مواقف المسلم في الحياة الدنيا | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

مواقف المسلم في الحياة الدنيا | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في شهر رمضان المعظم معنا اليوم أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم تبين لنا مواقفنا في هذه الحياة الدنيا من الأدب ومن الأخلاق ومن القيم التي يجب أن نحترم بها أنفسنا وأن نحترم بها الآخرين، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه فيما أخرجه الترمذي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال: يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها، يا أيها الناس عبية الجاهلية معناها مساوئ الجاهلية والتعاظم، كانوا يتعاظمون بالآباء ويتفاخرون بهم، فقال إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: رجل بر تقي
كريم، وفاجر شقي هين على الله، فبر بأهله وبناسه وبعائلته وأبوه وأمه وأولاده تقي يخاف الله سبحانه وتعالى وهو كريم على الله إذا ما دعا الله استجاب له يكرمه الله سبحانه وتعالى في الدنيا ولا يضيق عليه في نفسه والآخر ضد هذا، بار وهذا فاجر، هذا تقي هذا شقي، هذا كريم على الله هذا أبدا هين على الله ليس
له عند الله سبحانه وتعالى مقام ولا قدر، ليس له شأن عند الله سبحانه وتعالى لا يبالي به سبحانه، والناس بنو آدم الناس المسلم وغير المسلم الأبيض والأسود العربي والأعجمي جميع الخلق بنو آدم وخلق الله آدم من تراب، قال الله تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير، إذا فهذه تعلمنا وحدة الخلق وأن كل الخلق هم عند الله سبحانه وتعالى سواء،
هم من صنع الله سبحانه وتعالى وأن المعيار الذي يجعل الإنسان مقبولا عند الله هو التقوى وهو العمل الصالح وهو عبادة الله. وعمارة الأرض وتزكية النفس هو أن يكون الإنسان بارا لا فاجرا تقيا لا شقيا فيكون بذلك كريما على الله وليس هينا على الله والمعيار إذن هو العطاء وهو أننا لا نفرق في هذا العطاء بين أحد من الناس والنبي صلى الله عليه وسلم وهو يشبه الاجتماع البشري فيقول عن النعمان بشير رضي الله تعالى عنه فيما أخرجه مسلم قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، الاتحاد قيمة الاتحاد من القيم العالمية التي تعلم في المدارس للأطفال والناشئة والشباب والأولاد وكذلك إلى آخره وتحول إلى برامج عمل، كيف يكون الإنسان جزءا من فريق للعمل، كيف يذيب نفسه في هذا التشبيه البليغ الجسد الواحد. عندما
ظهر الدكتور أحمد زويل وهو يأخذ جائزة عالمية رفيعة كجائزة نوبل ويتكلم على أنه ليس وحده الذي اكتشف الفيمتوثانية ولا هذه القدرة على تصوير ما يحدث في الوقت القصير جدا مثل هذا من التفاعلات الكيميائية وكذلك، ولكن معه فريق من مائة وخمسين إنسانا، مائة وخمسين إنسانا، مائة وخمسين إنسانا ذابوا جميعا في جسد واحد فاستطاعوا أن يصلوا إلى هذا الاكتشاف، هذا العلم الذي سوف يغير مسار التاريخ وسوف يصحح كثيرا من النظريات التي كانت توضع. لتفسير الظواهر الكونية التي خلقها الله سبحانه
وتعالى، بعد أن يتمكن الإنسان من أن يرى بعينه هذا التغيير الذي يحدث أو هذا التفاعل الذي يحدث أو ما يحدث في كون الله سبحانه وتعالى، فمزيد من كشف الحقائق الإلهية الربانية التي خلقها الله سبحانه وتعالى وعلم الإنسان ما لم يعلم، ولكن الفكرة هي فكرة الاتحاد فكرة الفريق فكرة هذا العمل حيث أن الجميع ذاب في جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يد الله مع الجماعة يعني انظر إلى الكلام وانظر يد الله مع الجماعة، إذا افتقدنا
العمل في الفريق، إذا افتقدنا هذه الجماعة الفريق قد في لغة الشرع وفي لغة الرسول صلى الله عليه وسلم الجماعة، فالدين جماعة يعني يد الله مع الجماعة، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، الاعتصام بحبل الله سبحانه وتعالى وعدم التفرق هو الأساس هو الجماعة. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم علمنا هذا في كل المواقف في الحرب وفي السلم في السفر وفي الحضر عن البراء رضي الله تعالى عنه قال فيما أخرجه البخاري كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق انظر إلى
التعاون لم يجعل هناك فارقا بين النبي وبين الناس لم يجلس بعيدا عن العمل بل وضع يده معهم في نوع من أنواع الاتحاد، في نوع من أنواع مفهوم الفريق، مفهوم الجماعة. كان ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبر بطنه أو أغبر بطنه، كله أصبح ترابا. يقول: "والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا، فأنزلن سكينة علينا. وثبتت الأقدام حين وجدنا أن الأولين قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا، ورفع
بها صوته أبينا ويكررها، يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم يشارك حتى في هذا الموقف ويشارك بجسده وعمله ويده في يد أصحابه رضي الله تعالى عنهم، وكلهم كانوا يريدون أن يعفوه من هذا وأن كان يقوم الليل على سبيل الفرض وكان في النهار فارسا من فرسان الدنيا وكنا إذا اشتد الوطيس احتمينا برسول الله صلى الله عليه وسلم آتاه الله سبحانه وتعالى من الجسد ما الله به عليم كان قويا في جسده صلى الله عليه وسلم وكان يقوم بمهام لا يمكن للإنسان أن لا
يتصور إلا أن يكون هذا الرجل رجلا مؤيدا من الله وكان تأييده في الخير وفي ذكر الله وعبادته كما وصفه ربه في جميع الكتب السابقة والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزل سكينته علينا وثبت الأقدام إذ لاقينا انظر إلى الكلام كله كلام الجماعة وكلام كله كلام الاتحاد وكلام كله كلام الفريق، وهذا من أدب الإسلام ومن الأدب الذي يجب أن يعود فينا من الناحية العلمية، من الناحية الاجتماعية، من الناحية التكافلية، من كل ناحية كانت. فإن يد الله مع الجماعة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.