مكونات الواقع المعيش - درجات المعرفة #27 | د. علي جمعة

مكونات الواقع المعيش - درجات المعرفة #27 | د. علي جمعة - التفكير المستقيم, درجات المعرفة
أهلاً بكم مرة أخرى مشاهدينا الكرام وحلقة جديدة من برنامج درجات المعرفة ونستكمل هذا الحديث مع فضيلة الدكتور علي جمعة حول مفهوم الإدراك وفي الحلقة الحالية إن شاء الله أو في هذه الحلقة إن شاء الله سنتحدث ونستكمل الحديث مع فضيلته حول أسباب انفصال بعض المسلمين في هذا العصر الذي نعيش فيه عن الواقع سواء واقع مجتمعاتنا العربية والمسلمة أو الواقع العالمي
والكوني في الفترة الحالية. أرحب بفضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة، أهلاً وسهلاً، أهلاً وسهلاً مولانا. ذكرتَ في الحلقة السابقة سبباً من أسباب هذا الانفصال في عقلية المسلم عن إدراك الواقع المعاش منها. إننا انفصلنا عن تدريس العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية ولم نساير الغرب في هذا الأمر. نود أن نستكمل في هذه النقطة وإن كان هناك نقاط أخرى. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. ليس فقط عدم التدريس بل الإنشاء، يعني هم أنشؤوا. علوماً، وهذه العلوم التي نشأت من وجهة نظر كلية للإنسان والكون والحياة خاصة بهم، قرروا فيها تنحية قضية الوحي، وقرروا فيها تنحية قضية اليوم الآخر الذي تحدثنا
عنه في حلقات سابقة، وقرروا فيها تنحية قضية التكليف، وأنشأوا نظماً وأنشأوا علوماً لدراسة هذا الواقع بعيداً عن هذه العقيدة وهذه النظرة. للكون والإنسان والحياة نحن تمسكنا بهذه النظرة، نؤمن بالله، نؤمن باليوم الآخر، نؤمن بالوحي، نؤمن بالتكليف، نؤمن بالأنبياء. ثم إننا لم ننشئ أداة كما أنشأوا لفهم الواقع من خلال هذا الإيمان ومن خلال تلك الرؤية. أين الصحيح من الخطأ؟ أين الحق من الباطل؟ أين المعيار الذي أقيس به القبول والرفض؟ ليس معي هذا، ولذلك سيحدث بعد ذلك أنني سأستعير هذه العلوم بالرغم من انطلاقها من نموذج
معرفي مختلف، وأضعها هنا فيصبح الإنسان منفصماً مع نفسه، يؤمن بشيء ويدرس شيئاً آخر ليس بالضرورة يتواءم معه، ومن هنا تحدث فجوة في نفسه، هذه الفجوة مردودها إما أن يترك عقيدته وإما أن يترك. هذا النظام ويخرج عليه، فعدم اتساق ما ندرسه مع ما نعتقده عدم اتساق أساسي في البداية، أي جذري، جعل هذه الحالة إما أننا سنجد أناساً يتجهون إلى الدنيا ويتركون الآخرة، ويكونون بذلك في نطاق
العرج الفكري، وإما أناس يتجهون إلى الآخرة وإيمانهم ويتركون الدنيا ويكرهونها ويملونها حتى أنه يصل إلى العرج الفكري أيضاً وبذلك انفصلت القراءة الكونية والقرآنية وأصبح هناك عدم إدراك وليس نزاعاً، ليس هناك نزاع أصلاً لأنهما من عند الله، ولكن لم يعد هذا يدرك هذا ولم يعد هذا يدرك هذا عند الكبير والصغير، فحدثت هذه الحالة التي تشكو منها والتي فيها أن المتدينين إذا تعمقوا في دينهم... ترك الدنيا وحاربها وعاداها وأصبحت تُعَدُّ مشكلة عنده حتى لو لم تكن كذلك. لماذا؟
