محاضرة عن : عملية الخطاب الإفتائى وتجديد الخطاب الإفتائي | أ.د علي جمعة

الآن ننتقل إلى شيخ المفتين والعالم الجليل الذائع الصيت في العالم الإسلامي فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة. نتحدث عن محور مهم ومحور حساس وهو عملية الخطاب الإفتائي وتجديد الخطاب الإفتائي. فضيلة الدكتور، إلى أي مدى يمكن للخطاب الإفتائي المنضبط أن يسهم في عملية التنمية المسلمة؟ بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وإليه
تعليق على سعادة الأستاذ الدكتور إلهام شاهين في قضية تسمية هذا الذي يتم الآن بأنه فتوى إلكترونية، وهذا هو الجزء الأول من الفتوى الإلكترونية، جزء نستعمل فيه الأدوات الرقمية ويليه بعد ذلك جزء ما يسمى بالذكاء الاصطناعي، وفي الذكاء الاصطناعي سيتم تخزين كم هائل من المعلومات من أجل أن يجيب بطريقة آلية على أي سؤال، وهذه المرتبة هي مرتبة إدخال كمٍّ هائل من
العلاقات ومن الأحكام. عدد الأحكام عند الفقهاء في التراث أن تحت أيدينا في كتبنا مليوناً ومائة وأربعة وسبعين ألف فرع، هذه هي الأحكام التي بين أيدينا في كتبنا، فإذا أردنا أن نُحدِث علاقات بين هذه. المليون ومائة أربعة وسبعين التي أصبحت الآن مليونًا ومائتين على الأقل فإن الرقم سوف يكون رقمًا كما يقولون رقمًا فلكيًا، ولكن هذه هي الخطوة الأولى التي نقوم بها الآن وهي الإجابة عن طريق تلك الوسائل على من
قدم السؤال لإحدى هذه الأحكام، ثم بعد ذلك يحدث تراكم وهذا التراكم سيؤدي... في يوم من الأيام إلى إمكانية استعمال الذكاء الصناعي، والذكاء الصناعي سيقوم بالرد وحده دون وجود إنسان مباشر يجلس ويرد مباشرة عليه. فهذه نقطة مهمة وفيها أمل وفيها استشراف لما يقوم به المركز: أولاً من قضية الرصد، وثانياً من قضية التحليل، وثالثاً من قضية الرد، ثم بعد ذلك التراكم المعرفي. الذي يؤدي إن شاء الله تعالى إلى مرتبة الذكاء الاصطناعي. أما السؤال حول تجديد الفتوى ودور
ذلك في التنمية المستدامة، يجب علينا أولاً أن نفهم ما هي التنمية المستدامة. والتنمية المستدامة كلمة تعني أن هناك خطة يجب علينا أن نتخذها، وهذا هو ما فرَّقه علماء الإدارة بين التنمية والنمو. فالنمو أمر يحدث بذاته دون تدخل ودون وجود خطة، والتنمية إنما هي للطلب، طلب النمو، ولذلك فهذا الطلب يحتاج إلى وضع خطة مستدامة؛ لأنها ليست لها غاية تقف عندها، بل كل يوم تحتاج إلى الاستمرار في العمل، وعلى ذلك فداوم على العلم مذاكرةً، فحياة
العلم مذاكرة، والعلم لا يعرف الكلمة الأخيرة، وفوق. كل ذي علم عليم وقل رب زدني علماً، فلا نهاية للتنمية. تنمية لها بداية ولكن ليس لها غاية ولا نهاية لأنها تستمر وتدوم. هذه التنمية كما سمعنا من الأساتذة الأفاضل والعلماء الأجلاء لها مجالات سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية وإعلامية إلى آخره، وفي النهاية هي تريد وتغير بناء الإنسان وأن يكون. هذا الإنسان الوعي فيه قبل السعي، فالإنسان قبل البنيان، والساجد قبل المساجد، والوعي قبل السعي. هذا هدف التنمية المستدامة في
