبناء بدأوا في ضرب المدرسين، ولو تذكرنا ذلك العمل الدرامي الشهير الذي سُمي بمدرسة المشاغبين والذي كان فيه الأولاد يترصدون للأستاذ لضربه تحت أي عنوان: حرية الرأي، حرية التعبير، الحرية الشخصية. ليكن ما يكون، وعندما انتقل هذا من فيلم سيدني بواتيه إلى مسرحية عهد الإمام، شاعت في الأولاد كثير جداً من هذه القيم وكأنها مقصودة،
وهي حتى إن هذا العمل الدرامي لم يكن يقصد ذلك، بل قصد العكس، قصد أنه يجب علينا أن نربي أبناءنا وأن نحذر من هذا الانهيار الذي... في النهاية يضرب فيه الصغير الكبير ويقسو فيه الكبير على الصغير وتكون العلاقة بينهما هي علاقة الصراع وليست علاقة تسليم الراية ولا علاقة التربية ولا علاقة الرحمة إلى آخر ما هنالك. عندما نتأمل بطبيعة الحال هذه القيم الإحدى عشرة نوافق عليها جميعاً لأن هذا كان هو المقصود الأهم في انتقائها. وفي بحثها وفي اختيارها أنها
قيم لا يمكن لأحد مهما كانت عقيدته أو دينه أو مذهبه الأخلاقي حتى ولو كان ملحداً أن يرفضها، منها الاحترام، منها الثقة في النفس، منها الصدق، منها الشفافية، منها الرحمة، ومنها وهكذا، كلها قيم، منها المحبة، منها كذا، يعني كلها قيم لا يسع أحداً من... الخلق مهما اختلفوا في أوطانهم أو في عقائدهم أو في مذاهبهم الأخلاقية أن يرفضوها، وهي قيم يحتاج إليها الاجتماع البشري، ولذلك فإننا سنجدها في الإسلام، بل إن الإسلام فيه ما يزيد على ذلك بكثير، وفي المسيحية فيه ما يزيد على ذلك
بكثير، ولذلك قررنا ونحن في كامبريدج أن ننشئ شيئًا. موازياً لما أنشأته اليونسكو ونسميه القيم الدينية المشتركة ونوسع الدائرة بدلاً من إحدى عشرة قيمة أخلاقية لتصبح عشرين أو خمساً وعشرين قيمة يتفق فيها أهل الأديان، وإن اختلف معنا غير المتدينين أو غير المؤمنين. وإن كانوا هم إخواناً لنا في الإنسانية، إلا أنهم لا يرون أن هذه الأخلاق مما يجب أن نربي عليها. أبناؤنا، وقد بدأ الدكتور طه عبد الرحمن المغربي في بحث هذا الموضوع بعد كيمبردج. هيا بنا ننظر وندخل إلى القيم الأخلاقية التي أتى
بها الإسلام، ليس منطلقين فقط من القيم النشطة، وإنما أنا أضرب القيم النشطة كمثال للاحتياج. هذا الكلام الذي بذلت فيه اليونسكو الوقت والجهد والمال حتى توصلت إلى المتفق عليه. كان لدينا في تراثنا وفي حياتنا وفي تطبيقنا وفي نظامنا الأخلاقي والتربوي الذي حملناه إلى العالم ما يحتاج إليه الناس. وقد اتفق البشر الآن على أن افتقاد هذه المعاني أمر ضار، وأنه لا بد علينا من العودة ولو إلى قدر مشترك تمثله هذه القيم.
وانظر إلى تسميتهم لها بالقيم النشطة. أي أنه لا يكفي أن يؤمن بها الإنسان بل لا بد أن تكون في نظام ولا بد أن تؤثر في السلوك اليومي للإنسان. لسنا في حاجة ونحن نبحث في مجموعة القيم النشطة إلى أن نسمع أن أول كلمة تراها في الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم ولم يقل وكان من الجائز. أن يقول بسم الله الرحمن المنتقم صفة من الجمال وصفة من الجلال لكنه لم يقل ذلك بل قال بسم الله الرحمن الرحيم فجعل الأمر في الخطاب والعلاقة بين
الله والإنسان دائراً بين الرحمة والرحمة لم يقل بسم الله الرحمن فقط لأنه إذا كان هو رحمن فهو أيضاً يغضب على من أَفْسَدَ في الأرضِ لكنَّه سُبحانَه وتَعالى يُثني مِن أجلِ أن نَعلمَ الصِّفَةَ الثانيةَ التي سَيُواجِهونَ بها فإذا بِها الرَّحيمُ حتى قالوا رحمنُ الدُّنيا ورحيمُ الآخرةِ وحاولوا أن يُفسِّروها بأشياءٍ شتَّى ولكن في الجُملةِ الرَّحمةُ والرَّحمةُ هي جَوهرُ الحُبِّ وقد يَختلفُ النَّظرُ الإسلاميُّ عن النَّظرِ المسيحيِّ في هذا فيَرى المسيحيُّ
أنَّ الحبُّ هو جوهرُ الرحمةِ، وعلى كلِّ حالٍ هما وجهانِ لعملةٍ واحدةٍ، فليس هناك اختلافُ تضادٍّ بل هو اختلافُ مدخلٍ. بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ يترجمُها النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلم الذي وصفَهُ ربُّهُ فقال: "وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمين". ونحنُ ندرسُ سيرتَهُ ونُحييها في أنفسِنا ونعيشُها في أيامِنا هذهِ في الربيعِ. الأنور وفي غيره من أيام العام ويقول: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". ارحموا من، و"من" للعموم، لم يقل ارحموا المسلمين، ارحموا جيرانكم فقط، قال: "ارحموا من في
الأرض"، فيدخل فيها الآن الستة مليارات أو يزيد من سكان الأرض، وهذا الحديث يسميه أهل الإسناد. بحديث الأولية لأنه يرويه الشيخ عن شيخه عن شيخه عن شيخه إلى منتهاه، أول حديث يرويه، فسمي الأولية. مسلسل بالأولية لهذا السبب. فإذا ما أردتُ أن أجيز طلبتي بالحديث باعتبار أن السند مهم وأن السند منظور فيه وأنه من الدين أو حتى للتبرك، فإن أول حديث أذكره: "الراحمون يرحمهم الرحمن". تبارك وتعالى يرحم من في الأرض يرحمكم، وفي رواية يرحمكم من في السماء. أما "يرحمكم" فجعله شرطاً فيكون سبب