لأنه فقد هذا التوائم الذي يكون بين النظام وبين العقيدة. لماذا؟ لأنه لم يُنشئ ما يُدرك به الواقع الذي أنشأه غيره، وهذا الغير لم يُنشئه من داخل عقيدته ولكن من داخل نموذج معرفي آخر هو متبنيه. وقد ذكرت لك في حلقة سابقة أن عالم الأشياء تطور حتى لم يعد في مقدورنا أن نعيش يومنا في غدنا، ولا أن نعيش أمسنا في يومنا. ومن هنا بدأ ظهور التحسر على الماضي "الزمن الجميل"، لأننا كلما تقدمنا تتصارع علينا اكتشافات عالم الأشياء وتركيباتهم. ليس المقصود بالاكتشافات معناها الإبداع،
تم من ألف وثمانمائة وثلاثين إلى ألف وتسعمائة وثلاثين ولكن تجليات هذا الإبداع هاتفاً حصل وترون في الأفلام الأسود والأبيض قديماً كان بمقبض هكذا لكي يتصل بمركز يقول له أوصلني بمصر لكن أصبح الآن الهاتف فيه تصوير وتسجيل وفيديو وراديو وإنترنت وهاتف ومخزن. للمعلومات، وفي جيمس يلعب بها وقطعة حديدية في جيبه بهذا الشكل، وأصبح الأغنياء ليس هم الذين يمتلكون البترول، بل أصبح الأغنياء هم الذين يمتلكون البرمجيات والبرامج، من دون أن تدخل إلى شركاتهم لتجد غرفة بجانب غرفة
في شقة، وهذا يكسب مليارات الدولارات أكثر مما يكسبه صاحب النفط، فإذاً هنا. واقع مختلف ينبغي علينا أن نفهمه أولاً، ثم أن ندرك قواعده ثانياً، ثم أن نُحسن التعامل معه ثالثاً، ثم أن ندرك النص الشريف في إطلاقه الذي هو صالح للتطبيق في كل الوقائع، وكيف نُطبقه على هذا الواقع بتلك المفاهيم أو بهذه القواعد. وكل ذلك هو الذي يُحدث هذه الفجوة التي إن أناساً لثقل فهم الواقع عليهم يعطون ظهورهم له ولا يريدون أن يفهموا، لا يريدون أن يروا الواقع كما هو واقع أبداً، بل بما في مخيلاتهم وبما فيهم وفي مخيلتهم،
فيذهب إلى النص الشريف ويستنبئه فينبئه بما قد فهمه، ويحاول أن يطبقه من وراء الواقع، يعني الواقع لا يراه ولا هو يرى الواقع أم لا؟ ولذلك هم في فشل مستمر إلى يوم الدين. ما خطورة هذا يا مولانا؟ يعني إذا كانت في أمور شخصية أو في أمور حياتية، قد يتقبل الإنسان ذلك، ولكن حينما يكون الأمر مرتبطاً بأمور الدين، والدين هو أمر غالب بالنسبة لنا نحن كعرب وكمسلمين، لا بد بسنَّةِ اللهِ الإلهيةِ في كونِهِ واقعٌ مختلفٌ، فيجبُ أن تكونَ أداةُ فهمِهِ مختلفةً، والأداةُ لا بدَّ أن تنشأَ مِن نموذجِنا المعرفيِّ. لم تَتِمَّ هذه الخطوةُ إلى الآن، وما دامت لم تَتِمَّ إلى الآن، سيظلُّ الحالُ على ما هو عليهِ على مستوى الأفرادِ، وعلى مستوى
الأسرةِ، وعلى مستوى المجتمعِ، وعلى مستوى. الأمة والأداة غير موجودة، ماذا ستفعل؟ إذ إن الأداة غير موجودة فيصبح هذا طريقًا مسدودًا. إذا أردنا أن نخرج منه علينا أن نرجع إلى أنفسنا وأن نبدأ في بناء الأداة مرة أخرى، فتُحل كل المشكلات لأنه سيكون معي أداة قادرة على تفسير الواقع، فأكون قادرًا على فهمه وفهم قواعده. فأكون قادراً على تطبيق المطلق عليه، لكن الذي حدث أنني أجد هذا الواقع موصوفاً بأدوات أخرى لا تمت لي بصلة، وهذا هو النزاع الضخم الذي نراه فيما نشاهده من أبنائنا عندما نقول هذا الكلام للدواعش مثلاً أو للإخوان أو ما شابه ذلك،