هذه المجالات. إذاً نريد الإنسان في النهاية، فهل تؤثر الفتوى في سعادة الإنسان، في حياة الإنسان، في أمن الإنسان، في رفاهة الإنسان؟ كل جانب من هذه الجوانب الأربعة له. غاية في الجانب الاجتماعي هي في نهايته العلاقة بين الرجل والمرأة، ومن منطلق العلاقة بين الرجل والمرأة يبدأ الاجتماع البشري، فتتكون الأسرة ثم تتكون بعد ذلك الحياة: الأب والأم والأخ والأخت وهكذا، ويبدأ عمود النسب هذا يعمل في
المجتمع. فالمجتمع هو في الحقيقة وحدته الأساسية الأسرة، والأسرة تتكون من الرجل والمرأة. العلاقة بين الرجل والمرأة في غاية الأهمية، ومن هنا نعلم كيف أن الفتاوى تحدد هذه العلاقة، تطورها، وتدفعها إلى الأحسن. عندما نتحدث عن أننا ضد العنف ضد المرأة وضد الطفولة وضد البيئة، فإننا نتحدث عن الاجتماع البشري. عندما نتحدث عن موقفنا من الختان، ختان الإناث، ومن ضرب الزوجات، ومن ومن. ومن فإننا نتكلم عن التنمية عندما نتكلم عن الزواج والطلاق والتعدد فإننا نتكلم عن التنمية، عندما نتكلم عن الطول
وقدرة الإنسان على الإنفاق فإننا نتكلم عن التنمية، وهكذا الاقتصاد مبناه الرفاهة، كيف نصل بالإنسان إلى الرفاهة. السياسة رعاية شؤون الأمة في الداخل والخارج، فيجب علينا أن نرعى تلك الشؤون ويكون ذلك من مجال التنمية المستدامة، فالدين مطلوب منا أن ننقله بصورة لافتة للنظر لمن بعدنا. ومن هنا، ونحن نريد أن نتكلم عن تجديد الفتوى، نتذكر كلام الشيخ أمين الخولي رحمه الله تعالى وهو يقول: "من أراد التجديد فعليه أن يقتل التراث بحثًا ودرسًا وتشربًا، وإلا
كان تبديدًا". ففرقٌ. بين التجديد والتبديد، وجعل التجديد ينطلق من الفهم الواعي لما ورثناه عن آبائنا العلماء، وجعل التبديد أن ننكر وأن نتجاوز وأن نترك من غير وعي هذا الكنز الذي بين أيدينا من تراث الأئمة الأعلام، وهذا يجرنا إلى تجديد الفتوى، فالفتوى تقوم على ثلاثة أركان، وهذه من الإفرازات التي أفرزها الأزهر. الشريف في خبرته العلمية المتتالية في معاهده وجامعته عبر الأيام والسنين
أركان الفتوى لا بد على المفتي أن يدرك النص، والنص إما أن يكون نصاً مقدساً كالكتاب والسنة، وإما أن يكون نصاً اجتهادياً مثل ما بذله الأئمة الأعلام رضي الله تعالى عنهم كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيره، لا بد أن يدرك هذا النص إدراكاً صحيحاً، لكن الأمر يختلف، فإدراكه للكتاب والسنة إدراك مصادر الأحكام وأصل الدين، أما إدراك اجتهادات المجتهدين فهو إدراك استئناس وبناء منهج للتفكير المستقيم نستطيع به أن نحيا حياتنا في ظل الشريعة الغراء.