رحمة الإله رحمتك لمن في الأرض. و"يرحم يرحمكم" على الدعاء والاستئناف، يعني يا رب ارحمهم. ارحموا من في الأرض، يا رب ارحمهم. فتكون "إذا" ليست سببية وإنما هي للاستئناف. سنظل نتكلم. عن الأخلاق كثيراً لكن ما الرؤية التي خلف القيم، رؤية أرى فيها الإسلام يقول: "وإنْ مِن شيءٍ إلا يُسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم". يعني هذا الخشب يُسبّح، هذه المقاعد التي نجلس عليها تُسبّح، هذه الجبال والسماوات والنجوم والأرض والبحار، كل شيء
يسبّح بحمده، ولكن لا نفقه تسبيحه، إذاً الرحمة. ليست قاصرة على الإنسان بل إنها تشمل الحيوان لأنه يسبح والجماد وهو يسبح وكل شيء يسبح رؤية فإذا بنا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "دخلت امرأة الجنة في كلب وجدته عطشان فسقته فأدخلها الله الجنة"، ودخلت امرأة في حديث آخر النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها. ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، ما هذا إلا رحمة بالحيوان. ونراه عليه الصلاة والسلام يفعل أشياء تخفي الكامن فيها. رؤية هذه الرؤية هي التي نحتاج إليها،
ثم نجد النصوص تتتالى وأبواب القرآن تتفتح لمن أراد أن يجعله هداية له، وتعطينا رؤية بأن السماء تبكي وأن الأرض تبكي وأن السماء. والأرض تأتي وتجيء وتذهب وتكون مقهورة بقهر الله سبحانه وتعالى، فهذا يجعلنا بإزاء كون وكأنه ينطق، كون يعبد ربه، والنجم والشجر يسجدان، "ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين"، "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً"، فما
بكت عليهم. السماء والأرض، ما هذا؟ إذا الإنسان هنا يتعامل مع البيئة. السنة الماضية كانت سنة البيئة، وجعلتها الأمم المتحدة سنة للبيئة، وتحرك الناس ولم يفعلوا كثيرًا من الأمور، فجعلوا امتداد هذه السنة سنة ألفين وتسعة ما زالت سنة للبيئة أيضًا. معنى رؤية تقول أنني لدي موقف من هذا الكون، هذا الموقف. هناك حياة متبادلة، رؤية ترى هذا الكون في حياة. هذه هي الرؤية التي أركز عليها وأريد أن أبرزها، الرؤية خلف قضية البيئة، خلف قضية القيم التي يحتاجها الناس. الرؤية
ترى أن الأشياء تسبح وأنها تسجد وأنها تأتي وأنها تبكي وأنها وهكذا. اقلبوا في السيرة فتجدوا النبي صلى الله عليه وسلم. وهو على المنبر يسمع أنين الجذع الذي كان يقف عليه، فينزل صلى الله عليه وسلم من المنبر ويضم الجذع إلى صدره ويربت عليه، والصحابة تسمع. فقالوا: "يا رسول الله، سمعنا أنين الجذع، فماذا قلت له حتى سكن؟" قال: "قلت له: ألا يرضيك أن تكون معي في الجنة؟" فسكن. فدفنه النبي. صلى الله عليه وسلم تحت المنبر الجديد الذي رؤيته
تسمح لنا بالتعامل مع قضية القيم وتسمح لنا بالتعامل مع قضية البيئة وتسمح لنا بأن ننشئ نظاماً من هذه الرؤية وتسمح لنا بأن نطبق هذا النظام في سلوك مستمر. لو جلسنا نتحدث بهذه الطريقة نجد أننا في الحقيقة أمام نسق مفتوح. وهو ما ينقلنا إلى الجزء
الثاني أن مميزات الحضارة الإسلامية أنها كانت نسقاً مفتوحاً لم تكن نسقاً مغلقاً، ولذلك استوعبت كل الحضارات. ولذلك كان من شعارها: "الحكمة ضالة المؤمن فأينما وجدها فهو أحق بها"، ولذلك كان من شعارها: "اطلبوا العلم ولو في الصين"، ولذلك كان من شعارها: "وقل رب زدني". علماً، وهذا معناه أن العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة، فنحن في ازديادٍ دائم، وهذا هو ما يؤكده قول: "لا بارك الله لي في يوم لم أزدد فيه علماً"، ويؤكده قوله تعالى: "وفوق كل ذي علمٍ عليم"، ويؤكده قوله تعالى: "قل هل يستوي
الذين يعلمون والذين لا يعلمون"، ويؤكده قوله تعالى: "إنما يخشى الله من عباده العلماء". هذه القراءة المزدوجة لكتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور، اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم. رؤية ونظام وتطبيق بنسق مفتوح من مميزات هذه الحضارة أنها كانت إنسانية، ولذلك كانت خالدة، وهذا ما حصل في التاريخ من إبادة الشعوب يا أخي لم... يُبيد شعوباً لم يدخلوا في قارات ويسممون الأنهار من أجل القضاء على شعب أو جنس بحالة كانت
خالية من فكرة الاستعمار، فلم ينقلوا خيرات البلاد إلى الحجاز من أجل أن يجعلوها جنة الله في أرضه ويخربون في نفس الوقت البلاد التي دخلوها، أبداً، إنما هاجروا إلى هذه البلاد وتزوجوا. من أهلها وأنشؤوا الأسرة. ما معنى الأسرة؟ رجل وامرأة وأولاد، أسرة وحب وعِشرة. وبذلك ودون أي إكراه تمت المخالطة. وفكر الاستعمار غير موجود بالرغم من أن هناك استعماراً آخر كان موجوداً في عهد الرومان وهو يستعمر مصر، ولم تبقَ مصر تحت سلطتهم
بعد مائة سنة، وهناك استعمار لفارس ولكنها لم تبقَ كانت. خالية من العنصرية، لم يحدث إطلاقاً في العالم أن جعل أحد من الناس عبيده حكامه إلا هذه الحضارة، فترة طويلة من الزمن تُسمى بعصر المماليك، وعصر المماليك فيه العبيد حكام، هذا شيء لم يحدث في تاريخ البشرية إلى الآن. ولماذا؟ لأن الأمر متعلق بالكفاءة. حسناً، أعني أنا أنظر من الخارج أنا ليس لي تدخل لكني أرى أنها حضارة
