مقدمة سلسلة مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

مقدمة  سلسلة مسانيد الإمام أحمد بن حنبل | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مسند الإمام أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في
برنامجكم "مجالس الطيبين". نجلس سوياً في لحظات مباركة، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعلها في ميزان. حسناتنا يوم القيامة نلتقي فيها مع ذكر الصالحين مع ذكر الصحابة الأكرمين مع ذكر سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم نتعلم فيها الهدى والتقوى والعفة والغنى عن الناس والتعلق برب العباد. كل عام وأنتم بخير، فهذه أيام مباركة، أيام تُصفَّد فيها الشياطين وتُفتح فيها أبواب الجنان. فرض
الله سبحانه... وتعالى صيام نهارها على القادر المستوفي للشروط التي شرطها هو سبحانه وتعالى، وسن لنا نبينا صلى الله عليه وسلم قيام ليلها. أيامٌ نستعين بها وفيها بالله نستعين بإخواننا ليعينونا على ذكر الله وعلى عبادة الله، ولذلك نرى الهمة في هذه الأيام أكثر من أي أيام مضت. كل عام وأنتم بخير. ولا حرمنا الله سبحانه وتعالى من هذه الأيام ندعو فيها لأمتنا
لبلدنا لمصرنا ونقول يا رب مُرَّ بنا بهذه الأيام على خير، ألِّف بين قلوبنا، اجعل قلوبنا تلهج بذكرك، لا تؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا، لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم لا يؤلف القلوب إلا أنت فهب مسيئنا لمحسننا. واغفر لنا فنحن في حاجة إلى رحمتك ولست في حاجة إلى عذابنا ولا إلى مؤاخذتنا فارضَ عنا برضاك وافتح علينا فتوح العارفين بك وعلّمنا الأدب معك ومع رسولك يا رب انقلنا
من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك وعلّمنا يا رب واستعملنا فيما تحب وترضى يا رب هوّن علينا أمر الدنيا. واجعلها في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا، ووحّد كلمتنا، ووفقنا لعمارة الأرض، لخدمة البلاد، لتخفيف شيء عن العباد، واكتب ذلك لنا حسنة عندك يا أرحم الراحمين. في هذه الأيام المباركة نجلس سوياً مع الصحابة الكرام ومع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. الناس بدأت تنسى سنة الحبيب
المصطفى. النبي المجتبى الذي ما تركها لنا إلا حتى يتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. الناس بدأت في الابتعاد عن تلك القيم العليا التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا إياها ويأمرنا بها ويحذر من مخالفتها. كثير من مشكلاتنا العصرية جاءت عندما نسينا تلك. الأخلاق وتلك القيم وهذا الترابط وهذا الانتماء تدهورت عندما نسينا أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وتدهورت عندما نسينا أنه كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع، وتدهورت عندما نسينا قوله
صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل"، تدهورت عندما نسينا والله. لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع. جاءت عندما نسينا أن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا. جاءت عندما أهملنا ونسينا وتركنا أن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، وأنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحمد لله وصلت
إلينا إلى العصر الذي نحيا فيه من ضمن هذه الكتب التي وصلت إلينا الكتب الستة: صحيح الإمام البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن النسائي، سنن ابن ماجه، موطأ الإمام مالك رضي الله تعالى عن الجميع. ومن أكبر دواوين السنة التي وردت إلينا هو مسند. الإمام أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو الذي نقول عنه أحمد بن حنبل مع إسقاط اسم الأب محمد، لكنّ حنبل كان جد الإمام أحمد. والإمام أحمد رضي الله تعالى عنه ألَّف
المسند، فبدأ بمسانيد العشرة المبشرين بالجنة. والعشرة المبشرون هم أبو بكر وعمر وعثمان. وعلي وهؤلاء قد نكون نحفظهم كثيراً لأنهم في نفس الوقت هم الخلفاء الأربعة: أبو بكر بن أبي قحافة، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وقبله عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عن الجميع. وهناك أربعة آخرون: سعد، وسعيد، وطلحة، والزبير، إذاً ثمانية، وعبد الرحمن بن عوف. وأبو عبيدة بن الجراح،
فهؤلاء العشرة، وبعضهم يقول إن العاشر كان هو النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُعد فيهم أبو عبيدة بن الجراح. الإمام أحمد صنف كتابه فجعل لكل صحابي من هؤلاء الصحابة مسندًا يعني جمع أحاديث كل صحابي، جمع أحاديث أبي بكر وحدها وسماه مسند أبي بكر. جَمَعَ أحاديثَ عُمَرَ التي رَواها عُمَرُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَجَعَلَها وَحدَها وَسَمّاهُ مُسنَدَ عُمَرَ بنِ الخطّابِ رَضِيَ اللهُ تعالى عنهُ. جَمَعَ أحاديثَ عُثمانَ بنِ عَفّانَ وَجَعَلَها وَحدَها.
جَعَلَ مَعَ أحاديثِ عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ، وكانَت أحاديثُ عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ لأنَّهُ مِن كِبارِ العُلَماءِ كَما سَنَرى. أكبرُ مسانيدِ العشرةِ المهمُّ أنه بدأَ بهؤلاءِ العشرةِ: أبو بكرٍ، عمرُ، عثمانُ، عليٌّ، سعدٌ، سعيدٌ، طلحةُ، الزبيرُ، عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ، أبو عبيدةَ بنُ الجراحِ. بعدَ ذلكَ دخلَ في مسانيدَ صغيرةٍ، كلُّ مسندٍ يُمكنُ أن يكونَ فيهِ حديثٌ واحدٌ. بعدَ ذلكَ بدأَ في أهلِ البيتِ في الحسنِ والحسينِ وجعفرٍ وعبدِ جعفر وعقيل بن أبي طالب وهكذا بعد ذلك دخل في بني هاشم العباس وأبناؤه
الفضل وعبد الله وهكذا وغيرهم كما سنرى معاً وسوياً سنختار عبر الأيام مسند كل يوم لنرى ما في هذه المسانيد من أحاديث. لماذا ينكر الناس هذا الهدي، هذا الجمال، هذه الراحة النفسية؟ لنرى كيف بذل الصحابة... فالتابعون فمن بعدهم إلى عصر الإمام أحمد بن حنبل بذلوا الجهد الكثير من أجل تحرير السنة النبوية المشرفة، هيا بنا نعيش في هذا الشهر الكريم معيشةً في ظلال سيدنا صلى الله عليه وسلم، في ظلال خير
جيل خرج على وجه الأرض. إلى لقاءٍ غداً إن شاء الله، أستودعكم الله، والسلام ورحمة الله وبركاته،