مراعاة الأوقات | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر المبارك الكريم. تحدثنا في حلقة سابقة عن المسؤولية وأنها قيمة وخلق ينبغي أن نربي عليه أطفالنا وأولادنا وشبابنا وأن نهتم به في أنفسنا وأن نعود أنفسنا على ألا نكون تبعا للآخرين، فإن أحسن الناس أحسنا وإن أساءوا أسأنا وإن ظلموا ظلمنا وإن عدلوا عدلنا،
بل ينبغي علينا أن نعود أنفسنا على أنه إذا أحسن الناس أحسنا وإذا أساؤوا لا نظلم معنا اليوم عن عبد الله بن أبي أوفى كان يقول فيما أخرجه النسائي في السنن الكبرى والحاكم في مستدركه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر ويقل اللغو ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة يعني يوم الجمعة وكل الخطب حتى في العيدين أو كذا ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة،
مراعاة الأوقات من المسؤولية، لا بد علينا أن نراعي الأوقات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه، أول الأربعة عن عمره فيما أفناه، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمره ربه، لا يحب اللغو واللغو مباح لأنه كلام عادي ولكنه ليس مفيدا، إذا أفاد لا يكون لغوا. اللغو في حد ذاته وإن كان مباحا إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفعله بل ويكرهه. قد
يكون هناك كلام مباح كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرض فيخرج عن كونه لغوا إلى كونه له غرض وله هدف، ومن ضمن هذه الأهداف أن يذهب الملل عن الناس أو أن يتلطف مع الطفل، يتلطف مع الأرملة، يتلطف مع أهله، يتلطف مع أصحابه، وكل ذلك من مراعاة الوقت. الواجبات أكثر من الأوقات، هذه حقيقة لو عرفناها وشغلنا بها لوجدنا أنفسنا ليس لدينا أوقات لقضية اللغو فلو أننا قمنا بواجبنا من حصة للقرآن في رمضان، لو أننا قمنا بما
ينبغي علينا أن نقوم به من صيام النهار وإتقان العمل وهو يأخذ جهدا وقيام الليل وكثرة الذكر وقراءة القرآن ولا نثقل على الناس كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في الموعظة وهو الذي كان يقول إن من علامة فقه الرجل يعني من علامة فقه الرجل طول صلاته إن من علامة فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته فكان صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة بسبح والغاشية وهذه لا تستغرق سبع دقائق فكانت خطبته لا تزيد عن خمس دقائق إذا هذا الجمال والحلاوة التي يعلمنا
إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مرتبط بالمسؤولية، يقول في وصف عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه وهو ممن صلى عليهم النبي فصلى على آل أوفى قال اللهم صل على آل أوفى وهي من خصائص هذا الصحابي الكريم رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الذكر، إذن لا بد أن نعمر أوقاتنا بالذكر، والذكر يجلو القلب وربنا قال واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وقال فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون وقال ألا بذكر الله تطمئن القلوب، ذكر الله سبحانه وتعالى قد يكون هو القرآن إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، ذكر الله قد يكون هو الذكر المحض ذكر الله
سبحانه وتعالى، قد يكون هو الدعاء ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك كله فكان يذكر بأسماء الله الحسنى وعلمنا الكلمات الطيبات العشر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله وإنا لله وإنا إليه راجعون وتوكلت على الله وحسبنا الله ونعم الوكيل كما علمنا الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وهذه هي الكلمات الطيبات العشر هذه كلمات تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نذكر ربنا على بصيرة ويقلل اللغو فكان يترك اللغو ويطيل الصلاة إذا
كان منفردا أما إذا كان في الصلاة فقد عرفنا أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع بكاء صبي فإنه رحمة بأمه يقصر من الصلاة ويقصر الخطبة وعرفنا هذا الشأن ولذلك حتى في الموعظة فإن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع في كل حال، ولا يستنكف أن يمشي مع الأرملة. ضعيفة، الأرملة تحتاج، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يترك يده لبنات بني النجار في طرقات المدينة، تذهب به الفتاة حيث شاءت، وهو ليس رئيس دولة ولا حاكما فحسب، بل كان سيد الكونين،
لم يكن قاضيا أو مفتيا أو عالما أو معلما أو قائد الجيوش، بل كان سيد الكونين، كان صلى الله عليه وسلم هو المصطفى المختار من عند رب العالمين. هذا العظيم كان يترك يده الشريفة لبنات بني النجار وسواهن، تأخذه البنت حيث شاءت حتى يقضي حاجتها، ويقف ويكلمها ويكلم الأرملة ويكلم المسكين حتى يقضي حاجته والإنسان يتعجب من أين أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل هذا الوقت، لكن الجدية والمحافظة على الأوقات والشعور بالمسؤولية هي التي علمنا
إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى المفاسد التي تحدث مثل أولئك الذين يجلسون على الأركان والمفارق يؤذون الناس ويعاكسون الفتيات ويفعلون مثل هذه الأمور، وهذا كان ممكنا قديما قبل انتشار ما انتشر في الناس الآن. قالوا
يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها ونقضي فيها مصالحنا وهكذا المقاهي والجلسات يمكن أن تكون لإنجاز المصالح وليرى كل واحد فيها أخاه ويتحدث إليه في أموره ويمكن أن تكون للأذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أبيتم إلا هذه المجالس لما فيها من إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، مسؤولية إذن، دخلنا في المسؤولية، قالوا وما حقه يا رسول الله؟ قال غض البصر، فيكون إذا الإنسان يسير
آمنا والمرأة تسير آمنة لأنها تعلم أن هؤلاء الناس إنما فيهم أدب وفيهم انكفاف على أنفسهم، يقضون مصالحهم، غض البصر وكف الأذى، ويؤكد علينا رسول الله دائما على قضية كف الأذى ورأيناه وهو يتحدث عن ذلك الذي ليس فيه أي خير ولا يستطيع أن يقوم بأي عمل وليست لديه أي كفاءة قال يكف شره عن الناس فإنها له صدقة، كف الأذى ورد السلام والسلام علامة من علامات توائم الاجتماع، علامة من علامات الوحدة الوطنية ولذلك رد السلام فيه نوع
من أنواع الود وشيوع الود، إذا أردتم أن تدخلوا جنة ربكم بسلام فأفشوا السلام وأطعموا الطعام وقوموا بالليل والناس نيام. ورد السلام واجب وإلقاء السلام سنة وهي سنة مؤكدة، لأن رد السلام هذا واجب ويجب على الإنسان أن يرد على من سلم عليه، وإذا لم يرد فهو في حالة خصام ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينهى عن الخصام فوق ثلاث فيتقابلان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي بدأ بالسلام إلا أن رد السلام إنما هو واجب على الإنسان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا نجد مظلوما إلا
نصرناه ولا نجد انحرافا إلا أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر فالدين النصيحة والساكت عن الحق كشيطان أخرس إذا تحولت مجالسنا في ظل هذه المسؤولية إلى تلك المعاني الجليلة من الود من الوئام من الحب من الأمر بالمعروف من النهي عن المنكر من نصرة المظلوم من رد السلام من كف الأذى عن الناس من غض البصر كانت مجالسنا حتى في شوارعنا مجالس طيبة، وإذا لم نفعل ذلك فلا نلوم إلا أنفسنا حيث فرطنا في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.