مسند عبد الله بن العباس جـ 2 | مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون وأيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين مع مسند الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه وأرضاه. ومع الصحابي الجليل حبر
الأمة عبد الله بن عباس في حديث ابن عباس ذكرنا في حلقة سابقة أنه يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجمع بين العمة والخالة وبين العمتين والخالتين وقلنا أن الذي في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يجمع بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها وأن ذلك أقطع للرحم، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا شيئاً جديداً يفسر به القرآن الكريم. نهى ربنا سبحانه وتعالى عن أن نجمع بين الأختين، فلا يجوز للرجل أن يتزوج من أختين في نفس الوقت. إذا تزوج الرجل بامرأة فإنه يحرم.
أن يجمع معها أختها في نفس الوقت في نفس الزمن، فإذا ماتت زوجته جاز له أن يتزوج من أختها. وكثير من المصريين كانوا يفعلون هذا لأنها تكون خالة الأولاد فتكون أرفق بهم من المرأة الأجنبية، فكانوا براً بالزوجة التي ماتت وبراً بالأولاد. يتزوج الرجل من الأخت الثانية، وهكذا فعل عثمان. بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فقد تزوج بالسيدة رقية عليها السلام، فلما ماتت زوَّجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة أم كلثوم، فجمع بين النورين واحدة في إثر الأخرى. النبي
صلى الله عليه وسلم وسَّع هذا المعنى وأخذ الحكمة من القرآن فيها أن الضرة عندما تكون أختاً فإنها تقطع رحم أختها، وهذا يبين لنا أن الزواج الثاني فيه ضرر، ولذلك تسمى المرأة بالضرة، ضرة لأنها تؤلم الزوجة الأولى. إذًا فهذا الزواج الثاني لم يجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأصل، بل إنه لما كانت معه أسرة من زوجة وأولاد أيام خديجة فإنه لم يجمع عليها. زوجة أخرى قط، ولما ماتت السيدة خديجة عليها السلام، وقد رزقه الله منها بنين وبنات، صحيح
أن البنين لم يعيشوا والبنات أغلبهن مات في حياته، والسيدة فاطمة ماتت بعده بقليل بست شهور، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يجمع معها امرأة أخرى، فلما انتقلت عليها السلام إلى الرفيق الأعلى فإنه تزوج سودة بنت زمعة ثم بعد ذلك لم يرزقه الله منها الولد فتزوج بعد ذلك عائشة حفصة إلى أن مات عن تسع من النسوة وهي خاصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل حفظ السنة ومن أجل بيان أخلاقه صلى الله عليه وسلم وهو يشرع للأمة وليس لأحد أن يتزوج هذا العدد من أمة المسلمين.
نظر النبي إلى قطع الأرحام فحرم أيضاً الجمع بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها، وهذا ما عليه جمهور العلماء. لم يبح الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها إلا الجعفرية، فإنهم أنكروا حديث البخاري ورفضوه وقالوا إنه يجوز للرجل أن يجمع بين المرأة وخالتها وبين. المرأة وعمتها لأن الجمع بينهما لم يرد النهي عنه في القرآن الكريم. أهل السنة والجماعة وجمهور الأمة يصححون حديث البخاري ويقولون به ويحكمون به ويرون أن هذا الجمع منهي عنه وأنه حرام. الآن وضع العلماء
من مجموع هذه الأحاديث ومن الحديث الذي معنا أنه نهى أن يجمع بين العمة والخالة. وبين العمتين والخالتين لأن العمتين للمرأة التي ماتت مثلاً أخوات، والخالتين أخوات إما أشقاء وإما من أمر، وضعوا قاعدة عامة أو ضابطاً لهذا الفرع من فروع الأحكام الشرعية، وهو: متى أعرف إذا ما كانت هذه المرأة يجوز أن أجمعها مع زوجتي من عدمه؟ آتي وأكتب في ورقة اسم المرأتين وأنظر. إذا سيّرت الأولى رجلاً أو ذكراً هل
يجوز لها أن تتزوج الثانية فتكون الإجابة لا لا يجوز. فأخطو خطوة أخرى حتى أصل إلى الحل الصحيح، المرأة الثانية لو سيّرتها ذكراً هل تتزوج بالمرأة من المرأة الأولى فيخرج لا لا يجوز. حينئذٍ إذا كانت الإجابة في كل من الخطوتين لا فإنه يحرم الجمع بينهما إذا كانت الإجابة في إحداهما لا يجوز وفي الثانية يجوز، فإنه يجوز الجمع بينهما. وهيا بنا نرى امرأة وخالتها، لو حوّلنا هذه المرأة إلى ذكر، يعني جعلناها مثل أخيها، هي
لديها أخ ذكر، هل يجوز للإنسان أن يتزوج من خالته؟ الإجابة لا. هيا بنا ونجعل العكس، بنت وخالتها. نجعل هذه الخالة هي خالها، هل يجوز للخال أن يتزوج ابنة أخته؟ لا. إذًا، الإجابة في كل من الطريقين أنها محرمة، فالجمع بين المرأة وبين خالتها حرام. مثال آخر نراه في أهمية ما نقوله من الطرفين، لابد من الطرفين، لابد من طريقين وليس طريقًا واحدًا. امرأة وزوجة أبيها، امرأة اسمها... فاطمة وزوجة أبيها زينب،
وجاء رجل وأراد أن يجمع بينهما يتزوجهما معاً. حسناً، فاطمة أخوها من؟ أخوها حسن. هل يجوز لحسن أن يتزوج بزوجة أبيه زينب؟ الإجابة: لا. حسناً، الخطوة الثانية: زينب لها أخ اسمه سيد. هل يمكن لسيد أن يتزوج فاطمة؟ الإجابة: نعم، لأن سيداً شخص غريب تماماً حينئذٍ. وهل يجوز أن يتزوج فاطمة رجل تزوج زينب؟ فأخو زينب تزوج بنته، ولا يحدث شيء. فيكون إذا كانت الخطوة الأولى بالإجابة "لا يجوز"، والخطوة
الثانية كانت الإجابة "يجوز"، فالنتيجة هي جواز الجمع بين فاطمة وزينب. فاطمة زوجة وزينب زوجة أبيها، فيجوز الجمع بين المرأة وزوجة أبيها. هذه هي الضوابط وهذه. القواعد أخذوها بالتتبع الأحاديث التي أفادها لنا سيدنا عبد الله بن عباس هنا والتي روتها السنة أو كتب السنة المشرفة عبر هذه الدواوين العظيمة والتي منها مسند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه وأرضاه. إذاً هناك فرق ما بين الحديث وما بين جمع
الأحاديث في سياق واحد وفي باب واحد وما بين فهم الأحاديث وما بين استنباط الأحكام والمعاني من الأحاديث، إلى لقاء آخر نستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.