إنسانية وأن العبيد أصبحوا ولمدة طويلة منذ عصر الإخشيد الذي سبه أبو الطيب المتنبي أشد السب في قصائد يُتغنى بها إلى الآن، وإذ كان هو الحاكم، كان هو رئيسنا، حاكمنا، ولي أمرنا. عيد بأي حال عدت يا عيد. والقصيدة طويلة يسب فيها سباً مخزياً هذا الأسود الذي تولى الرئاسة. تولى الرئاسة لماذا؟ لأنه كفر. فسِّر أنت ما تريد أن تفسره، لكن هذا الكلام ظل أكثر من تسعمائة سنة، ليس
عشر سنوات ولا مائة، بل تسعمائة سنة. حتى بعدما دخل العثمانيون مصر ظل المماليك هم الذين... يحكمون ورأينا إبراهيم ومراد باشا يقاومون الحملة الفرنسية، هم مماليك أيضاً، فإذا لم تكن هناك عنصرية، لم يعرف المسلمون أنهم لا يزوجون بناتهم لأسود مثلاً، وقضية أسود وأبيض أخذت مساحة كبيرة جداً عند البشر، وجاء ابن المرزبان ففضّل السودان على البيضان وله كتاب في هذا، وقال السيوطي وهو يتعجب من تفضيل السودان على البيضان: قال ألّف ابن المرزباني في فضل السود
على البيض، وليس عجيبًا منه أن يفعل ذلك، فقد ألّف في فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب. ولكن ما هذا بدأ السيوطي نفسه يؤلف في فضل، ليس ما فضّله مع البيضان، إنما في فضل السمر مطلقًا يعني بشكل عام. عدم المفاضلة لأن المفاضلة في ذاتها هي عنصرية أخرى، عنصرية معكوسة رأيناها عند زنوج أمريكا عندما ادعوا أن الشعاع الإلهي فيهم وأن البيض أنجاس، ما هي إلا عنصرية أيضاً. ولذلك توازنت هذه الحضارة في عمقها ورؤيتها،
في نظامها وتطبيقها، وأعطتنا مثلاً سلوكياً تطبيقياً حول هذا. هذه الحضارة الإنسانية اهتمت جداً. بالطفولة ورؤية ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أوقف بالطفولة الأحكام على المنبر، ثم يرى سيدنا الحسن أو سيدنا الحسين أو السيدة أميمة، فينزل من على منبره ويقطع الخطبة وهي ركن يجب الوضوء فيها، وهي حلت عند بعضهم محل ركعتين من الظهر، من أجل أن يحمله وأحدهم من الأولاد. الأحفاد عليهم السلام،
كان يركب ظهره فيطيل في السجود، بالرغم من أن الإطالة في السجود لأجل أمر خارج عن الصلاة لا تجوز. لكنه عندما كان طفلاً أوقف الأحكام، وأسرع في الصلاة، بالرغم من أن الإسراع في الصلاة يُعَدُّ مضاداً للخشوع الذي هو هدف الصلاة. ويقول: "سمعت طفلاً يبكي فأشفقت على أمه"، وتأخذ بنات بني. النجار يده الشريفة فيتركها لهن حتى تقضي الجارية - أي الطفلة الصغيرة - حاجتها منه. تقول له: "تعال هنا، تعال هنا، حسناً تعال فقط لأريك العروسة التي صنعتها" وما إلى ذلك، وهو تارك يده - صلى الله عليه وسلم - لها، وهو رئيس الدولة، وهو في عقيدتنا
سيد الخلق، وهو عندنا حبيب الرحمن، وهو وهو. يعني هو، أي زعيم العرب والمسلمين صلى الله عليه وسلم، أن الطفولة توقف الأحكام. فعندما نُقِيم ميثاقاً لحماية الطفولة، تكون لدينا رؤية جاهزة ومفصلة، رؤية تصل بنا إلى إيقاف الأحكام في باب العبادات. رؤية جاهزة لأن هذه الطفولة توقف ما دون ذلك. رؤية يمكن للمجتهد أن يتصرف بها ويمكن للناس أن تعتمدها. عليها المرأة وما أدراك ما المرأة وما الذي حدث في التاريخ الإسلامي وأنتم تعرفون جميعًا هذا
الوضع. فوجئت وأنا في متحف لندن من صور تعود إلى سنة ألف وثلاثمائة وخمسين ميلادية، لرجل ممسك بساجور - أعزكم الله - وهو الساجور هذا الذي يعني سلسلة الكلب، بساجور ينتهي إلى كمامة معلقة على زوجته على. فم زوجته يعني اسكتي، اسكتي خلاص، هذا وجه رأسي ويجرها وراءه. ما هذا؟ قالوا إن هذا حتى عام ألف وثلاثمائة وخمسين. الرجل الإنجليزي ألف وثلاثمائة وخمسين، يعني نحن كنا في أي سنة؟ اطرح ستمائة، يعني كنا في القرن السابع الهجري. ابن حجر العسقلاني كان له اثنتان وخمسون
امرأة، يا شيخة، لا. نعرف رواية البخاري إلا عن كريمة دمشقية سند الخط العربي أُغلق على شهدة، إذا ما هذا. هذا تاريخ يبين أن هذه الحضارة عندما كانت وكان المسلمون أقوياء، كانت حضارة إنسانية، هي حضارة شاملة. ولذلك حدث فيها إنشاء للعلوم، أصول الفقه هذا شيء مخترع جديد مبدع، يقول ابن برهان وعلى قدر. التصور الخلاق يكون قدر المجتهد، وبعد
ذلك الآن نقرأ فإذا بنا نتحدث عن الخيال الإبداعي (الإبداع التخيلي) أو التصور الخلاق. والتصور الخلاق هو أساس الاجتهاد بنص ابن برهان كما نقله عنه الغزالي في حقيقة القولين. نحن نحتاج إلى أن نفهم الرؤية الكامنة وراء هذه الحضارة من أجل أن نستخدمها في موطنها عندما نواجه. العالمين ويسألون: كيف تريدون أن تكونوا أقوياء؟ وذلك لأن لدينا من الخير ما نقدمه للناس كما قدمناه عبر السنين بحقائق تاريخية يعرفها القاصي والداني وتجربة تاريخية ناجحة. ومنذ أن دب الخلاف بيننا، ومنذ أن تركنا القيادة والريادة، ومنذ أن