فيقول: ماذا تريد يعني؟ أنا الآن لن أترك النص. قلت له: "أنا لا آمرك أن تترك النص". قال لي: "ليس لي شأن بالواقع النجس". قلت له: "لا يوجد شيء اسمه ليس لي شأن بالواقع النجس، فهو مريض لا يريد تناول الدواء، ولذلك يتصرف من خلف الواقع وهو معطٍ له ظهره، ولذلك هو فاشل". كلهم سيفشلون لماذا؟ لأنهم لم يؤسسوا كما أسس الآباء الأوائل. الآباء الأوائل عرفوا هذه الخريطة. من هم هؤلاء الآباء؟ الشافعي وأحمد والبخاري وأبو حنيفة وأتباعهم وغيرهم إلى آخره، فهموا واشتغلوا عليها. قبل ذلك قلت لنا أن حتى الصحابة
حينما دخلوا إلى بلاد فارس وجدوا الأمور تسير هكذا حتى في... مثلهم فتعاملوا مع هذا الواقع مباشرةً لأنه فاهم هذا الواقع بقواعده فاستطاع أن يُطبّق عليه المطلق. ويقول ابن الجوزي في كتاب "تلبيس إبليس": دخلت الصحابة فارس فصلّوا في سراويلهم مباشرةً ببساطة، ولما دخلوا مصر تزوجوا من عائلاتهم. لم يدخلوا مستعمرين، ولم يدخلوا مفسدين، ولم يدخلوا منفصلين، وفي... الخطاب القوي الذي أرسله علي بن أبي طالب للأشتر النخعي، وكان الأشتر النخعي من أشد المؤيدين له، فأراده أن يكون بعد الفتنة التي حدثت في عصر سيدنا عثمان أن يتولى مصر. كان على مصر عبد
الله بن سعد بن أبي سرح، فأرسل الأشتر النخعي من أجل أن يتولى مصر، فأرسل يقول له في كيفية التعامل في هذه الخطة، للأسف الأشتر النخعي لم يصل إلى مصر، لكن وصلنا خطاب. الخطاب بقي في التاريخ وممن أصدره وأكد عليه الشيخ محمد عبده، مما يدل على وعي الرجل العميق بمشاكلنا الحقيقية. فيقول له سيدنا علي: "واعلم أنك تأتي على أقوام إما أن يكون شبيها". لك في الخلق أو أخ لك في الدين، شبيه لك في الخلق، يعني انتبه إلى ما هو المشترك الذي بينك وبينه. إنسان مثله مثل إنسان مثلك، ولذلك ستبني معاملتك معه على هذا الأساس. لا، هؤلاء الناس فاهمون
الواقع الذي عاشوه، ولذلك نحن قلنا عنهم ماذا عندما نسمع الناس تشتم. السلف الصالح من الصحابة إلى الأئمة وغيرهم يا جماعة، هؤلاء قاموا بواجب وقتهم، وأنتم الذين قصرتم في واجب وقتكم. هم قاموا بالواجب فلا تشتموهم، وإن كنا لا نقف عند مسائلهم؛ فالدنيا تغيرت، هذا صحيح. لكنه كان يريد الإصلاح، ويريد عمارة الدنيا، ويريد عبادة الله، ويريد تزكية النفس. يريد عرض الدعوة على ما هي عليه من غير إكراه ومن غير تدخل، أنا أريد هذا، حسناً كيف؟ بأساليب مختلفة تماماً، بكلام مختلف تماماً. هل تنتبه كيف يختلف باختلاف الجهات الأربعة التي تحدثنا عنها؟ حسناً، بعد الفاصل نتحدث فيه، يعني تغيير الواقع، يعني مفهوم
يردده كثيرون ويفكر فيه كثيرون، كيف؟ نغير هذا الواقع خاصة إن كان هذا الواقع يتعارض مع بعض معتقداتنا وأفكارنا أو حتى مع أهدافنا. بعد الفاصل إن شاء الله، أهلا بكم مرة أخرى مولانا. إذا أراد المسلم أن يغير الواقع الذي يعيشه في أي كان شكل ومستوى هذا الواقع، هل هذا يتعارض مع السنن الإلهية؟ هل هذا يتعارض مع العقل بالتعريف الذي عرفناه، لا يمكن تغيير الواقع، لا يمكن تغيير الواقع، لا يمكن تغيير الواقع. نتعامل معه وليس نغيره. التعريف الذي عرفناه أننا نتكلم عن عالم الأشياء، وعن عالم الأشخاص، وعن
