معاني بناء المسجد في الإسلام1 | خطبة جمعة بتاريخ 2008 - 08 - 22 | أ.د علي جمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين، وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين، وصل وسلم على سيدنا محمد في العالمين،
وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين، وصل وسلم على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأطهار الأبرار يا رب العالمين لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث
منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدى هدى سيدنا محمد رسول الله، وإن شر الأمور محدثاتها، فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. كتاب الله وعترة أهل بيتي.
ويقول في حديث رواه أحمد: كتاب الله وسنته فحفظ الله علينا كتابه حفظه الصغير والكبير والعربي والأعجمي وشاع حفظه في الناس بما لم يكن لكتاب قبله ولا بعده لما نرى أحدا من الناس يحفظ الأشعار ولا القطع الأدبية ولا الكتب الأساسية في مذهب من المذاهب ولا في دين من الأديان عبر العصور سوى القرآن الكريم والحمد الحمد لله الذي جعلنا مسلمين وتوفي أهله بين يديه ذكورا وإناثا ولم تبق إلا السيدة فاطمة عليها السلام وهو يقول لها
أنت أسرع الناس لحوقا بي فتوفيت بعده بستة أشهر وهو يرى ذلك ويقول وعترتي أهل بيتي فعرفنا أن الأمر ليس بيده ولا بيد أحد من أصحابه ولا بيد أحد المسلمين إنما هو تأييد من رب العالمين ومن الثلاثة الكرام أولاد الحسن والحسين وقد أهلك أولادهم كلهم في حياتهم وأمامهم بقي علي زين العابدين وبقي الحسن المثنى وبقي زيد الأبلج ومنهم لا من سواهم انتشر أهل البيت بإذن الله في المشارق والمغارب أما السنة فقد
حفظها علماء الأمة بإذن الله لا حول لهم ولا قوة، لا حول لهم ولا قوة، وفقهم الله إلى حفظها حتى رواها أكثر من ألف سند فيها أكثر من عشرين ألف راو، والصحابة الكرام الذين رووا عن رسول الله نحو ألف وثمانمائة إنسان من مائة وأربعة عشر ألفا من الصحابة الكرام يعني ما لا يزيد عن اثنين في المائة أو واحد ونصف في المائة كان الصحابة منهم يحفظون الحديث الواحد ويعيشون حياتهم لنقله، ولذلك كان كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام الذين
شرفونا وملؤوا الأرض بركة دلائل على صدق النبوة والنبي صلى الله عليه وسلم ترك لنا القرآن الكريم وترك لنا السنة المشرفة التي تشرحه وهو يقول إن بيوت الله في الأرض المساجد ويقول من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله ولو كمفحص قطاة والقطاة شيء صغير مثل الحمامة والمفحص بيتها ولو كمفحص قطاة يعني وكأنه لا يتسع إلا لشخص أو شخصين أو ثلاثة والنبي يقول الاثنان فما فوقهما: جمع له
بيت في الجنة، وما أدراك ما الجنة وما وصف القرآن في شأنها وما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم حولها، وهو يقول صلى الله عليه وسلم: فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، تخيل ما تتخيله من النعيم فإن الجنة بخلافه إنك لم ترها ووصف الله بعض صفاتها تشويقا لك أن تطلبها بالعمل الصالح وبالنية الخالصة وهذه المساجد إنما هي مؤسسات لبناء الإنسان وبناء المجتمع وقوله
صلى الله عليه وسلم ولو كمفحص قطاة يعني أن المهم ليس البنيان إنما المهم الإنسان وأن الساجد قبل المساجد وأن المسجد الذي يؤدي وظيفته التي خلقه الله من أجلها وجعله بيتا له في الأرض، وهذه الإضافة لله تعني التعظيم، ولذلك لا يدخل المسجد جنب ولا حائض، وينزه عن الصبيان الصغار الذين لا يضبطون ما يخرج منهم، فإذا ضبطوا حضروا الصلوات حتى نعلمهم من صغرهم الصلاة ونعلمهم هذه الذكريات التي مع الإنسان وهو كبير، المسجد
مؤسسة قبل أن يكون بناء، هذه المؤسسة لها وظائف، فإذا تعطلت بعض وظائفها فقد تعطل شيء من المسجد. من هذه الوظائف العبادة "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، ومن هذه الوظائف العلم "اقرأ باسم ربك الذي خلق" و"قل رب زدني علما"، "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنما يخشى الله من عباده العلماء، وفوق كل ذي علم عليم، والآيات كثيرة يشرحها الحديث النبوي: من سلك طريقا يلتمس فيه علما يسر الله له طريقا إلى الجنة. لم يقل أحد من الناس قط مثل هذا الوصف النبوي الشريف لأنه
أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم شبه طريق الجنة بطريق العلم، فطريق العلم كأنما يوصل إلى الجنة نسير فيه فإذا بنهايته المكتبة نشتري منها كتابا أو المدرسة ندرس فيها أو مركز للبحوث نبحث فيه أبدا، هذه الأماكن هي الجنة تؤدي إلى الجنة لو عرف هذا الطبيب ولو عرف هذا الباحث ولو عرف هذا الطالب ولو عرف هذا من يقوم بنشر الكتاب وبيعه لعرف أن هذا كله كان ينبغي أن يكون منطلقا من المسجد ولأن المسجد مؤسسة ومؤسسة
في غاية الأهمية يدور حولها كل هذه المعاني الضخمة القوية التي تبني الإنسان قبل البنيان والساجد قبل المساجد فقد قال الله سبحانه وتعالى ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم، ثم يقرن هذا بالتوحيد ويقرنه بما دلنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فالقضية ليست قضية البنيان. بل هي قضية الوظيفة التي يقوم بها هذا المسجد وهذه