إذاً فنحن أمام نصين، وهذه النصوص لها قواعدها في فهمها في إقامة الحجة. منها في التفريع عليها في الاستدلال بها إلى آخر ما هنالك مما سُطِّر عندنا في علم التوثيق، علم الحديث، وعلم القراءات، وعلم الأسانيد، وفي علم الفهم من أصول الفقه وأسس الفهم. هذا النص لا بد علينا أن ندركه وندركه بعمق، لكن هذا لا يكفي للفتوى لأنه لا بد أن ندرك. الواقع أمر معقد لأنه نسبي شديد التدهور شديد التركيب شديد التغير، ولذلك يجب علينا أن
نفهمه بعمق، وهو مكون من عوالم أربعة: عالم الأشياء، وعالم الأشخاص، وعالم الأحداث، وعالم الأفكار. وكل عالم من هذه العوالم له محوره ومبناه وطريقة التعامل معه، فينبغي على المفتي أن يدرك الواقع بعلاقاته. العلاقات البينية بين هذه الأربعة، ثم بعد ذلك يجب عليه أن يوقع هذا المطلق الذي فهمه من الكتاب والسنة وكلام الأئمة، متجاوزًا المسائل الزمنية، متبنيًا المناهج الشرعية التي ولدوها من أجل تطبيق هذه الشريعة في واقع الناس على ذلك
المتغير الواقع النسبي الذي تركب وتعقد وتغير كل حين، وهذا أداء. ينبغي فيه أن يراعي المقاصد الشرعية وأن يراعي المصالح المرعية وأن يراعي المآلات المعتبرة وأن يراعي مواقع الإجماع الذي هو هوية الإسلام وأن يراعي مقتضيات اللغة العربية التي نزل بها النص الشريف ومن هنا يستطيع المفتي بضربة وبتوفيق من الله وبصفاء في الذهن وفي القلب وفي العمل أن يتعامل مع الواقع المتغير ويُطبَّق عليه مطلق
الشريعة، مثال في المقاصد الشرعية: المقاصد الشرعية شاعت من كتب الشاطبي أنها حفظ النفس، حفظ الدين أولاً، حفظ الدين ثم النفس ثم العقل ثم العرض ثم المال. في الحقيقة أن علماء الأصول كالزركشي والسيوطي وغيرهم لا يرون هذا الترتيب، وأن هذا ترتيب ليس مُجمعاً عليه. عليه وأن هناك من قال النفس أولاً حتى نستطيع خطاب الإنسان بالتكاليف، ثم العقل حتى يفهم عن هذا الخطاب، ثم الدين
لأنه مهم في هذا السياق، ثم كرامة الإنسان التي نسميها عرضاً، ثم المُلك. هذا الترتيب يلفتنا إلى شيء غريب، وأن هذا هو النظام العام والآداب عند القانونيين، ولذلك فلا نرى أحداً في العالمين في الشرق والغرب ينكره إلى الآن وربنا يستر أنهم كما أباحوا الشذوذ يهدمون النظام العام وذلك في محاولة للتفلت غير مسبوقة للوصول إلى التصور المبدع في ظنهم وهو تصور مدمر نسأل الله السلامة فنحن نرى تطورات كثيرة في جانب الفكر عندما
نقومها بالنموذج المعرفي الإسلامي فإنها تخرج مخالفة للغاية وندعو الله سبحانه وتعالى للأزهر الشريف أن يعطيه الله سبحانه وتعالى من نفحاته وينزل عليه من القوة والسكينة ما يستطيع أن يواجه به هذه التيارات ليست الملحدة فقط بل المفسدة في الأرض التي تريد أن تفك هذا الاجتماع البشري بتلك الأفكار التي أظن أظن أن الشيطان لا يقدر على توليدها وأنها من شياطين الإنس قبل أن تكون من إبليس الكبير، ونسأل الله سبحانه وتعالى السلامة من كل داء. فاستعمال
