مسند الحارث بن خزمة | مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

مسند الحارث بن خزمة | مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مسند الإمام أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين، نعيش فيها هذه اللحظات في تلك الأيام المباركة مع...
مسند الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه، نعيش فيها من خلال ذلك المسند مع الصحابة الكرام الذين أكرمهم الله سبحانه وتعالى برؤية النبي المصطفى، وبالنقل عنه، وبتعليم الأمة من بعده، وبحفظ هذا الدين مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه وفي سنته وفي سيرته في إرشاده وفي. تعليمه وقد تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. اليوم ندرس مسنداً من مسانيد الإمام أحمد بن حنبل وهو يتعلق بالحارث بن خزمة، والحارث بن خزمة أحد
الصحابة الكرام لم يرو إلا حديثاً واحداً في مسند أحمد. عاش حياته كلها لكنه كان سبباً من أسباب حفظ القرآن والسنة لم يتكلما كثيراً في الرواية عن رسول الله لكنه شهد شهادة الحق التي أيده الله سبحانه وتعالى بها، وفيها الحارث بن خُزيمة، احفظ هذا الاسم. يقول الإمام أحمد: حدثنا علي بن بحر - شيخ الإمام أحمد، فالإمام أحمد لديه مشايخ كثيرون جداً يصلون إلى
المئات - حدثنا محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير، هنا نعلم أن عباداً هذا هو ابن عبد الله بن الزبير. عبد الله بن الزبير من العبادلة الخمسة: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود وعبد. قال عبد الله بن الزبير: أتى الحارث بن خزمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة، آخر آيتين في سورة براءة التي هي التوبة. إذا فتحت سورة التوبة ونظرت إلى آخر آيتين فيها "لقد جاءكم
رسول من أنفسكم..." في آخر سورة براءة، ستفتح وستجد الحديث هكذا، لكن "من أنفسكم" تعني... الآيتان لم يذكر ما هما. الآيتان: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم" عندما جاء زيد بن ثابت ليكتب القرآن ويجمعه ويرتبه على ما كان عليه في عهد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم كل آية في مكانها الصحيح وهكذا إلى آخره، فلما حدث هذا في عهد أبي بكر فجُمع القرآن،
فجاءت لجنة للمصحف حتى تتأكد، وكان من أعمال هذه اللجنة أنه يشهد اثنان على ما يأتي به الصحابة. الحارث بن خزيمة كان يعرف هاتين الآيتين سمعهما رسول الله وهو في الصلاة سمعهما من رسول الله وهو في الدرس، سمعهما من رسول الله في مواقف عدة، فأتى بالآيتين وقال: يا جماعة، هاتان الآيتان من القرآن. فصدقه عمر، بل وشهد معه وقال: نعم. فقال: من معك على هذا؟ بعد
عمر ما صدقوا. قال له: لكن لا يوجد أحد. أيضاً أنا سمعته من رسول الله فعلاً، ولو كانت هذه ثلاث آيات لكانت ستصبح مثل سورة، كسورة "إنا أعطيناك الكوثر"، وسورة "إذا جاء نصر الله والفتح"، وسورة "قل هو الله أحد". نجعلها سورة لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ بهما في الصلاة كثيراً. فلو كانت ثلاث آيات لقلت إنها سورة، لكنهما آيتان فقط. فقام رجل يُدعى خزيمة - أي أن الذي جاء بالآيتين هو حارثة بن خزيمة - لكن قام خزيمة وقال: "أنا أشهد أنهما من آخر سورة براءة، لقد سمعت النبي يذكرهما في آخر سورة براءة". نعم، هذا معنى آخر، أي أنها