عالم الأحداث، وعن عالم الأفكار. حسنًا، عالم الأشياء، ما العلاقة بيني وبينها؟ هي علاقة التناول. فلديّ دائرة للحرمة يَحرم عليّ أن نتناولها، ودائرة الحرمة في عالم الأشياء شيئان أو ثلاثة أو أربعة: الخمر، والميتة، والخنزير، والشيء المغصوب، هذه الأشياء فقط وانتهى الأمر. وبقية الأشياء مثل الخاتم أو الساعة أو ربطة العنق أو أي شيء آخر حلال. إن دائرة الحرام في التناول قليلة جداً، فإذا كان من الأشياء من عوالم الأشياء فإن المحرم فيها أشياء قليلة. تعال الآن في عالم الأشخاص، ما الذي حدث
في التغير في عالم الأشخاص؟ حدث بروز ما يسمى بالشخصية الاعتبارية، فأصبح عندنا شخصية طبيعية هي التي كانت دائماً موجودة والتي نعرفها، لكن نشأت شيئاً فشيئاً إلى أن استقلت استقلالاً تاماً الشخصية. الاعتبارية عن الشخصية الطبيعية ورأينا أن مدير البنك الذي ظلمه نظام البنك ولم يعطوه الدرجة الخاصة به يذهب ليرفع قضية، من الذي يرفعها؟ حسن باعتباره ذمة طبيعية. يرفعها على من؟ على البنك، أو يخاطب من في البنك؟ المدير الذي هو من؟ الذي هو حسن، فشخص يرفع قضية على نفسه. الكلام هذا كان عبثاً قبل انفصال الشخصية الاعتبارية
عن الشخصية الطبيعية، لكن الآن أنا ألجأ إلى القضاء حتى ينصفني من هذه الشخصية الاعتبارية التي أخَّرت حقي عندها، وإن كنتُ أنا أمثلها. هل تنتبه؟ ويأمر حسن الذي هو مدير البنك مدير الإدارة القانونية أن يذهب فيدافع عن البنك، هذا من واجبات وظيفته. وإذا لم يفعل ذلك سيُتهم بالفساد بشكل صحيح، وتظل الأمور أمام القاضي ويحكم لهذا الطرف أو لذاك الطرف حكماً يتماشى مع الحقيقة أو يتماشى مع العدالة، وهنا ترجع الأمور إلى نصابها. فحكاية الاعتبار، حكاية أن الشخصية الاعتبارية لابد متى كان لها وجود من أن هذه الشخصية اعتبارية
ليس لها عمر، ويأتي المدير الذي بعده، ليست لها عمر، هذه لن تموت. قضية أن الشخصية الاعتبارية لها جهات، فتجد أنها تقترض من نفسها، ففرع البنك في أسيوط يختلف عن فرع البنك في قنا، ويرد له المال وأحياناً يرده له بالزيادة. هل هذا ربا أم ماذا؟ فنص الفقهاء أنه لا ربا بين... الشخص ونفسه، يعني أنا عندي شركتين (ألف) و(باء). شركة (ألف) استلفت من شركة (باء) مليون جنيه وردته مليون ومئة. حرام؟ حرام ماذا؟ هذا مالي في الاثنتين. فأنا أريد أن أقول لحضرتك أنه تولدت أفكار وتولدت مواقف وتولدت أشياء من ظهور الشخصية الاعتبارية في
أواسط القرن التاسع عشر التي تمادت بعد واستقلت استقلالاً تاماً حتى عصرنا الحاضر. القضية أنك تقول: "أنا أريد أن أغير الواقع". هكذا فهم الرجل القانون، لكن هذا ليس له علاقة بالدين. الرجل يقول: "نحن هنا ننتقل بالحصان، هيا نغيره ونجعل أنفسنا ننتقل بالطائرة. أنا أجلس من هنا لكي أذهب إلى الحجاز شهراً، وأريدها أن تصبح ساعتين". وتغيير دعوة بالشريعة، هذا جيد. الثاني الذي يقول: لماذا نحن حاصرون التصرف البشري في الشخصية الطبيعية؟ ما المانع أن نضيف إليها مؤسسة في صورة شركات مساهمة، في صورة بنوك، في صورة بورصة، في صورة عقود عابرة للقارات، في صورة... وبدأ الفكر
هكذا فتغير الواقع. ليس له علاقة بالدين، الدين أصبح يأتي لكي يقول: "حسناً، كيف أتعامل مع هذا؟" لا أن يغير الواقع، بمعنى أن الواقع فاسد. ما الذي هو فاسد؟ الواقع لم يكن فاسداً قط. ما هو إذن الفاسد الذي أريد تغييره؟ الأشخاص القائمون في الواقع، وهي التعاملات، أي تعاملي معهم، وهذا يتحقق بالتعليم والتربية. التي نحن جالسون نرفع أصواتنا فيها، والتي الناس غير راضية بجعلها أولوية لأن الأولوية لرغيف الخبز وللطعام، وبالخبز وحده يحيا الإنسان. نحن نقول: لا، ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. الاتجاه الثاني يقول: لا، وأنا أجلس أدخل في فلسفتكم هذه. نقول: أول شيء تبدأ به هو الإنسان
وتنميته. الإنسان هو الذي سيحل لك كل هذه المشاكل. أنت تريد أن تغير ما تسميه أنت بهذا الواقع إلى مفهوم آخر، ليس الواقع الذي نتحدث عنه والذي هو عالم الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار. هذه هي كيفية التعامل معها قبولاً ورفضاً. ولكن ماذا؟ إن الناس غير راضية بالدين، بعضهم ألحد وبعضهم فسق. لا يرضى بالصلاة وبعضهم كذلك إلى داخلي، وأنا أريد أن أغير هذا. فيكون ذلك بالتربية والتعليم والمناهج، بإعداد الخمسة التي بحَّ صوتنا فيها: الأستاذ والكتاب والمنهج والطالب والجو العلمي، بأن نرجع لنعلم الناس. فعندما وجد الرجل هناك (كارتر) انهيار التعليم في أمريكا، ذهب وأعد تقريره "أمة في خطر" وبدؤوا بالإصلاح.
بعض ما يستطيعون أنهم يصلحوه وأمة في خطر. أترجم إلى العربي فأنا أريد أن أقول لحضرتك أن الواقع لا يرتفع، الواقع الذي نتحدث عنه هذا، الواقع لا يرتفع. إذن ما الذي نفعله نحن؟ نحن نريد التربية والتعليم والتدريب، نريد أن يعود الإنسان مرة أخرى، الوعي قبل السعي، قبل أن... يسعى لفهمه، وإذا كان الوعي قبل السعي سأحل كل المشكلات وسيتغير الواقع إلى الأحسن. الواقع بالمفهوم الذي تُقال فيه هذه العبارة "نريد أن نغير الواقع السيء". نعم، الواقع السيء هذا هو نتائج وصلتنا إليها من انهيار الإنسان. أنا لا أريد الإنسان الكسول، أنا أريد العامل،
أنا أريد الولد الذي هناك. في اليابان، الذي يعمل ثماني ساعات - ثماني ساعات وليس ثمانية إلا دقيقة أو ثمانية ونصف - ورئيسه يلومه قائلاً له: "هذه محسوبة، أنت يجب أن تعمل ثماني ساعات فقط". وقد خرج الإمبراطور في اليابان مرةً، كنت في زيارة لليابان فوجدت الإمبراطور يناشد ويترجى اليابانيين أن يشتروا البضائع الأجنبية، تخيل يشتري البضاعة الأجنبية فيسبب ذلك ضرراً لليابان. من شدة حبهم لبلدهم، إذاً من أين أتى هذا؟ لقد أتى من التعليم. ادخل إلى المدارس اليابانية، فالولد في سن الرابعة إذا سقطت منه حبة أرز، تقوم الدنيا ولا تقعد عنده. هو الذي على الفور يوقف الأكل وينزل
ليحضرها، وتصبح حكاية أمام نفسه. لأنه شعر أنه جزء من الكل، وكذلك من أين جاء هذا؟ إنه جاء من التعليم بمفهومه الواسع الجميل، من التربية والأخلاق. فهي عندهم راسخة بقوة، مساحة قوية من التلقي. فيكون إذا أردنا أن نغير أحوالنا، فإن الله لا يغير ما بقوم، انظر كيف، ليس الواقع ما بقوم حتى يغيروا ما. بأنفسهم أن سلباً فسلباً وأن إيجاباً فإيجاباً، مولانا. بعض الشباب المسلم المتحمس يرغب في رؤية مجتمعه مجتمعاً فاضلاً أشبه باليوتوبيا التي في خياله أو في ذهنه، أو التي تخيلها في بعض القراءات والكتب. وبالتالي فهو يصطدم مع الواقع الذي نعيش فيه.
تكرمت بالقول إن الإسلام هو نسق مفتوح يستوعب الجميع خصوصاً في دولٍ ونماذج من المجتمعات الإسلامية يشترك فيها ويتعايش المسلمون مع غير المسلمين، لكن هذا الشباب نراه يصطدم حتى وهو في بلاد الغرب، يصطدم بهذه المجتمعات الغربية التي يعيش فيها، يريد أن يغير واقع هذه المجتمعات الغربية، وحينما يأتي إلى الشرق، يصطدم أبناء الشرق مع مجتمعاتهم الشرقية ويريدون. أن يغير هذه المجتمعات وفقاً لعقليتهم أو لفهمهم للدين، هل هذه مناطحة للواقع ولا يمكن أن يغيروا الواقع؟ المصيبة أنها ليست مناطحة للواقع فقط، إنها مناطحة لسيدنا الرسول. لهذه الدرجة هذه هي المصيبة. القضية أنه يفعل ضد ما يريد سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم، جعله الله أسوة حسنة. لقد كان لكم
في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا، ولذلك فقد ترك لنا نماذج أربعة: نموذج كيف يعيش في مكة أقوام من المشركين أهل الوثن، وأنهم يكرهون هذا الدين ويحاربونه ويحذرون منه ويعذبون من انتمى إليه ويضايقونه ويضيقون عليه، ونموذج في الحبشة بلاد. غير إسلامية تقبل المسلمين ونموذج في المدينة أولاً مواطنة مجموعة مختلفة من العقائد من المشركين من اليهود من المسلمين من المنافقين يعيشون تحت دستور المدينة الواحد الصحيفة، والمدينة بعد طرد اليهود منها لجرائمهم وخروجهم على الدستور يتبقى ماذا؟ أربعة نماذج، فهو يصطدم مع النبي لأنه هو موجود فيه روسيا
التي عذبت المسلمين أو في التركستان حيث التعذيب أو في بورما حيث قتل المسلمين وهم يعيشون في مكة، فيجب إذاً أن نرى ماذا فعل النبي في مكة ونفعله. ويقول: لا، أنا سأرى ماذا فعل النبي في مكة. أنت تصطدم مع النبي وليس يصطدم مع واقعه، فإذا جاء في الحبشة أنا... لن أفعل للنبي ما فعله في الحبشة عن طريق أصحابه في المواطنة كمصر مثلاً يقول لا أنا لا أريد هذه المواطنة أنا أريد النبي الأخير الذي هو خاص بالمدينة وإذا جاء النبي الأخير الخاص بالمدينة يقول لا لكن أنا رغبتي هكذا أنا رغبتي لا أعرف أين لا هذا لا يصطدم مع الواقع فقط، بل يصطدم مع الواقع وفوق ذلك يصطدم مع سيدنا النبي في الأسوة الحسنة، وهو يخرج عن المحجة البيضاء التي تركنا عليها. بارك الله
فيك، شكراً جزيلاً لحضرتك على هذه المعلومات وعلى هذا التحذير والتنبيه للشباب العربي والمسلم. أشكرك شكراً جزيلاً مولانا، شكراً لك، شكراً. جزيلاً لحضرتك للمشاهدة