الوسائل الحديثة هو استعمال لما نتمكن منه لنقل هذا الدين لمن بعدنا بصورة لافتة للنظر. في الفتوى الإلكترونية لا يتم الالتزام بالمذهب، والمذهب أمر يتعلق بالدراسة ولا بد. فيه مِن أَن يتعلق بالدراسة لا أستطيع أن أحيط بما هنالك من فقه إلا إذا تخصصت شافعياً أو مالكياً أو حنفياً إلى آخره، والمذاهب التي بين أيدينا ثمانية، والمجتهدون أكثر من ثمانين مجتهداً، ولكن هناك ما يسمى بالفقه الوسيع، بدأ أسعد أفندي شيخ
الإسلام في اسطنبول في الخروج عن المذهب. بدأ الشيخ محمد المهدي العباسي مفتي الديار شيخ الإسلام المتفق على جلالته بدأ في اختيار بعض الأحكام الخاصة بالأحوال الشخصية من المذهب المالكي وغيره من المذهب الحنفي. الإمام محمد عبده بدأ في الاختيار الفقهي وفي تطبيقه بطريقة علمية فنية وظهر ما هنالك من الاختيار الفقهي. الآن المركز الإلكتروني يعمل بالاختيار الفقهي والاختيار. الفقهي له قواعده وله ضوابطه وله مآلاته، ومن
غير هذه القواعد والمآلات والضوابط والأهداف يصير تفلتاً. وبعض الفتاوى تناقض بعضاً لو لم نستوعب قواعد الاختيار الفقهي. والاختيار الفقهي هو تطوير أزهري لقضية التلفيق عند الأولين، التلفيق بين المذاهب. الاختيار الفقهي بدأ مع العثماني في "رحمة الأمة في اختلاف الأئمة" وهو. كتاب مشهور مطبوع أخذه الإمام عبد الوهاب الشعراني، وكان يدرس في الأزهر ويُدرّس فيه، وألّف "الميزان الكبرى". وفي "الميزان الكبرى" قال إنه لا خلاف، وأن
كل ما يتوصل إليه المجتهد حق، وهذا مذهب من أحد مذهبي الأصول: هل كل ما يتوصل إليه المجتهد هو حق، أو أن أحدهما على حق والآخر؟ على خطأ فهو تبنى أن الجميع على حق وعلى ذلك فكل ما وقع الخلاف فيه إنما هو بين العزيمة والرخصة فإذا كان الشافعي يقول إن مصافحة المرأة الأجنبية تنقض الوضوء وأبو حنيفة يقول لا تنقض فالأمر بينهما يعني الاثنين صح فإذا كان هناك فرصة للوضوء فتوضأ احتياطاً وزيادة للثواب وإلا فقلَّد أبا حنيفة وصلَّى
هذا النوع سيدي الشعراني، مات تسع مائة خمسة وسبعين، يعني في الربع الثالث من القرن العاشر الهجري. تطورت هذه الأشياء، قضايا التلفيق وقضايا الخلاف اللفظي وقضايا الانطلاق من التجميع للتفريق، حتى وصلنا إلى الشيخ بخيت المطيعي، فكان يرى أنه ليس هناك خلاف إطلاقاً، والخلاف كله لفظي. اقرأوا كتابه الماتع في حاشيته على الأثناوي فإنه حمل كل الخلاف على اللفظ بطريقة بديعة علمية،
وكان واسع الاطلاع رحمه الله تعالى، وكان من ليس من، وكان أعلى مفتٍ قد شهدته مصر من أيام عقبة بن عامر إلى يومنا هذا الشيخ محمد بخيت المطيعي، الشيخ محمد بخيت المطيعي كانت. له فتاوى عجيبة غريبة في الأحوال الشخصية عرف فيها هدف الدين وعرف فيها هدف الشريعة وعرف فيها واقع الناس. الاختيار الفقهي أمر مهم وهو مؤلف فيه ومنضبط، وينبغي على الأزهر أن يتولاه وأن يظهره للعالمين كخبرة تلك السنين التي تفيد في قضايا التجديد
والتي تفيد في الاستفادة من مركز الفتاوى. الإلكترونية غاية الاستفادة. كان هناك كما نص ابن حجر الهيتمي والإمام الرملي ثم بعد ذلك الشيخ النجدي شيخ الشافعية ما يسمى بتغيير المذهب وتغيير المذهب هو أننا نسير على المذهب الحنفي ثم نصبح عند الاحتياج على المذهب الشافعي، وتغيير المذهب هذا مثلك له قواعده مما يتيح لنا فقهاً عجيباً غريباً. تبناه الشيخ النجدي وتبناه الشيخ
الظواهري والشيخ المراغي، هذا الكلام يجب علينا أن نبرزه ويجب علينا أن نعود إليه ويجب علينا أن نطبع كتبه وأن ننشرها وأن نخرج للعالم الإسلامي بتلك الدرر التي ستخرج المسلم من ورطته في الاصطدام بهذا العالم الذي نحن فيه، نحن في ورطة ولكن عندنا الحل. وعندنا المخرج ولكننا نترك الأمر ونمسك بالشائع، وهذا يضيع علينا قيمًا كثيرة ومجهودًا كبيرًا. نحن نريد أن نبني على ما تركه لنا الأوائل. هكذا استأذن في علمي، استأذن أن تقصد بعملية تغيير المسلك الذي يجب على المؤسسات
الدينية والأزهر الشريف أن يبرزوه سعادةً وتيسيرًا للإنسان وتخفيفًا عليه. إذا لم تأتوا بي مرة أخرى إن قلت ستأتون بي، يا جماعة نحن نطرح أفكاراً وإن شاء الله كل هذا مكتوب في آية ومطبوع، ولكننا لا نقرأ، فنحتاج أن نقرأ "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق". أخونا القارئ أتى بها بعد أن انتهى من سورة النحل، لا أعرف هو الذي... أي سورة نقرأ يا إخواننا؟ نريد أن نقرأ هذا المجمع. الحمد لله، هيئة كبار العلماء طبعوا مجموعة من
الكتب. قال لا أعرف إن كان هناك أحد قرأها أم لم يقرأها. من ضمنها الشيخ محمد أبو حسنين، كنا نطلق عليه محمد أبو حسنين. محمد حسنين مخلوف، ابنه حسنين مخلوف الذي هو المفتي فحسنين. محمد حسنين أبوه محمد ألّف كتاب "الجواب النبيل في سدّ نهر النيل"، تحدث فيه عن مسألة إثيوبيا سنة اثنين وعشرين، وأورد فيه كلام الأئمة من الأحناف والشافعية والمالكية، واستنتج أنه يحرم عليهم سد النيل. سد بمعنى إغلاق، أي أن الكلام يعني منع هذا الأمر تماماً، فممنوع بناء السدود على المصب. لكي
يمنعني من المياه هذا غير ممكن، وقام أحد المتفقهين من الباكستانيين في لندن فرد عليه الشيخ بالجواب النبيل طبعته هيئة كبار العلماء والحمد لله رب العالمين. المجمع، المجمع، الشيخ نظير، ألستم أنتم الذين قلتم إننا شيء واحد وأننا معاً؟ سأجعل العالم يوقع عليك نسخة تلو نسخة لكل عالم. من
العلماء الذين يوجدون لكي يروا، لأجلكم يا إخواننا. نعم يا سيدي، سيادة رئيس الجامعة يعلي شأنك، وفي المطالب كرمك أوسع من ذلك. لكن لماذا أقول هكذا؟ لكي تقولوا في سجودكم: "الحمد لله الذي نسبنا إلى الأزهر" وأنتم مطمئنون. ما هذا؟ إنه علم وكنوز مخفية قد تكون غير. مطروقة على الأسماع وارد، ولكن لدينا الحل، غير أنه يحتاج إلى شيء من المجهود ومن الاجتهاد. فتغيير المثلج لما حدث عند الشيخ النجدي، قام شخص يُدعى الشيخ المنصوري بتأليف كتاب ضد الشيخ النجدي يقول له: لا يوجد شيء اسمه تغيير مثلك.
