مسند الزبير بن العوام | مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

مسند الزبير بن العوام | مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مسند الإمام أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين مع مسند الإمام أحمد، مع الصحابة الكرام يروون لنا شأن رسول الله صلى الله عليه
وسلم يروون لنا أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته، يروون لنا سنته وسيرته بطريقة لافتة للنظر، نأخذ منها الهداية والهدى في حياتنا الدنيا. "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا". مع مسند الزبير بن العوام، والزبير ولد سنة ثمانية وعشرين قبل الهجرة، ولذلك ثمانية وعشرين عندما نطرح منها ثلاثة عشر سنة، يكون عمره في حدود الخمسة عشر قبل الهجرة. فهو عندما أسلم،
كان قد أسلم قديماً وهو في حدود هذا العمر، أي خمسة عشر سنة أو ستة عشر سنة على الأكثر إذا كان يعني. الثمانية وعشرون هذه صحيحة قبل الهجرة فعلاً لأنه كان حينها الإنسان لا يسجلون المواليد وإنما يسجلون الوفيات لأن المولود لا يُعرف من سيكون ولا ماذا سيصبح، هل سيكون من ذوي الشأن أم لا. هناك كلام بأنهم كانوا لا يهتمون بالميلاد وإنما يهتمون بالوفاة. الزبير بن العوام بعد ذلك أصبح من السابقين الأولين وأصبح من المبشرين بالجنة ووضعه عمر بن الخطاب في أهل الشورى الذين اختير منهم
عثمان. الزبير بن العوام خلف بعد ذلك عبد الله بن الزبير فكان من العبادلة، والعبادلة معناها: عبد الله بن عباس، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عمرو، عبد الله بن الزبير، عبد. الله بن مسعود وهكذا فيسمونهم العبادلة جمع عبد الله. في مسند الإمام أحمد ثلاثون حديثاً للزبير بن العوام المبشر بالجنة وهو المسند السادس لأنه كما عرفنا بدأ بمسند أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وبعد ذلك طلحة بن عبيد الله الخامس ثم الزبير بن العوام السادس ونحن كذلك الذين هم العشرة، منهم
الزبير بن العوام، وبالرغم من فضله إلا أنه روى ثلاثين حديثاً. توفي سنة ست وثلاثين من الهجرة وكان عمره سبعة وستين سنة، رضي الله تعالى عنه. كان ركناً من أركان الإسلام من ناحية الصحابة الكرام. حدثنا عبد الله، حدثني أبي عبد الله الذي... هو ابن أحمد بن حنبل وأبي الذي هو أحمد بن حنبل حدَّثنا حفص بن غياث عن هشام عن أبيه عن الزبير. هشام عن
أبيه، من هو هشام هذا؟ هشام بن عروة ابن الزبير بن العوام. إذن الزبير له عبد الله وله عروة أيضاً، وهشام بن عروة يروي عن أبيه عروة جدّه الزبير بن العوام، ولذلك عمل المسلمون ما يسمى بعلم الرجال الذي يجعلك على الفور تعرف أنك أول ما ترى كلمة هشام، فهو هشام بن عروة فيقول عن أبيه. عن أبيه، أي يتحدث عن عروة، ومن هو عروة في علم الرجال؟ إنه عروة بن الزبير عن الزبير بن. العوام يكون قد روى عن أبيه أيضاً، وأحياناً ينقل لك عن هشام عن أبيه عن جده، فتكون "جده" هنا عائدة إلى هشام الذي هو الزبير بن العوام. أي أن هشام يروي عن
أبيه عن جده. كيف يروي عن جده وهو لم يره؟ لا، بل جده هو والد أبيه، هو الذي قال هشام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يحمل الرجل حبلاً فيحتطب به (أي قطعة حبل يذهب ليجلب بها حطباً من الغابة)، ثم يأتي فيضعه في السوق (يضع هذا الحطب في السوق) فيبيعه، ثم يستغني به فينفقه على نفسه، خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه." يعني يعلّم الناس العفاف،