انشغلنا بأنفسنا وحدثت الفتنة، لم تعد لهذه الحضارة. عطاءٌ ومشاركةٌ كما كانت، فقوة المسلمين ضرورةٌ عالميةٌ لنفع العالم. هذه الحضارة كما أنها أنشأت العلوم في مجالٍ كبيرٍ، عشرين علماً لتوثيق السنة، كالجرح والتعديل، وعلم الرجال، وعلم المصطلح، وعلمٍ آخر كبير. كما أنشأت الجغرافيا الرياضية، ووجد فؤاد سيزكين بعد بحثٍ مُضْنٍ أن حلقةً من حلقات علم الجغرافيا الرياضية... مفقود وألف ثلاث مجلدات في الألمانية وأظنها
لم تُترجم إلى الآن لا إلى الإنجليزية ولا إلى العربية، وإن كان هناك مشروع لذلك، تُثبت أن المسلمين هم الذين أنشأوا هذا العلم الذي افتقد الأوروبيون حلقته المفقودة، وأقرت له الجامعات الآن كلها بهذه الحقيقة. ثلاث مجلدات تثبت أن المسلمين هؤلاء. في حضارتهم أنشأوا المثلثات الكروية والجغرافيا الرياضية، هذا الكلام الضخم وهذه حضارة علمية اهتمت بإنشاء المكتبات. ولذلك فإن خرافة أن المسلمين أحرقوا مكتبة الإسكندرية هي خرافة،
وأنا أيضاً مع من يقول من الباحثين أن المغول لم يحرقوا بغداد وأن بغداد ظلت باقية. وهذا كلام طويل يذكره سنة ألف وتسعمائة وأربعين. باحثٌ كبيرٌ من أساتذة دار العلوم وهو الأستاذ محمد موسى هنداوي في كتابه عن السعد الشيرازي يقول إنه لم يذكر هذا إلا ابن خلدون، وابن خلدون توفي سنة ثمانمائة وثمانية هجرية، ولذلك فهو بعيد عن الحادثة، ولم يذكر أي مؤرخ سابق أن المغول أحرقوا هذه المكتبة، بل إن هذه المكتبة وصلتْ إلينا على كل حال، هذا ليس موضوعنا، إنما هذا في الهامش هكذا؛ لأنه شاعت بعد ابن خلدون هذه القصة، وقبل ابن خلدون لم يذكرها
أحد. موقف المسلمين وهي حضارة علمية إنسانية شاملة، وهي بنسق مفتوح من طريق الحرير. وقت الحروب التي تُسمى بالصليبية، الصليبيون الأوروبيون استعملوا الصليب، والصليب بريء. منهم لاحتلال الأرض مائتي سنة وهم محتلون، لم يفكر المسلمون أبداً في تجويع أوروبا وهم قادرون على ذلك بقطع طريق الحرير عليهم. ما ذنب الناس؟ هذه حضارة غريبة عجيبة، وتركوا التجارة تذهب إلى هناك ولم يضيقوا على الشعوب. يتكلمون عن
المقاصد العليا التي شكلت بعد ذلك فكر النظام العام. في القانون وأستاذنا الدكتور محمد كمال الدين إمام كان مشرفًا على رسالة لعلاء البشري حول علاقة المقاصد الشرعية الخمسة: حفظ النفس، والعقل، والدين، وكرامة الإنسان التي تُسمى بالعرض أو النسل، والملك الذي يُسمى بالمال، مع اختلاف في ترتيبها، فبعضهم يقدم الدين وبعضهم يقدم النفس وإلى
آخره. هذا هو النظام العام. الذي يتفق عليه البشر هذا هو الذي ميز حضارة المسلمين التي اشترك فيها المسلم وغير المسلم عن دين الإسلام الذي يعتقد فيه وتعتقد فيه أمة الإسلام بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الحضارة انضبطت بهذه المقاصد العليا، ثم بعد ذلك له كتاب في ثلاثة أجزاء ويمكن أن يصل إلى خمسة. يا دكتور، ستة ستة، ما شاء الله، ستة أجزاء كبيرة في المقاصد. هذه من أين أتى بستة مجلدات؟ هذه استخلاص من تاريخ طويل، لأنها حضارة قانونية، حضارة راعت العدل، حضارة راعت الحقوق وحقوق الإنسان. وكم من مؤلف تراه يربط ما بين
مقاصد الشرع وحقوق الإنسان. حضارة ارتقت بالحقوق إلى الإنصاف. الواجبات ليست فقط حقاً فلك أن تتركه، لا، إنه واجب شرعي عليك أن تتمسك به. فقد حُرِّم الانتحار. يا أخي، "حياتي وأنا حر فيها"؟ لا، أنت لست حراً فيها. أنت عبد مكرم لك وظيفة في هذه الدنيا وهي وظيفة الاستخلاف، عبادة الله. "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، وعمارة الأرض، إني... جاعلٌ في الأرض خليفة، هو أنشأكم من الأرض واستخلفكم فيها، أي طلب منكم واستعمركم فيها، يعني طلب منكم عمارها وتزكية النفس. قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها. رؤيةٌ وراء رؤية. لماذا ارتقت الحقوق إلى الواجبات؟ كل مرة نفتش ونصل بلماذا ثم
بكيف، أو بكيف ثم لماذا نصل إلى... الرؤية ونصل بعد ذلك إلى النظام، نظام التعليم ونظام الوقف ونظام القضاء وأنظمة كثيرة جداً أقرتها هذه الحضارة. ولذلك إذا عادت قوية فإن العالم لن يرى من هؤلاء الناس إلا كل خير، وإن العالم في حاجة إلى هذه التجربة الربانية الإنسانية المعتبرة المحترمة الناجحة من أجل سعادته. شكراً لكم. يعني حقيقةً كانت متعة فكرية وثرية وغنية هذه الإطلالة
على الإسلام باعتباره إذا ما اتحد أهله وقامت حضارته سعد العالم كله. هذه حقيقة أقرها التاريخ وفصَّلها ورسم خريطتها على المستوى الأصولي وعلى المستوى الأخلاقي وعلى مستوى الإنتاج العلمي والثقافي الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية ويقول فلسفة العصر. إن فلسفات هذا العصر لم تصنع تفاؤلاً وإنما صنعت تشاؤماً، هذا ما يقوله كبيرهم رسل. ونقرأ قول الله تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا". آفاق مفتوحة للتفاؤل والحركة والبركة إلى آخر ما يؤدي إليه هذا النص
المفتوح الأسئلة. التي تواترت إلى شيخنا الأستاذ الدكتور علي جمعة كثيرة وأبدؤها بترتيبها. أستاذ محجوب، أستاذ تمريض الصحة النفسية يسأل: كيف يتم تلقين الشهادة بدلاً من المريض الذي في غيبوبة؟ إن تلقين الشهادة يعتقد بعضهم أنها ضرورية، وذلك لحديث ورد في ذلك أن من كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنة. فيعتقدون أنه لا بد أن يقول لا إله إلا الله، ولكن هذا الاعتقاد هو للاستحسان وعند القدرة وليس فرضاً لازماً، ولا يُؤخذ من أنه لم يقل هذه اللفظة الكريمة "لا إله إلا الله" أنه لا يدخل
الجنة. بعض الناس من عموم الخلق يربط بين هذا وذاك، فمن مات فجأة. مثلاً أو كذا يعني لا يستبشرون، وهذا كلام ليس بصحيح، بل إن سيد الأكوان صلى الله عليه وسلم كان آخر كلامه: "إلى الرفيق الأعلى، إلى الرفيق الأعلى"، ثم فاضت روحه الشريفة. وهذا معناه أن هذا الحديث يُفسر بهذه الكيفية، ولذلك فالمريض الذي هو في غيبوبة هو عند ربه أصلاً وهو... في كنف الله أصلاً ولذلك لا يشترط أن ينطق بهذا. نعم، السؤال الثاني للأستاذة الدكتورة نبيلة عباس، أستاذ مساعد إدارة
الأعمال بكلية التجارة. وليسمح لي أن أتلو فقط سؤالها الثاني ثم لتكتمل بقية الأسئلة. السؤال يقول: إذا دفعت زكاة المال بأكملها لأحد أفراد الأسرة المحتاجين، فهل يكون ذلك تصرفاً سليماً؟ من الناحية الدينية، الأقربون أولى بالمعروف، ولهم ولها في ذلك أجران: الأجر الأول هو إخراج الزكاة لمستحقها، والأجر الثاني
هو البر بالأقارب وصلة الرحم. سيادة الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، هل تصلح أن تكون هذه الرؤية اليوم مشروعاً حضارياً إنمائياً على المستويين النظري والعملي؟ وكيف هي في ذاتها؟ مشروع ومشروع سابق، وليس معنى ذلك مشروعاً وُلد اليوم، بل هو مشروع الإسلام الذي تعلمناه ونريد أن يسمعه الناس كما هو، بعيداً عن ضجيج أحدثه بعض الجهلة أو بعض المتطرفين أو بعض المعتدين الذين خرجوا على هذه الحضارة وفهموا الأمور كما يفهم أحدهم جزءاً من القرآن ولا يفهم بقيته "فويل للمصلين" ولا... يصلي "لا تقربوا الصلاة" ولا... ولا يصلي. هذا فهم معوج. فنحن نريد أن نسمع العالم
ما علمنا إياه الإسلام وتربينا عليه وشعرنا في قلوبنا به. نعرضه على الناس عسى أن يجد في قلوبهم الرقة التي لاقاها الناس من أمة الإجابة ومن أمة الدعوة على السواء. ستة مليارات هي أمة الدعوة. يعني كلهم من أمة وسيدنا علي رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه وهو يرسل مالك بن الأشتر إلى مصر يقول له: "واعلم أنك ستجد إما أخاً لك في الدين أو شبيهاً لك في الإنسانية". كلام قديم، طُبع هذا الخطاب مرات في مصر في أوائل القرن العشرين وهو خطاب.
جدير بأن يُشرح وأظن أنَّ محمد عبده له عليه تعليق في إحدى الطبعات، وقد طُبِعَ خمس أو ست مرات، وكثير من الناس الآن لا يعرفون عنه شيئاً. فإذا نحن نقول إنَّ هذا ليس مشروعاً جديداً، بل إنه هو المشروع الموروث. إن كان يحتاج إلى تنبيه، إلى إعلان، إلى دفع، إلى تنفيذ، فالأمر... والحمد لله. ميسَّر السؤال من الأخ عفيف عبلى، مساعد أمين عام الجامعة للشؤون الإدارية بجامعة بيروت العربية. يسأل عن آية الشهادة أو في آية الدين: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" إلى آخر الآية. ويقول: ما حكم شهادة النساء على العقود دون تخفيف
شرط شهادة؟ الرجل أو دون أن دون تحقيق شرط شهادة الرجل ثم فقرة أخرى إن المرأة اليوم تشغل مراكز قيادية مهمة في مختلف المجالات رئيسةً ووزيرة وقاضية ومحامية ودكتورة فما رأيكم بارك الله فيكم وجزاكم كل خير هناك في الفقه الإسلامي الواسع كلام ولكن الفرق بين الشهادة والإشهاد فهناك فرق بين الشهادة وبين الأشهاد المرأة تُقبل شهادتها فيما يرى القاضي أنها قادرة على تحمل الشهادة فيه، ويقبل القاضي من المرأة الشهادة حتى
لو كانت امرأة واحدة، فيقبل ذلك بنص الفقهاء في القوابل مثلاً وفي إثبات النسب لأنها هي التي تحضر الولادة، أو هكذا كان الحال، ويعدّها خبيرة في بعض الشؤون الزوجية وتعيينها. المحكمة بنص الفقهاء القدماء من غير اجتهاد جديد لمزاولة مهنة الخبرة هذه التي تقبلها المحكمة على سبيل الشهادة. قضية الإشهاد هذه قضية تختلف عن قضية الشهادة، والأمر في ذلك مرجعه إلى القاضي. والقاضي يمكن له أن لا يقبل شهادة لا الرجل ولا المرأة، ولذلك
يقول في نشوار المحاضرة إن القضاة. قديماً كانوا إذا نزلوا إلى المدينة فإنهم ينتقون الشهداء، شيء يشبه ما نسميه عندنا الشهر العقاري، وهو مركز للتوثيق. فيختارون الشهداء، أي يختارون أولئك الضابطين الواعين الصادقين أصحاب الديانة الذين لا يقومون بالتزوير ولا التحوير ولا شهادة الزور، ويجعلونهم هم شهداء المدينة. يقول ولكننا الآن - وهو في القرن الرابع الهجري - إذا... نزلنا إلى المدينة فلم نجد إلا الاثنين أو الثلاثة. كان قبل ذلك يجد في بداية حياته وشبابه أربعين، والآن لا
يجد إلا ثلاثة أو أربعة أو خمسة فقط في البلد. يريد أن يقول إن شروط الشهادة نفسها أصبحت غير محققة، بحيث أنه لا يستطيع أن ينشئ هيئة. القوانين الحديثة راعت هذا وطبقته بما... يُناسِب الحالة التي نعيشها، فجعلتُ هناك توثيقاً، والتوثيق هو شهادة يقبلها القاضي. التوثيق الآن في كل بلاد المسلمين تقريباً تقوم به المرأة ويقوم به الرجل. سندخل الشهر العقاري فنجد موظفة ونجد موظفاً ونجد غير ذلك إلى آخره. فالقضايا تحتاج إلى تفصيل، وكل هذا إنما كان لتحقيق العدالة، فحيثما استطاع المسلمون. أن يحققوا العدالة وأن يحققوا الضبط
والربط المؤدي لنوال الحقوق كان واجباً عليهم أن يفعلوا ذلك. سؤال من الأستاذ الدكتور حنفي كليل عميد كلية العلوم: ماذا أعد المسلمون في وقتنا الحالي من أجل أن يقنعوا العالم بعظمة ورؤية الإسلام؟ وهل العالم على استعداد لتقبل هذه الرؤية؟ العالم يعرف مصلحته. واللهِ إذا وفقنا اللهُ لعرضِ الأمورِ من مداخلَ تصلُ إلى الوترِ الحساسِ في عقلِ المستمعِ وفي قلبهِ، ووفقنا إلى أن نلفتَ لهُ النظرَ بصورةٍ لافتةٍ وبصورةٍ واضحةٍ أنَّ مصلحتَهُ في هذا، فإنَّنا
سنوفقُ. وإذا لم نستطعْ هذا، فسيظلُ الأمرُ كحوارِ الطرشانِ؛ نحنُ نقولُ شيئاً ويفهمُ عنَّا شيئاً آخرَ. لا تقُلْ. قد ذهبت أربابه. كل من سار على الدرب وصل. هذا النبي كان واحداً فرداً غريباً وسط أهله، فإذا بدينه يدخل في ما زُويت له من الأرض من الأندلس إلى الصين، وإذا بأتباعه يصبحون مليوناً ملياراً ونصف المليار. ما هذه؟ معجزة هي الثانية في حد ذاتها، فهذا الأمر أمر معناه أن... هذا الدين مُجرَّب، وإن له من التاريخ ومن الواقع ما نرفع به رؤوسنا في العالمين. ولكن
الله يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً. وماذا فعل المسلمون؟ الحقيقة أن حال الإسلام الآن - وأنا أقولها وقد زرتُ الأرض - حال الإسلام الآن هو خير من حاله منذ مائتي عام. تأمل وكن عادلاً مع نفسك ومع ما ورد من قراءة رحيمة قراءة متأنية. هل كان المسلمون لهم أي وجود في الشرق أو في الغرب، في الشمال أو في الجنوب؟ لقد كان ممنوعاً عليهم أن يدخلوا أوروبا وأمريكا، والآن عدد المسلمين
في أمريكا خمسة إلى ستة ملايين، وفي لندن وصلوا إلى ثلاثة. مليون وفي فرنسا وصلوا إلى ستة مليون، هذا أن الفقهاء القدماء قالوا لك احذر، وليس هذا نوعاً من أنواع التعصب بل نوع من أنواع الأمن الاجتماعي. تَحمِل المصحف لبلاد غير المسلمين لماذا؟ ما الأمر؟ قال سيأخذونه ويهينونه ويستفزونك وبعد ذلك تُحدِث اضطراباً هناك. لا تذهب هكذا بمفردك. حسناً، أنا أريد أن أقرأ في... القرآن لا، لا تقرأه. إذا أردت السفر إلى هناك، فسافر وحدك الآن. ما الذي يحدث؟ أجمل الطبعات وأفضل الطبعات نطبعها في أمريكا ونطبعها في ألمانيا ونطبعها في فرنسا. أليس هذا
ما يحدث؟ يعني واضح أن أجمل الطبعات وأجمل الحروف موجودة في بلاد غير المسلمين، وهذا له أسباب كثيرة، ولكن الإسلام تغير. حسناً، أنا... جئتُ بمدير المركز الإعلامي عندي في دار الإفتاء وقلت له: نريد أن نختار عشر كتب أو خمسة عشر كتاباً يكونون -يعني- ناقلين للإسلام نقلاً حضارياً جيداً جميلاً حقيقياً واضحاً للغرب. قال: حسناً، أنا كلما قرأت كتاباً أرى فيه هذه الصفات أضيفه إلى القائمة التي -يعني- نقدمها للناس، وبعد ما وجد... يزيد عن سنة كان
مجمع مائتين وخمسين كتاباً، مائتين وخمسين كتاباً في اللغة الإنجليزية فيها هذه الشروط ولها أسماء. وهل هذا يعني أنه كان موجوداً قبل ذلك؟ تُرجم القرآن إلى مائتين وستة وسبعين مرة إلى اللغة الإنجليزية، وأكثر من أربعين مرة إلى اللغة الفرنسية. هل كنا هكذا أكثر من مائة؟ وخمسٍ وثلاثين لغة تُرجم إليها القرآن، هل هذا يعني أنه كان موجوداً منذ مائة عام فقط؟ أبداً، كانت كل الترجمات ترجماتٍ بعضها مغرض، وبعضها ناقص، وبعضها مشوه، وبعضها كذا وكذا. والمجهود الذي بُذل في المائة سنة الأخيرة مجهودٌ مشكور. يعني أنا أريد أنه عندما نُقَوِّم
الأمور، فلنُقَوِّمها بما لها وما عليها. حتى لا نَيْأَس ولا نقول أبداً إن المسلمين لم يقوموا بأي شيء، فقد قاموا وقاموا بأشياء كثيرة جيدة، ولكننا نريد المزيد والإيضاح والمشاركة في الحضارة الإنسانية والتعاون والمبادرات التي نستوعب بها الآخرين، وليس الصدام ولا النزاع. وهكذا يعني أننا نريد أن نسير في الطريق إلى نهايته حتى نحقق الهدف المرجو من هذا. النسق المفتوح من هذا الشمول من هذه الرحمة الإنسانية من هذه الحضارة العلمية من هذا وهكذا، حقيقةً كثرت الأسئلة، والوقت دائماً سيفه
قاطع، فسوف نقرأ من هذه الأسئلة ما يمكن أن نصل به إلى الوقت، وأيضاً بترتيب الذي وصلت به. السؤال مقدم من الأستاذ الدكتور محمد فوزي أبو سعود رئيس... قسم الاقتصاد بكلية التجارة وإدارة الأعمال. السؤال يقول: ما رأي فضيلتكم في انتشار ظاهرة الفضائيات والفتاوى المتناقضة الصادرة منها؟ وكيف نحاربها؟ وما هو الحد الفاصل بين الفتوى الشرعية وغير الشرعية؟ وما رأي فضيلتكم في المسائل الثلاث التي لا زالت تثير جدلاً حتى الآن وهي: البنوك بفوائدها، التدخين، الزواج العرفي؟ سؤال كبير. قد يستغرق كل ما بقي من الوقت، أي لعلنا نعقد محاضرة ثانية في لقاء آخر يكون لدينا فيه هذه الأشياء، لكن على كل حال العولمة لها