فالشيخ النجدي أثبت له أن هناك شيئاً اسمه تغيير. المثلج حتى في كلام الأقدمين الذي حصل، هناك حل لبعض المشكلات الاجتماعية، بغض النظر عن أنك تؤيد تغيير المثلج أم لا، فهذه مسألة اجتهادية. جاء الرجل وتزوج بلا ولي، ثم بعد ذلك طلق زوجته ثلاث مرات، وجاؤوا للشيخ النجدي وقالوا له: ماذا نفعل؟ فقال لهم: هو كان في ولي قالوا له ما كان هناك ولي، نحن تزوجنا على المذهب الحنفي، فقال لهم: حسناً، غيِّروا المذهب إلى الشافعي ويصبح هذا الزواج طلاقاً قد وقع في غير محله.
فالمنصوري، رحمه الله تعالى، كان من طلاب الأزهر، ورأى أن في ذلك يعني كأنه تلاعب، فقال: ما هذا الذي تفعله؟ فنصَّ أوراداً. له النصوص من مذهب الشافعية على تغيير المثلج عند ابن حجر وعند الرملي شيء غريب، فقال له: لا، أنا غير مقتنع لا بك ولا بابن حجر. قال له: حسناً، سأرفع أمرك إلى النيابة. وذهب ليشكوه للنائب العام كي يقبض عليه لأنه يُحدث الفتنة بين المسلمين، فذهب ليشكوه لهيئة كبار العلماء. فذهبت هيئة كبار العلماء واجتمعت ووجدت أن الحق مع الشيخ النجدي، فقالوا له: "يا شيخ المنصوري، أستسكت أم نجعل النيابة تقبض عليك؟". فقال لهم: "لقد سكتنا ولكن على مضض". هذا الكلام
كله مطبوع، أي موجود في كتب مطبوعة. الشيخ المنصوري يرد على الشيخ النجدي وما إلى ذلك، وهو موجود. في مجلدات القصد فقط هي قصة لم نلتفت إليها بالرغم من أنها تحل لنا ثلاثة أرباع القضايا التي موجودة أمام القضاء. فعليك أن تتبنى مذهباً وتجعل نفسك كما درست تسير عليه، لكن الأمة قد تكون محتاجة إلى أمور ما دام أن العلماء قارنوا وكتبوها ونظموها وضبطوها واستنبطوها وطبقوها، فيجب أن... نحن لا نضيق على الأمة لأن الإسلام أوسع
منك بل وأوسع من العالمين. هذه نظرة تجديدية يجب علينا أن نرى هذه الأشياء. كذلك النظريات المخفية، هناك نظرية اسمها نظرية اللحظة اللطيفة، وهناك نظرية أخرى اسمها ذهاب المحل، وهناك نظرية أخرى اسمها تفريق الأحكام موجودة بهذه الألفاظ في الكتب. لو دخلنا بالتقنية الرقمية هذه على الكتب المحمدية سنجد أنها تعطي ثلاث نظريات مخفية تجعل حياتك سعيدة، وفي اجتهادات النماذج الأربعة أنه توجد أربعة نماذج. نظرية النساء التي قدمها الشيخ الزركشي
لم يسمع عنها أحد بعد ذلك وماتت معه، فأحياها الشيخ السيوطي في الإتقان ولم يسمع بها أحد بعد ذلك، نظرية النساء أنه... مَن الذي قال لك أن هذه منسوخة؟ هذه منسوخة يعني ضوابطها بشروطها، نظرية الشرط. نحن معنا كنز نستطيع أن نواجه به العالمين مع تقوى الله، وهذا هو المراد. هل المراد أن نُضيِّق على الخلق أم المراد أن ربنا يرضى عنا؟ صحيح، صحيح، هذه هي الحكاية. فيجب علينا أن نجدد ولا. نبدد وأن نجعل من القلوب الضارعة ضراعة إلى الله سبحانه وتعالى، الله مقصود الكل ومطلوب الكل، ونحن لا نبيع ديننا لا للدنيا ولا للناس،