أنَّ هذه الآيات من القرآن، لكن أين مكانها؟ هذه آية ثانية. فخزيمة عندما جاء أقرَّ بأنهما آخر سورة براءة. نريد شاهداً آخر على أنهما آخر سورة براءة، فقام أبو بكر وقال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد له خزيمة فهو حسبه"، شهادة خزيمة بشهادة رجلين، سيدنا رسول الله، ومن توفيق الله لحفظ المسلمين لكتاب ربهم كما أنزله وكما أراده سبحانه وتعالى، ما قصة خزيمة هذا؟ كان النبي صلى الله عليه
وسلم دخل المدينة مرة فوجد أعرابياً ومعه جمل، فقال له: "أتبيعه؟" فقال له: "نعم، أبيعه"، فباع واشترى وسلّم له الثمن، وأصبح النبي يمشي والبعير وراءه. وخلف البعير الأعرابي الذي باعوه والبيع انعقد وانتهى الأمر، ولم يكن خزيمة حاضراً لهذه الواقعة، وبعد ذلك كل فترة كان الناس لا يتذكرون أن النبي اشترى هذا البعير، فيقولون للرجل: أتبيعه؟ هل تبيعه؟ يا أعرابي، هذا الشيء الذي معك، هذا الجمل جميل، هل تبيعه؟ فبدأ الأعرابي وكأن الشيطان وسوس له هو يقول له: "نعم، أبيعه". فقال له: "نعم، أنا أريد أن أبيعه". فالتفت إليه النبي وقال له: "ما الأمر يا رجل؟ أنت هذا؟ أنا اشتريته
منك". قال له: "أين الشهود؟ هل يوجد أحد كان شاهداً بيني وبينك ونحن خارج المدينة حتى تقول هكذا وتقول إنني بعته لك؟ أين الشهود؟" فقال له: "أنا ليس معي شهود". قال له: "حسناً، هذا الأمر لن يثبت إلا بشاهدين أو أحد يشهد". فقام خزيمة وقال له: "أنا أشهد معك يا رسول الله". قال له: "تشهد على ماذا؟" قال له: "أشهد أنك قد اشتريت من هذا الرجل هذا البعير". قال له: "لماذا؟" قال له: لأنني متأكد أنصدقك بالخبر ينزل عليك من السماء ولا نصدقك أنك اشتريت هذا البعير من هذا الإنسان! أعجب النبي بهذا المنطق، منطق اليقين، منطق أن الشهادة لا تكون إلا عن يقين، وأن خزيمة عنده يقين بأن رسول الله صادق وبأن رسول الله فعلاً اشترى من هذا، فقال مَن...
شهد له خزيمة فهو كافيه، شهادة خزيمة تعادل شهادة رجلين. تمضي الأيام وتأتي الأيام ونجمع القرآن، ويأتي خزيمة وهو الذي يشهد مكان رجلين بأن هذه الآية في هذا الموضع من القرآن. فإذاً الحارث بن خزمة أتى بالآيتين بتوفيق الله حتى لا تضيع هاتان الآيتان، وخزيمة بن ثابت شهد على... موضعهما وإذ به يأخذ وساماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذ وضعاً قانونياً من المشرع صلى الله عليه وسلم بأن شهادته تكفي وبأننا
لسنا في حاجة إلى شهادة من سواه. قال العلماء: هذه خاصية اختص الله بها خزيمة لأجل هذه المواقف، هذا الموقف من أجل حفظ القرآن وهذه. الخاصية لا تعني أنه أفضل الصحابة فيكونون أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أو المبشرين بالجنة أو أهل بدر، لا يكونون كذلك، بل إنه صاحب فضل من الله عليه بهذا الفضل من الله عليه بهذه الخاصية، كما أنه جعل حذيفة بن اليمان أمينًا لسره وجعل معاذُ بنُ جبلٍ أقضى الناسِ، وجَعَلَ
زيدَ بنَ ثابتٍ ابنَ ثابتٍ أفرضَ الناسِ. وهكذا يتضحُ إذاً أنَّ هذه أحاديثٌ تُبيِّنُ لنا بالتفصيلِ وبالدقةِ ما الذي حدثَ في حفظِ اللهِ لقرآنِهِ كتابِهِ ولحفظِ اللهِ لسنةِ نبيِّهِ. إلى لقاءٍ آخرَ، نستودعُكُم اللهَ، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ
    مسند الحارث بن خزمة | مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا