مسند سيدنا الحسن بن علي | مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين. نعيش فيها مع سيدنا الإمام أحمد بن حنبل رضي الله. تعالى عنه
في مسنده ومع الصحابة الكرام في ظل وافر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته في حركاته وسكناته في أوامره ونواهيه في مواقفه وآرائه في كل ما يتعلق به صلى الله عليه وسلم بركة هذا الوقت المبارك الذي نعيش فيه في مسند الإمام أحمد وبعدما انتهى من مسانيد العشرة الكرام المبشرين بالجنة سيدنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وسعيد وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف، وبعد أن أنهى كل هؤلاء، انتقل بعد ذلك إلى
مسانيد قصيرة، ثم بعد ذلك دخل في مسند أهل البيت، فقدّم أهل البيت على من سواهم، رأس أهل البيت الحسن والحسين، ذكر الهاشميين فذكر جعفر بن أبي طالب وذكر العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وذكر عبد الله بن جعفر وذكر أيضا عبد الله بن عباس وهكذا ثم بعد ذلك دخل في الفقهاء المكثرين من الصحابة كعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله ابن الزبير وعبد الله وهكذا عبادلة يُطلق عليهم العبادلة. اليوم نعيش مع حديث
الحسن بن علي، والحسن رضي الله تعالى عنه وُلد في السنة الثالثة من الهجرة. فالنبي صلى الله عليه وسلم انتقل في السنة الحادية عشرة من الهجرة، وهذا وُلد عليه السلام في السنة الثالثة من الهجرة. وُلد في... الخامس عشر من رمضان هو منتصف شهر رمضان، وقد فرح به النبي صلى الله عليه وسلم فرحاً شديداً. ومن شدة فرحه تجد أنه عق عن سيدنا الحسن بن علي بكبشين أملحين أقرنين. وهو أحد أفراد ما يُسمى بحديث الكساء الذي ضم النبي وفاطمة وعلياً والحسن والحسين، الخمسة
الذين رد لهم صلى الله عليه وسلم، كساءه وكانوا من ضمنه. وقد أدرك الحسن النبي، لأن النبي انتقل والحسن عنده سبع أو ثمان سنوات. كان عمر سيدنا الحسن، الإمام الحسن، حين توفي في سنة إحدى وخمسين، نحو ثمانية وأربعين سنة أو سبعة وأربعين سنة في حدود ذلك. وقام بتغسيله الحسين. ودُفِنَ في البقيع حيث أوصى بأن يُدفَن في البقيع. الإمام أحمد بن حنبل أخرج له اثني عشر حديثاً. بعد هذه الأحاديث نذكرها
بعدما نبين أن أبا بكر وهو في خلافته خرج من الصلاة إلى خارج المسجد فوجد الحسن بن علي وهو يلعب مع الصبية فاحتضنه. وأخذه للمداعبة ويقول بأبي يعني بأبي، هذه لغة مثل الحلفان هكذا، اعتاد عليها العرب، بأبي شبيه بالنبي، لا شبيه بعلي، وعلي يقف يضحك. هذه هي العلاقة التي كانت بين الصحابة، بين سيدنا أبي بكر وبين علي،
أنه أخذ ابنه الحسن الذي هو قرة عين جده صلى الله عليه وسلم من أجل أن يمزح معه هذا المزاح أنه شبيه بالنبي وقد كان الحسن فعلاً أشبه ما يكون في نصفه العلوي بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس شبيهاً بعلي. فالكلمة هذه فيها نوع مداعبة مع علي، وعلي يضحك بعد ذلك. اخترع بعض الناس الإحن والمحن بين المسلمين وقسموا المسلمين إلى... أقسام وفرق تقاتل بعضها بعضًا ويدعو بعضها على بعض. نقول للجميع، نقول لإخواننا الشيعة: إذا أردتم أن تكونوا شيعة علي فكونوا بأخلاق علي،
لأن أهل السنة لم يسبوا أحدًا لا من الصحابة ولا من الأتقياء، ولم ينكروا أحدًا لا من الأنبياء ولا من الأولياء. ولذلك الذي يعترض وينتقد وينتقص هذا الذي عنده مشكلة لكن أهل السنة لم يفعلوا هذا. حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، يروي أحمد عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني في..." اللهم توَلَّني
فيمن توليت، وعافني فيمن عافيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت. إذاً، هذا الحديث فيه تعليمٌ للقنوت، ولا أعرف لماذا ينكرون الأحاديث، ولماذا لا يعلّمون الناس كيف يدعون ربهم. وكيف يخاطبونه؟ حديث آخر عن هبيرة: خطبنا الحسن بن علي فقال: "لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون. كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه بالراية، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، لا ينصرف حتى يفتح له." هذا يقصد أباه، ولذلك هنا عندما يتكلم... هكذا كان يتكلم عن أبيه علي بن أبي طالب هو الذي كانت فيه هذه الصفات الكريمة، وأيضاً عن الحسن بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر معه على جرين من تمر - جرين يعني كومة كبيرة
هكذا من تمر الصدقة - جمعوها لكي يوزعوها للفقراء. قال الحسن: هو يسير هكذا وقد بلغ من العمر خمس أو ست سنوات، فالنبي قد توفي وهو في السابعة، فهذا الحدث وقع قبل ذلك، أي عندما كان عمره خمس أو ست سنوات. فوضعتُها في فمي كطفل يرى تمراً، حلواً من المدينة، فأخذ تمرة ووضعها في فمي، فالتصقت بلعابي، فوضع إصبعه في باللعاب الخاص بها، فقال بعض القوم: "وما عليك لو تركتها يا رسول الله"، يعني لماذا لا تدع الصبي يفرح بهذه التمرة؟ تمرة واحدة!
قال: "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة". قال: وتعلمت منه الصلوات الخمس، فيبدو أن الحسن ما زال وهو ابن سبع سنوات يرى سيدنا رسول الله، فتذكر يملؤها أبناؤه وأحفاده في حديث عن الحسين: "كخ كخ يا حسين، فإنا أهل بيت لا نأكل من الصدقة". هذه تمرة، ماذا عليك لو تركتها؟ يعلمهم أن لا تحقرن صغيرة، إن الجبال من الحصى. ويعلم الأمة من بعدهم ألا يستهينوا. يعلمهم العفاف وأنهم يجوعون لكن لا يأخذون من الصدقات. ومن أخلاق الناس تعليمهم
الأمانة بأن هذه الصدقة إنما هي لأهلها ونحن مؤتمنون عليها، فلا نأخذ منها ولو تمرة، ولو لطفل صغير غير مكلف. لا، نفعل هذا إقراراً وتعظيماً لشأن الأمانة، وإقراراً وتعظيماً لشأن التربية التي قد تركنا كثيراً منها في عصرنا الحاضر. إذاً هذه أحاديث وفيها أيضاً مكررات. لأنه كما قلنا إنهم اثنا عشر حديثاً عن سيدنا الحسن بن علي الذي قدمه الإمام أحمد
بن حنبل في مسنده بعد ذكر العشرة المبشرين بالجنة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شكراً للمشاهدة.