لكن أيضاً لا تضيق على الخلق وتنقل لهم صورة ليس عليها أهل الله، ليس عليها المجتهدون، ليس عليها العلماء العاملون، فإذا بذلك نعمل وعلى هذا العهد. نسير في الاستفادة من خبرة العمل الأزهري. حدّثني أحد أعضاء مجمع الفقه بجدة وقال لي: "ماذا تفعلون في الطلاق؟" فقلت له: "علمنا مشايخنا... كان هناك شخص اسمه الشيخ مبارك في الأزهر، وكان الشيخ صالح الجعفري عندما يأتيه أحد يسأله في الطلاق يقول: اذهب إلى مفتي الطلاق الشيخ مبارك". كان قصير القامة. وكان
يأخذ في الفتوى خمسين قرشاً في كل فتوى، وإذا كنت تريدها مكتوبة فيكون ثمنها جنيهين تماماً. وهذا الشيخ هو مبارك رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه. كان قد قرأ أسرار البلاغة على محمد عبده، فكان الشيخ مبارك يقول: "ما الإدراك والأملاك؟ عندما يأتيك شخص يسألك عن الطلاق، فاسأله عن الإدراك". وبعد ذلك أسأله عن الإدراك، أن يدرك زمن الطلاق ومكان الطلاق وحال الطلاق وشخص الطلاق: الزمان والمكان والأشخاص والأحوال.
فتقول له: أين كنت أنت؟ فيقول لك: كنت واقفاً أمام المائدة، واقفاً بالليل والنهار، لكن وقتها كان العصر. جيد، هذا يتذكر، هذا يتذكر تماماً. من الذي كان موجوداً؟ أخوها كان موجوداً. ولا أعرف ماذا يكون، إذا كان الإدراك موجوداً تنتقل إلى الأملاك وتقول له: "حسناً، وأنت هل كنت تملك هذا الكلام أم لا؟" وتحقق معه هذه التحقيقات المتعلقة بالإدراك والأملاك. فالرجل قال لي: "ياه، هذا شيء بديع، طوال العمر يقولون إن الأزهر له خبرته"، يعني الرجل الذي في الخارج يرى هؤلاء الجماعة يعملون في هذا الأمر. مئات السنين، فلا بد أن تكونت خبرة.
هذه الخبرة تنتقل إلى الكتب بكلمة إدراك وإلمام وما شابه ذلك، وهؤلاء الأربعة تسأل عنهم ولا تجد، لكنك تجد في تربية الشيخ لك ما تأخذه منه، وأشياء كثيرة جداً مثل هذا. يجب علينا أن نلتفت إلى الاستفادة من الخبرة الأزهرية المتراكمة. أعتذر للإطالة ولكن جلستكم جلسة علم تحفّها الملائكة وتغشاها الرحمة وتتنزل فيها السكينة، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعلها في ميزان حسناتنا يوم القيامة. شكراً لكم. مداخلة الأستاذ، المداخلة لو سمحت، مداخلة لو سمحت. سيدنا مولانا الأستاذ الدكتور علي جمعة بهذا التأصيل للخطاب الفقهي والخطاب
الإفتائي، لكن وتحدث عن. درر وكنوز يجب أن تخرج من أواخر المؤلفات، وهذه مهمة يجب أن يضطلع بها مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف ومكتب إحياء التراث الإسلامي. الآن أدعو وأسأل الدكتور أسامة الحديدي ليبين توصيات هذا الملتقى. مداخلة فقط لسؤال الأستاذ، مداخلة فقط سؤال لأستاذنا محمد عبد المالك مصطفى نائب رئيس... الجامعة الأزهر للوجه القبلي، فضيلة، طيب. أستأذن فضيلة مولانا. لم يبق فضل، تفضلوا. شرفنا، شرفنا فضيلة مولانا، فضيلة مولانا المفتي الأستاذ الدكتور علي جمعة حفظه الله، فضيلة مولانا الإمام. طيب،
