مسند عبد الله بن جعفر بن أبي طالب | مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين مع مسند الإمام أحمد بن. حنبل رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ومع الصحابة
الكرام، واليوم نعيش مع حديث عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما. عبد الله بن جعفر هو ابن جعفر ابن أبي طالب الذي تكلمنا عنه، والذي هاجر إلى الحبشة وهاجر إلى المدينة واستشهد في مؤتة، وعبد الله أمه. أسماء بنت عميس رضي الله تعالى عنها، عندما وُلد عبد الله في الحبشة، وعندما جاءت الهجرة كان عبد الله قد بلغ عشر سنوات. توفي عبد الله بن جعفر سنة ثمانين للهجرة
عن عمر تسعين سنة، لأنه حينما جاءت الهجرة كان عمره عشر سنوات، وقد توفي في السنة الثمانين، فيكون المجموع ثمانين وعشرة. تسعون سنة عبد الله بن جعفر بارك الله في عمره. عادت الأسرة من الحبشة، أسماء بنت عميس وجعفر وابنهم عبد الله. بعض الصحابة ظلوا في الحبشة، وهذه نقطة مهمة لأننا نقول لإخواننا الأحباش: أنتم أبناء الصحابة، ولذلك فأنتم في أعيننا وفي قلوبنا، ونحن نحبكم لأنكم أبناء الصحابة. بقي كثير من الصحابة بالرغم من علمهم بقيام الدولة وبهجرة
النبي بقوا في الحبشة. عبد الله بن جعفر لما مات النبي كان عنده عشر سنوات. لما حدثت موقعة مؤتة ومات أبوه، يروي عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر ثلاثاً، يعني ثلاثة أيام: سبت، أحد، اثنين. مثلاً لم يذهب إليهم ثم أتاهم بعد الثلاثة أيام التي كان قد حددها النبي، لأن الإنسان لا يحد على الميت إلا ثلاثة أيام حتى ننسى الحزن ونمارس الحياة وكفانا حزناً. فذهب إليهم بعد ثلاثة أيام ليكون الوضع قد هدأ.
وهو ذاهب إليهم ليس من أجل العزاء، بل من أجل العناية والرعاية للأبناء. جعفر الشهيد فقال: "لا تبكوا على أخي بعد اليوم". يعني إذا كان يعتبر أن جعفر أخوه، فقال لهم لأنه ابن عمه: "لا تبكوا عليه بعد اليوم أو غدًا، لا تبكوا عليه بعد اليوم ولا بعد غد. ادعوا لي، أين ابني؟ أين أخي؟ أين أولاد أخي؟" قال فجيء بنا كأننا فراخ مثل الكتاكيت. الصغيرة مثل الكتاكيت الصغيرة هكذا، كفراخٍ أو كفرخة صغيرة، فجيء بنا كفراخ، فقال: "ادعوا
لي الحلاق، أحضروا لي الرجل الذي يحلق". فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا. يبدو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يرى رؤوسهم ملبدة وفي حالة حزن، وليس هناك عناية، ليس هناك اهتمام بالشعر، فحلقهم لكي يكون ذلك نوعاً من أنواع النظافة. ونوع من أنواع الانتعاش عندما يفعل هكذا، ثم قال: "أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خَلْقي وخُلُقي". يعني أولاد جعفر كان طفل منهم اسمه محمد وكان طفل منهم اسمه عبد الله الذي هو معنا المسند الخاص به اليوم، فقال: "أما محمد فهذا شبيه عمي، شبيه جده أبو..." طالبٌ
ما هو سيكون محمد بن جعفر بن أبي طالب، أبو طالب يكون جدّه. فقال: "هذا شبيه العم، أنا أبو طالب، أما عبد الله فهذا شبيهي أنا، صلى الله عليه وسلم، فيشبه خَلْقي وخُلُقي"، وهذه بشرى لعبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه وأرضاه. ثم أخذ بيدي فرفعها. هكذا حملها أي رفعها فقال: "اللهم اخلف جعفراً في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه". وهو كان ممسكاً بها بيده اليمنى هكذا، ويرفع له يده ويقول: "يا رب بارك لي في السلام الذي أسلم عليه فيه". قالها ثلاث مرات. قال: فجاءت أمنا فذكرت له يُتمنا وجعلت تفرح
له. تشكو له حالها أن هؤلاء يتامى ومن الذي سيرعاهم بعد ذلك ومن الذي سينفق عليهم وماذا سنفعل، فقال: "أَعَلَى العيال تخافين؟ أنتِ خائفة من الفقر وألا تجدي ما تأكلين أم ماذا؟ أعلى العيال تخافين وأنا وليهم في الدنيا والآخرة". اللهم صلِّ على سيدنا النبي. ذهب لكي يبين لها العناية والرعاية. وأنه في رعايته وفي عنايته وهو ينفق عليهم حتى يكون، لكن الأهم من ذلك أنه يأتي ويقول ماذا؟ والآخرة تكون هذه بشرى كبيرة لعبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه وأرضاه. روى الإمام أحمد
بن حنبل اثنين وعشرين حديثاً لعبد الله بن جعفر، منها قال: رأيت النبي. صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب، فهو يأكل شيئين معًا وليس شيئًا واحدًا، وهذا يحدث الآن، حيث يمسك الشخص بالشطيرة ويمسك بعلبة المشروبات الغازية، ويأكل لقمة من هنا ولقمة من هناك. النبي عليه الصلاة والسلام كان يأكل القثاء بالرطب، يأكل القثاء بالرطب. وقد استنبط العلماء من ذلك استعمال اليدين في. استعمال اليدين في الأكل: إذا استعملنا يداً واحدة فنستعمل اليمين، هكذا يكون الأدب. لكن إذا استعملنا اليدين فهذا جائز. يمكننا أن نستعمل اليدين، فعن
عبد الله بن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن جعفر لابن الزبير - عبد الله بن الزبير -: "أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم". أنا وأنت وابن عباس الثلاثة، توفي النبي وهم عندهم عشر سنوات، فهم أطفال المدينة: عبد الله بن جعفر، عبد الله بن الزبير بن العوام، عبد الله بن العباس ابن عم النبي. قال: نعم. قال: فحملنا وتركك. كأنهم يتنادرون ويمازحون بعضهم. وقال إسماعيل مرة: أتذكر إذ تلقينا. رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس فقال نعم فحملنا وتركك. يعني هنا يبين لك كيف كانوا
يداعبون ويتذكرون هذه الذكريات. الذكريات هذه أهم شيء في الإنسان. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلقي بالصبيان من أهل بيته. قال وإنه قدم مرة من... سافرت فسبقني إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة إما الحسن وإما الحسين فأردفه خلفه. قال: فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة. أول ما يرون النبي يجرون إليه لأنه كان عطوفاً جداً على الأطفال، وكان يوقف الأحكام عند وجود الأطفال. يسمع طفلاً يصلي فيسرع في صلاته،
ويرى طفلاً فيركبه على ظهره. الشريف من أبنائه أو من غيرهم فإنه يُطيل في السجود حين يرى الطفل يتعثر، وينزل من على المنبر ويترك خطبة الجمعة وهي واجبة. كانت الطفولة توقف الأحكام. انظر إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الأولاد يركضون إليه لماذا؟ لأنهم لم يكونوا يهابونه ويخافونه ويبتعدون عنه لو كان عابس الوجه. وشهامتهم لا، فقد كانوا يحبونه وكانت بنات بني النجار تأخذ بيده فيتركها للبنت تذهب به حيث شاءت. أين نحن من قسوة القلوب على الأطفال؟ يعني نحن الآن ينبغي علينا أن نتأمل في هذه السنن. هذه اثنان
وعشرون حديثاً يذكرهم عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه وأرضاه حكاية. الأكل باليمين والشمال، وفي رواية أخرى: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى يديه رطبات وفي الأخرى قثاء، وهو يأكل من هذه ويعض من هذه. وقال: إن أطيب الشاة لحم الظهر. إلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شكراً، سأعود
بعد الفاصل.