مشروع النهضة | أ.د علي جمعة

مشروع النهضة | أ.د علي جمعة - ندوات ومحاضرات
السلام عليكم فضيلة الإمام، شكرا لدعوتكم ونبدأ في المشروع. نحن نحتاج إلى مشروع للتجديد، مشروع للتجديد له واقع بدأ في القرن الحادي عشر على يد عبد القادر البغدادي وكان يرى أن اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة وأنه لا بد من فكر مستقيم نصل به إلى عمارة الدنيا ولذلك فلا بد من تصحيح اللغة وأن نصل بها إلى درجة الملكة والسليقة التي نستطيع بها أن نقرأ كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور ومن هنا كان مشروع عبد القادر البغدادي قائما على اللغة العربية بعد ذلك وفي القرن الثالث عشر عندما توفي المرتضى الزبيدي ألفا ومائتين وخمسة جاء
مع الاهتمام باللغة من ناحية المفردات والتراكيب والبلاغة بقضية أخرى وهي أن اللغة وحدها لا تكفي بل لا بد من تدريب العقل على التوثيق وأنه من غير هذا التوثيق وديننا مبني على النصوص ومحور حضارة الإسلام الكتاب والسنة وهما مع دفاتر نتاج المسلمين لهما علاقة بالتوثيق فلا بد من التوثيق فألف كتابا في العروس في شرح ألفاظ القاموس وهو القاموس المحيط والقابوس الوسيط فيما ذهب من لغة العرب الشماطيط وكذلك ألف إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين وأضاف إلى
ما تركه البغدادي محورين آخرين التوثيق ومنظومة القيم والأخلاق والمعروف أن منظومة القيم والأخلاق في الكتاب والسنة تشمل خمسة وتسعين في المائة من آيات الله وأحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم وكل الشريعة لا تزيد عن خمسة في المائة مع أهميتها ومزيد فضلها وعلى ذلك فلا بد من منظومة القيم وأصبح لدينا لمشروع التجديد هذه المحاور الإسلامية أضاف إليها حسن العطار بعد ذلك قضية العدالة الناجزة وقضية عمارة الأرض فأصبحنا خمسة وفي عمارة لاحظ ما عليه في الحملة الفرنسية من أنهم قد توصلوا إلى أشياء لم نتوصل إليها من العلوم الكونية التي
أشار إليها الدكتور أحمد فؤاد باشا، وكل ما سمعناه في هذه الجلسة المباركة وفيما قبلها كله وكأنه يحكي هذه المشاريع التي عبر هذه السنين. إذا أردنا مشروعا جديدا علينا أن نعرف الواقع، ثم نعرف المأمول. يسأل الدكتور معتز: ماذا نريد بعد عشر سنوات؟ نريد إنسانا يفهم اللغة العربية فيستقيم فكره، ولذلك لما جاء عبد القادر وأنشأ ما أنشأ من الكتب من أجل أن تعود اللغة العربية إلى الملكة، لم يتم المشروع وحاول علماء المسلمين أن يتمموه حتى جاءت الحملة الفرنسية وقد شارف على التمام فكان نابليون يقتل خمسة من علماء الأزهر كل يوم كما أشار في مذكراته وكما أشار حسن الجبرتي أنه كان يقتل
خمسة من العلماء كل يوم ألف وخمسمائة ألف وثمانمائة عالم هم أسس النهضة قتلوا في الحملة الفرنسية التي يدعي بعضهم أنها جلبت التنوير حسن العطار أرسل رفاعة الطهطاوي وحسن العطار، ورفاعة الطهطاوي من تلاميذهم من بعد ذلك، أي لأن محمد عبده لم يدرك حسن العطار ولكنه أدرك رفاعة. قضية العدالة الناجزة فأنشأ تقريرين مهمين: واحد في التعليم وواحد في القضاء. هذه الخمسة، كيف نوصل وكيف نطبق هذا الكلام في واقع الناس؟ إذن نحن نحتاج إلى برامج. في التعليم وبرامج في التربية وبرامج في التدريب وبرامج في الإعلام وبرامج في التشريع وهو الذي استشعره جدا عبد الرزاق
السنهوري فأنشأ مع عبد الرحمن باشا عزام معهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية وأراد به أن يخرج المجتهدين إذا فالاجتهاد لا بد أن يرجع مرة أخرى أردنا أن يكون محور الحضارة وهو النص المقدس أن يكون القرآن كتاب هداية لأنه هكذا أنزله ربه سبحانه وتعالى، وذلك بدراسة السنن الإلهية التاريخية الكونية الاجتماعية والنفسية، وكذلك بدراسة المبادئ العامة، وقد حصل فيها أحد أبناء الأزهر مصطفى عبد الكريم على رسالة الماجستير من أصول الدين في منظومة القيم، وحصل بها
على الدكتوراه البنائية قضية النسخ لا بد أن ننتهي منها وأن القرآن كله إنما هو للهداية وليس فيه نسخ تلاوة ولا نسخ يهدر هداية القرآن، قضية المحكم والمتشابه فالقرآن كله بنص القرآن محكم، قضية الحكم الوضعي قضية ونظرية المسائل التي أشار إليها الزركشي، قضية النماذج الأربعة التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نعيش بالإسلام في أي مكان حتى لو كانت مكة أو الحبشة أو المدينة في البداية أو المدينة في النهاية، نريد بناء إدراك الواقع الذي أشار إليه الدكتور طه وكيفية التطبيق مع مراعاة المصالح المرعية والمقاصد الشرعية والمآلات المعتبرة
وتحرير معنى الإجماع، وإعادة الصياغات بما يسمى بالنموذج أو النموذج المعرفي لتوليد العلوم في القراءتين قراءة القرآن وقراءة الكون، السقف المعرفي والعقلية المميزة التي تميز بين الأمور الدقيقة وتراعي قضية اللغة والمصطلحات والدلالات المختلفة، وكل ذلك يحتاج كما يقول السيد معتز إلى توجه سياسي وإلى أن الخطاب الديني جزء من كل وأنه ينبغي علينا تفصيلا وإجمالا إذا ما التجديد على وجه صحيح أن نضع مشروعا محكما والمادة معنا، لا نخترع عجلة جديدة ولكننا تركنا كثيرا وعبر القرون وعبر السنين في
فرص ضائعة واستهانة بالتعامل مع هذا الدين الكريم حتى وصلنا إلى هذه الحالة من الانحدار. شكرا لكم، شكرا للمشاهدين.