يعلّم الناس العمل. تخيل هذا، هذه الصعوبة التي يلقاها الإنسان عندما يأتي بحبل وقدوم ويذهب من أجل أن يحتطب. يده تُجرح وجسمه [يتألم]، ولكن هذا أفضل من أن يمدّ يديه للناس ويسأل الناس. قيمة العمل لو وضعتها مع قيمة الدين، [لوجدت أن] الناس كانت تحمل همّ فيريد أن يسدده الآن. الناس التي عليها دَين لا تريد أن تسدد. يستحل هذا. الناس المكلفة بالعمل لا تريد أن تعمل. يقول لك: أنا لي حق عند الدولة، لي حق عند صاحب العمل. هذا شيء
غريب. أصبح النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتطب. لا تتصور المجهود الذي يبذله قضية الاحتطاب هذه، الشوك الذي يدخل في يديه، العناء الذي يعانيه من الحمل من هنا، وفي النهاية سيبيعهم بكم؟ هذا الحطب سيبيعه باثنين جنيه، ماذا كسب؟ كل هذا المشوار وكل هذا المجهود مقابل جنيهين، لكي يأكل في النهاية شطيرة واحدة في اليوم فقط. هذه الأحاديث هي التي ربّت الصحابة. الأحاديث هي التي علَّمتهم العفاف، هذه الأحاديث هي التي نحتاج إليها في هذا الزمن، ونحن نشكو من العامل الذي يعمل نصف ساعة في اليوم ويأخذ أجره كاملاً، كما نشكو من هذه الأوضاع المعكوسة في حياتنا. هذه
هي السُّنة، حدثنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير يبقى. هشام هنا يروي عن أبيه الذي هو عروة، وبعد ذلك عروة يروي عن أخيه الذي هو عبد الله، وعبد الله يروي عن أبيه. فإذا كان عروة لم يسمع من أبيه، فلماذا لا يروي عروة مباشرة ويقول هكذا فقط عن أبيه عن الزبير؟ لا، إنه لا يكذب، بل يجب أن يُبرز ما هذه الدقة كلها وما هذا الشيء الآخر؟ كان النبي يقول: "أشج عبد قيس، فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة"، أي أنه ليس متعجلاً. هذا هو الذي أوصل المسلمين إلى حضارة فائقة أرشدت العالم وأنارت
الطريق. هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير، يا سلام! وما عبد الله بن الزبير هنا، ما دام عروة رأى أباه الزبير ولا يروي عنه، فلا يستطيع عروة أن يقول ما حدث، وهذه دقة متناهية. قال: جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد. جمع لي أبويه يعني ماذا؟ يعني قال له: بأبي أنت وأمي. يا زبير، يعني بأبي أنت، ها هو أبوه، وبأمي أنت، ها هي أمه، بأبي أنت وأمي، يعني فداءك أبي وأمي. جمع له بين أبيه وأمي يوم أحد. يا هذا الزبير لابد
أنه كان فارساً كبيراً جداً، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن لكل نبي حوارييه، كل نبي. لماذا أحد من الحواريين وإن حواري الزبير كان يسميه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم حواريه، الحواري الخاص به الذي هو الملتصق به، يا سلام، هذا الحواري يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم كلمة واحدة، جمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد، ماذا سينسى؟ ماذا سيكذب؟ وفي أي شيء سيكذب؟ إذا كان هؤلاء الناس عندما لم يسمعوا من الزبير، قال إنه لم يسمع من الزبير. والنبي
عليه الصلاة والسلام أيضاً عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الحصن الذي فيه نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم على أطم حسان فكان يرفعني وأرفعه، فإذا رفعني عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة، وكان يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، فقال: "من يأتي بني قريظة فيقاتلهم؟"، فقلت له حين رجع: "يا أبتِ، والله إن كنت لأعرفك حين ذاهبًا إلى بني قريظة فقال: "يا بني، أما
والله إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجمع لي أبويّ جميعًا، يتفداني بهما، يقول: فداك أبي وأمي". رضي الله تعالى عن الجميع. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.