طيب، أقول يعني شكراً لفضيلة مولانا الكريم على هذا الفهم الراقي والعلم الطيب الذي أفدنا منه كثيراً في هذه المحاضرة. الطيبة الفريدة، فقط أتساءل عن تغيير المذهب بمفهومه الذي وضحتموه بأن ينتقل الشخص من مذهب إلى مذهب آخر لظروف الواقع، بالتأكيد أمر طيب، وقد تعلمنا من مشايخنا أن بعض الأئمة الكبار كان إذا انتقل إلى مذهب أو إلى مذهب آخر ربما كان يصلي على المذهب الذي يخالف مذهبه، هذا أمر طيب. لكن أنا فقط أتوجه لفضيلتكم بالسؤال
لأن بعض التيارات المتشددة تحاول إنكار المذاهب تماماً، فهم لا يعترفون بمسألة المذاهب ويريدون استنساخ فكرة أخرى تخالف كل الأئمة وتخالف المذاهب المعتبرة، وربما يكون فقه السنة على هذا النحو، فهل هذا التغيير المثير للجدل، هل ربما يتوافق مع التوجه الذي... أي أن بعض التيارات المتشددة تحاول نشر نشرة الآن، أرجو التوضيح فقط. حضرتك قلت إنهم يُمكِّنون المذهب كله، نعم. إذاً حسناً، هذا يقول إن هناك
مذاهب وأنا سأختار من هنا إلى هناك، وذاك يقول لا توجد مذاهب. هذا يقول إن أمامي سطوراً، والآخر يقول إن الورق أبيض. فكيف يساعدهم أو لا يساعدهم؟ ولا يستطيعون أن يفعلوا فيه شيئاً. انتبه جيداً، أهم شيء هو القواعد والضوابط لكل شيء، وهي ما يُعرف بنظرية الشروط. عندما يكون لديك اختيار فقهي، ما هي ضوابطك؟ وعندما يكون لديك تغيير مثله، ما هي الضوابط؟ عندما تريد أن تصلي، ما هي الشروط الخاصة بك؟ وما هي الضوابط؟ بدون هذه الضوابط تكون مثل شخص صلى بغير وضوء، فهو قد صلى أيضاً. أربع ركعات لا مانع منها، لكن يا أخانا أنت صليت بغير وضوء، هذا لا يصح. قال: لقد فعلتها ونجحت. هؤلاء الناس لا علاقة لهم بالشروط. القتال له شروط لا يتخذونها بأي صورة. ما سنقوله هو
أن الفرق بيننا وبينهم هو نظرية الشروط. نحن متبنون وملتزمون بشروط الشرع الشريف، كل حسب. قراءته ومذهبه وما إلى ذلك، فالحنفي يقول ليس من شروط الزواج الولي أيضاً بطريقة معينة، والشافعي يقول لا بل هو ركن ولا يصح بدونه. هذه الشروط ليست موجودة في ذهنه أصلاً نظرية الشروط، ولذلك عندما كان أحدهم يكفّر قوماً يأخذون امرأته ويتزوجونها في اليوم التالي، فلا يوجد في عقله شيء، فإذا نحن... أمام بلوى كثيرة، لماذا يريد هؤلاء أن يصلوا دون شروط؟ وسترى إذا أمدَّ الله بك في العمر أن
من هؤلاء من سينكر الشروط كما ينكرها القرآنيون. تفادَ ما يحدث، فما يحدث أننا نسير وفق العلم وهم يسيرون على غير هدى. "هبولة" ما معناها؟ ابحث عنها في اللغة. هذه هي القصة. هراء يعني أي كلام لا معنى له. ما هذا الهراء؟ ألا تفهم أيضًا؟ ترجم هذه الأشياء واعمل لها معجمًا صغيرًا هكذا. حسنًا، شكر الله لكم.