مقتضيات، ومن مقتضيات العولمة السماء المفتوحة، فالفضائيات لن يستطيع أن يسيطر عليها أحد، ولكن نريد أن ننشئ ثقافة علمية سائدة تقول إننا يجب ألا نستمع فقط للمتخصص وهذا عدل وحق، يأتيني شخص يبيع السيراميك ويعمل في الفتوى، هذا غير مقبول، والثاني بائع والثالث كان سائق ميكروباص. السياقة عمل محترم، والعمل مقدر ومشرف، ولكن القضية هي أن التخصص مهم، فلا يصلح للمهندس أن يعمل طبيباً جراحاً، فهذه جريمة. هذا ليس
انتقاصاً للهندسة التي درسها، وإنما هو إعلاءً للهندسة التي اختار أن يتخصص فيها، نرى أخانا الطبيب قد ترك الطب واشتغل في الصحافة، ونرى أخاً لنا ترك الطب واشتغل بالتمثيل، وآخر ترك الطب واشتغل في المقاولات. هذه أمثلة حقيقية نعيشها الآن. نقول يا جماعة: من أراد منكم أن يقضي [وقته] فلا يكون عميلاً دائماً لقناة فضائية يتصدر فيها غير [المفيد]. المتعلمون ما الذي يعني جعلهم هكذا؟ قد يكون حبهم للزعامة والظهور، وقد يكون أنهم مقهورون يريدون أن
يخرجوا ما في قلوبهم من حب لهذا الدين أو حب للناس، وقد يكون أنهم يريدون فيخطئون ويسببون بلاءً عظيماً. ما هو ليس بحسن المقاصد فقط تتم الأعمال، لا بد من الإخلاص مع الصواب، فإذا... فقدنا الصواب وبقي الإخلاص فشل العمل. فقد يكون واعظاً جيداً يقول للناس: "اتقوا الله، خافوا الله، لا تفعلوا كذا، افعلوا كذا". يعني مجموعة هكذا من [النصائح]، لكن ما شأنه هو ببيان الحلال والحرام. فأول شيء هو أن نستمع للمتعلم. الآن أصبح شخص معه دكتوراه عظيمة في الأصوات، حسناً، أخبرنا في [علم] الأصوات. شيئاً علمنا الأصوات هذا علم مهم من علوم اللغة. لا كيف
يحب الناس الفتوى حلال وحرام، خطأ وصواب، وهذا ضجيج. نحن الإمام محمد عبده يا جماعة عاش ست سنوات في الإفتاء، أفتى تسعمائة وأربعة وأربعين فتوى مسجلين كلهم. الآن نحن نفتي ثلاثة آلاف فتوى في اليوم، ثلاثة آلاف فتوى. في اليوم، يعني قدر محمد عبده ست آلاف مرة. هذه في ظني ظاهرة نتجت من أن كل واحد يسألنا: "حقيقة، أنا سمعت الشيخ فلان"، والشيخ هو لماذا صار شيخًا؟ لأنه ارتدى جلبابًا قصيرًا ولحيته إلى منتصف سرته، وهذا أصبح شيئًا على رأسه، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وبدأ
يتكلم فيخطئ. اللغويين ويُخطئ الشرعيين ويرد على الإمام الشافعي ومالك وأحمد وابن حنبل والأوزاعي جملة واحدة ويُحدث فتنة بين مذاهب الإسلام والمسلمين ويتعالى قائلاً: "هم رجال ونحن رجال". يا أخي، لا، هم رجال وأنتم صبيان. ما هذا؟ كيف يعني "هم رجال ونحن رجال"؟ الأصمعي صحح أشعار الهذليين على الشافعي، أتعرف ذلك؟ تقرأ بيتاً أو كتاباً مطبوعاً، هات لو قرأت بيتاً واحداً فقط قراءة صحيحة، واحداً فقط، بيتاً واحداً فقط. لو قرأت قراءة صحيحة، اخرج وأفتِ ما تستطيع، ويقول لك يا شيخ بلا لغة بلا شيء وهكذا. نحن في بلوى، ولكنني أقول إن المسؤولية ليست عليهم
وحدهم، فهذا بلاء مفتوح على... العالم وليس في مجال الدين فقط، لو نظرتم إلى هذه الفضائيات يصدر فيها: خذوا المنتج الفلاني ولا تأخذوا هذا، علاج السكر وكلوا كما تشاءون. هذا مجرم، هذا سيؤدي إلى وفاة أحد، سيتوقف عن الأنسولين وسيأخذ هذه الراتنجات والأعشاب وستقتله، ثم اتصل به على هاتف كذا والبضاعة تصل إليك توصيلاً إلى البيت. طيب بعد... ما ينتهي من هذا ويكسب مليوناً يكسب اثنين ثلاثة بالمصري، ليس بالـ... ليس بالليرة أو مليون دولار، يختفي ولا نعرف من هذا ولا ما هذا الذي ظهر. فسألت إخواننا
الأطباء: كيف تتركون هذه الجريمة؟ قال: لا يوجد قانون. حتى لو كان هناك قانون، من هو هذا؟ وهكذا أصبحنا في... بلاء الضجيج، فالقضاء على هذا يجب أن تكون هناك ثقافة شائعة. كان في أواخر القرن التاسع عشر هناك ما يسمى بطب الركة، وطب الركة هذا مجموعة من الأساطير والخرافات تُمارس للشفاء، بعضها مأخوذ من قضية الأعشاب وما يتعلق بالأعشاب، وبعضها محض خرافة وأسطورة. فألّف الدكتور أحمد إسماعيل كتاب "طب الركة"، ألّف المجلد الأول. والكتاب الأول فالكتاب الثاني ووعد بالثالث وهكذا إلى آخره، لو قرأنا طب الركاكة هذا، يعني من الممكن أن نؤلف فقه
الركاكة هذا. هذا كلام لا يرضى عنه ربنا سبحانه وتعالى، هذا كلام بذل فيه المفكرون والأدباء الشيء الكثير، وعندنا الأستاذ يحيى حقي في روايته "قنديل أم هاشم"، البطل الذي في الرواية اسمه إسماعيل. هو أحمد إسماعيل الذي ألَّفَ كتاباً عن طب الركبة. إسماعيل هذا عاد من ألمانيا فوجدهم يستشفون بالزيت، فقال لهم: "لا، هذا الزيت يسبب احتقاناً". استمر الأمر هكذا حتى أُصيبت الفتاة بالعمى، فأجرى لها عملية لكنها فشلت؛ لأنهم وضعوا لها الزيت سراً من ورائه. وظل الناس يقاومون هذا البلاء إلى الآن، والحمد لله. الناس تذهب إلى الطبيب ولا تذهب
إلى الدجال، لكننا رجعنا بالفضائيات مائة سنة إلى الوراء إلى طب الرُكَة وإلى فقه الرُكَة وإلى هذه الخرافات والأساطير التي تضر ولا تنفع. سؤال من الأستاذ الدكتور شوقي مدرس كلية الهندسة المعمارية: ما حكم الشرع في حضانة الأم للابنة بعد الطلاق وزواجها برجل آخر وإلى أي... عمر يسمح لها بالبيت أو النوم في بيتي، يعني عندها الابن، عندها؛ نعم بالبيت أو النوم، وهذا حسب الحضانة، أي أن لها قانونًا يُعمل به، ونحن نتبع القانون حتى يُرفع النزاع بين الناس. وغرض القانون وينبغي أن يكون هو مصلحة الطفل. الطفل
ليس نزاعًا ولا سلاحًا بين الطرفين، مصلحته أين هي، ولذلك كل... أحكام الحضانة جاءت حتى نرعى هذا الطفل، فإذا تغير الزمان ورأينا أن الموضوع قد تغير وأننا نحتاج إلى رؤية أخرى لقضية الحضانة حتى نحقق المصلحة للطفل، فعلنا هذا لأن هذا هو أصل الشرع. أما في القانون المصري، هل
ابنه حينما تكون معه وبنته تكون معه يطمئن إليهما ويتركهما وتعيش الناس في... إنسانية وهكذا كانت أجيال الصحابة والتابعين. والخير يا جماعة، حصلنا على وثيقة طلاق
قديمة فوجدناها ثلاثة أقسام: القسم الأول الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآية أو اثنتين تتحدث عن بناء الأسرة وما إلى ذلك. القسم الثاني مدح في المطلقة وأنك أنت لم تر أحسن منها وأنها صاحبة العشرة الطيبة. التي عشناها معاً وما إلى ذلك من مديح للمطلقة، أخذ له خمسة أو ستة أسطر. والقسم الثالث روح انهيار، أي أن القسم الثاني لا يتسق مع القسم الثالث. القسم الثاني كله مبررات لاستمرار العشرة، لكن عندما تعذرت العشرة وسيتم الطلاق، فليتم بالحسنى ولا يتم بالإهانة والمحاكم وذهاب وإياب أكثر من. فضائح وأشياء من هذا القبيل أبداً،
يعني القسم الثالث يقول له هذا نصيب ومعذرةً وسامحيني، وإذا كنت أسأت إليك فاغفري لي، وما إلى ذلك. فهذه الوثيقة وثيقة عجيبة، لكننا قد افتقدناها وافتقدنا الرؤية التي صدرت منها. ونظراً لضيق الوقت، أستأذنكم في سؤالين فقط، وقد اخترتهما، وأرجو أن... أكون مفوَّضاً في الاختيار لأن الموضوع في السؤال الأول مهم، وفضيلة المفتي كان منذ يوم أو بالأمس في مثل هذا الموضوع. السؤال من الأستاذ الدكتور محمد خضر عميد كلية الطب: ما رأي فضيلتكم في قضية نقل الأعضاء؟ الآن يعني أمس كنا قد انتهينا، واليوم في الصباح أصدروا قراراً في... مجمع
البحوث الإسلامية بموافقة مجمع الفقه بجدة وموافقة مجمع الفقه في مكة وموافقة الأردن وموافقة المنظمة الطبية في الكويت، وموافقة تقريباً أصبح إجماعاً أن نقل الأعضاء من حي إلى نفسه جائز بإجماع، ومن حي إلى حي جائز بشرط ألا يدخله نوع من أنواع تسلط الأغنياء على الفقراء ولا نوع من. أنواع البيع والشراء حتى يصير الإنسان كقطع الغيار والسلعة، ولا نوع من أنواع الأخذ بدون إذن أو شيء من هذا القبيل، ولا نوع من أنواع الضرر، وهي شروط متفق عليها في العالم كله. أما من ميت إلى حي فكانت المشكلة اعتماد الموت الإكلينيكي علامة
من علامات الموت الحقيقي، وهذا الذي. ذهبت إليه المجامع وأمس وافق المجمع على اعتماد هذا وكان متوقفاً فيها لأن الأطباء قد اختلفوا فيما بينهم هل هي علامة حقيقية أو أنها علامة على الحياة النباتية أو أن هناك خمس مراحل إلى آخر خلافات الأطباء فتوقف الشرعيون ولكن أمس مالوا إلى ما ذهب إليه كل العالم من اعتماد الموت. الموت الدماغي علامة حقيقية للموت وعلى ذلك تجري الأحكام والله أعلم. السؤال الأخير ونحن في عام المرأة العالمي لا بد أن نختم بشيء يتعلق بالحقوق الأساسية وهي النصف الثاني للمجتمع. السؤال من الأستاذ سليم المدهون مدير
المشتريات في جامعة بيروت العربية: هل تجيز الشريعة الإسلامية أن تتولى النساء منصب القضاء؟ لدينا فتوى في دار الإفتاء مالت إلى هذا استناداً إلى كلام الطبري وابن أبي ليلى من الفقهاء، وهو محل خلاف واسع كبير عند الفقهاء. ولكن في الفترة العباسية تولت بعض النساء القضاء، وكان القضاة لا يصدرون حكماً إلا إذا وقعت عليه. وكذلك شغب، وهي أم المقتدر بالله، أيضاً تولت القضاء. ومثلما كانت إحدى تلميذاتها أو واحدة من تلميذاتها، ومثلما تولت القضاء في القرن الرابع الهجري، فإننا نميل
إلى هذا الرأي ونقول بجواز تولي المرأة كل المناصب حتى رئاسة الدولة، باستثناء الخلافة العظمى. والخلافة العظمى لا وجود لها منذ نحو مائة عام، ولذلك يبقى أن المرأة يجوز لها أن تتولى ذلك ولتتقِ. الله فينا، يعني بعد هذه الجولة الممتعة مع الفقه الإسلامي ومع أسئلتكم، نكرر شكرنا للأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية وللأستاذ الدكتور عمرو العدوي رئيس جامعة بيروت العربية على هذه الدعوة الكريمة ولهذه النخبة الكبيرة من الفعاليات والقيادات الدينية في الجمهورية اللبنانية ولكم جميعًا،
والسلام عليكم ورحمة الله. وبركاته