المؤسسة، فيقول "ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم"، فالقضية ليست قضية ذات المسجد بل إن الله سبحانه وتعالى في المسجد وخارج المسجد، والقضية هي قضية الوظائف والخصائص التي ينبغي أن نحافظ عليها وإلا فسدت. المساجد بشأنها وأن يعود المسجد ليعلم فيه ويحدث فيه التكافل الاجتماعي ويرفع فيه النزاع والخصام، نفرح فيه في أفراحنا ونصلي فيه على الجنائز في أحزاننا، فهو محور حياة المسلم الذي جعل الله سبحانه وتعالى فرضا عليه أن يصلي خمس صلوات في اليوم والليلة، وليس هذا مقصورا على
الكهنة ولا على العلماء المتعلمين بل إنه فرض على كل أحد من الرجال والنساء متى بلغ عاقلا، ليس هناك دين في الدنيا يسجد لرب العالمين سوى المسلمين والحمد لله الذي جعلنا من الساجدين له. ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه. بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وأن
المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا لبدا يكونوا عليه لبدا قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا فالقضية هي قضية التوحيد الذي
يعني شأن المسجد ومن أجل ذلك رأينا الإسلام ينتشر كان من الممكن أن يتقوقع في الجزيرة العربية حيث نزل الوحي على سيد الخلق كان من الممكن أن يكون في التاريخ وليس في الواقع إلا أننا نرى المسلمين من طنجة إلى جاكرتا ومن غانا إلى فرغانة أكثر من مليار وثلاثمائة مليون نسمة، فبما انتشر الإسلام ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما تركه لنا من مبادئ هي في الواقع سبب النجاح، فهل هناك أحد من البشر قادر على أن يترك كل هذا التراث بهذه الدقة بحيث أنه يتجاوز الزمان والمكان والأشخاص والأحوال ولا يكون
إلا من عند رب العالمين الذي خلق ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين والله يحب المطهرين أفمن أسس بنيانه على تقوى الله على تقوى من الله ورضوانه خير أم من أسس بنيانه شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين إذ إن ربنا يحب المتطهرين ظاهرا وباطنا وربنا سبحانه وتعالى أمرنا بالنظافة وأمرنا بالطهارة وأمرنا
بالتنزه عن النجاسات ولذلك هذه معان إنسانية تشعرك بأنك من أبناء آدم وإذا رأينا من حولنا وقد اعتدنا الوضوء واعتدنا الصلاة ولذلك لا نتمتع بمعانيها كما ينبغي أن يكون، فإن الألفة ترفع الكلفة. لو تأملنا أجزاء ديننا لتمسكنا به أكثر وأكثر. هناك فرق بين العادة والعبادة، فالعبادة فيها استحضار لله واستحضار للحكمة واستحضار للمعنى، أما العادة فتتم من غير تدبر ولا استحضار. ويأمرنا سبحانه أن
نتدبر "أفلا يتدبرون القرآن" ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا، هذه المساجد ولو كانت مفحوصة قطاعيا لها وظائف وينبغي علينا أن نرجع وظائفها وأن لا نقف عقبة كأداة في طريقها حتى لا ندخل في ظل الظالمين الذين يعطلون أو يخربون المساجد أو يخربون بعض وظائفها، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ادعوا الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه
ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم عليه كما يليق بجلالك عندك أن تكون رب العالمين وانفعنا به في الدنيا والآخرة واشفع لنا يوم القيامة واحشرنا تحت لوائه واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب ولا عتاب ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار يا عفو يا غفار اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء
همنا وحزننا ونور أبصارنا وصدورنا واجعله حجة لنا لا حجة علينا علمنا منه ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما ولا تجعل فينا شقيا ولا محروما، اللهم يا أرحم الراحمين اشف مرضانا، اللهم يا أرحم الراحمين اشف مرضانا، اللهم رد الغائب عنا، اللهم سدد ديوننا، اللهم يا رب العالمين اقض حوائجنا، اللهم انصر المظلومين، اللهم مكن للمتقين، اللهم يا رب العالمين اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت، أنر قلوبنا واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا ويسر أمورنا وارزقنا
رزقا واسعا وعلما نافعا وقلبا خاشعا وعينا من خشيتك دامعة ونفسا قانعة وشفاء من كل داء. اللهم يا أرحم الراحمين لا تدع لنا حاجة إلا قضيتها ولا مريضا إلا شفيته. اللهم يا رب العالمين أعنا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اللهم يا رب العالمين حرر لنا القدس يا رب العالمين وردها إلينا ردا جميلا، فإنه لا حول لنا ولا قوة، اللهم يا رب العالمين انصر الإسلام والمسلمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، عباد الله اتقوا الله حيثما كنتم وأتبعوا
السيئة الحسنة تمحها وخالقوا الناس بخلق حسن روى الإمام الترمذي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن ما يعطى الإنسان الخلق الحسن وأقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما