منظومة القيم | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان أحييكم بتحية الإسلام وتحية الإسلام هي السلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته كل عام وأنتم بخير بمناسبة هذا الشهر المعظم المبارك شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه، فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين وبلغنا رمضان ووفقنا لصيامه فرضا في نهاره ولقيامه ليلا على سبيل السنة، فالحمد لله الذي جعل رمضان محطة من المحطات التي نقف فيها ونتدبر كتاب ربنا الذي أنزل في هذا الشهر المبارك. أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ونأخذ منه الهداية القرآن كتاب هداية ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين خطر في بالي وأنا أفكر في لقائنا
في مجالس طيبة خلال شهر رمضان عما أتحدث ووقع في يدي كتاب من كتب التربية هذا الكتاب إنما نشأ من تقرير للأمم المتحدة لليونسكو واسم هذا الكتاب وقد جئت به معي حتى نكون سويا على بينة من الأمر أنشطة القيم الحية للأطفال بين ثلاث سنوات إلى سبع سنوات هذا هو الكتاب الذي معنا اليوم والذي خطر في
بالي أن نجعله موضوعا للقائنا في شهر رمضان هذا الكتاب طبعا وهو موجود في السوق ومن تأليف ديان تيلمان وديان هسو مع أنشطة من مربين من مختلف أنحاء العالم وقد جعلوا تقرير الأمم المتحدة منهاجا لهم، وكان تقرير الأمم المتحدة تحت رئاسة السيد جاك دولور ويحمل تعلم ذلك الكنز المكنون ويتحدث عن القيم الفعالة التي ينبغي أن نعلمها أبناءنا وأن وأولادنا ولذلك نرى هذا
الكتاب في أربعة مجلدات أو أربعة أجزاء والثاني للأولاد من سن ثمانية إلى أربعة عشر والثالث للشباب والجزء الرابع جعله دليل تدريب المربي وتحدثوا بطريقة علمية تربوية منهجية لكيفية تحويل هذه القيم إلى مناهج تعليمية يدرسها الطلاب في المدارس السؤال الذي سألت نفسي عنه هذه القيم التي يتحدثون عنها قيم الاحترام
واحترام الآخر وقيم الصدق والنزاهة والتواضع وقيم المحبة وقيم كثيرة أخرى، إحدى عشرة مجموعة من القيم. هل يعرف ديننا ذلك؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". والإجابة واضحة في ديننا، ولكننا نريد أن نبلغها للعالمين، وقبل أن نبلغ بها العالمين ينبغي أن نذاكرها فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين أرادوا أن ننتفع بأخلاق سيد الخلق الذي وصفه ربه فقال وإنك
لعلى خلق عظيم وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها تقول كان خلقه القرآن وكأنه قرآن صلى الله عليه وسلم يمشي على الأرض في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاحبنا في هذا الشهر، محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي تجعلنا نقتدي بأخلاقه. لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا. محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي تعال معنا وفي طريقنا ادفع قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله تتبع رسول الله صلى الله
عليه وسلم من محبته ومن محبة الله سبحانه وتعالى بالأساس هيا بنا نتأمل تلك الحزم التي تكلموا عنها هل أين هي في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مواقفه التربوية وجدت كتابا ممتعا وجهدا جليلا قام به بعض العلماء بإشراف الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام الحرم المكي وبإشراف أيضا مدير دار الوسيلة عبد الرحمن بن ملوح وصدر هذا الكتاب في اثني عشر مجلدا اثني عشر مجلدا أسماه نضرة النعيم
في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وجعلها موسوعة وأتى بالأخلاق الممدوحة المضبوطة وأيضا بالأخلاق المذمومة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل الموسوعة بين الأمر والنهي أو بين الإرشاد النبوي أمرا ونهيا، هذه الموسوعة صدرت في اثني عشر مجلدا من هذا الحجم يعني كل مجلد، المجلد الأول هذا في خمسمائة وسبعة وتسعين صفحة أو في ثمانمائة صفحة ومعنى هذا ستمائة وقليل، ومعنى هذا أن لدينا اثني عشر مجلدا من هذا آخرها للفهارس. نظرة النعيم تتحدث بتوسع عن هذه الحزم الإحدى عشرة التي معنا، ولكن المقصود
ما الذي يربط تراثنا بعصرنا؟ المقصود من هذا أننا أصحاب رسالة وأننا أصحاب أخلاق قويمة يحتاج إليها العالم، هذا العالم واليونسكو محتاجان إليه، إحدى عشرة حزمة كلها من بضاعتنا وبضاعتنا عادت إلينا. خطابي للمسلمين قبل أن يكون لغير المسلمين، قبل أن يكون للعالمين ولكن للمسلمين، إذا لم تلتزموا بهذه القيم التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي يحتاجها البشر. في كل مكان فأنتم لا تعبرون التعبير الصحيح عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وبذلك نكون حجابا بين الخلق والخالق
ونعطي صورة سيئة ولذلك إذا أردنا أن نغير فلا بد أن نبدأ بأنفسنا إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم طوال رمضان وفي مجال الطيبين سوف نشرح هذه الحقيقة الربانية وهذه الأخلاق الكريمة التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أوائل هذه القيم التي يهتمون بها قيمة الاحترام: هل أنا كإنسان أحترم الآخر أم لا أحترم؟ أحترم ماذا؟ أحترم الإنسان، أحترم المرأة، أحترم العبد، أحترم الضعيف، أحترم الطفولة،
أحترم الحيوان، أحترم النبات. احترم الجماد فهل ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من هذا الجانب؟ هيا بنا هيا بنا نرى ما رواه الترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: بلغ صفية زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يهودية فأسلمت، كانت من قوم غيرنا أو من ديانة غير دين المسلمين فأسلمت، قالت حفصة إن صفية بنت يهودي، فبلغ صفية هذا فبكت، وظننت أن هذا الكلام
الخطأ الذي صدر من سيدتنا حفصة، والنبي يربي أولاده وأتباعه وأزواجه ويربينا إلى يوم الدين، وكان يقول: أنا منكم مثل الوالد للولد، فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال ما يبكيك يا صفية قالت حفصة لي إني بنت يهودي فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما يبكيك إنك لابنة نبي وإن عمك لنبي وإنك لتحت نبي ففيم تفخر عليك ثم قال اتقي الله يا حفصة في هذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا نحترم الأقوام الآخرين وبعد أن انتقلت
صفية إلى الإسلام أمرها أن تفتخر بأنها كانت كذلك وبأنها من بنات موسى والإسلام يؤمن بموسى وعيسى وبأن عمها هارون وبأنها زوجة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم فعلم صفية أن تفتخر بذاتها وأن تحترم ذاتها وأن لا تجلد نفسها ولا تشكك في مكانتها ثم أمر حفصة بأن تتقي الله وأن تحترم الآخرين، كلام جميل مع خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. نلتقي على بركة الله كل يوم في رمضان، والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.